الاثنين، 14 يوليو 2014

حسني أحمد المتعافي-التقويم العربي و رمضان والأشهر الحرم

كان العرب أمةً أمية، وكان تقويمهم ينطبق على التقويم العبري كما هو متوقع ومعلوم ويسير بالتوازي معه، وهو تقويم شمسي قمري، وذلك إما لأنهم أخذوه عن العبريين وغيروا فقط أسماء الشهور بما يناسب بيئتهم، وإما لأن كلا التقويمين يعودان إلى تقويمٍ أصلي واحد نتيجةً للأصل الواحد للشعبين الثابت بالقرءان وبالتحليل الجيني الحديث، وقد وردت آثار في المرويات والسيرة تشير إلى التوازي والتطابق بين التقويمين.
فالتقويمُ العربي الصحيح هو تقويم شمسي قمري كالتقويم العبري وليس قمرياً بحتا، وهذا يعني أن بدايات الشهور تكون حسبَ الأهلة، ولكن السنة القمرية تقل عن الشمسية، وذلك بسبب أن الشهر القمري يساوي 29.530588 يوما، أي أن السنةَ القمرية البحتة تساوي354.367056 يوما والسنة الشمسية تساوي 365.2425 يوما، لذلك يلزمُ إجراءُ تصحيحٍ كل مدة معينة ليعود التطابق بين الأشهر وبين الفصول المناخية؛ أي لتعود الأشهر إلى مواسمها التي تعبرُ عنها أسماؤها؛ وذلك يعني مثلا أن تأتي بدايةُ الربيعِ في شهر ربيعٍ الأول، فهذه الأسماء ليست عبثية، بل هي قد أطلقت بالضرورة لتشير معانيها إلى مواسمها، فمهمةُ التقويم الأساسية هي مساعدةُ الناس على تحديد الفصول والمواسم وشتى أمور حياتهم، وبه كان يمكن لقريش أن تعرف وتحدد مواعيد رحلتي الشتاء والصيف وأن تحدد مواقيت الحج، فلابد أن الحج (وهو موسم ومهرجان ثقافي تجاري) كان بعيدا عن أشهر الحر الشديد في الحجاز، لكل ذلك فالتقويم القمري البحت المعمول به الآن هو خاطئ بالضرورة.
وكل التقاويم المستعملة منذ فجر التاريخ تستلزم دائما إجراء تصحيحات كل بضع سنين وربما تستلزم أيضاً تصحيحات على مدى أكبر، فلابد للتقويم من أن يؤدي المهام التي أدت إلى إحداثه أصلا.
والتقويم العربي كان موجودا ومستعملاً قبل العصر النبوي، ولم يرد في القرءان ولا في الآثار ما يدل على إلغائه أو تعديله، ولم يرد ما يدل على انتفاء المقصد من التقويم أو قصره على الأغراض التعبدية المحض فقط، أما الزعم أن ذلك ليصوم الناس رمضان في شتى الظروف المناخية فهو مجرد ظنّ لا يوجد عليه أي دليل، فالتقويم كان موجودا من قبل أن يُفرض الصيام بل –كما سبق أن ذكرنا- من قبل البعثة النبوية.
وإجراء التصحيح –في نظرنا- ليس بالأمر الصعب، والأمر لا يستلزمُ إعادة تصحيح كل التواريخ الهجرية، فيمكن تركُها وشأنَها، كما يمكن استمرارُ العمل بهذا التقويم الخاطئ أو بالأحرى اللاتقويم لشيوعه، ولكن يكفي فقط بيان بدايةِ شهر الصيام وأشهرِ الحج للناس كل عام، وبمعرفة بدايةِ رمضان يمكن ضبط بدايات كل الشهور الأخرى لمن أراد ذلك.
إنه كما سبق القول لابد أن تأتي بدايةُ الربيع في شهر ربيع الأول كما تأتي في شهر مارس الشمسي، وبناءً على ذلك لابد من تناظرٍ ما بين الشهرين ربيع الأول ومارس؛ أي بين الشهرين الثالث العربي والثالث الشمسي، وهذا يعني أنه لابد من تناظرٍ ما بين شهر رمضان وهو الشهر التاسع العربي وبين شهر سبتمبر وهو الشهر التاسع الشمسي، وبذلك يمكن تحديد بداية شهر رمضان؛ فهي يجب أن تكون في شهر سبتمبر، وبذلك يأتي أكثر رمضان في الخريف في نصف الكرة الشمالي وفي الربيع في نصف الكرة الجنوبي، وبذلك تكون ساعات الصيام في كل العالم تقريبا تساوي 12 ساعة يوميا، وهذا انطلاقا من العلم بمنظومة سمات الدين الخاتم وعلى رأسها أنه دين عالمي كامل خاتم وصالح لكل زمان ومكان ولا حرج فيه، وهذه أمور ثابتة ثبوتاً راسخا بآيات القرءان الكريم، كما أن ذلك من مقتضيات الإيمان بأن الله تعالى وهو خالق كل شيء يعلم تماماً حقائق الأمور، وهو لم يشرع الصوم ليصوم بعض الناس 22 ساعة ويصوم الآخرون ساعتين فقط، وهو قد أعلن في كتابه أنه ما جعل على الناس في الدين من حرج وأنه يقضي بالحق ويأمر بالعدل، وهذا يعني أنه لا ينحاز لطائفة ما ولا يحابي سكان منطقة جغرافية معينة.
فرمضان يجب أن يكون مناظرا للشهر التاسع في السنة الشمسية؛ أي شهر سبتمبر، ولذلك يجب أن تكون بداية رمضان الحقيقي هي ميلاد الهلال في شهر سبتمبر، فبداية رمضان يجب أن تدور في الشهر الشمسي التاسع، وعندما تتراجع بداية شهر رمضان إلى أوائل سبتمبر (بسبب الفرق بين السنتين الشمسية والقمرية) بحيث يكون معلوما أن بدايته ستتزحزح نحو أغسطس في العام التالي فإنه يتعين إضافة شهر التقويم قبل شهر رمضان، وبذلك تكون بداية رمضان في العام التالي في أواخر سبتمبر، وهكذا، وهذا يعني في الحقيقة أن هذا الشهر يجب أن يضاف بعد مضي 32 شهرا بالأخذ في الاعتبار الفرق بين السنتين القمرية والشمسية.
مثال:
الميعاد الحقيقي لبداية رمضان في سنة 2013 م هو 6/9
طبقا للتقويم القمري البحت ستأتي البداية في السنة القادمة في أغسطس، لذلك يتعين إضافة شهر التقويم قبل رمضان، وبذلك يأتي رمضان في26/9/2014 في السنة القادمة ثم في15/9/2015 في السنة التي تليها، ثم في4/9/2016 في السنة التي تليها، وهنا يجب إضافة الشهر قبل رمضان التالي لكيلا تأتي بدايته في أغسطس بل في العشرينات من سبتمبر، وبالتحديد سيأتي في 22/9/2017، وهكذا.
أما توقيت إضافة الشهر فهي لا تعنينا من حيث تحديد بداية الصوم، فهي من هذه الحيثية يجب أن تكون قبل رمضان، وبالطبع فتوقيت إضافة الشهر غير ثابتة لأنها تحدث مرة كل 32 شهرا قمريا وليس كل 36 شهرا، والعرب كانوا يعرفون وجوب إضافة شهر التقويم من تأخر بداية فصل الربيع الذي يعرفونه إلى ربيع الثاني.
ومن البديهي جدا أن أول محلّ في السنة أضيف فيه شهر التقويم كان بعد نهاية السنة؛ أي بعد شهر ذي الحجة الذي هو من الأشهر الحرم، وطالما يجب مرور 32 شهرا قبل إجراء التقويم التالي فهذا يعني أن إضافة شهر التقويم التالي ستكون بعد شعبان، وقد وردت آثار بالفعل تدل على أنهم كانوا يضيفون شهرا كهذا، ولذلك كانوا يسمونه بشعبان الثاني، أما الإضافة التالية؛ أي بعد 32 شهرا فيجب أن تكون بعد ربيع2، أما التي تليها فيجب أن تكون بعد ذي الحجة؛ أي قبل محرم، وتُعاد الدورة.
وعلى هذا الأساس فالإضافة بعد شعبان هي أحد الاحتمالات الثلاث الممكنة في السنة الهجرية القادمة؛ أي سنة 1435.
والاحتمال الأرجح من بين هذه الاحتمالات هو الذي يبقي على شهر ربيع1 في حدود مارس وعلى شهر ربيع2 في حدود أبريل بمعدل زحزحة في حدود يوم واحد، ولا يجعل إضافة شهر التقويم بالنسبة لشهري الربيع بلا مبرر أو يزحزحهما بعيدا عن المدى المذكور.
وبعد دراسة الاحتمالات الثلاث يتضح أن الاحتمال الذي يحقق الشروط المطلوبة هو إضافة الشهر بالفعل بعد شعبان القادم (شعبان 1435).
والجدول التالي يبين تواريخ الأشهر طبقاً للتقويم الحقيقي:


التاريخ الهجري الصحيح لبداية شهر رمضان
التاريخ الميلادي الصحيح لبداية شهر رمضان
التاريخ الميلادي الصحيح لبداية شهر ربيع1
التاريخ الميلادي الصحيح لبداية شهر ربيع2

1/11/1434
6/9/2013
13/3/2013
12/4/2013
يتعين إضافة شهر التقويم قبل رمضان التالي بعد شعبان

1/12/1435
26/9/2014
3/3/2014
2/4/2014
ظهر هنا تأثير إضافة الشهر على شهري الربيع
1/12/1436
15/9/2015
22/3/2015
20/4/2015

1/12/1437
4/9/2016
11/3/2016
9/4/2016
يتعين إضافة شهر التقويم قبل رمضان التالي وبعد ربيع2

1/1/1439
22/9/2017
28/2/2017
29/3/2017
ظهر هنا تأثير إضافة الشهر على شهري الربيع
1/1/1440
12/9/2018
18/3/2018
17/4/2018

1/1/1441
1/9/2019
8/3/2019
7/4/2019
يتعين إضافة شهر التقويم بعد ذي الحجة التالي وقبل رمضان التالي

1/2/1442
19/9/2020
26/3/2020
24/4/2020

1/2/1443
9/9/2021
15/3/2021
13/4/2021
يتعين إضافة شهر التقويم قبل رمضان التالي بعد شعبان

1/3/1444
27/9/2022
5/3/2022
3/4/2022

1/3/1445
16/9/2023
23/3/2023
22/4/2023

1/3/1446
5/9/2024
11/3/2024
10/4/2024
يتعين إضافة شهر التقويم قبل رمضان التالي وبعد ربيع2

1/4/1447
24/9/2025
1/3/2025
31/3/2025

1/4/1448
14/9/2026
20/3/2026
18/4/2025

1/4/1449
3/9/2027
10/3/2027
8/4/2027
يتعين إضافة شهر التقويم بعد ذي الحجة التالي وقبل رمضان التالي

1/5/1450
20/9/2028
27/3/2028
26/4/2028

1/5/1451
10/9/2029
16/3/2029
15/4/2029
يتعين إضافة شهر التقويم قبل رمضان التالي بعد شعبان

1/6/1452
29/9/2030
6/3/2030
5/4/2030

1/6/1453
18/9/2031
25/3/2031
23/4/2031

1/6/1454
7/9/2031
13/3/2032
12/4/2032

وبذلك يتم تصحيح أخطاء هذه الأمة التي أضاعت الصيام والحج مثلما أضاع بنو إسرائيل الصلاة.
ومن المعلوم أن هذه الأمة أضاعت عرى الإسلام عروة عروة واتبعوا سنن من قبلهم شبرا بشبر وذراعا بذراع وخالفوا التحذيرات النبوية المشددة وضرب بعضهم رقاب بعض وفرقوا دينهم وكانوا شيعا، ومن أضاعوا الدين لن يعز عليهم إضاعة التقويم السليم!
وكون الميعاد الحقيقي لبداية رمضان في هذه السنة (2013) هو 6 سبتمبر يعني أن بداية أشهر الحج أي بداية ذي الحجة الحقيقي هي: 6 ديسمبر، وأشهر الحج هي أربعة أشهر متصلة تبدأ بذي الحجة، وهي: ذو الحجة، محرم، صفر، ربيع الأول، أي أن أشهر الحج تكون في الشتاء وبداية الربيع.
وقد كان يجب اتخاذ شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرءان بداية للسنة الإسلامية كما كان يجب أن يكون بداية التقويم الإسلامي هو السنة التي نزل فيها القرءان، ولو فعلوا لرأوا ألواناً من الإعجاز القرءاني في الإخبار عن وقائع العصر النبوي.
-------
وقد ذكرنا كثيرا أنه قد حدث خلل في حساب التقويم في زمن الفتنة الأولى والتي انتهت باستيلاء أهل البغي على السلطة، أو في زمن الفتنة الثانية عندما استولى الوزَغة مروان بن الحكم على السلطة، وليس من المعقول أن تستمر الأمة إلى يوم القيامة تتعبد بأخطائهم وجرائمهم.
وطبقا لطريقتنا المقترحة هنا فإنه لا يلزم معرفة متى حدث الخلل بالضبط.
أما النسيء المذموم فهو التلاعب بالأشهر الحرم بالتأخير لأغراض غير قانونية مثل الاستمرار في الحرب أو الصيد، فالنسيء يعني ويتضمن التأخير، التأخير فقط، وليس التقديم مثلا.
-------
إنه يجب التأكيد على ما يلي:
1.           بدايات الأشهر تتحدد بالأهلة.
2.           التقويم العربي الحقيقي هو تقويم شمسي قمري تأتي فيه بداية الربيع في ربيع الأول ويأتي فيه رمضان الحقيقي في فصل الخريف (في نصف الكرة الشمالي) حيث يتساوى الليل والنهار، والإسلام دين عالمي، ولم يدرك الناس أبدا أبعاد هذه السمة، فسكان نصف الكرة الجنوبي سيصومون رمضان في الربيع حيث يتساوى أيضاً الليل والنهار، كل ذلك كان معلوماً لمن أحاط بكل شيء علما.
3.           قال تعالى: {فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} الأنعام96، {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} يونس5، {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا (12)} الإسراء، فلابد من دخول الشمس والقمر معا في حساب التقويم، لذلك فجعل القمر وحده أداة لحساب السنين هو خطأ محض ومخالفة للأوامر القرءانية.
4.           كان يحدث تصحيح للتقويم بحيث تظل الأشهر متطابقة مع الفصول، ولكن ضاع ذلك أثناء الفتن، فلابد أن يكون الحج (وهو موسم ومهرجان ثقافي تجاري) بعيدا عن أشهر الحر الشديد مثلا، ولابد أن يأتي رمضان في الخريف ليتساوى الليل والنهار فلا يصوم الناس 22 ساعة في بلد ويصومون ساعتين في بلد آخر، وهذا ما يتسق مع عالمية الإسلام وصلاحيته لكل زمان ومكان.
5.           كان التقويم صحيحا أثناء العصر النبوي، وكان هناك توازي بين السنة العبرية وبين السنة العربية، وثمة مرويات تشير إلى ذلك، وكان الاختلاف هو في أسماء الشهور فقط، وعلى سبيل المثال فإن فترة البعثة النبوية هي 23 سنة أي: 23 X 365  يوما وليس 23 X 354 يوما.
6.           طبقا لبحثنا المنشور يتعين إضافة شهر التقويم في دورة هكذا: (بعد شعبان، بعد ربيع2، بعد ذي الحجة)، وأشهر الحج هي أربعة أشهر متصلة تبدأ بذي الحجة، وبذلك يدخل فيها الشهر الكبيس (مرة كل 3 سنوات) عند إضافته.
7.           وإجراء التصحيح ليس بالأمر الصعب، والأمر لا يستلزم إعادة تصحيح كل التواريخ الهجرية، فيمكن تركها وشأنها، كما يمكن استمرار العمل بهذا التقويم الخاطئ أو اللاتقويم لشيوعه، ولكن يكفي فقط بيان بداية شهر الصيام وأشهر الحج للناس كل عام، وبمعرفة بداية رمضان يمكن ضبط بدايات كل الشهور الأخرى لمن أراد ذلك.
8.           وقت الصيام هو من الفجر الحقيقي إلى الليل، وعلامة الليل التي يمكن لكل إنسان أن يدركها هي غروب الشمس، فالليل يمتد من غروب الشمس إلى الفجر، وكون غروب الشمس يحدد وقت وجوب صلاة المغرب لا يتنافى مع كونه محددا لبداية الليل ولانتهاء وقت الصيام.
9.           من البديهي أن يفضل سكان الصحاري أي القبائل البدوية مثل العرب وبني إسرائيل التقويم القمري لسهولة تتبع منازل القمر في الصحراء، ولكنهم علموا من بعد أنه لابد من التقويم حتى يظل للتقويم معنى مثلما اكتشفت ذلك كل الشعوب الأخرى فأجرت التقويمات اللازمة.
10.      ليس في بيان حقيقة التقويم أي تشكيك في الدين ولا تكفيرا لأحد ولا دعوة لعدم اعتبار الأهلة مواقيت للناس، فبدايات الشهور تتحدد برؤية الهلال، والبحث يوضح أن هلال رمضان يجب أن يكون في سبتمبر، وكل ما هو مطلوب إجراء تقويم كل مدة معينة كما هو مبين في البحث المنشور.
11.      الأشهر الحرم هي ذو الحجة ومحرم وصفر وربيع الأول، فيجب أن تكون متصلة كما يظهر ذلك جليا من سورة التوبة، وهي أفضل الشهور من حيث المناخ في الجزيرة العربية، فهي أفضل الأوقات لأداء فريضة الحج للناس أجمعين، وهي الأشهر التي يجب أن يحرم فيها صيد البر، .
12.      نؤكد من جديد أن آيات القرءان تجعل الشمس والقمر لازمين للحساب وليس القمر فقط، وأن العرب كانوا كالعبريين يجرون تصحيحا أو تقويما لحساب السنين بحيث تظل الشهور مطابقة لمسمياتها المناخية فلا يأتي شهر الربيع في الخريف ولا يكون موسم الحج في الحر الخانق القائظ!
13.      لا يوجد ما يحتم أن يحتوي رمضان على يوم 22 سبتمبر فقد يبدأ بعده، ولكنه لا ينتهي أبداً قبله، ولا يوجد ما يحتم أن يكون نهار الصيام مساوياً لليله بكل دقة في كل العالم، وهذا مستحيل أصلا، ولكن المطلوب هو تحقق ذلك بطريقة تقريبية، وإلا فإن الإنسان غير مكلف إلا بما هو في وسعه.
14.      التقويم العربي هو تقويم شمسي قمري كالتقويم العبري، وكل من يستعملون التقويم القمري يقومون بإجراء ما يلزم من التصحيح (وهذا هو معنى التقويم أصلا) لكيلا يحدث انحراف بين الشهور ومعانيها ولكي تظل المواسم المناخية والزراعية ورحلتا الشتاء والصيف في أماكنها، ولو كان التقويم سليما لما احتاج الناس إلى التقاويم القديمة كما هو الحال الآن في مصر مثلا، ولا يوجد أي نوع من التقويم –بما في ذلك التقويم الشمسي- لا يحتاج تقويما!
15.      إلى أن يتم تصحيح الوضع فلا حرج من الالتزام بما عليه الناس: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا، لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا، مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ، وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ، ومراعاة وحدة الأمة هي على درجة عالية من الأهمية، فركن وحدة الأمة هو أول الأركان الملزمة لجماعة المسلمين، أما المسلم الذي يعيش منفردا في بلد بعيد مثلا وكان على علم بذلك الأمر فعليه أن يلتزم بما هو حق.
=======
ويجب العلم بأن الشهر الذي يجب إضافته كل 32 شهرا هو شهر كبيس إذا أضيف الى أشهر السنة لا يعد من بينها ولا يغير من عددها، بل تبقى السنة بأشهرها الاثنتي عشر المعروفة، فهو لا يُضاف إلا لتقويم الانحراف الذي حدث لاختلاف السنة الشمسية التي تحدد الفصول عن السنة القمرية البحت، فالمقصد منه معالجة انزياح الأشهر القمرية عن مواضعها الفصلية، وبذلك تعود الأشهر إلى مواسمها التي أعطتها أسماءها، فيبدأ الربيع في فصل ربيع الأول، وهذا دليلٌ كافٍ وبرهان مبين للباحث عن الحق غير العابد لتراث الأسلاف وما ألفى عليه آباءه.
وكذلك تعود أشهر الجماد الى فصل جماد الحبوب والحصاد وأشهر الحج الى فصل الشتاء، وهو الفصل الأفضل بالنسبة لمناخ مكة الصحراوي ليكون موسما للحج وفتح الأسواق فيها حيث يكون الطقس رائعا والحرارة معتدلة، وليحدث التبادل التجاري والثقافي وليشهد الناس منافع لهم، وليس ليقتلهم الحر القائظ أو ضربات اشمس المروعة!
وكذلك يمكن لقريش أن تقوم برحلتي الشتاء والصيف في أشهر محددة معلومة، ومن البديهي أن هاتين الرحلتين مرتبطتين بالمواسم الزراعية وأوقات الحصاد في الشمال والجنوب، فما هي قيمة تقويم لا يلبي للناس حاجات بيئتهم المعيشية.
وكما قلنا سيبدأ رمضان دائماً في شهر سبتمبر، أو الشهر التاسع الميلادي، أي سيكون رمضان في فصل الخريف في نصف الكرة الأرضية الشمالي المعروف، والخريف يتميز بطقسه اللطيف ويتساوى فيه تقريباً طول الليل مع طول النهار في كل القارات، أما في نصف الكرة الجنوبي فسيأتي رمضان في فصل الربيع، الذي له نفس المزايا المشار إليها بالنسبة للخريف.
ومن المعلوم أنه توجد أماكن مأهولة وبها مسلمون الآن وهي القريبة من القطب الشمالي يحدث فيها تفاوت هائل بين طولي الليل والنهار في الصيف! وبذلك قد تصل مدة الصيام في الصيف إلى 22 ساعة وقد تنزل في الشتاء إلى ساعتين، ويفتون لهم باتباع توقيت مكة!!!!!
فالعمل بالتوقيت القمري البحت لا يعني إلا إلغاء عملية التقويم أصلا بانتفاء الأغراض المعيشية منه؛ أي التمسك باللاتقويم، سيقول بعضهم إن هذا التقويم تقويم تعبدي والهدف أن يصوم المسلم في كافة أشهر السنة باختلاف مناخها وأوقاتها، وهذا القول هراء محض، فالتوقيت كان موجودا ومستعملا للعرب من قبل ظهور الإسلام، ولم يرد في القرءان أي نص يوحي أنه ألزم الناس بتغيير ما كانوا عليه بهذا الشأن.
وطبقاً لما قررناه هنا فيجب أن تبدأ أشهر الحج بشهر ذي الحجة، فهذا الاسم إيذان ببدء موسم الحج والأشهر الحرم التي أشار القرءان إلى كونها متصلة، فهذه الأشهر هي: ذو الحجة، محرم، صفر، وربيع أول، وهي تعادل تقريبا: ديسمبر، يناير، فبراير، مارس، وهذه الأشهر هي أشهر التكاثر والحمل بالنسبة للحيوانات البرية، ولذلك تم تحريم الصيد فيها وتم تغليظ العقوبة عليه، بل وتهديد من يتعمد الصيد بالانتقام الإلهي! قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (95)} المائدة
فهذا التهديد الرهيب لا يتعلق بمكان الحج فقط بل بحالة كون الإنسان في الأشهر الحرم، ووجوده في البيت الحرام يزيد الأمر حرمة ولكنه لا يلغي حكم الأشهر الحرم خارجه، وكون الأشهر أربعة متصلة يجعل مقاومة الرغبة في الصيد صعبة ويستلزم أقصى درجات التهديد لردع الناس عنه!
فالأشهر الحرم هي التي يحرم فيها سفك الدماء، والصيد البري هو من سَفْك الدماء، فهو محرم ما داموا حرما؛ أي ما داموا في الأشهر الحرم، وهذه الأشهر هي موسم تكاثر الحيوانات، فقتل الأنثى الحامل من الغزال أو البقر البري جريمة كبرى.
وعلى سبيل المثال فبالنسبة للغزال الدرقي أسود الذيل أو الريم تستمر فترة الحمل لما بين 148 و159 يوما وتحصل أكثر الولادات ما بين شهريّ مارس ويوليو على أن أكثر الإناث تلد خلال شهر مايو (إبريل في السعودية ويونيو في منغوليا ، تنجب الإناث الصغيرة في السن كما الكبيرة خشفا واحدا في العادة، إلا أن أكثر الإناث البالغة تنجب توائم، وهذا يبين أن خلال الأشهر الحرم الحقيقية تكون إناث الغزال الدرقي أو الريم حوامل بالفعل، وكذلك تكون أكثر ولادات ظباء المها بين شهري ديسمبر وأبريل من العام، وهذا الحيوان بالفعل كان قد انقرض في شبه الجزيرة العربية.

ولم يكن من الصعب اكتشاف ضرورة إضافة شهر التقويم، فقد كان يجب إضافته بمجرد ملاحظة أن بدأ تفتح الأزهار قد تأخر شهرا قمريا ليأتي في ربيع الثاني بدلا من ربيع الأول أو ملاحظة أن حبوب القمح والشعير قد تأخر جمادها وبالتالي حصادها ليأتي في جمادى الثاني بدلا من جمادى الأولى، فالغرض من إضافة شهر التقويم معالجة انزياح الأشهر القمرية عن مواضعها الفصلية بمقدار شهر قمري كامل، وكما سبق القول أن هذا الانزياح يصل إلى شهر كامل كل 32 شهر قمري، وبذلك تعود الأشهر القمرية التي انحرفت عن مواسمها الفصلية بمقدار شهر قمري كامل إلى أماكنها الفصلية الصحيحة.
ولا علاقة للتقويم بالنسيء المحرم، فالنسيء المحرم هو تأخير بدء الأشهر الحرم عن ميعاده المعلوم لأغراض دنيوية ومنها استمرار القتال أو الرغبة في الصيد الجائر.
وباتباع التقويم الحقيقي الذي يمكن أن يُقال بأنه تقويم ستعود الأشهر القمرية إلى مواسمها الطبيعية وهكذا دواليك، إلى نهاية الدورة الشمس قمرية التي تنتهي دوما بنهاية السنة التاسعة عشر من عملية العد الحسابية
ولقد أكد القرءان على أن الشمس والقمر لازمين للعلم بعدد السنين والحساب.
وكما أكدنا أن التقويم لا يتنافى مع كون الأهلة مواقيت للناس ولا مع كون الصيام يجب لرؤية هلال رمضان، فالشهر القمري هو هو في الحالتين، وهو الفترة الزمنية التي تبدأ بظهور القمر هلالاً في الأفق الغربي بعد الغروب مباشرة، ليختفي في اليوم التاسع والعشرين ليظهر بعدها معلنا بدء شهر قمري جديد، أما منازل القمر فهي مواضعه في الأبراج بانتقاله وازدياد حجمه إلى أن يصبح بدرا في اليوم الرابع عشر والذي من بعده يبدأ في التضاؤل التدريجي ليصبح شكله كالعرجون القديم كما ورد في القرءان الكريم.
ولم يرد في القرءان أبداً أن الله تعالى يريد بالناس العسر ولا اختبار قدرتهم على تحمل الصيام في حر الصيف، بل إن آيات كتابة الصيام على المسلمين نصت نصا صريحا على أن الله تعالى يريد بهم اليسر!
=======
إن الطريقة المقدمة في بحثنا هي طريقة سهلة ودقيقة ومنطقية، وهي تغني عن الغوص في التراث بكافة صوره وعن مراجعة التواريخ القديمة وعن الحسابات الفلكية المعقدة، فهي الطريقة التي كان من الممكن لأناس كانوا يعيشون بمعزل عن الحضارات المعقدة أن يطبقوها بسهولة ويسر! وبالطبع لا يمكن لعربي أو أعرابي أن يتبع طريقة ناسا في الحساب!
وبالنسبة للمسلم الذي يريد أن يعرف متى بالضبط يصوم رمضان، فهلال رمضان هو الهلال الذي يأتي في شهر سبتمبر، وبالتالي يمكنه أن يعرف ليلة القدر الحقيقية!
ومع ذلك فالمسلم الذي يعيش في دولة محسوبة على الإسلام لا يجوز له أن يخالف الجماعة، يجب الصيام مع الناس، فوحدة الأمة ركن ديني ملزم، وأكثر الناس كما يقول القرءان الكريم لا يعلمون ولا يفقهون ولا يسمعون ولا يؤمنون ولا يتبعون إلا الظن وهم للحق كارهون، ويجب التعايش مع هذه الحقيقة، فلا يجوز التسبب في فتن جديدة، وكفى ما هو موجود منها! أما المسلمون الذين يعيشون فرادى أو في دول قريبة من الدائرة القطبية فيمكنهم العمل بالتوقيت السليم، وهو في غاية السهولة، رمضان هو الشهر العربي الذي يأتي هلاله في سبتمبر!
والصفوة من المسلمين قد سجلوا على مدى التاريخ أنهم كانوا يرون ليلة القدر في غير رمضان الرسمي! ولقد قالوا إنه يبدو أنه توجد ليلتان للقدر، وهذا ما لاحظوه وعاينوه، وها نحن نقدم تفسير ما رأوه، هناك ليلة القدر الحقيقية، وهي تأتي طبقا للتقويم السليم، وهناك ليلة تأتي في رمضان إكراما من الله تعالى للمخلصين من هذه الأمة! فشأن هذه الأمة عند الله الرحمن الرحيم عظيم، وهو لا يخيب رجاءها فيه.
نحن دورنا هو تحديد التقويم السليم، وكيف كان يتم التصحيح، وقد تمخض عن ذلك وجوب أن تكون بداية رمضان الحقيقي هي ميلاد الهلال في الشهر الميلادي التاسع، أما حساب وقت ميلاد هذا الهلال، فهو أمر علمي محض يقوم به علماء الفلك!
*******

ردود على بعض الاستفسارات:
-             بل قل أين تجد أن التقويم يجب أن يكون قمريا فقط رغم أنف أسماء الشهور؟
-             قد حدث الخلل في حساب التقويم في زمن الفتنة الأولى والتي انتهت باستيلاء أهل البغي على السلطة، أو في زمن الفتنة الثانية عندما استولى مروان بن الحكم على السلطة.
-             يُلاحظ أن حرب السادس من أكتوبر أو العاشر من رمضان حدثت عندما كان الشهر الذي صامه الناس هو شهر رمضان الحقيقي!
-             قلنا إن أكثر الناس لن يتقبلوا ذلك أبدا، وسيظل هناك من يصوم 22 ساعة، ومن يصوم ساعتين فقط!
-             كما قلنا بدايات الأشهر تحددها الأهلة كما تقول الآية، وبالتالي يتحدد رمضان وأشهر الحج بالأهلة.
-             لا توجد أية مفاجآت في التعليقات، فعندما يفاجأ الناس بحقيقة جديدة أو بمن ينبههم إلى خطأ شائع ألفوا عليه أسلافهم ستكون ردود الأفعال هي المقاومة الشديدة والعناد القاتل، وسيقولون كما قال الذين من قبلهم: أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ؟ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا!
-             كما ذكرنا في التعليقات: إن أكثر الناس لن يتقبلوا ذلك أبدا، وسيظل هناك من يصوم 22 ساعة، ومن يصوم ساعتين فقط! والقصص القرءاني يؤكد على أن أكثر الناس كانوا يفضلون الهلاك غرقا أو بريح صرصر عاتية أو بالصيحة على أن يرجعوا إلى الحق وعلى أن أكثر الناس لا يعقلون ولا يفقهون ولا يؤمنون ولا يشكرون وأن أكثرهم للحق كارهون.
-             من المنطقي جدا أن ينطبق شهر ربيع الأول مع شهر مارس المشهور بأنه شهر الربيع عند وضع التقويم لأول مرة وأن يستمر مرتبطا به بطريقة ما، وهذا ما تحققه حساباتنا: التواريخ الميلادية لبداية شهر ربيع الأول لعدة سنوات:13/3/2013، (يتعين إضافة شهر التقويم قبل رمضان التالي بعد شعبان فلا يتأثر به ربيع1)3/3/2014، هنا يظهر أثر إضافة الشهر: 22/3/2015، 11/3/2016، (يتعين إضافة شهر التقويم قبل رمضان التالي وبعد ربيع2 فلا تتأثر بدايته به 28/2/2017،18/3/2018 (ظهر هنا تأثير إضافة الشهر على شهري الربيع)،8/3/2019، يتعين إضافة شهر التقويم بعد ذي الحجة التالي وقبل رمضان التالي لذلك يظهر التأثير على بداية ربيع1؛ 26/3/2020.
-             وبذلك أيضاً يظل ربيع 2 في قلب الربيع المناخي في الجزيرة العربية ولا يقع أي يوم من أيامه في يونيو ذي الحرارة الشديدة هناك!
-             في الحقيقة لم تنزل بداية ربيع1 عن 28 فبراير في كل حساباتنا، بل إن التحسب من نزولٍ أكثر من هذا يعني وجوب إضافة شهر التقويم، وما هو الدليل على أن "شهر (صفر) يدل على الرقم (صفر) أي على الاعتدال الربيعي"؟ أما عن حسابات المؤرخين بخصوص يوم المولد بالتاريخ الميلادي فهي مشكوك فيها، بل إنها مبنية على اعتبار أن التقويم كان دائماً قمريا بحتا، وهذا خطأ فادح، ولو كانت بداية رمضان تتراوح بين أواخر سبتمبر وشهر أكتوبر لأتى أكثر ربيع2 في شهر يونيو سنتين كل ثلاث سنوات، وشهر يونيو في جزيرة العرب حره قائظ، ولا علاقة له بأي ربيع، هذا مع العلم بأن إضافة شهر التقويم كان معمولا به طوال العصر النبوي، ولم يختل إلا بعد الفتنة الكبرى.
-             شهر رجب حسب ما هو مقدم هنا كان يأتي في الصيف، وربما من أجل ذلك اعتبر شهرا محرما منفصلا، ولكن الأشهر الحرم الحقيقية يجب أن تكون متصلة.
-             وظيفة التقويم حفظ التوازي بين الفصول الطبيعية والأشهر، وهذا متحقق في كل التقاويم القمرية بإجراء التصحيح أو التقويم اللازم مثلما يفعل اليهود في تقويمهم العبري!!!
-             بتضييع التقويم اختفى مغزى الحج الحقيقي ورحلتا الشتاء والصيف واختفى مبرر تحريم الصيد وتغليظ العقوبة عليه.
-             لماذا قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (95) أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96) المائدة؟؟!
*******
للأسف لم نجد أي كلام علمي يصلح لمناقشته في الردود على المنشور، وإنما وجدنا حشدا لكلام لا يتعارض مع ما هو منشور أو لا علاقة له به، كما وجدنا كما هو متوقع تشكيكا في إيمان من اجتهد للناس وجاءهم بما هو على يقين أنه الحق، وبالطبع فهؤلاء لن يفلتوا من عقاب الله تعالى، ولا قيمة لكلامهم، وكلامنا ليس موجها إليهم.
ونرجو من المتابعين الجادين الذين ينشدون معرفة الحقيقة بإخلاص أن يقرؤوا جيدا ما يلي: ونحن لا نحبذ أن يخرج أحد على إجماع الأمة في التنفيذ، بل نطلب أن يتم اتخاذ كل ما يلزم لفحص وتمحيص ما قلناه، والذي نحن والحمد لله تعالى على بينة منه.
وكنا نود أن نسمع سؤالا عن بداية حدوث الانحراف عن التقويم الصحيح الذي كان مستعملا، فذلك حدث أثناء الفتنة الكبرى وغياب السلطة المركزية واختفاء مجموعة العادين الذين كانوا يتولون إجراء التقويم اللازم!
وحقيقة أن التقويم العربي كان موازيا للتقويم العبري (الشمسي القمري) حقيقة راسخة ودليل قاطع وتصدقها المرويات الثابتة والخاصة باحتفال اليهود بعيدهم المقابل ليوم عاشوراء وأمر الرسول للمسلمين بصيامه ثم عزمه على صيام تاسوعاء في العام التالي، فلو كان عاشوراء ينزلق بحكم اختلاف التقويمين لما كانت هناك حاجة لصيام تاسوعاء تأكيدا للاختلاف مع اليهود! فالعزم على صيام تاسوعاء تأكيد على أن عاشوراء سينطبق على عيد اليهود في العام التالي لتوازي التقويمين! وقد يشكك بعضهم في موضوع عاشوراء ويقول إن المروية موضوعة أو محرفة، ولكنه لا يستطيع التشكيك في أن من وضع المروية أو حرفها أخذ في اعتباره حقيقة توازي التقويمين، وإلا لوجد من يفند كلامه من هذه الحيثية!!!
-        لم يفرض مروان شيئا، يكفي –أثناء الفتنة الطويلة- اختفاء السلطة المركزية التي كانت مسئولة عن إجراء التصحيح ومجموعة العادين المشار إليهم في القرءان الكريم، ولم يكن الأمويون معنيين أبداً بأمور الدين، فمن بنوا قبة على صخرة لتكون بديلا عن الكعبة ومن هدموا الكعبة مرتين لن يهمهم أمر تصحيح التقويم.
-        عملية ضبط التقويم كانت مهمة مقدسة يُعهد بها إلى مجلس الكهنة، وكان ذلك منوطاً بطائفة العادين، ولابد من سلطة مركزية موحدة لضبط كل ذلك وإلزام الناس به، ولذلك كان من الطبيعي بعد اندثار هذه الطائفة وتمزق الأمة وانخراطها في صراع دموي مهلك واختفاء السلطة المركزية لفترتين طويلتين أن يندثر التقويم.
-        ترتب على التقويم المختل (أو اللاتقويم) انهيار الحياة البيئية التي كانت مستقرة في العهد الجاهلي، فاندثرت رحلتا الشتاء والصيف المذكورتين في القرءان، وشاع الصيد الجائر في الأشهر التي يحرم فيها الصيد، وكان التحريم لإتاحة الفرصة للحيوانات والطيور لتتكاثر، وأصبحت بلاد العرب صحراء جرداء، وأصبح سكان الحجاز يعيشون على معونات المحسنين من العواصم الإسلامية الكبرى، ثم اشتغل الأعراب بالسطو على الحجيج ونهب قوافلهم أو هاجروا إلى البلاد الأخرى مثل هجرة بني هلال إلى مصر ومنها إلى تونس حيث قضوا على الأخضر واليابس!
-        التقويم كان قبل البعثة النبوية وكان قبل فرض العبادات، لذلك فلا مجال للقول بأن التقويم العربي يسمح لرمضان بالدوران في الفصول كلها!!!!!!
-        أما من يقول إن هذا التقويم يسمح للصلاة بألا تنقطع في أي وقت على الكرة الأرضية فهو ربما لا يدري أن تحديد مواقيت الصلاة يعتمد على الدورة الشمسية وليس القمرية!!!!!!!!!!!!!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!
-        طبقا للتقويم السليم يجب أن يحدث تطابق بين شهري الربيع وفصل الربيع، وكذلك يجب أن يأتي رمضان في الخريف (في نصف الكرة الشمالي) فيكون عدد ساعات الصوم حوالي 12 ساعة تقريبا.
-        بعضهم يرفض التقويم بحجة أن صيام رمضان يجب أن يدور مع كل الفصول بمعنى أنه يجب أن يأتي في البرد القارس والحر القائظ!!! هذا مع أن التقويم العربي كان مستعملا في الجاهلية وقبل كتابة الصيام في رمضان على المسلمين!
-        الأدلة المقدمة في هذا البحث صراحة أو ضمنا هي أقوى أدلة يمكن أن يستند إليها أمر كهذا، وهي لا تقل في القوة إن لم تتفوق على أدلة أكثر الأمور الدينية الأخرى، إنها أدلة من القرءان الكريم وكليات الدين ومقاصده وسماته والمنطق والعقل والتاريخ البشري وأسماء الأشهر وعادات العرب وظروف المناخ ومجرد اسم التقويم ومعناه كأمر اخترعه الإنسان ليتمكن من ضبط أموره الحياتية!
-        أما اللاتقويم المتبع الآن فكل ما سبق يقوضه ويكشفه ويجتثه من جذوره ولا يترك له أدنى حجية، وليس عليه من دليل إلا أن الناس ألفوا عليه آباءهم!!

=======
ماذا يمكن أن يفعل المسلم بخصوص التقويم وما يترتب عليه من أمور مثل تحديد شهر رمضان وأشهر الحج؟
إلى أن يتم تصحيح التقويم فلا حرج من الالتزام بما عليه الناس: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا، لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا، مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ، وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ، ومراعاة وحدة الأمة هي على درجة عالية من الأهمية، فركن وحدة الأمة هو أول الأركان الملزمة لجماعة المسلمين، أما المسلم الذي يعيش منفردا في بلد بعيد مثلا وكان على علم بذلك الأمر فعليه أن يلتزم بما هو حق.
فالمسلم الذي يعيش في دولة محسوبة على الإسلام لا يجوز له أن يخالف الجماعة، يجب الصيام مع الناس، فوحدة الأمة ركن ديني ملزم، وأكثر الناس كما يقول القرءان الكريم لا يعلمون ولا يفقهون ولا يسمعون ولا يؤمنون ولا يتبعون إلا الظن وهم للحق كارهون، ويجب التعايش مع هذه الحقيقة، فلا يجوز التسبب في فتن جديدة، وكفى ما هو موجود منها! أما المسلمون الذين يعيشون فرادى أو في دول قريبة من الدائرة القطبية فيمكنهم العمل بالتوقيت السليم، وهو في غاية السهولة، رمضان هو الشهر العربي الذي يأتي هلاله في سبتمبر!


*******