الخميس، 7 أغسطس 2014

حسن فرحان المالكي- علم الحديث الجزء التاسع (بين الأهواء و السياسة)

ذكرنا لكم في  الجزء السادس "أمانة اهل الحديث.. في الميزان" كيف ترك بعض كبار أهل الحديث حديث أبي حنيفة وتلامذته وكل أهل الرأي، وترك بعض كبارهم - كالذهلي وأبي حاتم وأبي زرعة - حديث البخاري نفسه لموقفه المذهبي من قضية ( اللفظ ). وبعضهم ترك حديث الشيعة والمعتزلة وتشددّ في تضعيفهم. وبعضهم كالذهلي - شيخ البخاري - ترك حديث الرجل المحدث الثقه لانهّ لم يقم له عند دخوله المجلس..  وهكذا .

الذهلي شيخ البخاري يترك حديث من لم يقم له في المجلس! نعم.. الذهلي شيخ البخاري هو الذي ضعف بعض الثقات لأنه لم يقم له، ففي "تهذيب التهذيب" ( ج 6 / ص 16 ) , وقد كان محمد بن يحيى روى عن أبي قدامة السرخسي ( ثم ضرب على حديثه.. فإن أبا قدامه أحد ائمةّ الحديث، متفق على امامته وحفظه واتقانه، ثم ذكر الحاكم أن سبب ذلك ان الذهلي دخل على ابي قدامه فلم يقم له.. ) اهـ 
هنا من حقنا أن نسأل : 
أين أمانة الذهلي من نقل السنة؟! 
لماذا حذف أحاديث أبي قدامة السرخسي مع أنه ثقه؟ 
الجواب: لأنهّ لم يقم له في المجلس فقط!

 
مواقف أحمد بن حنبل
وأحمد بن حنبل أيضا له مواقف تدل على تفريطه في كثير من الحديث لمواقف مذهبية أو شخصية أو خصومية، فقد نهى عن الرواية عن المحدث الثقة المشهور، ابن الجعد الجوهري، صاحب "المسند" - مسنده مطبوع - لان ابن الجعد كان يذم معاوية فقط! وليس لأنه غير ثقه، فهو محدثّ ثقه وله مسند مطبوع، وأهل الحديث يوثقّونه
أيضا اعترف الإمام أحمد اعترافا خطيرا بقوله: (تركنا رواية أهل الرأي، وكان عندهم حديث كثير!! ( 
لماذا؟ 
الجواب: لأنهم خصوم أهل الحديث فقط
فأين الأمانه هنا؟! أي الحرص على نقل السنة كلها؟ ..والقصص كثيره جداّ، قد نفصلّ فيها لاحقا
لكنيّ اتعاهد المتابعين برفق, لأن بعضهم قد يكبر عليه الموضوع، ولو قلنا ما نعلم - وهو قليل - لحار الأكثرون


الخلاصه
أن التوثيق والتضعيف عند أهل ألحديث خالطته المذهبيهّ والسياسة، بل حتى الأمور الشخصية ( كقصة الذهلي مع أبي قدامة السرخسي) وهذا كان له أثره في الحديث، أخذا وردا وإنتقاءا واشهارا وإهمالا، وأهل الحديث ليسو سواء، بل حتىّ الواحد منهم له أحوال، ويجب دراسة شخصيته وتحولّاته وظروفه والمؤثرّات فيه ومدى إستجابته لها .. الخ ..وأن تكون الدراسة بعلم وإنصاف لا بهوى معه يضر السنّة، ولا بهدى ضده يضر السنة أيضا، فالهدف الأهم هو (سنة محمد وأحاديثه) وليس الشخص
ولنترك العاطفه في الذم أو المدح، فالنبي وسنته أولى بالرعاية والحماية من التزيد والإنقاص، أو الإشهار لضعيف أو الإهمال لصحيح. 


التعصب لبعض الرواة يؤدي للإساءة إلى النبي : 
التعصب لتوثيق بعض أهل الحديث الراكنين إلى السلطات أو المتعصبين للمذاهب، وكذلك التعصب في تضعيف الثقات لمذهب أو غيره، كل هذا ضار بالسنّة. ولناخذ مثلا: 
تعصبنا لهشام بن عروة وعروة بن الزبير - من الراكنين إلى السلطات الظالمة والذي ظهر على أحاديثهم النكارة - أدى إلى قسم من التشويه لصورة النبي صلوات الله عليه وآله، لأن بعض تلك الصورة مأخوذ من طريق عروة وابنه هشام
ومن نماذج الأحاديث التي انفردوا بها قصة زواج النبي من عائشة وعمرها ست سنوات فقط! هو في الصحيحين من هذا الطريق، وهو خبر باطل، لا يجوز اعتقاده، فلماذا دخل هذا الحديث في الصحيح؟ 

الجواب: لأننّا وثقنا بهشام بن عروه وأبيه، وتعصبنا لهما، لأن الرأي العام السياسي ألأموي والعباسي كان معهما، ككثير من علماء السلاطين في كل زمان، تتشكل لهم دعاية كبيرة، ويصبحون فوق النقد، وأحاديثهم فوق التمحيص. ولو شككنا فيهما ( أعني عروة وابنه ) وبحثنا عن سن عائشة, لعلمنا ان النبي تزوجها وعمرها 18 سنة على الأقل, فقد أسلمت بإسلام أبيها أبي بكر، وهو من أوائل من أسلم - على المشهور - وكانت مخطوبة قبل النبي لجبير بن معطم بن عدي من بني نوفل، وغير ذلك كثير من ألأخبار التي تؤكد أن عمرها يوم زواج النبي منها لا ينقص عن 18 سنة، ولكن هؤلاء الغلاة - الذين يتحمسون لتوثيق عروة وابنه هشام وتوثيق غيرهم أيضا من الراكنين إلى السلطات الظالمة - لم يحسنوا الدفاع عن النبي صلوات الله عليه وآله، ولا تركونا ندافع عنه.. فهم يمنعون من الشك في أحاديثهم، ويجعلونها فوق الأحاديث الأخرى، ثم يكون دفاعهم هزيلا، ويصبح دفاعهم في هذه المسألة كمثال - زواج النبي من القصارات - دفاعا باردا ضعيفا، لا يقنع مسلما ولا كافرا
الغلاة هم جهلة بهذه الدقائق والعلل في الحديث، ,إنما يقلدون أهل الحديث، وأهل الحديث رأينا أهواءهم في التوثيق والتجريح، وإن كانت بنسبة معينة، فلا نعمم عليهم الهوى والتأثر بالسياسة والمذهب، لكن القدر المحرض على الشك والتمجيص موجود.
فلذلك ابتلانا الله بهم في هذا العصر, وتصدروا لجان الدفاع عن النبي وهم لا يستطيعون الدفاع، لأنهم يعتقدون بأغلب تلك التشويهات من أحاديث هؤلاء الموثقين خطأ أو هوى، فبقيت الكتب والأفلام والمقالات تصدر تباعا، وبقي توثيق هشام بن عروه وأبيه عروه عندهم أهم من نفي تلك الأحاديث المغلوطه عن رسول الله! 
هم بلاء الدين والعلم!


فلماذا يروون مثل هذه الإساءات في حق النبي ؟؟ 
رووها لسببين :

إما أنهم لا يرونها إساءة .. ولكنهم لم يحفظوا، وإنما نقلوا شائعات روائية لم يتحققوا منها (هذا في حالة حسن الظن بهم).

وإما إذا أسأنا الظن فنقول: هم افتروا مثل هذه الأحاديث لأن السلاطين من بني أمية وبني العباس الذين ( يركن اليهم هؤلاء ) كانوا يجدون من السبايا بنات صغارا، وقد يشتهونهن - من باب المرض النفسي والتسلطي - فيأتي هؤلاء الرواة ويسهلون على السلاطين أمام العامة دخولهم بأؤلئك البنات الصغار، بحجة أن ذلك جائز، وأن النبي قد تزوج طفلة عمرها ست سنوات، ودخل بها وعمرها تسع سنوات.. الخ ثم لا يجد النبي من يدافع عنه
لكن هشام بن عروه وأباه عروة يجدون من يدافع عنهم! لذلك فنحن مع أهل الحديث اليوم في ورطة كبيرة معهم، فنحن لا نستطيع أن نسكت عن الإساءات إلى النبي ص وأله، وهم لا يستطيعون أن يسكتوا عن تضعيفنا لبعض سلفهم - كعروة وهشام - ولو نسبيا في موضوعات معينة
وأيضا ورطة أخرى، وهي أننا إذا دافعنا عن النبي بغير علم كدفاعهم ، لم يقنع احدا، إن دافعنا بعلم إتهّمونا بكل طامهّ، وإستعدوا علينا كل سلطة!

فنحن في بلاء منهم، لأنهم هم المتغلبون المسيطرون على مراكز القرار الديني والإعلامي - وربما السياسي - في بعض البلدان، ولا يقبلون حوارا ولا بحثا ولا مناظرات عادلة، ولا يسمعون حجة ولا برهانا، وأنا أناشد كل من له سلطة على هؤلاء أوصلة بهم ( أعني المدافعين الضعفاء عن النبي صلوات الله عليه وآله ) أن يقولوا لهم
اتقوا الله، فالرسول صلوات الله عليه وأله يجمعنا، ورسول الله أولى بالدفاع القوي العلمي المقنع من تمسككم بهذه الأحاديث التي تسيء للنبي صلوات الله عليه وآله
أوجدوا لنا مخرجا منها أو اتركوا غيركم يرينا المخرج.. 

 

قولوا لهم: تواضعوا، اسمعوا حجة الطرف الآخر فربما يفيدكم، ربما يعيطونكم معلومات أفضل
وأقول لهم
اسمعوا منا ثم - إن شئتم - فخذوا أبحاثنا أو براهيننا وانسبوها لكم، هذا أمر ثانوي، لا يهم، فلا تذكرونا بحرف واحد.. ثم تزعمون انكم تدافعون عن النبي وتتصدون للدفاع عنه!

حسن فرحان المالكي- علم الحديث الجزء ثامن (موقفهم من الصحيح و الضعيف)

الغريب في غلاة أهل الحديث أنهم من أشد الناس حباً للضعيف ومن أبغضهم للصحيح عندهم!.. وهذا قسم من تلك الحيرة التي أدخلونا فيها، فهم متحمسون لإثبات السنة - وفي عقولهم ضعافها - وعندما يأتون للصحيح - بل المتواتر - يبغضونه وينكرونه!.. وهذه حيرة وحوسة لا مخرج منها إلا بتنقية القلب والهدوء... والتفريق بين المذهبية والسنة.

لابد هنا أن تتذكر بأن السنة سنة محمد، وليست المذهب. فمثلاً: عندما نأتيهم بالحديث الذي نتفق نحن وهم على أنه صحيح أو متواتر, هم يقبلون صحته لا معناه!.. كأنهم يقولون: الحديث صحيح لكن لا نؤمن به!.. وهذه عادة أهل الحديث من قديم - وليس اليوم فقط - فلذلك يقولون: (أمروها كما جاءت بلا معنى) !؟
هل نختبرهم ببعض ما يصححون أم نسكت؟
يظهر أنه لابد من أمثلة:


النموذج ألأوّل:
حديث الحوض (أصحابي أصحابي)، وجواب الملَك للنبي (إنهم لا يزالون مرتدين على أعقابهم منذ أن فارقتهم)، هذا في الصحيحين وينكرونه، ومعنى ينكرونه أي يكذبون معناه، يقولون : (لا هؤلاء ليسوا أصحابه، هؤلاء مسليمة والمرتدون)!؟
مع أن النص فيه قرائن على أنهم صحابة بتعريفهم، ومنها:
1- قوله (أصحابي أصحابي)..
2- قوله (منذ أن فارقتهم)، فالنبي لم يسكن اليمامة حتى يقال له (منذ أن فارقتهم)..
3- قوله ( سحقاً لمن بدل بعدي)..
وغيرها من القرائن التي لا يتلفتون إليها أبداً!
لماذا؟
لأن هناك عقيدة قد تم بناؤها وإشادتها، ومن الصعوبة هدمها، والحديث يخالفها.. فماذا يفعلون؟! هل يضحون بالعقيدة من أجل الحديث الذي يؤمنون بصحته؟! أم يضحون بالنبي وحديثه من أجل العقيدة التي أنشأها سلفهم؟!
الحل عندهم التضحية بالنبي أسهل!


النموذج الثاني:
(حديث عمار = الفئة الباغية ودعوتهم إلى النار)، يبغضون معنى الحديث بغضاً شديداً، مع إيمانهم بتواتره، وأظنكم تعرفون مواقفهم.


النموذج الثالث: 
حديث منزلة علي (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي)، متواتر، وهو في الصحيحين، يؤمنون به، لكنهم يستدركون عليه!،أعني: لا يؤمنون به كما هو، ويصبح معناه عندهم هكذا(أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ولست أفضل.. ولست ولست..)، فهم يبغضون الحصر!.. مع أن النبي صلوات الله وسلامه عليه لم يستثن إلا النبوة، فلماذا يستثنون عشرين صفة أخرى (كما فعل ابن تيمية) ؟! 
هذا بغض لمعنى الحديث.
إذا كانت هناك أحاديث تخالفه في فضل أبي بكر أو عمر.. فلماذا لا تتم المقارنة؟! من حيث الثبوت والأقوى معنى والأبعد عن المقابلة؟
لابد من مقارنة.


النموذج الرابع:
حديث ( ا أشبع الله بطنه) في صحيح مسلم، يبغضونه!.. حتى أنهم حولوه إلى فضيلة وأجر!!.. وأن النبي مخطيء في الدعاء عليه!.. وليس مأجوراً!


النموذج الخامس:
الحديث المتواتر (لتتبعن سنن من كان قبلكم) = اليهود والنصارى، يؤمنون بصحته! لكنهم لا يجعلونه في المخاطبين! ولا في بعضهم!! هم يؤجلونه قروناً! ويصبح معناه هكذا (سيأتي من بعدكم من يتبع سنن اليهود والنصارى ...)..
هم يعطون كل خطاب في الذم! ويفعّلون كل خطاب في المدح!..والصواب أن هذا وهذا لا يقتضي التعميم، وإنما البعض، فالبعض من المخاطبين كذا والبعض كذا، لكنهم يقولون "لا"، كل خطاب في ذم معناه غائب، وكل مدح يعمم!


النموذج السادس:
في صحيح مسلم ـ (8 / 124) ..( عُدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً مَوْعُوكًا - قَالَ - فَوَضَعْتُ يَدِى عَلَيْهِ فَقُلْتُ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رَجُلاً أَشَدَّ حَرًّا. فَقَالَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَشَدَّ حَرًّا مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَذَيْنِكَ الرَّجُلَيْنِ الرَّاكِبَيْنِ الْمُقَفِّيَيْنِ ». لِرَجُلَيْنِ حِينَئِذٍ مِنْ أَصْحَابِهِ. ) اهـ النص
هؤلاء صحابة، لكن الغلاة لا يؤمنون بهذا، فكلهم عندهم عدول أخيار.. فكيف لو عرفوهما؟


النموذج  السابع:

( أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية)، ورجح الالباني أنه معاوية، لكنه لم يجرؤ على النطق بالاسم!



مقتطفات من ردود: 

الآحاد لا يصلح لمعارضة المتواتر، فمن بغضهم لحديث عمار المتواتر أنهم يعارضونه بحديث آحاد، بل مرسل عند التحقيق، كما ذكر الدارقطني.

الحديث الذي بأيدينا خليط، فمنه ما قاله النبي، ومنه ما زِيد فيه وأُنقص، ومنه ما وضع وضعاً وصححه أهل الحديث، وفيه ما صح وضعفوه.. الخ


لا يمكن منع الرويبضات - بعد أن قتلوا البدريين ولعنوهم وختموا على أعناقهم - وأصبحوا هم أصحاب الحديث والسنة والرواية والمعيار!
الرويبضات انتصروا مبكراً، وحكموا الدولة الإسلامية من الصين للأندلس، وكتبوا التاريخ والفقه والحديث والعقائد والخط والإملاء.. الخ


قلنا أن بعض الأحاديث الصحيحة نفذت.. ولم يستطيعوا منعها لظروف سياسية واجتماعية، فقد تعرضوا لهزات سياسية، وبقي بعض التابعين بعدهم.

الأربعاء، 6 أغسطس 2014

حسن فرحان المالكي- علم الحديث الجزء السابع (ماذا ضاع عن السنة)

الجواب ضاع كثير جداً، والأدلة على ضياع معظم السنة - ربما - كثيرة، من القرآن والسنة نفسها.
كل حديث في العقل وفضله ضاع..
كل حديث في تدبر الكون ضاع..
كل حديث في الشهادة لله ضاع..
كل حديث في الذكر والتذكر - بالمعنى القرآني - ضاع.
معظم الأحاديث في العدل ومحوريته ضاع..
معظم ألأحاديث في الصدق ومحوريته ضاع..
كل حديث في رقة الإخبات ضاع.
كل حديث في معنى الشكر - قرآنياً - ضاع..
خطب الجمعة على المنبر - التي يسمعها الجميع - ضاعت!.. ومجموعها نحو 530 خطبة سمعها الجميع، وليست تلك النقولات الفردية التي ينقلها فرد عن مجلس.
أحاديث أهل بدر المقتولين بصفين ضاعت، لأن معاوية لا يريد أن يذكرهم أحد بخير، بل حتى تراجمهم كادت تضيع إلا من استعصى لشهرته، كعمار وأبي ايوب..
معظم أحاديث أهل الرضوان - الذين شهدوا مع الإمام علي صفين (وهم نجحو الثمانمائة رضواني) - ضاعت، إلا القليل ممن روى أحاديث في وقت الضعف الأموي.
أحاديث أهل البيت ضاعت، إلا ما رواه الخصوم - فأصبح لا يقبلون عن علي إلا ما رواه فلان وفلان - أو ما لم يستطع بنو أمية دفعه وانتشر رغماً عنهم.
أحاديث وعلوم سبعمائة من شهداء المهاجرين والأنصار بالحرة ضاعت، فعندما تقرأ أسماءهم لا تكاد تعرفها أصلاً، فكيف بأحاديثهم؟
أحاديث عشرة آلاف من التابعين يوم الحرة ضاعت بموتهم وقتلهم، ومنع ذكرهم بخير..
أحاديث التوابين (ورأسهم صحابي كبير) ضاعت بعد قتلهم بعين الوردة.
وعاء أبي هريرة الثاني - وهو في ذم بني أمية وفتنتهم - ضاع أكثره، لخوف أبي هريرة من قطلع بلعومه لو حدث به.. ولمال معاوية كما ذكر ابن المسيب.
معظم أحاديث المتأخرين من الصحابة - كأبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله وسهل بن سعد - ضاعت، بسبب ختم الحجاج على أعناقهم حتى لا يسمع منهم أحد.
قال ابن عبد البر في (الاستيعاب) [ جزء 1 - 200 ](وفي سنة أربع وسبعين أرسل الحجاج في سهل بن سعد يريد إذلاله .. قال : ما منعك من نصرة أمير المؤمنين عثمان؟ قال : قد فعلته . قال : كذبت.

ثم أمر به فختم في عنقه، وختم أيضا في عنق أنس بن مالك، حتى ورد كتاب عبد الملك فيه وختم في يد جابر يريد إذلالهم بذلك وأن يجتنبهم الناس ولا يسمعوا منهم)! 
انظر لقوله (حتى يُجتنبون ولا يسمع منهم)، فالأحاديث التي خرجت عن هؤلاء قليل من كثير، وحدث بها أناس متهمون ومع السلطة غالباً، فراوية أبي سعيد هو أبو نضرة، وراوية جابر هو أبو الزبير..أبو نضرة بصري مع الدولة، وأبو الزبير مكي مع الدولة، رغم أن جابر وأبا سعيد مدنيان، والمدنيون بعد الحرة والمآسي استجابوا في الجملة، فللختم أثر!
هؤلاء الصحابة المقتولون من أهل بدر والصحابة المقتولون من أهل الرضوان والتابعون الخائفون الساكتون, من يسد مسدهم؟
إنها الدولة وأحاديثها.
قال الذهبي في تاريخ الإسلام [ 1 / 632 ] (وفيها – أي سنة 73هـ- سار الحجاج من مكة .. إلى المدينة فأقام بها ثلاثة أشهر يتعنت أهلها، وبنى بها مسجداً في بني سلمة، فهو ينسب إليه، واستخف فيها ببقايا الصحابة وختم في أعناقهم) اهـ
فالغلاة يحبون الخاتم والمختوم معاً!، فضاعت السنة، لأن الخاتم هو القاتل وهو اللاعن، ولا يرضى للمقتول ظلماً
والملعون ظلماً والمختوم ظلماً أن يكون له أي أثر ثقافي - ما أمكن - فضاعت أكثر السنة.
هؤلاء القتلة لأهل بدر والرضوان واللاعنون لأفضلهم والخاتمون على أعناقهم هم يحاربوننا اليوم بأتباعهم حتى لا نكشفهم ونصرة للمظلومين!
إذا وجدتم مثل هذه (الحوسة الكبيرة التي تدع الحليم حيران) فابحثوا عن الشيطان!.. مباشرة!.. فهو الأذكى، وهو من يقود الناس لحرب الدين بالدين.
إذاً فالسنة ضاع منها الكثير، والقرآن سيدلك على ما ضاع منها من الموضوعات التي سبقت، فالقرآن نور كاشف ،حتى لما طمسوه وأرادوا إماتته. فالكتاب الأول في معرفة السنة والحديث الصحيح هو القرآن الكريم، هو الذي يعيطك الخطوط العامة العريضة، فاعرض كل شيء عليه، من أحاديث وأفكار، نعم.. نفذت أحاديث صحيحة كثيرة موافقة للقرآن الكريم،
ولتخلص تلك ألأحاديث من الرقابة أسباب ذكرناها سابقاً، ولكن بقي الغثاء غالباً لغلبة الدولة.
المشكلة أن أهل الحديث في الجملة نتيجة سياسية، هم البقايا بعد هؤلاء الناصحين الذين تم قتلهم أو لعنهم أو ختمهم،
هم البقايا الساكتة والموافقة. فعندما يؤدون ثقافة لابد أن تكون - في الجملة - متأثرة بالسلطة التي لا يرون ظلمها!.. ومن لم ير هذه المظالم ولا ينكرها, فهل هو أهل لنقل صادق كامل؟
هنا لا تشك في أهل الحديث، لكن لا تقبل نقولهم هكذا دون عرض وتبين وتقليب لهذا الحديث، بل وتساؤل: لماذا كان موقفهم ضعيفاً من هذه الظالم؟!

حسن فرحان المالكي- علم الحديث الجزء السادس (أمانة اهل الحديث في الميزان)

أهل الحديث لهم فضائل، ونحن ندعو لهم ونستغفر لهم ونقر بفضائلهم، إلا أنه من واجبنا التخفيف من الغلو فيهم.

الغلو في أهل الحديث سببه أهل الحديث أنفسهم، فقد سيطر منهج أهل الحديث في المدح والذم، وهم الذين كتبوا العقائد المسندة، ثم طبعت وانتشرت وسيطرت..حتى الذين كانوا يقاومونهم - كأهل الرأي والمعتزلة - ضعفوا أمامهم، ليس لقوة أهل الحديث، وإنما لأسباب سياسية - بالدرجة الأولى - ثم اجتماعية.

أهل الحديث كان متقدموهم أفضل من متأخريهم من حيث الجملة، وأعني بالمتقدمين إلى نهاية القرن الثاني، وأما المتأخرون فمن وسط القرن الثالث تقريبا،وفترة البرزخ من عام 200 إلى عام 240 هـ كانت مرحلة برزخ بين الفترتين.. وهذه الفترات - كما قلنا - من حيث الجملة فقط، فلكل قاعدة استثنائات.

والأثر السياسي مؤثر في أهل الحديث حتى من زمن الصحابة، وهذه يجب فهمهما، وسأفهِّمها لتفهموا سبب الإكثار من الراوية عن صحابي دون غيره.. ثم التابعي.

ولو نأخذ أصحاب الألوف من الصحابة (أعني الذين أحاديثهم بالآلاف) ثم تلاميذهم ثم تلاميذ تلاميذهم لرأينا أشياء غريبة يجب التساؤل عنها. فأصحاب الألوف من الصحابة خمسة - وفق روايتهم في الكتب الستة - أبو هريرة ( 3343) عائشة ( 2081) ابن عمر (1979) أنس (1584) ابن عباس ( 1243).. سنعتبر هؤلاء كلهم ثقات عدول...

أبو هريره

مع أن هناك خلافا -ً في أبي هريرة خاصة - لكن تعالوا نتعلم ونسأل: فأبو هريرة مثلاً أسلم عام 7 هـ ومات عام 57هـ، وسعد بن أبي وقاص من أوائل من أسلم بمكة، وشهد المشاهد كلها، ومات في السنة نفسها تقريباً ( 57هـ) ومكانهما واحد، فلماذا أحاديث سعد (121) فقط؟!

هذا سؤال مشروع!

 رجل صحب النبي سنتين أو ثلاثاً يروي أكثر من ثلاثة ألاف ورجل صحب النبي 23 سنة يروي فوق المئة فقط! والطلاب هم الطلاب!

بمعنى أن سعد بن أبي وقاص وأبي هريرة كلاهما مدنيان، والطلاب هم الطلاب، وسنة الوفاة واحدة، وسعد من أول من اسلموا، وأبو هيرة من آخر من أسلموا!.. وليس معروفاً عن سعد أنه يمتنع عن الحديث، فلماذا انهال رواة التابعين على أبي هريرة وتركوا سعد بن أبي وقاص البدري؟

 إنه الرضا السياسي!

سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه كان يعاند سياسة معاوية وينكر عليه ويذكره بفضائل علي ويمتنع من سبه، فموقفه السياسي قلل رواته وأحاديثه. بعكس أبي هريرة الذي - وإن كان يمانع أحياناً - إلا أن ابناءه كانوا من قواد معاوية يوم صفين، ودخل هو مع معاوية الكوفة، وولي له على المدينة.فالرضا السياسي عن أبي هريرة أدى لتكالب الناس عليه، كما أن السخط السياسي على سعد بن أبي وقاص أضاع كثيراً من أحاديثه.

طبعاً أنا اقول هذه ألأمور باختصار شديد، ولا أريد أن أذكر المواقف، ولا أن سعد بن أبي وقاص مات مسموماً على الأرجح من معاوية، ولا أن معاوية كان يشكك في نسب سعد بن أبي وقاص وقال له ( يأبى عليك الخلافة بنو عذرة) فهو يتهمه في نسبه، وأنه من بني عذرة، وهم ليسوا من قريش.

كل هذه المواقف وألأحداث والخصومات بين سعد بن أبي وقاص ومعاوية لن أستعرضها، لأنها تخرجنا عن أصل الموضوع، وهو: لماذا تم هجران أحاديث سعد؟؟

بل هناك بدريون - كأبي حميد الساعدي ( مات بعد عام 60 هـ) - ولو مدني كأبي هريرة ولم يرووا عنه سوى ثلاثة أحاديث!

لماذا؟

 إنه السخط السياسي.

بل بعض البدريين - كصالح شقران - مولى النبي، توفي بعد أبي هريرة بمدة ( عام 70 هـ) أي بعد موت أبي هريرة بثلاثة عشر عاماً، لم يرووا عنه سوى حديث!.. حديث واحد فقط، رواه التابعون عن صالح شقران، رغم أنه بدري ومولى للنبي (والمولى قريب ويحفظ السنن أكثر)، ومع ذلك حديث واحد فقط رووه عنه.. لماذا؟

لأن صالح شقران كان له موقف سياسي ضد معاوية، وقاتل مع الإمام علي بصفين، وهو مولى للنبي نفسه، إذن فللسخط السياسي دوره في إماتة حديثه وسيرته، كل تلامذة أبي هريرة بقوا بعد أبي هريرة في المدينة ثلاثة عشر عاماً (وقد انقطع حديث أبي هريرة بموته)، فلماذا لم يبحثوا عن صحابة كشقران؟

لا نطيل في أبي هريرة..

أم المؤمنين عائشه

 تعالوا لأم المؤمنين عائشة أيضا،ً روت ألفي حديث، وأم المؤمنين الأخرى أم سلمة ماتت بعدها بأربع سنوات وروت (158) فقط!.. أليس من حق الباحث أن يقول عائشة كانت كأم سلمة، كلاهما دخل عليهما النبي في وقت متقارب، عائشة بعد بدر عام 2 هـ وأم سلمة بعد أحد عام 3هـ، وكلاهما لها يوم واحد من تسعة أيام (بحسب عدد أمهات المؤمنين) وإن كانت عائشة قد سبقت بسنة فأم سلمة قد تأخرت بأربع سنوات، فأين هم الرواة؟!

لأن أم سلمة كان لها موقف سياسي قوي ضد معاوية، وتراه بأنه سن لعن رسول الله على المنابر، ورثت الحسين وروت فضائل أهل البيت..

فهو السخط السياسي.

أم سلمة أسلمت قبل عائشة، وهاجرت للحبشة ثم عادت مع زوجها أبي سلمة، وتحاصرا في الشعب مع بني هاشم (ولم يشترك أحد غيرهما مع بني هاشم)، نعم عائشة أيضاً لها معارضات لمعاوية في قتل حجر بن عدي وتشببه بفرعون (كما روى التابعي العابد الثقة لأسود بن يزيد)، إلا أنها في جانب آخر قد خرجت على الإمام علي وقاتلته، وهذا يعطي نوعاً من الرضا السياسي، فلولا خروج أهل الجمل لما تقوى معاوية واحتج بهم، لأن لهم سابقة.. وهو طليق.

ثم تذكروا تلامذة أبي هريرة لماذا لم يقبلوا على أم سلمة بعد موت أبي هريرة وعائشة وسعد في العام نفسه تقريبا، أليس أم سلمة أم المؤمنين أيضاً؟!

هنا الباحث لا يتهم عائشة بالزيادة، ولا أبا هريرة، ولا يتهم سعد وأم سلمة بالكتمان، السؤال هو:

لماذا أقبل الرواة على هؤلاء وتركوا أولئك؟

ربما هناك أسباب ثانوية، لكن السبب الرئيس هو الرضا السياسي هنا والسخط السياسي هناك. وهذا ما يغفل عنه أهل الحديث - للأسف - لضعف تحليلهم العقلي.

تصوروا اليوم - في أي بلد - فالرضا السياسي يجلب الرضا الجماهيري على شخصية من الشخصيات العلمية بينما يبقى المسخوط عليه سياسياً شبه منبوذ.

ثم لو أخذنا المكثرين عن أبي هريرة وعائشة.. فالمكثر عن أبي هريرة هو أبو سلمة بن عبد الرحمن، وكان شرطياً وقاضياً لمعاوية ومروان، بينما سعيد بن المسيب الذي هو أوثق وأجل وهو صهر أبي هريرة وزوج ابنته لم يرووا  عن أبي هريرة كروايتهم عن صاحب معاوية ومروان عن أبي هريرة، مع أن سعيد بن المسيب أقدم من ابي سلمة بن عبد الرحمن، وماتا في سنة واحدة 94هـ، لأن السخط ألأموي على سعيد بن المسيب كان كبيراً، لأنه كان يدعو على بني مروان في سجوده، ويتهم معاوية بأنه (أول من رد قضاء رسول الله، ويصرح بذمه، كل هذا بأسانيد صحيحة ليس هنا مجال استعراضها)،ثم الرواة عن تلاميذ أبي هريرة هو الزهري، فلماذا اشتهر دون بقية تلامذة سعيد وأبي سلمة وأبي صالح ( تلامذة أبي هريرة).. لأنه كان صاحب بني أمية.فقد عمل الزهري في بلاط عبد الملك ثم الوليد ثم سليمان ثم يزيد بن عبد الملك ثم هشام، وكتب حديثه في بلاط هشام بن عبد الملك، ورواته موالي هشام.

نصف الحديث في الكتب الستة يكاد يكون عن الزهري وتلامذته [كشعيب بن أبي حمزة ويونس بن يزيد الأيلي وعقيل بن خالد ( كلهم موالي لبني أمية)]. وقد عاصر الزهري علماء أجل منه مدنيون (بينما هو شامي وشيوخه مدينون)، فمن أهل المدينة من طبقة الزهري محمد الباقر وزيد بن علي وربيعة الرأي!

السبب هو الرضا السياسي هنا والسخط السياسي هنا، فمن تقرب للسلطة أو رضيت عنه كثر طلابه، ومن سخطت عليه السلطة تم هجره، هذا مهم جداً.

حتى المكثر الأكبر عن عائشة هو عروة بن الزبير (من صنائع معاوية وأصحابه)، وقد مدحه أهل الحديث، وهو عند التحقيق متهم بكثير من أحاديث عائشة،ومعظم ألأحاديث التي يحتج بها الشيعة في تكذيب عائشة أو يحتج بها المستشرقون في ذم النبي هي من طريق عروة عن عائشة، أنا اتهم عروة.

فأحاديثه عن عائشة فيها الكثير من الإساءة لرسول الله ولعائشة نفسها. كما أن المكثر عنه ابنه هشام (صديق المنصور)، وهو يروي عن أبيه عن عائشة، هذا الطريق (هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة) مادته المسيئة خرجت في كثير من الكتب والأفلام التي تسيء للنبي صلوات الله عليه وسلامه وعلى آله، ولو أننا امتلكنا الشجاعة لفعّلنا ألأثر السياسي في محاسبة الذين ركنوا إلى السلطات الظالمة، ولم نقبل منهم إلا ما حفت به القرائن والشواهد. ولو كانت هناك مناظرات في علم الحديث لعرضنا على أهل الحديث المقلدين بعض أحاديث عروة مثلاً، لرأيتم كيف سينحرجون في الدفاع عنها، ولن يستطيعوا.

ابن عمر

نذهب مباشرة للمكثر الثالث، وهو ابن عمر، وكان موقفه السياسي محل رضا من بني أمية، فقد بالغ في بيعة يزيد والتأكيد عليها، ورفض البيعة لعلي من قبل.

هنا لا أتهمه في الحديث، وإنما أقول أن موقفه السياسي أدى إلى الرضا السياسي ثم إلى كثرة الرواية عنه والتقليل عن بدريين عاصرهم، وهو ليس بدريا، ثم الراوي عنه مولاه نافع، وكان ناصبياً لا يربع بالإمام علي في الخلافة ولا يرى شرعية خلافته، ويرى أن معاوية هو الرابع! فما النتيجة؟

النتيجة أن نصب نافع وحبه لبني أمية قد جعله يتقدم في الرواية عن أبناء ابن عمر نفسه، كسالم ابن عبد الله بن عمر، وهو وأخوته من الرواة عن أبيه.

ثم المكثر عن نافع هو مالك وكان مع أبي جعفر المنصور، وألف له الموطأ، وصار (مالك عن نافع عن ابن عمر) سلسلتهم الذهبية! كلهم محل رضا سياسي.بينما المعاصر للإمام مالك - كالإمام أبي حنيفة بل هو قبله ( مات سنة 150، ومالك سنة 179هـ ) - فقد ضعفوا أبا حنيفة لأنه كان محل سخط السياسة. بل غلاة السلفية وصل بهم الأمر أن قالوا هو يكذب في الحديث، وأنه مبتدع ضال كافر جهمي خارجي ..الخ لأنه كان معارضاً لبني أمية وبني العباس معاً، وأقصد هنا بغلاة السلفية في عصره، وقد توسع الخطيب البغدادي في تاريخه وعبد الله بن أحمد في السنة في استعراض أقوال هؤلاء الذامين لأبي حنيفة.

عندما تجد أشهر أسانيد أهل الحديث من الصحابي إلى المؤلف لهم مكانة كبيرة عند السلطة، أليس هذا غريباً؟ لا سيما وفي معاصريهم من هو أوثق وأجل؟!

الباحثون الغربيون يراقبون هذا الشيء، ويراقبه المعتزلة قديماً، ولكن لا يراه أهل الحديث، لأنهم داخل هذا الرضا السياسي، ومن كان داخل شيء لم يره!

أنس بن مالك

لو ذهبنا للمكثر الرابع وهو أنس بن مالك فهو كان مقرباً من الحجاج ومن الحكم بن أيوب الثقفي نائب الحجاج على البصرة، وعمل لزياد بن أبيه.. صحيح أنه في آخر عمره تاب من بعض هذا وشهد عليهم -كما في صحيح البخاري - بأنه لا يعهد شيئاً كان على عهد رسول الله إلا (لا إله إلا الله) فقط!.. لكنه لم يقم بهذه الشهادة يوم سأله يزيد بن نعام الضبي - وهو صحابي - عن مواقيت الصلاة، فلم يستطيع أن يجيبه، لأن بني أمية كانوا يعبثون بالأوقات.

ثم راوية أنس هو قتادة بن دعامة السدوسي جليس وصاحب بلال بن أبي بردة والي البصرة الفاسد الذي قال فيه عمر بن عبد العزيز (كان خبثاً كله)!

ابن عباس

وأما المكثر الخامس فهو ابن عباس، وسبب شهرته هي الدولة العباسية، ولا نتهمه - كما لا نتهم غيره - وإنما كان صغيراً يوم مات النبي. ثم المكثر عنه عكرمة مولاه، وكان متهماً، وكان ناصبياً أيضاً، وكان على رأي الصفرية من الخوارج، والعباسيون لا يعادون الخوارج لأنهم انتهوا.

ورواية عكرمة هو أيوب السختياني. رجل سلطة ، كان رابع أربعة في عصره مع ( يونس بن عبيد وابن عون ويزيد بن زريع)، كانوا يهددون شعبة بالسلطة.

 

الخلاصة :

 أن الطرق لأصحاب الألوف من الصحابة كانت محل رضا سياسي، إما للدولة ألأموية أو العباسية، وقد كان من أقرانهم من هو أجل وأعلم.

طبعاً نكرر ونقول: هذا في الجملة.. وإلا فقد اشتهر نسبياً بعض المعارضين لتوفر ظروف اجتماعية، فلم تستطع السلطة تقزيم كل مسخوط عليه.

وخلاصة أخرى أن أهل الحديث لم يكونوا في مستوى كبير من الأمانة - كما يقال - وأنهم نقلوا كل السنة .. هذا غير صحيح، هم نتيجة سياسية في الجملة. ولو استعرضنا منهج مالك في الموطأ (في القرن الثاني) أو أحمد في المسند (في القرن الثالث)، وهما قبل الكتب الستة، لوجدنا خللاً كبيراً.

والمؤثرات السياسية لم نستعرضها بالنفصيل، وإنما أشرنا إشارات عامة، لأن الموضوع كبير جداً ويحتاج إلى إقناع مكثف، ولو فصلنا في كل مسألة لمللتم.

المشكلة في أهل الحديث قديمأً وحديثاً أنهم يرون أنهم قد نقلوا كل السنة وبأمانة! وأنهم حماة السنة ورعاتها ونقلتها، وهذا ثناء مبالغ فيه جداً، فهم تركوا أحاديث كثير من الثقات لموقف مذهبي أو خصومي، كما رووا عن كثير ممن يعرفون أنهم ضعفاء، بل عن من يعترف بأنه يكذب لنفس الموقف.

وهذا - كما قلت - من حيث الجملة، قد يروون عن المخالف مذهبياً أو سياسيا،ً لكنه قليل، وقد يردون حديث الموافق مذهبياً أو سياسياً، لكنه قليل، وقد ذكرنا لكم سابقا كيف ترك بعض كبار أهل الحديث حديث أبي حنيفة وتلامذته وكل أهل الرأي، وترك بعض كبارهم حديث البخاري نفسه!.. وبعضهم ترك حديث الشيعة والمعتزلة وتشدد في تضعيفهم، وبعضهم – كالذهلي - ترك حديث الثقة لأنه لم يقم له عند دخوله المجلس.. وهكذا..

ولذلك سنتوقف هنا لعلنا مستقبلاً نقيس شيئاً من هذا التضخيم لأهل الحديث وأمانتهم، وقد تتفاجؤون جداً..

 والله يستر!

(حدثوا الناس بما يعرفون)! 

للانتقال الى الجزء السابع (ماذا ضاع من السنة؟) هنا.

حسن فرحان المالكي- علم الحديث الجزء الخامس(تأثير اليهودي)

أهل الحديث - كما كررنا - ورثوا الثقافة ألأموية التي كان لأهل الكتاب فيها صولة كبيرة في تشكيل الثقافة.. وثقافة أهل الكتاب تجدونها عندهم في موضوعات أربع:

1- تشبيه الله أو تسخيف الذات الإلهية.

2- الجبر.

3- الإرجاء.

4- تفصيلات قصص الأنبياء والقيامة.

والتأثر مبكر من ايام الصحابة، وهذا لم يراقبه أهل الحديث، لأنهم اخترعوا قاعدة تضخيم الصحابة ورواياتهم، مع أن بعض المكثرين تأثروا بهم كثيراً، والتأثر بأهل الكتاب هو نتيجة لاستخفافهم بالتحذير الألهي، والاستخفاف بتحذير الله يوجب الوقوع في المحظور قطعاً، فالله حذر منهم كما في الآية:

 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ)

والتحذير من أهل الكتاب وثقافتهم وتشكيكهم في القرآن كثير جداً.. وخاصة في السور المدنية. وكثرة التحذير فيه دليل على أن الصحابة لم يستجيبوا، لأن التحذير تكرر من أول السور نزولاً بالمدينة (سورة البقرة) إلى آخر سورة (المائدة)، فلذلك انتقلت كثير من عقائدهم، بل وفقههم إلى المسلمين.

الذي يقرأ القرآن يجد أن جمهرة من الصحابة - ليست بالقليلة - كانت تصدق أهل الكتاب وتأخذ عنهم وتتعلم منهم، وكأنهم مرجعية أقوى من مرجعية النبي نفسه،فالبلاء قديم، والتأثير قوي جداً، وليس في القصص الإسرائيلية - كما يتوقع أقوى المحققين – كلا.. ألأثر أكبر بكثير، لدرجة الشك في النبوة والتردد والكفر.

وكان كثير من الصحابة على الأقل يحبون أهل الكتاب وينخدعون بهم رغم كل التحذيرات القرآنية، كأن الشك قد قدح فيهم بأن أهل الكتاب أصدق، ولذلك نجد التاريخ القرآني يختلف عن تاريخ المغاوي والسير، مثل قوله تعالى

(هَا أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (119)) [آل عمران]

هذه الايات وأمثالها تنقل (تاريخاً) لا يصدقه أغلب الناس إلى اليوم، فهم لا يصدقون أن الصحابة يحبون أهل الكتاب والكفار! وهذا تكذيب مباشر! تكذيب بعض الصحابة للتحذير القرآني من أهل الكتاي ساعة نزول الآيات ليس بأغرب من هذا التكذيب المباشر للقرآن الكريم من الناس اليوم، فالآن لو سألت أي شخص: هل كان الصحابة يحبون أهل الكتاب والكفار لقال لا!

 إذاً ماذا تفعل بقوله (ها أنتم تحبونهم ولا يحبونكم)؟!

هل الله صادق؟!

نحن لا نقول إن (كل الصحابة) كانت تنطبق عليهم الآية، لكن - على الأقل - جماعة منهم ليست بالقليلة، قد يكونون أغلبية أو النصف أو أقل بقليل.

لا يطمع المسلمون بفهم تراثهم وتاريخهم حتى يصدقوا القرآن الكريم، لا يمكن أن تكون مسلماً صادقاً حتى يكون الله عندك أصدق من عروة بن الزبير. مستحيل أن تعلم العلم حتى تصدق القرآن أكثر مما رواه أهل المغازي والسير، هذا شرط سهل وصعب في الوقت نفسه! لأن ما ترسخ في العقول أقوى من القرآن، ما ترسخ في العقول أن أهل الكتاب فئات منفصلة لا أثر لهم إلا في القصص، وأن الصحابة لم يتأثروا بهم ولا التابعون ولا أهل الحديث.. هذا وهم كبير.

هذا الوهم أقوى في نفوسهم من الآيات القرآنية، مثل (ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم)، هذه اعطوني من يصدق بها! جرب تصدق بها! حتى تتعلم! وهو نقل قرآني لواقع الصحابة، لكن عقيدة أهل الحديث تمنع من تصديق الآية.

إذاً.. فلا تعاتبوا الصحابة على حب الذين كفروا أو أهل الكتاب مادام أنكم لا تصدقون بما نقله الله من وقائع.. ومن أصدق من الله قيلاً؟

الشيطان يوهمكم - كما أوهم بعض الصحابة - بأنكم تؤمنون بالكتاب كله! والواقع أنكم تؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض! وتحسبون أنكم مهتدون!

كما قلت لكم سابقا..ً الشيطان يريدك أن تدخل النار وأنت مطمئن جداً، لا يريدك أن تشك - ولو للحظة - في إيمانك.. حتى تستمر في كفرك! فانتبه.. تفقد نفسك!

إذاً فلا تظنوا أن تصديق الله أمر سهل، هو يحتاج إلى نسف كثير من العقائد التي في رأسك، فابتلاؤك وابتلاء كفار قريش واحد! فلماذا تضحك من كفرهم؟!

أنت تقول في نفسك (لو أدركت رسول الله لصدقته ونصرته)، وأنت اليوم تكفر بنصف القرآان بالعلة نفسها التي كفر بها كفار قريش.. رأي الآباء والسلف!.. وسبب الكفر بالآيات التي تصف الواقع (الصحابي) في العهد النبوي هو اختراع تلك العقيدة المذهبية (الصحابة كلهم عدول صالحين مؤمنين ..الخ)، لذلك لو تحصي الآيات التي تعارض هذه القاعدة معارضة تامة لوجدت مئات الآيات، وهذه المئات - أنت من الداخل - لا تصدق بها لماذا؟ للمذهب فقط! فقط!

إذاً فلا تضحك بعد اليوم من كفرقريش أو اليهود، فأنت تشاركهم في الكفر ببعض الكتاب - على الأقل - من أجل قاعدة وضعها أحمد بن حنبل وأهل الحديث!.. يأبى الفكر المتكلس إلا أن يضرب القرآن بعضه ببعض، فيصدق المخصص ويعممه، ويكفر بالنقل التاريخي كفراً صريحاً، لكن بلا نطق.. كفر قلبي فقط!

نعم هم يكفرؤون من الداخل، بالقلب فقط، وكأن الله لا يعلم ما تخفي الصدور! وهذا كفر آخر! فالكفر يجر بعضه بعضاً، والشيطان يزينه في القلوب.

للشيطان طريقته في تزيين الكفر حتى يكون أحلى من الإيم،ان والسلفية يمكن اختبارها في آيات، مثل: (تحبونهم ولا يحبونكم) و (تسرون إليهم بالمودة)!..هذه ألايات وأمثالها يكفر بها غلاة السلفية وأهل الحديث، ويضربونها بآيات أخرى في الثناء على المهاجرين والأنصار، وكأن القرآن يكذب بعضه بعضاً!

وهذا كله من التكبر – بالمذهب - عن فهم النص القرآني، فاللفظة القرآنية لها عمق أكبر بكثير من السطحية المذهبية، فالمهاجر مثلاً ليس معناه المنتقل من مكة للمدينة فقط! أعني ذلك الانتقال الجسدي، وإنما للهجرة قيود قرآنية، وللنصرة أيضاً، لكنهم صم بكم عميكل عمق قرآني لا يراقبونه، أو يصدهم الشيطان عنه، لأن الشيطان يريدك أن تضرب القرآن بعضه ببعض، وتكفر ببعضه، هذا هدف شيطاني، وهو كافٍ لدخول لجهنم.

نرجع إلى أثر أهل الكتاب، أهل الكتاب أثرهم قوي - من ايام العهد النبوي نفسه - يدل على ذلك القرآن الكريم، وقد فصلنا ذلك في برنامج سيرة النبي .

عقيدة أهل الحديث - فيما يتعلق بالله - معظمه من عقائد أهل الكتاب، رواها بعضهم في شكل أحاديث، ولا تصح، والموضوع طويل جداً، ومكابراتهم وجدلهم كثير،ومن نماذج ذلك حديث الشاب الأمرد وحديث الصورة (خلق الله آدم على صورة الرحمن) وأحاديث النزول والانتقال والحركة والأطيط والإقعاد والتغير.. الخ، ولكن مثل هذه العقائد (التي هي من عقائد أهل الحديث المنقولة عن أهل الكتاب) لا يبينوها لجمهورهم، وهم يتكتمون عليها ويؤمنون بها سراً.

فهل كان بعض الصحابة يأخذ عن أهل الكتاب؟

 وهل كان الناس يخلطون فيجعلون أحاديثه عن أهل الكتاب أحاديث عن النبي نفسه؟

 الجواب: نعم، والدليل يأتي:

سير أعلام النبلاء – [ج 2 / 606] (قال بسر بن سعيد: اتقوا الله، وتحفظوا من الحديث ; فوالله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة; فيحدث عن رسول الله ، ويحدثنا عن كعب، ثم يقوم ; فأسمع بعض من كان معنا يجعل حديث رسول الله عن كعب ويجعل حديث كعب عن رسول الله)! اهـ

والحديث عند ابن كثير " البداية " [8 / 109] من طريق الإمام مسلم عن الدارمي عن مروان بن محمد الدمشقي عن الليث بن سعد،عن بكير بن الاشج عن بسر، وهذا السند صحيح عند أهل الحديث. إذاً فهذا الخلط مزدوج فأبو هريرة يتلقى عن أهل الكتاب (كعب الأحبار)، وهم عندما يروونه عنه يجعلونه عن النبي، ولذلك كثرت في أحاديث أبي هريرة تلك الأحاديث المنكرة في التجسيم والتشبيه وقصص الأنبياء ( كضرب موسى لعين ملك الموت) وغير ذلك كثير جداً، فالواجب الشرعي هو التريث أكثر في أحاديث أبي هريرة (وهو اشهر رواة الصحابة)، وخاصة في مثل هذه المسائل التي هي محل إنكار وخصومات مذهبية.

فالعقائد الكبرى يتم أخذها من القرآن الكريم، ويكفي لو أحطنا بالأسماء الحسنى في القرآن الكريم مع ما ذكره الله عن نفسه من أفعال وخلق وتقدير.

ومن نماذج أحاديث أبي هريرة المنكرة - التي وردت في الصحيحين - حديث تغير صورة الله يوم القيامة، فكل مرة يأتي الناس في صورة مختلفة، وهذا منكر.ولفظه في مسلم ( فيأتيهم الله تبارك وتعالى في صورة غير صورته التي يعرفون فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك) والسؤال: هل كانوا يعرفونه؟ أعني هل كان المسلمون يعرفون لله صورة حتى يأتيهم في صورته التي ينكرون ثم يأتيهم في صورته التي يعرفون؟

هذه أحاديث كعب الأحبار.

ومن نماذج أحاديث أبي هريرة الكتابية التي نسبت ظلماً إلى النبي (صحيح البخاري - (ج 3 / ص 1245)( لولا بني إسرائيل لم يخنز اللحم) اي لم يفسد، وعلم الآثار اليوم يستطيع إثبات أن فساد اللحم موجود قبل بني إسرائيل، وهو تحلل كيميائي من طبيعة المواد الرطبة - كاللحم وغيره - فلماذا هذا الكلام؟!

والآخذون عن أهل الكتاب - من الصحابة - وأشهرهم أبو هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص، وكان لكعب الأحبار صولة كبيرة في دولة عثمان.

            

الخلاصه:

والخلاصة هنا يجب أن نعود إلى القرآن الكريم في التحذير من تأثير أهل الكتاب، لنعلم أن هذا التحذير لم يكن عبثاً، فالأثر واضح إلى اليوم.، ثم نبحث عن هؤلاء من اسلم منهم ومن لم يسلم، ونعرف ثقافتهم عن الله واليوم الآخر وقصص الأنبياء، ونقيمها بالقرآن، وننظر أشباهها من الحديث.

وممن ينقل عن أهل الكتاب - وكان لهم أثر في المدينة - أنس بن مالك رحمه الله، فقد رووا عنه أشياء توجب التجسيم والتشبيه، فالمسؤول هو أو الرواة. ومن ذلك ما رواه قتادة عن أنس في قصة الشفاعة في صحيح البخاري [ج 6/ 2708] (فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه فإذا رأيته وقعت ساجدا)!

وهذا تجسيم واضح، لأن الحديث يصور الله مثل السلاطين، معه دار يسكن فيه، تعالى الله عن ذلك، والمسؤول عنه أنس أو قتادة أو أحد الرواة.

وهذه الأحاديث الكتابية شكلت ثقافة كثير من الصحابة والتابعين بدعم من الدولة ألأموية، خاصة التي كانت تفضل ثقافة اليهود وتحبها.. وإذا كان بعض الصحابة على الأقل (يحبون اليهود والذين كفروا)، هذاوالقرآن ينزل وينهى (وبشهادة القرآن الكريم نفسه) - كما سبق- فكيف ببني أمية؟!

فتأثير أهل الكتاب كبير جداً، وهو أكثر مما تتصورون، أهل الحديث هم الذين قللوا من أثر أهل الكتاب، أما القرآن فيعظم من خطرهم وتأثيرهم.

 

تدبر الايه (10) من سورة [ألفتح]

(إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ((10 )

من جنون الغلاة أنهم يعاندون فيقولون: من بايع فليس من المحتمل أن ينكث أبداً.. ومن أسلم من الصحابة فلن يرتد ولن ينافق ولن يفسق .. الخ

الآن لا تحولوا الموضوع للصحابة..

السؤال ألأوّل: هل لله أكثر من صورة كما ذكر البخاري ومسلم من رواية أبي هريرة أم لا؟

أجيبوا ثم ننظر..

سؤال ثاني: هل كان بعض الصحابة كأبي هريرة يتلقى بعض العلم عن كعب الأحبار أم لا؟

هل عبد الله بن عمرو يحدث من كتب أهل الكتاب أم لا؟

 هل وهل ..

نحن - في علم الحديث - موضوع الصحابة موضوع منفصل، فقط أجيبوا على هذه الأحاديث التي رووها:

 هل لله دار يسكن فيها كما رووا عنه أنس؟


 أليس هذا تجسيم؟.

دائماً الغلاة يرفضون ماقشة الموضوع ويعيدونه للصحابة، لأن هذا موضوع الشيطان الأكبر في العداوة والبغضاء، يصدهم به عن القرآن وكل معرفة.

صحيح مسلم من حديث أبي هريرة – [ج 1 / ص 163] ((يأتيهم الله تبارك وتعالى في صورة غير صورته التي يعرفون))!

ما جوايكم هنا؟!

متى رأوا الله جهرة - كطلب بني إسرائيل - حتى يحددوا صورته التي يعرفون والتي لا يعرفون؟

متى؟

صفوها لنا إذن؟!

 

هذه عقائد اليهود لا المسلمين.

الوليد بن متعب الرويسان- المشتري مجوف من الداخل

ناسا تقطع تجارب "هابل" لتصوير تجويف "غامض" على المشتري


 التجويف كما ظهر في صورة ''هابل''





ماريلاند، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- قام علماء وكالة الفضاء الأمريكية بخطوة غير مسبوقة الجمعة، حيث علقوا اختبارات كانوا يجرونها على تلسكوب "هابل" الفضائي لتوجيه كاميراته نحو كوكب المشتري، لتصوير تجويف حديث تكّون على سطحه لأسباب غامضة.

وتعد الصورة أول وأوضح ما يلتقطه التلسكوب بعد عملية تصليحه وتطويره في مايو/أيار الماضي، وهي أفضل ما يمتلكه العلماء اليوم حول التجويف الغامض .

يشار إلى أن الرصد الأول للتجويف جرى الاثنين من قبل مرصد استرالي لاحظ وجود بقعة داكنة غير مألوفة على الكوكب، وقد توجهت معظم المراصد الأرضية نحو المشتري لدراسة الظاهرة، غير أن فرص "هابل" لالتقاط صور واضحة أكبر بكثير من فرص مراكز الفلك الأرضية بسبب وجوده خارج الغلاف الجوي.


هل هي أحد المنافذ التي تؤدي الى جوف كوكب المشتري ؟؟

ويعادل قطر التجويف الظاهر على سطح المشتري قطر كوكب الأرض نفسه،؟؟؟ 
ويقع التجويف الجديد قرب القطب الجنوبي للكوكب.


يشار إلى أن تلسكوب هابل موجود في الفضاء منذ عام 1990، وقد أدت عملية التطوير الأخيرة التي خضع لها إلى إضافة 14 جهازاً علمياً متطوراً.

العلماء يستنتجون علميا أن جميع الكواكب مجوفة من الداخل بما فيها القمر وكما يدخل بمسما علم الفضاء (( بالكواكب الغازية )) اي التي يكون كل
جوفها عاز أي هواء وهى الكواكب التى تتكون من الغازات وخصوصا غازى الهيدروجين و الهيليوم، مثل المشترى وزحل وأورانوس ونبتون اي انها مجوفة علميا . 

تكوين الكواكب

والنظرية الشائعة هي أن تلك الكواكب قد نتجت من كوكب غازي أولي مجوف تقلص وأنكمش الى مركزه فأصبح كوكب صخري فالكواكب نوعان اما كوكب صخري كان فيما سبق كوكب غازي وتحول الى كوكب صخري بعد أنكماشه الى مركزه وتقلصه وأما كوكب غازي مجوف له سطح شبه صلب في طور التطور ليصبح كوكب صخري وغالبا ما تتسم هذه الكواكب الغازية بالضخامه الشاسعه فالكواكب الصخرية كانت كواكب غازية مجوفة في طورها الأول ثم أصبحت كواكب صخرية مجوفة ذات لب او نجم منير بمركز الكوكب يساهم في بناء الكوكب الغازي وأنكماشة الى مركزه لبناء الكوكب الغازي ليصبح صخري صلب .

كذالك هنالك مفهوم بعلم الكون والفضاء يسمى بمفوم (( الكواكب الداخلية الناشيئة من بناء الكوكب الغازي )) وسميت كواكب داخلية لكونها تتواجد داخل أحزمه الكويكبات الغازية المغناطيسية فتسير على هذه الأحزمة وتتراكم الأتربة والصخور والنيازك الطيارة فتسير على هذا المدار فحين أنكماش الكوكب الى مركزه تتجمد هذه الاتربة في مجالات الأحزمه المغناطيسية الداخلية في جوف الكوكب
فتصبح كواكب داخلية عن انهيار السديم الغازي إلى قرص رفيع يتكون من الغاز والغبار والصخور . وتفترض تلك النظرية أن ذلك السديم كان مُكوَّنًا من نجمو أولى مركزي مضي في مركز الكوكب جاذب للأتربه والصخور والكويكبات الصغيرة الى مجال أحزمته المغناطيسية التي تحيط النجم المركزي بفقاعات ضخمه مغناطيسية تعد كواكب أولولية دواره غازية تحيط هذا النجم المركزي . من خلال تراكم جزيئات الغبار في الكوكب الداخلية تتراكم باطراد لتشكيل كتلة أكبر من أي وقت مضى من الهيئات الكوكبيه الغازية بداخل بعضها البعض . وتراكمت العديد من جزيئات الغبار في مسار هذه الأحزمة المغانطيسية مكوَّنة أجرامًا سماوية هائلة الحجم . وعلى أثر التركيزات الموضعية على مر الالف السنين تكونت كتلٌ تُعرف باسم " الكواكب الجنينية " ، وقد ساعدت تلك الكواكب متناهية الصغر في تسارع عملية التراكم عبر جذب العديد من المواد الأخرى الى الجاذبية المركزية الناتجة عن الدوران. وقد تزايدت كثافة تلك التركيزات إلى أن انفجرت من داخلها بفعل الجاذبية مكوِّنة تلك الكواكب الاولية الغازية يبدأ في تجميع غلاف جوي ممتد؛ مما يؤدي إلى تعاظم قدرته وقوه ضغطه وانكماشه الى مركزه ( النجم المضيء ) فيسبب على جذب الكواكب الجنينية بواسطة قوة الضغط والاعاقة للغلاف الجوي والضغط والانكماش الى المركز فيتم أكتمال بناء هذه الكواكب الداخلية في جوف هذا الكوكب الغازي في نهاية المراحل في بنيه الكوكب حيث تتصلب الأحزمة المغناطيسية المنبعثة من مركز الكوكب الى ان تتحول وتتطورالكواكب الداخلية الغازية الى كواكب صخرية 
انطباع فنان عن قرص من الكواكب الأولية

وسوف تنمو تلك الأجرام إلى أن تتمكن من جذب العديد من الأجسام التي تدور في فلكها حتى تصل إلى صورتها النهائية ككواكب مكتملة صخريه . وفي هذه الأثناء، يمكن أن تصبح هذه الكاوكب الصخيرة مجوفة من الداخل مع وجود شمس مركزية بجوف الكوكب أو شموس الكواكب الأولية التي لم تنفجر إلى أقمار تابعة لكواكب أخرى عبر الجاذبية المركزية أو تستمر في الدوران في أحزمة أجرام أخرى إلى أن تصل إلى شكلها النهائي ككواكب قزمة أو مجرد اجرام صغيرة تابعه فيصبح هنالك فضائات وتجويف في جوف كل كوكب من كواكب المجموعة الشمسية وتفقد المجموعات الكوكبية الأخرى حالتها الغازية وتتحول الى حالتها الصخرية مع مرور بالزمن في طور بناء الكواكب . 


تكون الكواكب الغازية غالبا عملاقة فى حجمها في بدايه بداية نموها ...فهى تتطلب قدر هائل من الغاز تتشبث به جاذبية الكوكب والأتربه فيتكون به سطحها العظيم الذي يقدر سمكه بمئات الاميال حتى لا يتسرب للفضاء الخارجى فتكون غازية من الداخل مجوفه وفى نفس الوقت جاذبية وكتلة سحب الهيدروجين والهليوم لا يسمح بحدوث تفاعل نووى للكوكب الغازى...وهذا جوهر الإختلاف بينه وبين النجم .


ويعد كوكب المشتــــــــــــري خامس الكواكب قرباً من الشمس وأكبرها حجما ، وهو أكبر كتلة من سائر كواكب المجموعة الشمسية وأقمارها مجتمعة، وله 63 قمرا مجوفا ولتقريب ذلك فإننا نحتاج الى 1,300 كرة أرضيه لملئه من الداخل، وهو عبارة عن كرة غازية ذات سطح صلب في بدايه تكوينه ويكاد يكون نجماً لو كان ذا كتلة أكبر، فهو يشبه النجوم بسبب تكونه من عنصرين أساسيين هما الهيدروجين والهليوم وهو من الكوكاب المنكمشة داخل نفسها من سبب الحراره والضغط بجوفه يؤدي الى انكماشه داخل نفسه، وبمعنى آخر فإنه يصغر وينضغط داخل نفسه فتصبح كتلتك أكبر بحيث يتكون في نهايه بنائة الى كوكب مجوف عظييم .وفي باطن المشتري شمس او نجم شديد الحرارة تبلغ حرارته حوالي 30,000 درجة مئوية، وتنخفض هذه الحرارة تدريجياً باتجاه السطح حتى تصل إلى 125 درجة تحت الصفر في أعلى السحب، وتعني حقيقة انضغاطه إلى الداخل أنه لا يزال في مرحلة التشكيل.


والمجال المغناطيسي للمشتري هو الأكبر من نوعه في المجموعة الشمسية وهو أقوى من المجال الأرضي بأضعاف، والغريب أنه تقريباً لا يحتوي على معادن مغناطيسية في باطنه، ويعتقد العلماء أن المجال المغناطيسي تكون نتيجة أن الطبقات السائلة في باطنه فلزية، ومع وجود حركة في باطن المشتري تنتقل الحرارة من خلالها إلى الخارج مكونة مجالاً مغناطيسياً في أقطابه .

كذالك هي حاله الكواكب الغازية العملاقة الأخرى في بدايه تكونها لتصبح مثل الكواكب الصخرية فيما بعد مجوفة من الداخل كزحل ونيبتون وبرانوس وبلوتو وكافة الأقمار التي تدرو حولها


رغما أنه لا وجود لاهتمام المنهج العلمي الرسمي لفكرة الأرض المجوفة مع كل هذه الأثباتات المؤكدة لتجويف كوكب الأرض , لكن يبدو انه أصبح هنالك القليل من الأهتمام بفرضية الأقمار المجوفة , في العام 1959 , جادل العالم الروسي " لوسيف شخلوسكي – loisf shklovsky " بأن درجة تسارع القمر " فوبوس " ( احد أقمار المريخ ) كبيرة جدا بحيث لابد من أن يكون مجوف , ذالك حسب ما خرج به نتيجة حساب قوة الشد مع الكتلة , وقد خرج باستنتاجات علمية مثيرة تقول بان هذا القمر مجوف .


مما تؤكد ظاهرة الزلازل على تجويف الأرض .

وذكر في كتاب "علم التنجيم : علوم الفضاء السن"، لكاتبهGoodavage جوزيفأن كوكب الأرض مجوف وأكد هذا الرنين والتردتات الزازالية التي سجلتها أجهزة رصد الزلازل في عام 1960 ، لزلزال التشيلي 22 أيار / مايو حيث كان أكبر وأعنف زلزال سجل في السجلات الرسمية في العالم وذكرت الكاتبة Goodavage : ما جاء في المؤتمر العالمي لزلزال 1961 ، الذي عقد في هلسنكي ، فنلندا. أن صدمة الزلزال كانت شديدة لدرجة أن (( كوكب الأرض أصبح له ترددات مثل ترددات رنين أزيز الجرس )) ..؟؟ حتى أز كوكب الارض مثل الجرس وواصل الرنين لفترة طويلة من الوقت في سلسلة منتظمة من نبضات بطيئة سجلتها محطات رصد الزلازل في أماكن مختلفة من الأرض . وأشار أيضا إلى أن كوكب الأرض رن مرة أخرى نتيجة للزلزال الاسكا ، مرسى من 27 مارس 1964. كما أن العلماء أدركوا أن للقمر ترددات مثل ترددات الأرض مما يشير أنه(( مجوف مثله)) وجميع كواكب المنظومة الشمسية ربما تكون مجوفة .

مما يتيح أحتماليه تجويف كوكب الأرض علميا ووجود حياة أخرى موازية في جوف الأرض لا نعلم عنها شيء 

الاثنين، 4 أغسطس 2014

حسن فرحان المالكي-علم الحديث الجزء الرابع(الأثر السياسي)

تركيزا على أبي هريرة لأنه أكثر من روي عنه الحديث، ولابد من تقييم عادل له، وفق أقواله نفسه ثم الصحابة،وسيأتي بعد ذلك تقييم الرواة عنه - أو اشهر راويين عنه - وهما أبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو صالح، ثم تقييم أشهر الرواة عن الرواة، كالزهري ثم تلامذته،وليس الهدف من هذا التقييم إنكار الحديث ولا تصحيحه، الهدف هو وضع أكثر الحديث في موضوعه الطبيعي (دائرة الشك)، وألا يحكم على القرآن ولا العقل،لأن الحديث أصبح فتنة للمتمذهبين، يردون به القرآن والسنة ألأصح والعقل والتاريخ المتواتر.. الخ، الحديث فتنتهم، فلابد من مناقشة حملته بعلم وإنصاف.

الحديث استخدمته السلطة وعلماؤها، واستحدمه الشيطان نفسه، فلابد من تقليل الغلو فيه ليرجع الاعتبار للقرآن الكريم الذي ضاع وسط هذه ألأحاديث.

شخصياً ليس لي موقف حاد، لا من أبي هريرة ولا غيره من المكثرين، إنما أريد أن نناقش كل طريق من الطرق المكثرة من الحديث، ونقيم المتون والأشخاص،وفي الجزء الثالث من علم الحديث استعرضنا أقوالاً لأبي هريرة وللصحابة أنفسهم في موقفهم من حديث أبي هريرة، ونرى أنه لا يجوز أغفال تلك ألأقوال، وذكرت أنني لست مع رد أحاديث أبي هريرة عنادا، ولا قبولها تعصبا، أنا مع التريث وتقييمها وعرضها على القرآن وقواطع الإسلام والأحاديث الأصح منها.

أبو هريرة والسياسة...

وفي هذه الحلقات نستعرض موقف أبي هريرة من السياسات القائمة، وهل لها أثر عليه أم لا؟ لن أتحدث كما يتحدث غيري..

بمعنى.. لن أتحدث كأبي رية السني الأزهري، ولا كشرف الدين الموسوي الشيعي، اللذين يتهمان أبا هريرة بالوقوف مع معاوية للدنيا، لي كلام آخر أدق..الكلام الأدق إما من قول أبي هريرة أو من أقوال اقرب الناس إليه - في موقفه السياسي - وهل يتأثر بالسياسة أم لا؟

والحديث الأول من صحيح البخاري

أبو هريرة - رحمه الله وسامحه - كان يكتم بعض العلم مخافة معاوية الذي من المحتمل أن يقتله إن حدث ببعض فضائح بني أمية أو ببعض فضائل خصومهم،ففي البخاري [ج 1 / 56] (عن أبي هريرة - مختصراً- قال: حفظت من رسول الله وعاءين فأما أحدهما فبثثته وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم!) .

فأبو هريرة هنا - وفق صحيح البخاري - يعترف أنه يضطر لكتمان بعض العلم، فلذلك إذا لم نجد في أحاديثه بعض أحاديث المثالب فلا نستغرب، والذي يخشاه أبو هريرة ليس الخلفاء الأربعة، لأنهم لم يكونوا يقتلون على نشر الحديث، وإنما هو معاوية فقط، لأن أبا هريرة مات سنة 57 هـ، فليس بعده.

الذي يخشى أبو هريرة من إقدامه على قطع رأس أبي هريرة هو معاوية فقط! فلذلك كتم ألأحاديث التي في مثالب معاوية وبني أمية.. ونجا من القتل!

بل حتى الأحاديث التي ليست بالضرورة في مثالب معاوية - خاصة كالأحاديث المخففة من طاعة الظالم في المعصية - كانت محاربة من دولة معاوية، وأمثلة ذلك كثيرة، مثل أمره عمرو بن العاص أن يمنع ابنه عبد الله بن عمرو من التحديث بحديث الفئة الباغية بقوله (لا تغني عنا مجنونك يا عمرو)، إذاً فأبو هريرة كان يخشى القتل إذا حدث بمثل هذه الأحاديث التي تضر السلطة (سلطة معاوية فقط)، ولكن هل كان يجد من معاوية ثمناً لهذا السكوت؟

الجواب: للأسف نعم.. فقد روى الإمام أحمد بسنده الصحيح إلى سعيد بن المسيب قوله (كان أبو هريرة إذا أعطاه معاوية، سكت، فإذا أمسك عنه، تكلم)، وسعيد بن المسيب ثقة وهو صهر أبي هريرة (زوج ابنته وهو أعلم بما داخل البيت)، والخبر في سير أعلام النبلاء والبداية والنهاية لابن كثير.

نقل الذهبي - سير أعلام النبلاء [ج 2 / 615] (يحيى بن سعيد، عن ابن المسيب، قال: كان أبو هريرة إذا أعطاه معاوية، سكت، فإذا أمسك عنه، تكلم)!

وهذا نقل ابن كثير في البداية والنهاية – [ج 8 / ص 122] (قال الامام أحمد: حدثنا عبد الاعلى بن عبد الجبار، ثنا حماد بن سلمة، عن يحيى بن سعيد (عن) ابن المسيب (كان معاوية إذا أعطى أبا هريرة سكت، وإذا أمسك عنه تكلم)

والذهبي وابن كثير سلفيان حنبليان في العقيدة شافعيان في الفروع.

فأبو هريرة رحمه وسامحه يمسك عن بعض العلم خوفاً ويمسك عنه طمعاً أيضاً.. إذاً فالرجل يتأثر بالسياسة، وهذا الأثر السياسي موجود على من دونه، وعلى هذا فأهل الحديث عندما يظهرون بأن الصحابة والتابعين وأهل الحديث لا يتأثرون بالسلطة ولا يخافون لومة لائم، هذا كله غير صحيح على إطلاقه، هم مثل علماء ودعاة اليوم... يتأثرون بالسلطة السياسية والمذهبية، خوفاً وطمعاً، رغبة ورهبة .. فيجب مراقبة الأثر السياسي والمذهبي.

ثم سلفية اليوم يزايدون على الإمام أحمد والذهبي وابن كثير! وقد يضطرون لتكذيب أحمد بن حنبل - مع أنه لم ينفرد بالخبر - ففي الثقات للعجلي - [ج 1 / 405] (حدثنا العلاء ثنا حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال كان أبو هريرة إذا أعطاه معاوية سكت وإذا أمسك عنه تكلم )!

فهذا العجلي يتابع الإمام أحمد بالسند نفسه في أن أبا هريرة كان (لأجل المال) يسكت عن بعض العلم، ومعاوية خبير في اشتراء الذمم.

لابد أن تتتبع المكثرين من الحديث وتنظر أحوالهم ومدى تأثرهم بالسلطة وركونهم إلى الظالمين، فلهذا أثر على الرواية بتراً وزيادة وانتقاء.. الخ، كما قال أبو جعفر المنصور : ( نثرت الحب للعلماء فكلهم لقطوا إلا عمرو بن عبيد ومعاذ بن معاذ، ثم إن معاذ بن معاذ ثنى جناحه فلقط ) !

وعلى هذا يمكن أن نفهم الأحاديث التي رواها أبو هريرة في فضل أهل البيت أو ذم بني أمية، فيحتمل أنه تكلم بها في فترة تأخر المال من معاوية.

 

خلاصة الأمر:

1- الخلاصه في الأجزاء الأربعة التي نشرتها هنا عن علم الحديث أن علم الحديث أضعف مما تتصورون، فلا تهابونه وتردون به القرآن الكريم..

2- لا تتهيبوا علم الحديث وما يسمى الجرح والتعديل - وكأنهم علماء ذرة - كلا كلا.. هم مثل مشايخ اليوم في الأثر والتأثر والإخفاء والنشر .. فلا تهابوهم، وقد ذكرت نماذج يسيرة صحيحة اعترفوا بها أهل الحديث أنفسهم ورووها هم وصححوها هم عن أبي هريرة .. ولم أتوسع فيها لأن القصد هو التنبيه فقط.

3- علم الحديث علم بشري، لا تجعلوه شرعاً، لا تعاندوا به قرآناً ولا عقلاً ولا علماً طبيعياً، هو أقل من هذا كله.. و99% منه ظني لا يفيد العلم.

4- أقبلوا على القرآن والكون والمنطق والفلسفة وسائر العلوم، قللوا من الانتفاخ بعلم الحديث، فمن علمه من الداخل عرف أنه أقل من هذا التعظيم..

5- لا يغركم ثناء أهل الحديث على أنفسهم بأنهم فعلوا وفعلوا ونقلوا لنا السنة وحفظوها من الضياع ولولاهم لضاع الدين كل هذا قيه صدق قليل وكذب كثير!

6- أهل الحديث لهم فضل بلا شك ورحلة في طلب الحديث وتدوين وجهد.. لكنهم أضاعوا من الدين أكثر ما حفظوا هذا القرآن برمته مهجور عندهم لا يعولون عليه، فأهل الحديث الذين ضخموا جهدهم ومنوا بهذا الجهد على الله ورسوله بأنهم لولاهم لضاع الدين وادنرس الإسلام كلام فارغ ممقوت فلا تصدقوهم.

7- أهل الحديث بهم تم هجر القرآن الكريم وبهم كان ذم العقل وبهم اسند علينا التفكر في الكون وبهم تم تدشين هذه الشحناء والبغضاء والتخلف، نعم لهم فضائل .. لكنهم أفسدوها بهذا الهجر للقرآن والتكفير وتشريع التقاتل والكراهية بين المسلمين والتبديع وملء القلوب أحقاداً والعقول بلادة.ولو ان كل محدث أخرج لنا تدبر آية واحدة من كتاب الله بدلاً من هذه المصنفات الموسوعية - التي ضررها أكثر من نفعها - لكان أفضل. لكن وقع ما وقع.

بقي عليك أنت ! أن تستفيد من تراثهم - وفيه بعض الحق - وتتجنب نفسياتهم وتعصبهم، ولا تجعلهم مشرعين بدلاً من الله ورسوله، ابقهم في حجمهم الطبيعي.

 

للجاهلون الشاتمون:

هؤلاء الشتامون والحاقدون عند كل معلومة تصدمهم, هم الذين ضعفوا البخاري وحاصروا الطبري وقتلوا النسائي وضربوا الحاكم ... وهم امتداد لبني أمية،لذلك عندما نذم بني أمية فنحن نعرف أنهم مازالوا أحياء بهؤلاء، لم يمت بنو أمية إلا بعد إرث عريض من العقول والقلوب والروايات والعقائد.. هم معنا، لذلك هم يتزاهدون عند ذم بني أمية بحكم، لأنهم قد أفضوا إلى ما قدموا! لكنهم بهذا مخادعون! لأنهم يذمون الجهم والجعد والمعتزلة، وقد أفضوا أيضاً!

بعض ذكاء هؤلاء في التلون عجيب!

وليس من عندهم، إنما من الشيطان نفسه، فتجدهم أزهد الناس عند ذم الظالمين، ومن أجرأ الناس على ذم الصالحين والعباد! يقولون: الله لم يسألنا ماذا عمل فلان وفلان ؟ لكنهم يوجبون عليك ذم الجهم بن صفوان وواصل بن عطاء وعمرو بن عبيد وغيلان ..

شياطين متناقضون.

الشيطان حريص على الإبقاء على مدح حَمَلَة منهجه في تحريف الدين، واستخدامه في البغضاء والقتل والفساد، كحرصه على ذم كل من عارض هؤلاء الحَمَلة!

 

الحكمة ضالة المؤمن، يأخذها ولو من الصين، ولكن المتمذهبة أصبحوا لا يأخذون حتى من الجيران! بل ولا من داخل البيت، هذا الضيق.. مرض وتخلف وجهل وكبر.