ألقران والروح
بقلم: زيد علي المهدي
لقراءة افضل, ارجو الضغط على:
من المفاهيم التي يتم استخدامها بصورة متكررة بدون الوقوف عند تعريفها هو مفهوم الروح, اذ يظن الكثير من المسلمين بان الروح هي شئ هلامي موجود في داخل كل انسان وعند موت الانسان تخرج هذه الروح منه. ولكن لانجد في القران اي دلالة او تسمية على ان هناك شئ في داخلنا يسمى الروح, بل على العكس دائما ما يطلق علينا القران لفظة النفس والنفس هي تعبير عن الذات.
"يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ (9)" البقرة
"وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ (48)" البقرة
"وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (72)" البقرة
"....أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُم...(87)" البقرة
"لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ...(286)" البقرة
"فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (25)" ال عمران
"فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61)" ال عمران
"وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا (110) وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (111)" النساء
"فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (309)" المائدة
"يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)" الفجر
"وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)" الشمس
وغيرها المئات من الايات التي تذكر النفس والانفس وانفسكم ولا يوجد اي مكان يذكر ارواحكم او ارواحنا او روحه وما شابه.
فماهي او ألاصح, من هو الروح؟
بتتبع ايات القران وترتيلها رتلا واحدا, نجد ان ورود كلمة الروح ووظائفها يكون مشابها ومطابقا للاماكن التي يرد فيها فعل ووظيفة جبريل عليه السلام.
جبريل يختلف عن الملائكة والدليل على ذلك:
"مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ (98)" البقره
"...فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4)" التحريم
جبريل هو روح من امر الله وهو روح القدس وهو الروح الامين:
"رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15)" غافر
"وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (52)" الشورى
"وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ (194)" الشعراء
"قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (102)" النحل
الكلام عن ما تم تنزيله ومن قام بالتنزيل على قلب محمد هو روح من امر الله وهو الروح الامين وهو الروح القدس.
وفي الاية التالية يتم ربط جبريل بالروح وتبيان انهم كينونة واحدة:
"قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97)" البقرة
هنا تأكيد على ان جبريل هو من نزله على قلبك وبالمطابقة مع الايات السابقة اعلاه فان الروح من امر الله والروح القدس والروح الامين هو جبريل نفسه. جبريل الروح يتم انزاله والقاءه على عباد يتم اصطفائهم لينذروا ويبشروا.
الان تأتي الاية:
"وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً (85)" الاسراء
الروح من امر الله وهي نفسها الروح من امر الله التي نزّلت القران على قلب محمد...فكانوا يسألونه عن (ماهيّة) الروح, ماهيّة جبريل الذي ينزل عليك القران, شكله, صوته...فأجابهم بانه من امر الله وما اوتيتم من العلم بهذا الكائن الا القليل.
للتأكيد على ان تسمية الروح هي كينونة معينة لها وجودها الخاص بها ننظر الى موضوع النفخ ومن المعني به:
"فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17)" مريم
تم ارسال (الروح) وهذا الروح تمثّل كبشر سوي...
"وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ (91)" الانبياء
"وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12)" التحريم
بعد ان تمثل لها كبشر سوي, قام هذا الروح بالنفخ.
جبريل تم ارساله ثم تمثّل كبشر سوي ثم قام بعملية النفخ (وهذا معنى نفخنا فيها من روحنا)...اي من روحنا تم النفخ...وهذا المفهوم ينطبق على ادم ايضا. فالايات:
"فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ (29)" الحجر
"ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ (9)" السجدة
"فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72)" ص
كما تم ارسال جبريل الى مريم ونفخ فيها كذلك الحال مع ادم فتم النفخ فيه من الروح جبريل.
للمزيد من الاثبات ان الروح هي كينونه معينة وانها تختلف عن الملائكة وان لها وجودها الخاص بها:
"يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (38)" النبأ
الروح يختلف عن الملائكة هنا وهو يقف صفا معهم ولا يتكلم...الروح هو جبريل كما تم تعريفه اعلاه.
الايات:
"تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4)" الحاقة
"تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4)" القدر
تفريق واضح بين الملائكة والروح تماما كما تم التفريق بين جبريل والملائكة في بداية المقال...هناك اختلاف بينهم.
اما الاية:
"يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ (2)" الحجر
فهي مشابهة لايات القدر والحاقة اعلاه ولكن مع اختلاف وجود الباء في (بالروح) ولم يقل (الملائكة والروح)...المعنى واحد نفسه اي انهم ينزلون سوية ولكن هنا فيها توضيح اكثر الا وهو انهم ينزلون بقيادة الروح (ينزّل الملائكة بالروح).
بعد هذا فهناك احتمال اخر ايضا الا وهو ان ميكال هو روح ايضا وهو بمرتبة جبريل وقد تم تفريقه عن الملائكة كما تم تفريق جبريل.
اما بالنسبة لنا, فنحن مجرد انفس ولسنا ارواح وحتى معنى (نفخت فيه من روحي) معناها كمعنى النفخ في مريم, اي ان الروح كانت الواسطة في عملية النفخ.
اما بالنسبة للاية التالية, فقد يتسائل البعض ويقول: لكنه يقول بان المسيح هو كلمة الله وروح منه القاها الى مريم فكيف يكون الروح هو جبريل في حين ان عيسى هو الروح؟
"يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً (171)" النساء
فرأيي ان الاية لا تتحدث عن ماهية الروح ولا عن كيفية ايجاد عيسى ولكنها خطاب الى اهل الكتاب ليوضح لهم الفرق بين الثلاثة, المسيح والروح والله, اذ ان تكملة الاية هي لتوضيح ان الله ليس ثالث ثلاثة فيبدأ بالتعريف:
انما:
1- المسيح هو رسول الله والمسيح ايضا كلمة من الله القاها الى مريم
2- الروح كذلك القاها الى مريم (روح منه القاها على مريم ايضا)
3- الهكم فاله واحد سبحانه ان يكون له ولد
ولا تقولوا ثلاثة (المسيح + الروح + الله)
لم يقل ان المسيح كلمته وروح منه القاها الى مريم بحيث يظن القارئ ان (روح منه) تعود على المسيح ولكن قال (كلمته القاها الى مريم وروح منه), فال(روح منه) تعود على (القاها الى مريم) ولا تعود على المسيح.
(كلمته القاها الى مريم وروح منه) تطابق في فعل الالقاء هنا:
"رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15)"
عيسى تم تأييده بالروح ولهذا نجد عمليات النفخ في الطير واخراج الموتى وابراء الاكمه والابرص.
"...وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ...(87)" البقرة
"...وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ...(253)" البقره
"...إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِىءُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي...(110)" المائدة
نشرت بتاريخ 13-10-2011
عُدِّلَت بتاريخ 29-10-2011
زيد علي المهدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق