الأحد، 26 مايو 2013

طارق عبدالمعطي-اخطاء شمبليون في فك الرموز المصرية



( 1 ) آراء المتخصصين العالميين
جاء في كتاب معجم الحضارة المصرية القديمة الذي كتبه ستة من مشاهير علماء الآثار في العالم.
وهؤلاء العلماء هم :-
(1) جورج بوزنر (2) سيرج سونرون (3) جان يويوت
(4) أ.أ.س. إدواردز (5) ف.ل. ليونيه (6) جان دوريس
أن “شامبليون” استعان بنقش عثر عليه بجزيرة فيله في أسوان يحتوى على خرطوشتين ملكيتين لأسمى “بطليموس وكليوباترا” تشترك في حرف ( P , O , L ) واستفاد من نصوص مؤلف قديم ( مجهول ) شرح بطريقة غامضة !!!
وانتهى إلى أن القيمة الصوتية للرموز المصرية القديمة تؤخذ من الحرف الأول لاسم الشكل الذي يمثل ذلك الرمز . !!!!
فإذا ما تعرف “شامبليون” على رمز بحث عن اسم له باللغة القبطية ، وأخذ من ذلك الرمز ( الشكل ) الحرف الأول المنطوق بالقبطية .
وبذلك أمكن لـ “شامبليون” معرفة القيمة الصوتية للرموز الهيروغليفية من الحرف الأول للكلمة القبطية ،ويقول مؤلفو الكتاب :-
أن “شامبليون” ملأ الفراغات الشاغرة في اللغة الهيروغليفية “بتخمين” المعنى القبطي للكلمة الإغريقية وسط الحروف التي تعرف عليها “شامبليون” .
فأمكنه بذلك حل رموز ( 79 اسما ) ملكياً مختلفاً .
ولقد توصلت إلى أنه لم يلاحظ أحد على مستوى العالم منذ مائتي عام حتى مؤلفا الكتاب أن الـ ( 79 أسم ) التي ترجمها “شامبليون” كانت كما قال مؤلفو الكتاب على لسان “شامبليون” أنها كانت بالتخمينات !!!
ومنذ متى كانت التخمينات تعتمد في البحث العلمي ويبنى عليها نظريات .
ما بنى على باطل فهو باطل !!!
وبذلك أصبح “شامبليون” بتفسيره بهذه الطريقة الافتراضية كـ الكفيف الذي يضئ شمعة وسط مجموعة عميان ويصف لهم ما هو لون السماء مدعيا أنه بصير …!
فكيف يصف الأعمى منذ ولادته لون السماء ويقول لقد رأيتها!!!؟؟؟ .
وهذا يرجع إلى أن “شامبليون” تعلم اثنتي عشرة لغة مختلفة في عشرين عاماً فاختلط عليه الأمر بسبب التزاحم الشديد وكم المفردات والتراكيب التي أُدخلت على عقله ،ويضاف إلى ما سبق على لسان مؤلفي الكتاب أن “شامبليون” أطلق على رسم الشفاه (رسم الشفاه) حرف الراء لأن الأقباط كانوا يطلقون على الفم (Ro) .
وأيضا أطلق على رسم رغيف العيش (رسم رغيف العيش) حرف التاء بناء على أن الأقباط المصريون كانوا يطلقون على الخبز (Toot).
والاعتماد على الحرف الأول كما فعل “شامبليون” للكلمة المنطوقة بالقبطية لا يتخذ دليلاً على تفسير الأبجدية فكثيرا ما توجد حيوانات وطيور لها أكثر من اسم وتبدأ بأبجدية مختلقة فالاعتماد على الحرف الأول لشكل الحيوان أو الطائر كما فعل “شامبليون” يوقع الباحث القارئ في أخطاء لا يمكن تداركها .

( 2 ) بالعقل والمنطق
وهذا الخطأ وقع فيه “شامبليون” نتيجة لتأثره باللغة القبطية التي تعلمها منذ صغره واعتماده على حروف بديلة في ترجمته للخط الهيروغليفي من خلال خرطوشين للملك البطلمى “بطليموس” الخامسبطليموس الخامس وآخر للملكة “كليوباترا”كليوباترا وكذلك كان اعتماده الأساسي على التخمينات وعلى الحرف الأول لشكل الحيوان المرسوم ، كما ذكر من قبل .
فعندما رأى رسم “الأسد” هذا الشكل (الأسد الرابض) في الخرطوشينترجمه على أنه حرفي ( لام ) لأن:-
“الأسد” في اللغة القبطية يبدأ بحرف اللام Laboi .
وفى اللغة الإنجليزية والفرنسية يقرأ Lion .
كذلك في العربية يسمى ليث وزوجته تسمى لبؤة .
وفى الإيطالية Leone.
وفى الألمانية Lowe.
وفىاللاتينية Leo.
وفى اليونانية الكلاسيكية èwvג.
ولأن “الأسد” يبدأ بحرف الـ (لام ) في كل هذه اللغات الحديثة ترجمة “شامبليون” على أنه حرف ( لام ) .
فبالعقل والمنطق كيف يؤسس باحث أصول لغة كلغة مصر القديمة التي أمتاز أهلها بحضارة يبلغ عمرها ( 7000 سنه ) تقريبا على أصول لغات حديثة لا يتعدى عمرها الـ ( 1000 عام ) تقريبا فمن المستحيل بناء القديم على الحديث لأن القديم مضى منذ زمن يقدر بـ ( 7000 سنه ) فكيف أعيده لأعيد صياغته من جديد على الحديث الذي لا يتعدى الـ ( 1000 عام ) كاللغات الأوربية .
وحقيقة علميه أن أصل اللغات الأوربية ينحدر من اللغة اللاتينية الأم وإذا بحثنا عن “الأسد” الذي كان اعتماد “شامبليون” الأساسي عليه في ترجمته للغة مصر القديمة لوجدنا له أسماء عديدة تبدأبـ ( الحروف الأبجدية كاملة ) تقريبا .
وقد ورد ذكر “الأسد” في الكتب السماوية الثلاثة ( القرآن الكريم والإنجيل والتوراة ) ، مبدوء بغير حرف ( اللام ) .
ففي القرآن سورة المدثر أية(51:50) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ * فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ *
وقَسْوَرَةٍ هذا اسم من أسماء “الأسد” وورد ذكره في القرآن مبدؤبحرف القاف وليس حرف الـ ( لام ) فلو اتبعنا منهج “شامبليون” عن طريق المؤلف القديم الذي وجده وأخذنا الحرف الأول من “الأسد” على أنه ( ق ) كما ذكر في القرآن فمن السهل تضبيط باقي الحروف وجعل “بطليموس” المترجم بترجمة “شامبليون” المكون من سبع حروف على أنه “بن يعقوب” وحينما نسأل ما الدليل فالطريقة غاية في البساطة وسهلة جدا نفعل كما فعل “شامبليون” ونقول بالتخمين أو عن طريق مؤلف قديم مجهول ولكي نكمل الكذبة نقول “يوسف” ابن “يعقوب” هو الذي كتب هذا النص أثناء وجوده في مصر وسنلاحظ أن ترتيب القاف في موقع “الأسد” بالضبط بالنسبة للخرطوش ، وفى الإنجيل ذكر “الأسد” في الإصحاح التاسع (8) وكان لها شعر كشعر النساء وكانت أسنانها كأسنان الأسود *
ونجد أن “الأسد” ورد ذكره في الإنجيل الذي نزل قبل القران الكريم بـ(611 عام ) تقريبا ذكربـ “أسد” أي مبدوء بحرف ( ألف ) وليس ( اللام ) .
فمن المعقول أن أصدق الأقرب لمعاصرة قدماء المصريين .
ذكر في التوراة أمثال(29) ثلاث هي حسنة التخطي وأربعة مشيها مستحسن الأسد جبار الوحوش *
ونجد هنا أيضا أن “الأسد” ذكر في التوراة التي نزلت قبل الإنجيل بـ (1221عام ) تقريبا وقبل القرآن الكريم بـ ( 1832عام ) تقريبا أي قبل هلاك “فرعون” بـ ( عامين ) أي في عصر “فرعون” نفسه الذي أطلق عليه العلماء عصر “الفراعنة” مبدوء بحرف ( ألف ) وليس (لام ) فمن باب أولى أن يقرأ “الأسد” ( ألف ) لأن التوراة نزلت قبل القران الكريم والإنجيل بفترة زمنية تقدر بـ ( 3221 عام ) تقريبا وفى فترة وجود “فرعون” نفسه وأيضا للإقناع نقول :- أن هذا الاسم هو اسم سيدنا “إبراهيم”صلي الله علية وسلم في فترة نزوله مصر والدليل كما فعل من قبل شامبليون ( التخمينات ، ومؤلف قديم مجهول ) وأن النص يحكى زواج سيدنا “إبراهيم”صلي الله علية وسلمبالسيدة “هاجر” المصرية .
ويبقى العالم يبحث عن المؤلف المجهول الخاص “بشامبليون” لكي يعرف الحقيقة .
كل هذا غير صحيح فالعلم لا يوجد فيه تخمين ولا مؤلف قديم مجهول العلم يحتاج إلى أسانيد وحقائق واضحة !!!
وكما هو واضح لي ولكل من يطلع على أبحاث “شامبليون” أن “الأسد” كان مفتاح اللغز عند “شامبليون” بدليل أنه بني أساس نظريته عليه .
لكن حقيقة الأمر غير ذلك فقد استطعت أن أهدم نظرية “شامبليون” لأنني أثناء بحثي في آثار مصر على مستوى الجمهورية المصرية في المتاحف والمعابد وجدت أن رسم “الأسد” الذي اعتمد عليه “شامبليون” اعتمادا كليا وبنى عليه قواعد اللغة المصرية القديمة لم يظهر كحرف ( لام ) في حروف الخط الهيروغليفي في لغة مصر القديمة كلها بدأ من الأسرة الأولى حتى الأسرة الثلاثين إلا في أواخر عصر الأسرة الـ ( 25 ) من سنة ( 751 ق.م ) إلى سنة ( 656 ق.م ) والآثار الموجودة في مصر المنحوته بيد قدماء المصريين على جدران المعابد وليست منحوتة بيد شامبليون”تؤكد ما أقوله كذلك البرديات المكتوبة بيد قدماء المصريين خير دليل وبرهان على صدق وتأكيد أبحاثي .
ومن هنا ندرك أن الرمز الذي يشير إليه “الأسد” قد يترجم إلى عدة أسماء لا تشير إلي حقيقة الرموز الصحيحة بل هو موضوع تخمينا من “شامبليون” كما ذكر على لسانه من قبل ولم يصل به إلى الحقيقة فأنا لا آتى بجديد ولكن :-

أحجار مصر تتحدث وتشهد على خطأ شامبليون
وحقيقة مؤكدة إذا ذهب أي باحث أو إنسان عادى إلى متحف القاهرة ووقف أمام قائمة سقارة سيجد أنها تحتوى على ( 57 اسم ) ملكيا من أسماء الملوك الذين حكموا مصر قبل عصر “فرعون” الذي أطلق عليه”شامبليون” “رمسيس” الثاني سنة ( 1223 ق . م ) .
سيجد الـ ( 57 ) خرطوش لا يوجد خرطوش واحد منهم داخلة رسم “الأسد” وهذه صورة لقائمة ابيدوس
قائمة ابيدوس
إذا بالعقل والمنطق شكل “الأسد” كان حرف جديد أي بديل ظهر في آخر الأسرة الخامسة والعشرين أي أنه حدث تغيير أخر في اللغة المصرية القديمة غير التغير الأول الذي كان بعد طوفان سيدنا “نوح” في فترة الأسرة السادسة ( 2280 ق.م ) وسبب التغيير الثاني هو قتل “فرعون” للكهنة المسئولين عن الكتابة حين ذاك بعد إيمانهم بسيدنا “موسى”صلي الله علية وسلم .
جاء في القرآن سورة طه أية(71:70) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هاَرُونَ وَمُوسَى* قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْر فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلافٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ في جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى *
لذلك ظهرت حروف بديلة بعد موت “فرعون” مباشرة ، وتأكيداٌ لصدق نتائجي نجد ابن “فرعون” الذي تولى الحكم بعده والذي أطلق عليه “شامبليون” “مرنبتاح” ويمثله هذا الشكلمرنبتاح ظهر لأول مرة في خراطيش قدماء المصريين رسم الكبش هكذا (رسم الكبش) وهذا دليل من ضمن الأدلة الذي يؤكد على تغيير اللغة بعد موت “فرعون” .
وإلا لماذا لم يظهر هذا الحرف في الخراطيش المصرية القديمة كلها وظهر في هذا التوقيت بالذات لأول مرة بعد موت “فرعون” مباشرة في أخر الأسرة التاسعة عشر ( 1223 ق.م ) .
وأقوى دليل لي هو آثار مصر كلها فى الداخل والخارج .
ويعنى ذلك أن ترجمة “شامبليون” كانت وهما عاش فيه محبو لغة قدماء المصريين على مستوى العالم منذ مائتي عام على يد “شامبليون” فمن هنا نجد أن “شامبليون” بدأ محاولاته لاكتشاف ترجمة تمثل واقعاً قريباً للغة الهيروغليفية معتمداً على أن هذه اللغة لا يعرف أحد شئ عنها في ذلك الوقت ولكي يقوى جبهته وسط العلماء استعان بما انتهى إليه زميلاه الفرنسي “سلفستر دى ساسى” والبريطاني “توماس يا نج” اللذان توصلا إلى حقيقة مؤكدة وهى أن أسماء ملوك مصر القديمة تكتب داخل خرطوش ملكي تمييزاً وتبجيلاً لملوك مصر القديمة .
والآثار الموجودة في مصر تدل على أن المصريين القدماء لم يكونوا شعبا همجيا …
بل استطاعوا أن يصلوا إلى أعلى مراحل الحضارة .
ولازالت جذور هذه الحضارة تشكل قمة في التعقيد .
وتدخل في بناء إشكاليات كثيرة فهناك الكثير من أسرارها التي لم تكتشف بعد .
مثل ( ما ضد الجاذبية ) وسر التحنيط الذي احتار علماء العالم فيه حتى الآن .
ودارت كثير من الأبحاث في الداخل والخارج حول هذه المواضيع دون جدوى .

( 3 ) مناقضة شامبليون لنفسه
لا يعقل أن شعبا وصل إلى غايات التحضر والرقى مثل قدماء المصريين يكتب لغته بشكل همجي وبطريقة تتنافى مع أدنى درجات التسلسل المنطقي كما صورها “شامبليون” فطريقته في القراءة تتعارض مع الطريقة التي عليها سائر اللغات على مستوى العالم قديمها وحديثها فاللغات إما أن تقرأ من اليمين إلى اليسار والعكس ، أو من أعلى إلى أسفل ، ولكن “شامبليون” خرج عن هذه الطريقة وجافى هذا الوضع المنطقي ، فلغة قدماء المصريين عنده تقرأ تارة من أعلى إلى أسفل ، وتارة من أسفل لأعلى ، وتارة أخرى من المنتصف إلى أسفل ثم أعلى ثم أسفل مرة أخرى مثال ذلك :- خرطوش الملك “توت عنخ أمون حقا إو سو” هذاتوت عنخ أمون حقا إو سو يقرأ بترجمة “شامبليون” من المنتصف ثم أسفل ثم أعلى ثم أسفل مرة أخرى ؟
فقراءته الحرفية بقراءة “شامبليون” هكذا هذا حرف التاء (حرف التاء) وهذا حرف الواو (حرف الواو) وهذه علامة (عنخعنخ) وهذا الإله (أمونأمون) وهذه علامة الـ (حقاحقا) وهذهعلامة الـ (IWIW) وهذه علامة (السوالسو) ويقرأ الخرطوش كاملا طبقا لترجمة “شامبليون” هكذا ( توت عنخ أمون حقا إو سو ) وبترجمتي ( بنا وسبس إله ) وهذه العلامة (مفتاح الحياة) مفتاح الحياة تدل على الربط بين الإلهين ( بنا وسبس ) .
ونلاحظ أن الذي أطلق عليه “شامبليون” أمون هذا (أمون) كتبه قدماء المصريين بأيديهم في الأعلى داخل خرطوش “توت عنخ أمون حقا واسإو سو” وقرأه “شامبليون” ومن تبعه في المنتصف ولتناقض “شامبليون” مع نفسه هو ومن تبعة في ترجمته خرطوش الملك “أمنحتب” هذا الشكلأمنحتب حيث كتب قدماء المصريين بأيديهم “أمون” في أعلى الخرطوش وقرأه شامبليون من أعلى إلى أسفل ، كذلك اسم “امنمحات” هذا الشكلامنمحات قرأ “آمون” أيضاٌ في الأعلى .
وبالتدقيق في طريقة قراءة “شامبليون” في آثار مصر تتبين تناقضه مع نفسه تناقضا ملحوظا حيث أن اسم “أمون” كتبه قدماء المصريين بأيديهم في الثلاث خراطيش في الأعلى فليس من المعقول أن يترجم اسم “آمون” في الثلاث خراطيش بترجمة “شامبليون” مرة في الأول ( من أعلى إلى أسفل ) ومرة أخرى في المنتصف ( من المنتصف إلى أسفل ثم أعلى ) لكي يعطى منظرا جماليا لتسلسل النطق فقط ولا يعطى معنى مفهوما فكان من المنطق أن تترجم إما من أعلى أو من أسفل في كل الخراطيش، طريقة غريبة وعجيبة كيف تصبح أساساٌ علمياٌ للترجمة ؟
وهذا التناقض في علم الآثار له تفسيرات كثيرة رغم عدم فهم العاقل وغير العاقل لها وأتحدى إن كان المترجم نفسه “المتخصص” أيا كان هو يستطيع تفسير هذه الطريقة بدليل خوف أكبر متخصصى للآثار في مصر من مناقشتي علميا علنا واكتفوا بمناقشتي وديا …!
في الوقت الذي استطعت فيه توضيح الخطأ بصورة مبسطة لأي قارئ
توت عنخ أمون حقا إوسوتوت عنخ أمون حقا إوسو ، أمنحتبأمنحتب ، امنمحات امنمحات
والترجمة الصحيحة لهما هي :-
الأول ( بنا، سبس إله ) والثاني ( بنا نصس) والثالث ( بنا ككس ) .
عظمة القدماءعظمة القدماءعظمة القدماءعظمة القدماءعظمة القدماء
المصريون القدماء خلفوا آثار تشهد على عظمتهم وعبقريتهم وليس على همجيتهم كما صورها شامبليون

( 4 ) خطأ ترجمة اللغة الهيروغليفية
وبقراءتي للغة الهيروغليفية التي ابتدعها “شامبليون” وجدت أن ( سا رع سا رع) فوق الخرطوش الملكي يعنى في ترجمة “شامبليون” أن هذا هو خرطوش الملك نفسه .
في حين أنني اكتشفت آن هذا الشكل لا يوضع إلا فوق خرطوش الإله أو الآلهة التي كان يعبدها الملك .
وطبقا لذلك فإن هذه الكلمة تقرأ ( رب ) أي كبير ويضاف إليها دائما ( يم ) أي “رب يم” ومعناها “رب الماء” أي “رب” الحياة والعالم كله يعرف مدى تقديس المصري القديم لنهر النيل العظيم.
جاء في القرآن سورة الأنبياء أية(30) أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ المَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ *
وفى التوراة الإصحاح الخامس عشر(24) فتذمر الشعب على موسى قائلين ماذا نشرب * فصرخ إلى الرب *
أيضا في الإصحاح السابع عشر(3) وعطش هناك الشعب إلى الماء وتذمر الشعب على موسى وقالوا لماذا أصعدتنا من مصر لتميتنا وأولادنا ومواشينا بالعطش *
أي أن الماء هو أساس الحياة وهذه حقيقة مؤكدة .
أما ما يكتب فوق خرطوش الملك نفسه كلمه ( نيسوت بيتىنيسوت بيتى) أي “نإسس” طبقا لترجمتي وهى تعنى اسم الملك نفسه ،أيضا تبين لي أن خرطوش ( وسر ماعت رع ستبن إن رع وسر ماعت رع ستبن إن رع الذي هو اسم “فرعون”) طبقا لترجمتي موجود بجوار رسومات الملك منذ ولادته حتى وفاته ولم يسمى ملك آخر بهذا الاسم إطلاقا .
ولكن لقب فيما بعد ملوك مصر القديمة باسمه .
أما الخرطوش المكتوب أعلاه كلمة ( سا رع سا رع  أي “رب” ) يطلق عليه “شامبليون” ( رع مر مس أمونرع مر مس أمون الذي هو “بنا ، رع قرة” طبقا لترجمتي ) ، وتتبعت هذا الخرطوش الأخير .
ولاحظت أنه قد تم تغييره من جوار خرطوش “فرعون”على أربع مراحل .
فبعد السنة السادسة من حكم “فرعون” أي بعد معركة قادش بدأ الخرطوش يتطور ووضع مكانه خرطوش آخر ( رع مر مس س سورع مر مس س سو الذي هو “بنا” و “رع” ق إله طبقا لترجمتي ) أي أن “فرعون” قائد للإلهين “بنا” و “رع” وذلك بعد انتصاره في معركة قادش ، ولكن بعد حكم “فرعون” بـ ( 35 عاما ) تقريبا حذف حرف ( ق ) فأصبح الخرطوش ( رع مس س سو رع مس س سو  ويعنى بترجمتي بنا ، رع إله ) أي أن “فرعون” لم يعترف بأي “إله” من”آلهة” مصر كلها إلا الإلهين ( بنا و رع ) ونصب “فرعون”نفسه إله مثلهم يحمل صفات الآلهة .
وقبل هلاك “فرعون”بـ( عشر سنوات ) غير الخرطوش للمرة الرابعة ( رع مس س س رع مس س س أي “لله فرعون” ) ومعنى ذلك أن “فرعون” نصب نفسه إله على كل الآلهة الموجودين بما فيهم الإلهين “بنا” و”رع” وأثار “فرعون” في آخر حياته تشهد على ذلك وعندما استفسرت من المتخصصين كل على حدا عن معنى الخراطيش الأربعة يقول :- بعضهم أنهم يمثلون معنى واحد ويقول آخر تطور في الخراطيش ويقول آخرون وجدناها هكذا …!!
وعندما سألت :-
لماذا حرف السين تكرر في ترجمه “شامبليون” مرتين في الخرطوش الأخير ؟ …
لم أجد إجابة .
في حين ترجمتها ببساطه والتي أوصلتني لها معرفتي للقراءة الصحيحة لترجمة اللغة المصرية القديمة أنها “لله فرعون” لذلك كرر حرف الـ ( س ) الذي هو ( لام ) مرتين .
والمتخصصون الكبار عندما يعجزون عن تفسير كلمة أو جمله بترجمة “شامبليون” يصدموننا بكلمه .
لو سمحت أنت غير متخصص ده كلام نفهموا إحنا …!؟
ولو سنحت لك الفرصة لزيارة معبد “أبى سنبل” الكبير تجد “فرعون” يجلس وعلى يمينه آمون ، أي ( بنا ) طبقا لترجمتي ، وعلى شماله “رع” وهو طبقا لترجمتي “رع” أيضا لكن الفرق بين ترجمتي وترجمة “شامبليون”هوأن .
حرف الراء يمثله هذا الشكل ( حرف الراءحرف الراء طبقا لترجمتي ) ولكن فسره “شامبليون” على أنه اسم كامل وهو “رع” أي اتخذه كمدلول لإله وليس حرف .
أما هذا الشكل (حرف العين) حرف العين طبقا لترجمتي لكن “شامبليون” فسره على أنه “حورس” ونجده مكتوبا في معبد “أبى سمبل” الكبير كامل بهذا الشكل ( رعرع ) كلمة رع كاملة طبقا لترجمتي .
ونلاحظ أن الراء حرف والعين حرف كلا على حده .
أيضا نجد أن تمثال “رع” وتمثال “بنا” كتب أعلاهم كلمة “حان” أي مكان طبقا لترجمتي ( هذا الشكل كلمة حانكلمة حان ) وأسفلها الإله أو التمثال المشار إليه .
وان وجدت كلمة “حان” طبقا لترجمتي في أي مكان في أثار مصر وتحتها اسم لشخص أو لإله أو لمقبرة لابد أن تجد تمثال صاحب الاسم أسفلها أو الشيء الذي يدل عليه كلمة “حان” ( مكان ) بترجمتي والآثار في مصر فيصل بيني وبين من يخطئني أي كان هو حتى لو كان من ضمن من يخشون مناقشتي علميا علنا ويكتفون معي بالمناقشة الودية .

الصورة خير دليل
الصورة خير دليل
صورة من معبد “أبى سنبل” الكبير لـ “فرعون” طبقا لترجمتي وعلى يمينه الإله “بنا” وعلى شماله الإله “رع” ويظهر فوق كل إله كلمة “حانكلمة حان” واسمه تحتها ، فنجد الشمس تدخل معبد “أبى سنبل” في كل عام من شهر فبراير الأيام ( 19 ، 20 ، 21 ، 22 ، 23 ، 24 ، 25 ) وفى شهر أكتوبر الأيام (19 ، 20 ، 21 ، 22 ، 23 ، 24 ، 25 ) .
أيضا هذه الظاهرة فسرتها وسأذكرها كاملة ضمن نتائج بحثي ..
جاء في القرآن سورة القصص آية(38) وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا المَلأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي *
وفى التوراة الإصحاح الخامس(2:1) وبعد ذلك دخل موسى وهارون وقالا لفرعون هكذا يقول الرب اله إسرائيل أطلق شعبي ليعيدوا لي في البرية * فقال فرعون من هو الرب حتى أسمع لقوله فأطلق إسرائيل *
وهذا القول كان على لسان “فرعون” وهو في أخر مراحل حكمه ونلاحظ أنه بقوله لا يعترف بإله غير نفسهكإله .
ويلاحظ أيضا أن “شامبليون” اعتمد في ترجمته للغة المصرية القديمة على كلمة “رعمسيس” وصدقة الكثير لأن الذي لا يعرفه الكثير أن “رعمسيس” التي اعتمد عليها “شامبليون” ، ذكرا في التوراة الإصحاح الأول خروج(11) فجعلوا عليهم رؤساء تسخير لكي يذلوهم بأثقالهم . فبنوا لفرعون مدينتي مخازن فيثوم ورعمسيس *
وفى الإصحاح الثاني عشر خروج(27) فارتحلبنو إسرائيل من رعمسيس إلى سكوت نحو ست مائة ألف ماش من الرجال عدا الأولاد*
كذلك في عدد الإصحاح الثالث والثلاثون(5) فأرتحل بنو إسرائيل من رعمسيس ونزلوا في سكوت *
أي أن “شامبليون” اعتمد في ترجمته على اسم مدينة ذكرت في التوراة أنها شيدت لـ “فرعون” وجعل منها اسم “لفرعون” نفسه وهذا غير معقول وغير منطقي لأن هذا الشخص ليس شخصا عاديا لكنه كان “فرعون” .
ومذكور في التوراة أن مدينة “رعمسيس” بنيت لـ “فرعون” فكيف يسمي “فرعون” باسم هذه المدينة ؟
“الإسكندر الأكبر” عندما أتى إلى مصر وشيد المدينة الساحلية الجميلة أطلق عليها اسمه “الإسكندرية” ولم يغير اسمه هو إلى اسم المدينة القديم :-
ومعلوم أن أسماء الأشخاص لا تتغير بتغير اللغات .
وأثناء بحثي وجدت في الأربع مراحل لتغيير خرطوش لقب الملك كذلك كلمة “رب” هكذا ( كلمة رب) فوق كل الخراطيش التي حدث تغير بها على مر السنين ولكن كلمة “نإسس” (كلمة نإسس) وجدت فوق خرطوش واحد فقط ولم يتغير هذا الخرطوش مدا حياة “فرعون” منذ ولادته حتى وفاته وهو خرطوش ( وسر ماعت رع ستبن إن رع هذا الشكل وسر ماعت رع ستبن إن رع الذي هو “فرعون” طبقا لترجمتي ) ونلاحظ أن هذا الخرطوش كون من خمس حروف فقط وهى حرف ( الفاءالفاء ) وحرف ( الراء الراء) وحرف ( العينالعين ) وحرف ( الواو الواو ) وحرف ( النونالنون ) وليس سبع عشر حرف كما ترجمها شامبليون فهو كان يترجم معظم الحروف على أنها مدلول ويترجمها بأكثر من حرف مثال ذلك :-
( مس مس ، عنخ عنخ ، خبر خبر ، كا كا ، مر مر ، نفر نفر ، أخت أخت ، جو جو،
وع وع ، حاحا ، عا عا ، دة ده ، نخت نخت ، جسر جسر ، حات حات ،
حتب حتب ، وب وب ، حقاحقا ، سا سا ، خع خع ، من من ، نب نب ، نوا نوا ،
زمازما ، نثرنثر ، وعب وعب ، واح واح ، واس واس ) )
وحروف كثيرة غيرها تمثل حرف واحد وترجمها “شامبليون ” على أنها عدة حروف .

( 5 ) الإله [ رع ]
لو نظرنا إلى خرطوش ( توت عنخ آمون حقا إو سو هذا الشكلتوت عنخ آمون حقا إو سو) سنجده حسب ترجمة “شامبليون” يقرأ من المنتصف إلى أسفل ثم اليمين ثم أعلى ثم أسفل مرة أخرى ولكن الخرطوش الآخر الـ نيسوت بيتي ( نب خبرو رع هذا نب خبرو رع) قرأ من أسفل إلى أعلى والسبب كما قال “شامبليون” وعلماء الآثار من بعدة حتى الآن أنه من غير المعقول أن تنطق ( رع خبرو نب ) أي من أعلى إلى أسفل لآن حرف “رع” هذا (رع) حرف إله ومن الخطأ الجسيم أن يوضع في الأسفل فهو يوضع في الأعلى وينطق في النهاية تبجيلا وتمجيدا له كإله ، وكما هو واضح في قراءة الخراطيش الأربع “لرمسيس” طبقا لترجمة “شامبليون” ( رع مر مس آمون ) كان هذا الإله في المنتصف وبدأت به القراءة ، ثم في باقي الخراطيش ( رع مر مس سو ) ، ( رع مس سو ) ، ( رع مس س ) كان في الأول وأيضا بدأت به القراءة فكما ذكرت سابقا أن “شامبليون” يناقض نفسه بنفسه وهذا الأسلوب الغريب في القراءة الذي لا أساس له يتنافى تماما مع التحضر الذي عاشه قدماء المصريين ، ومع الدقة المتناهية التي كانت تحدد خطوط حياتهم ومع الإعجاز العلمي الذي احتار فيه علماء العالم حتى الآن إن القراءة التي ابتدعها “شامبليون” تمثل هرجاً وخروجاً على المألوف الذي عاشه قدماء المصريين .
وهذا الهرج في قراءة اللغة المصرية القديمة يعزوه “شامبليون” والعلماء من بعده إلى حرف رع هذا (رع) وهو كما قال حرف يدل على أنه اسم للإله “رع” ، ومن الخطأ الجسيم أن يوضع هذا الحرف المقدس في آخر الكلمة أو في منتصفها ، ولكن يجب أن يكون هذا الحرف المبجل في مقدمة الحروف ، وكما ذكرت سابقا أن هذا الحرف موجود في بعض الخراطيش الملكية في وسط الخراطيش وأحيانا نجده في الثلث الأخير من الخرطوش مثل خرطوش النيسوت بيتي “لحور محب” ( خبرو ذا رع استبن إن رع هذا الشكلخبرو ذا رع استبن إن رع الذي هو روجد رعون بترجمتي ) وهذا يؤكد أن هذا الرمز ( رع رع ) ترجم بشكل خاطئ .
وللآسف اتبعها علماء العالم من بعده حتى الآن .
كذلك خرطوش النيسوت بيتى لـ إخناتون ( نفر خبرو رع وع إن رعنفر خبرو رع وع إن رع الذي هو رجا دربن بترجمتي ) نجد حرف “رع” موجود في منتصف الخرطوش .
كذلك خراطيش أخرى كثيرة وهذا يدل على أن هذا الحرف ترجم خطأ أما إذا ترجم على أنه حرف وليس مدلول كما في ترجمتي نجده يعطى معنى مفهوم .
الملك رجا دربن
الملك “رجا دربن” الذي أمن بسيدنا “يوسف” ووحد الله

( 6 ) فرعون وزوجته عسداقن
ويلاحظ في الترجمة التي ابتدعها “شامبليون” أن اسم “فرعون” ترجم على أنه لقب وأطلقا عليه ( بر عا ) هذا الشكل (بر عا ) ومعروف علميا أن اللقب يسبق الاسم فهذا الشكل غير موجود في آثار مصر كلها من الأسرة الأولى من سنة ( 3200 ق.م ) حتى الأسرة الثلاثون سنة ( 341 ق.م ) أعلى أي خرطوش ملكي لقدماء المصريين أو بجواره أو حتى بالقرب من أي خرطوش ملكي الذي مفروض أنه يحتوى على اسم الملك فمن أين يصبح هذان الحرفان لقبا وهما غير متواجدين بجوار أسماء الملوك من ( الأسرة الأولى إلى الأسرة الثلاثون ) .
وكيف في هذه الترجمة أسم كا أسم “فرعون” مكون من خمس حروف يصبح حرفان فقط مثل بر عا .
تناقض غريب في الترجمة لا يستوعبه عقل ولا منطق .
أيضا الملكة التي ترجمها “شامبليون” على أنها نفرتارى التي هي “عسداقن” بترجمتي هذا الشكل ( عسداقن ) حيث أن حرف ( مر ) الذي هو ( ق ) طبقا لترجمتي ، يظهر في الخرطوش مرة بهذا الشكل ( مر ) وفى نفس الخرطوش في مكان آخر بهذا الشكل (مر)عسداقن أي أن الذي لا يعرفه علماء الآثار أن الحرف الواحد في اللغة المصرية القديمة كان يأخذ أكثر من شكل وليس كل شكل له حرف كما فعل “شامبليون” وكان شكله يعتمد على الوضع الاجتماعي للشخص نفسه فكانت الميم في سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” وهو أمير تأخذ هذا الشكل (خع) ثم أصبحت بهذا الشكل ( نوا ) بعد رجوع سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” لـ “فرعون” بعد نزول الرسالة عليه وهذا ليس غريبا علينا فللحرف الواحد في لغتنا العربية أشكال مختلفة مثل الرقعة والنسخ والثلث والأندلسي ……. الخ وكلها تعطى نطقا واحدا ومعنى واحدا وليس عدة معاني .
اسم سيدنا موسى
وهذا الرسم موجود في معبد أبى سنبل الكبير واسم سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” بعد نزول الرسالة عليه واضح في هذا الرسم ونحت في آخر أيام “فرعون” كما في الشكل (هذا الرسم) مكتوب هكذا في المعبد الكبير وهذه ترجمته الحرفية طبقا لترجمتي فهذا الشكل (م حرف الميم ) وهذا الشكل ( و حرف الواو ) وهذا الشكل ( س حرف السين ) وهذا ( ي حرف الياء ) .
معبد آبى سنبل الكبير
استخف “فرعون” بقومه وادعى الألوهية وشيد معبد “آبى سنبل” الكبير وجعل الشمس تدخل عليه في أكتوبر وقت حصاد الأرز لكي يمتص قوت الشعب

( 7 ) الأديان السماوية تشهد على خطأ شامبليون
1- من المفروض أن سيدنا “إبراهيمصلي الله علية وسلم” زار ارض مصر
لماذا لم نجد اسمه مكتوبا طبقا لترجمة “شامبليون” ؟
ومعروف أن حاكم مصر رحب به حين ذاك هو وزوجته السيدة “سارة” بدليل أنه أهداه السيدة “هاجر” المصرية .
رغم ما قيل عن السيدة “هاجر” أنها كانت ابنة ملك مصر حين ذاك وأقاويل أخرى قالت أنها كانت وصيفة الملكة .
وسواء هذا أو ذاك المهم أن الملك اهتم بسيدنا “إبراهيمصلي الله علية وسلم” .
2 – كذلك سيدنا “يوسفصلي الله علية وسلم” الذي فسر رؤيا الملك وعينه الملك على خزائن أرض مصر حين ذاك لماذا لم يذكر اسمه ولو لمرة واحدة في ترجمة “شامبليون” .
رغم أنه كان بمثابة وزير اقتصاد في ذلك الوقت وليس شخصا عاديا ؟
بل المخزي والأدهى من ذلك أن “شامبليون” وأغلب علماء الآثار على مستوى العالم حتى الآن لا يعرفون الفترة الزمنية لوجود سيدنا “يوسفصلي الله علية وسلم” في مصر .
فمرة يقولون أنه في فترة غزو “الهكسوس” .
ومرة أخرى يقولون كان في فترة الأسرة السادسة .
3 – أيضا سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” لم يكن موجودا في مصر فقط بل ربى في بيت “فرعون”حتى صار أميرا لأن “فرعون” ملك مصر اتخذه ولدا تلبية لرغبة السيدة “آسيه” زوجة “فرعون” ( بنص القرآن ) و ابنة “فرعون” ( في التوراة ) والنتيجة الفعلية لدخول سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” بيت “فرعون”واحدة فقد كان سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” مشهورا بترميم الآثار وكان يسجل اسمه على معظم الآثار…..!
إذا لماذا لم يترجم باسم “موشى” وترجم على أنه ( خع إم واس ) كأمير ولا يعرف أحد على مستوى العالم حتى الآن أن ( خع إم واس “موشى” ) هو اسم سيدنا “موسى” ، لأن ترجمة سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” وهو أمير كانت ( موش ) “موشى” ولكن بعد نزول الرسالة عليه أصبحت “موسى” ، “فموسى” اسم مصري قديم كان متداولا في هذا الوقت أما “موش” ( موشى ) فهو اسم عبري وكان سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” يكتب اسمه العبري على الآثار المصرية بيده ، أما اسم “موسى” فكتبه قدماء المصريين بأيديهم ( موسى ) بعد نزول الرسالة عليه .

نعود للأساس وهو اسم فرعون
ترجمة “شامبليون” وكل الأثريين على مستوى العالم على أنه لقب .
ذكر سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” في القران الكريم ( 136 مرة ) أما “فرعون” فقد ذكر ( 74 مرة ) بـ “فرعون” ولم يذكر مرة واحدة بـ ( الفراعنة ) أي لم يُجمع بل ذكر مفردا .
لأنه علما يدل على شخص بذاته .
أيضا لم يذكر مرة واحدة بـ “الفرعون” أي لم يعرف بـ ( الـ ) فالاسم العلم لا يعرف بـ ( الـ ) لأنه معرفة في ذاته . ففي القرآن سورة طه أية (43) اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى *
وفى هذه الآية نلاحظ أن اللهسبحانه وتعالي يخاطب سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” وأخيه “هارون” في قوله اذهبا إلى “فرعون” وكان “فرعون” اسم لشخص “فرعون” .
ولقب قومه بعد ذلك باسمه ( الفراعنة ) .
ولو كان “فرعون”لقبا لكان ذكر اسم الجد الأول صاحب هذا اللقب كما ذكر في قوم “هود” ، و “صالح”.
جاء في سورة البروج أية(18:17) هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الجُنُودِ * فِرْعَوْنَ وَثَمُود َ*
وذُكر “فرعون” في هذه الآية ضمن الجنود هو “وثمود” .
“وثمود” هذا أسم لشخص وليس لقبا له ، كذلك”فرعون” ، كذالك في سورة الفجر أية(10:9:8:7:6) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ العِمَادِ * التي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي البِلادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ*
“وعاد” هم قوم “هود” ولقبوا بعاد نسبة إلى الجد الأكبر “عاد” و “ثمود” هم قوم “صالح” ولقبوا بثمود نسبة إلى جدهم الأكبر”ثمود” ، كذلك “فرعون” اسمه “فرعون”ووصفه القرآن بأنه صاحب الأوتاد وأشهر ملوك مصر في إقامة الكثير من المسلات هو “رمسيس” الثاني الذي أتضح لي بقراءتي أن اسمه “فرعون” وفى سورة العنكبوت أية(39) وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ *
وفرعون في هذه الآية ذكر بين “قارون وهامان” .
و”هامان” كان وزيرا لـ “فرعون” و “قارون” الإسرائيلي كان من رعيته كيف يذكر اسم “قارون” قبل اسم “فرعون” .
فلا يذكر لقب لملك بين اسمين لشخصين عاديين .
ذكر “فرعون” في سورة ( ص ) أية(12) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الأَوْتَادِ *
ولم يذكر “فرعون” في آخر الأسماء فقط بل مضاف إليه أنه صاحب الأوتاد وهذا يؤكد أن “فرعون” اسم وليس لقبا له لأن الاسم “فرعون” والصفة ( ذُو الأَوْتَادِ )، وذكر “فرعون” مع أسماء أخرى قبلها في سورة غافر أية(24:23) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ * إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ *
وهنا في قول اللهسبحانه وتعالي أنه أرسل سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” إلى الأشخاص “فرعون وهامان وقارون” .
وليس الألقاب ونلاحظ أن “هامان وقارون” كانا في عهد “فرعون” نفسه وليس في عهد ملوك غيره .
كذلك ذكر “فرعون” مرة قبل “قارون” ومرة أخرى بعده فإذا كان “فرعون” لقب كان سيذكر في كل مرة قبل “هامان” و “قارون” ولكن اللهسبحانه وتعالي ذكره مرة قبل “قارون” ومرة أخرى بعده ليدل على انه اسم لشخص طاغية مثله مثل “قارون” و “هامان” ، ففي سورة النازعات آية(17) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى *
وفى هذه الآية لقب “فرعون” بالطاغية .
والطاغية لقب واللقب للعلم و “فرعون” علم كيف يكون “فرعون” لقب ويلقب بطاغية في نفس الآية .
وذكر “فرعون” باسمه في جميع الآيات وفي سورة الفجر وصفا بذي الأوتاد ، وفي سورة النازعات لقب بالطاغية .
كذلك ذكر في التوراة خروج الإصحاح السادس(11:10) ثم كلم الرب موسى قائلا * أدخل قل لفرعون ملك مصر أن يطلق بنى إسرائيل من أرضة *
وفى نفس الإصحاح(13) فكلم الرب موسى وهارون وأوصى معهما إلى بنى إسرائيل وإلى فرعون ملك مصر في إخراج بنى إسرائيل من أرض مصر *
أيضا في(27) هما اللذان كلما فرعون ملك مصر في إخراج بنى إسرائيل من مصر هذان هما موسى وهارون *
كذلك(29) أن الرب كلمة قائلا أنا الرب كلم فرعون ملك مصر بكل ما أنا أكلمك به *
وفى الإصحاح الرابع عشر(8) وشدد الرب قلب فرعون ملك مصر حتى سعى وراء بنى إسرائيل وبنو إسرائيل خارجون بيد رفيعة *
وذكر “فرعون” في التوراة وبعدة ملك مصر .
أي أن الاسم هو “فرعون” واللقب هو ملك .
وإذا أجتمع القرآن الكريم مع الكتاب المقدس ( التوراة والإنجيل ) متفقين في نقطة محددة أي كانت هي لا جدال ولا نقاش فيها . ولكي يطمئن قلبي من الناحية الدينية .
توجهت في يوم الأربعاء الموافق ( 16 / 7 / 1997 م ) إلى الفاضل رحمة الله عليه فضيلة الشيخ “محمد متولي الشعراوى” ببيته بالهرم وعرضت عليه الأمر في البداية قال :- أن “فرعون” لقب فلقد ذكر “فرعون” في كل الآيات “بفرعون” ولكن ملك مصر في فترة “يوسفصلي الله علية وسلم” ذكر بملك أليس هذا دليل على أن “فرعون” لقب فكان ردى عليه أن اللهسبحانه وتعالي ذكر ملك مصر بملك لأنه آمن “بيوسفصلي الله علية وسلم” ورب “يوسف” ووحد اللهسبحانه وتعالي وعز اسم اللهسبحانه وتعالي في الأرض لذلك كان له التقدير أما “فرعون” فكان يدعي الألوهية .
ففي سورة النازعات آية(24:23) فَحَشَرَ فَنَادَى * فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى *
فكيف يكرمه اللهسبحانه وتعالي ويذكره بلقب تمجيد وهو الطاغية المتكبر .
ثم عرضت عليه الموضوع بجوانبه الدينية والتاريخية والأثرية .
فقال رحمة الله عليه :- أنا لا أعرف في الآثار لكن ما توصلت إليه أرى أنه حقيقة واضحة “ففرعون” بعد أدلتك هذه فعلا هو اسم ، واسترسل قائلا :- ” لقد ذكر ذلك من قبل بعض الباحثين لكنهم لم يستطيعوا الإثبات ولكن بحثك يجعل كل الخيوط المتعلقة بهذا الموضوع في يدك ولكني أخشى ألا تأخذ فرصتك في الآثار فإن ما قدمته قد يهدم كثيرا من أبحاثهم ” .
وآنت تحتاج إلى سند قوى ولا يوجد أقوى من الله .
والقرآن الكريم واضح وصريح لا جدال فيه وفقك الله .
رحمة الله عليه ليت كل مسئولين مصر مثله .
وإذا كان “شامبليون” وجد اسم “بطليموس” ، “كيلوباترا” على حد قوله فأنا وجدت اسم سيدنا “موسى” واسم الطاغية “فرعون” .
فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوى رحمة الله علية
فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوى رحمة الله علية

( 8 ) التاريخ يتحدث
وإذا رجعنا إلى التاريخ وليس تاريخ “شامبليون” لأن قراءته كما وضحت من قبل أنها خطأ وفيها تناقض ولكن التاريخ المدون عن المصريين الصحيح هو :-
“بطليموس” الثاني الملقب بـ “فيلادلفيس” وسمي بهذا الاسم من باب التهكم والسخرية لأنه كان يبغض أخوته وكان وقت تقليده للسلطنة وكان يبلغ من العمر ( 24 سنة ) وقد سار على سيرة أبيه وتفرغ إلى تقديم العلوم وهو الذي أمر ( القسيس المصري مانيتون ) بتأليف ( تدوين ) تاريخ مصر باللغة اليونانية .
ولم يأمر “بطليموس” الكاهن “مانيتون” بتعريف حروف الخط الهيروغليفي بما يقابلها من حروف الخط الإغريقي لذلك ظلت لغة مصر القديمة مطموسة لا يعرف أحد عنها شئ .
لكن صياغة التاريخ وعدد الأسرات وضحه “مانيتون” .
“المأمون” العباسي كانت أثاره من أجل آثار الخلفاء لأنها تدل على ما بلغه العلم والصناعة من السعة والإتقان وقد كان لشدة تعلقه بالعلم والصناعة وكان يبذل النفس والنفيس في سبيل تقدمهما ولولاه لفات العرب كثير من المؤلفات التي كتبت بالفارسية السريانية واليونانية والهندية واللاتينية فهو الذي سعى في نقل أكثرها إلى اللغة العربية ونشط رعيته لمطالعتها والاستفادة منها ولا يقتصر فضله من هذا القبيل على أبناء اللغة العربية فإن أهالي أوروبا عموما مدينون له لأنه حفظ لهم كتابات كثيرة يونانية ولاتينية لولا نقلها للعربية وحفظها فيها لأزالتها يد الزمان كما أزالت غيرها مما نسمع به ولا نراه وكان كلفا بمجالسة العلماء والحكماء لا يخلو مجلسه منهم ولم يكن يقتصر على العلماء من شعبه وملته لكنه استدعى إليه جماعة من علماء النصارى واليهود واليونان والفرس والهنود والمجوس وقربهم منه ولم يفرق بين أحد منهم بالإكرام والسخاء وكان إذا صرفهم إنما يصرفهم متأسفا على مفارقتهم وهم أشد آسفا منه على ذلك لأنهم كانوا يرتاحون إلى مجالسته ، وقد نبغ في أيامه علماء كثيرون من المسلمين وغيرهم بعلوم كثيرة كالفلك والهندسة والفلسفة العقلية وغيرها.
منهم “أحمد بن كثير” الملقب بالفرغانى و “عبد الله بن سهل ومحمد بن موسى وما شاء الله اليهودي ويحي بن آبى المنصور” وقد أقام بواسطتهم الأرصاد الكثيرة وكان عالما بالفلك فكان يعاونهم بالرصد أحيانا في مرصد الشماسية قرب بغداد وأحيانا في المرصد على جبل قيسون قرب دمشق ومن الأطباء الذين كانوا يجالسونه “سهل” بن سابور “وجبرائيل” الذي بحث في الرمد على الخصوص و”يوحنا” بن “البطريق” الملقب بالترجمان لأنه كان يترجم الكتب الطبية من اليونانية إلى العربية ، توفى “المأمون” في ( 18 رجب ) سنة ( 218 هـ ) وكان قدومه إلى مصر في عام ( 216 هـ ) الموافق ( 827 م ) وأثناء وجودة أراد البحث عن حقيقة الأهرام وهدم جزء منها ثم كف عن الشغل لصعوبته بعد صرف مبالغ كبيرة وقال :-
إن الملوك الذين بنوا الأهرام كانوا بمنزلة لا ندركها نحن ولا أمثالنا .
معنى ذلك أن :-
1 – التاريخ المصري القديم المدون عن طريق “مانيتون” باليونانية صحيح .
لكن “مانيتون” ترجم التاريخ المصري القديم إلى اليونانية فقط ولم يترجم أشكال الحروف المصرية القديمة إلى ما يقابلها من الحروف اليونانية .
2- ترجمة الحيثيين ( بالخط المسماري ) عن الحروب بين مصر وخيتا صحيحة لأن “عبد الله المأمون” كان له الفضل في ذلك فقد تولى الخلافة من سنة ( 813 : 833 م ) أي من فترة قريبة وكان الخط المسماري متداول في هذا الوقت .
واللغة المصرية القديمة لا يعلم عنها أحد شئ بعد غزو الرومان سنة ( 30 ق.م ) لتخريبهما معابد قدماء المصريين .
3 – ترجمة التاريخ المصري عن طريق ترجمة الخط اليوناني الذي ترجم في عصر”المأمون” والذي كان مترجما إليه التاريخ المصري عن طريق “مانيتون” في عصر بطليموس الثاني صحيح
4 – كان “شامبليون” قارئا جيدا للغة اليونانية وبطبيعة الحال للغته الفرنسية .
ذكر في كتاب إتحاف أبناء العصر بتاريخ ملوك مصر الموجود بدار الوثائق العامة بالمنصورة أن بعد ترجمة “مانيتون” تاريخ مصر من المصرية القديمة إلى اليونانية وترجم من اليونانية إلى الفرنسية ثم بعد ذلك قام الأستاذ ( “عبد الله” بك الشهير”بأبي السعود” مدير عموم المكاتب الأهلية سابقا ) بترجمته من الفرنسي إلى العربية وجمع المؤلف تاريخها من الدفاتر المصرية القديمة المحفوظة بالهياكل والمعابد المصرية ولم يتبق من هذا التاريخ إلا بعض جزيئات وصلت إلى الفرنج ضمن كتب المؤرخين .
ثم بعد ذلك بدأ “شامبليون” في سردها …!
ومن هنا ندرك أن “شامبليون” استعان بهذه الترجمة لتأكده من صحتها وضبطها مع ترجمته على أنها مترجمة بالهيروغليفية لأن ترجمه “شامبليون” غير مفهومة وحينما يسأل المتخصص ما هذه الترجمة لا أفهم معناه يقول هذا الكلام يعنى ثم يتبع بشرح المعنى وطبعا يكون المعنى إما من ترجمة “مانيتون” الصحيحة من المصرية إلى اليونانية أو من ترجمة الخط المسماري عن طريق سرد الحروب وكان الحيثيون يدونون ملوك مصر في حروبهم معهم بكلمة ( ملك ) لذلك لم يعرف “شامبليون” عن طريق ترجمته من هو “فرعون” وفى أي أسرة كان لخطأ ترجمته وعدم وصوله للحقيقة !!!
ونجد أنه لم يبلغ ملك من ملوك مصر القديمة ما بلغه الملك “فرعون” “رمسيس” الثاني من شهرة في التاريخ القديم فنجد أن مدة حكمه كانت ( 67 سنة ) وتولى الحكم في عام ( 1290 ق.م ) وكانت معركة قادش في العام الخامس من حكمه هي سبب شهرته وذيوع صيته وكانت هي السبب في استكباره وادعائه بأنه قائد للآلهة أهم الأبحاث عن مدينة قادش وعن بعض النقاط الغامضة في هذه المعركة موجودة في كتاب GARDINER, Onomastico, Vol., 1(1947) p.1.37 ffحدث في هذه المعركة أن قبض الجنود المصريين على جاسوسين من بدو فلسطين (الشاسو ) كان أرسلهما “موتلين” ملك خيتا في ذلك الوقت ليعرف تحركات الجيوش المصرية ،واتفقا إذا وقعا في الآسر أن يضللا الجيش المصري بقصة متفق عليها وبعد ضربهما ضربا مبرحا اعترفا بموقع الجيش الخيتى ولكن بغير الحقيقة أن ملك خيتا تقهقر بجيوشه إلى حلب عندما علم بتقدم الجيوش المصرية ، ولكن الحقيقة أن الجيوش الخيتية كلها كانت مختبئة وراء مدينة قادش منتظرة حضور جيوش مصر لملاقيتها ، فأراد “فرعون” أن يسرع خلف عدوه ولم ينتظر حتى تلحق به باقي جيوشه ، ثم عبر “فرعون” نهر العاصي ( الأورونت ) وعسكر بجيشه في الشمال الغربي من المدينة ولم يكن يعلم أن ملك خيتا وحلفاءه كانوا خلف التلال وأنهم قاموا في الوقت نفسه بحركة التفاف وانسحبوا إلى ما وراء قادش على الشاطئ الآخر من النهر ، فلما وصل جيش “فرعون” وبدأ في عبور النهر انتظر المتحالفون حتى وصل بعض الجنود إلى الشاطئ الآخر ، وعند ذلك هجموا على جيش “فرعون” هجوما مفاجئا فلم يستطع الجنود أن يلملموا شملهم ويصمدوا للحرب بل ولى معظمهم فارا من المعركة فحدث اضطراب كبير ولم يكن في وسع “فرعون” إلا أن يحاول جمع شتات جنوده ليدافعوا عن أنفسهم، ولكن هذا الهجوم المفاجئ كان قد خلع قلب الجنود الذين كانوا بمثابة الحرس الخاص لـ “فرعون” وبعد تخلى أكثر رجال “فرعون” عنه لم يجد بدا من الاعتماد على نفسه فأندفع بين المهاجمين .
كان موت “فرعون” في هذه المعركة أكيدا لا محالة لتخلى جنوده عنه وخاصة الحرس الخاص به ووقوعه في الشرك الذي نصبه له ملك خيتا فلقد وجد نفسه وحيدا بين الأعداء هو وقليل من جنوده ولكن …
كان فضل اليهود على فرعون عظيما
حيث وصلت نجدة من شباب الفلسطينيين المجندين ( ثيارونا _ بلغة الكنعانيين ) إلى ميدان المعركة ووجدت حرج مركز “فرعون” فمالت على العدو ميله واحدة فسببت تغيرا في سير المعركة وأنقذت “فرعون” مما كان فيه والسبب الحقيقي ليس من أجل “فرعون” ولكن حقيقة الأمر أن أبناء عمومتهم مقيمين في مصر من فترة سيدنا “يوسف” ، ولكن “فرعون” بدلا من العرفان بالجميل بعد عودته من المعركة اشتد غروره وتضليل من حوله له جعله يستكبر ويطغى وفعل بأبناء عمومتهم ما لا يرضى أحد على وجه الأرض . ففي القرآن سورة القصص أية(4) إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا في الأَرْض وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ المُفْسِدِينَ *
أيضا في سورة البقرة أية(49) وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ العَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفى ذَلِكُم بَلاَءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ *
وفى التوراة خروج الإصحاح الأول(9) فقال لشعبه هو ذا بنو إسرائيل شعب أكثر وأعظم منا(10) هلم نحتال لهم لئلا ينمو فيكون إذا حدثت حرب أنهم ينضمون إلى أعدائنا ويحاربوننا ويصعدون من الأرض(11) فجعلوا عليهم رؤساء تسخير لكي يذلوهم بأثقالهم
وفى نفس الإصحاح(16) وقال حينما تولدان العبرانيات وتنتظرانهن على الكراسي ، إن كان ابنا فاقتلاه وإن كان بنتا فتحيا *
وفعل “فرعون” ذلك لأنه كان يتألم حينما يصله أخبار معايرة بنى إسرائيل المقيمين في مصر للمصريين أنه لولا أبناء عمومتهم ما كان “فرعون” على قيد الحياة وأن فضلهم عليه عظيما .
وبعد ذلك في العام الثامن من حكم “فرعون” قام بحملة كبيرة كانت سبباً في تأكيد صلفه وغروره وبطشه ،ومضت على الحملة الأخيرة أعوام مات فيها “موتلين” ملك خيتا فنشب نزاع بين “أورخى” بن “موتلين” وبين عمة “خاتوسيلى” على الحكم انتهت بتغلب “خاتوسيلى” على ابن أخيه “أورخى” واستيلائه على العرش .
ولم يقف “فرعون” مكتوف اليدين أمام هذا النزاع بين “أورخى” وعمه وأخذ يناصر “أورخى” على عمة “خاتوسيلى”، مما أدى بـ “خاتوسيلى” إلى أن يفكر في شراء صداقة “فرعون” الذي بادر بالترحيب بها وكان ذلك تقريبا في العام الحادي والعشرين ( 21 ) من حكم “فرعون” سنة ( 1269 ق.م ) وأراد “خاتوسيلى” أن يوثق هذه الصلة فجاء زائرا إلى مصر ومعه ابنته ليزفها زوجة إلى “فرعون” . وقد عثر على أصل هذه المعاهدة على لوحين من الطين المحروق في حفائرفنكار في بوغاز كوى في الأناضول في عام ( 1906 م ) ولكن النص لم يدرس وتعرف قيمته إلا في عام ( 1916 م ) وقد نشر”لانجدون” مع “جارد نر” ( Gardiner -Longdon) ترجمة له في J.E.A vol. vi,p.179 ff.، أنظر أيضاً كتاب ديلاورت عن الخيتيين Hittites,P,135_7.-Delaporte,Les أما أوفى الترجمات لهذه المعاهدة فهي المنشورة في كتاب ncient Near Eastern Texts ( 1950 ) وقام بترجمة النص الخيتى “ألبرشت جوتزة” ( ص 201 : 203 ) وترجم النص المصري “جون ولسون” ( ص 199 ) وقد أضاف كلمنهما قراءات جديدة وأعطى بياناً بجميع المراجع الهامة .

من هي السيدة آسيه ؟
اشتهرت هذه السيدة الفاضلة باسم “آسية”
وكان جمالها فائقا لذلك كان “فرعون” يحاول إرضائها رغم إنها كانت عاقرا .
ومعرفة أنها كانت عاقرا .
فهي قد وجدت سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” بعد فترة أربع سنوات قضتها مع “فرعون” و “فرعون” كان له أبناء كثيرة من زوجات أخر كذلك لم تترك لنا المصادر الأثرية شئ عن جثتها أو أبناء لها والسيدة “آسية” هي التي أشار إليها القرآن الكريم في سورة القصص أية(9) وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ *
وقولها :- أو نتخذه ولدا فيه دليل على أنها كانت عاقرا سواء كانت زوجة “فرعون” كما قال القرآن أو ابنته كما ذكر في التوراة فالنتيجة واحدة أنها هي التي ربت سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” واتخذته ولدا .

من هو النبي موسى بن عمران ؟
لقد حكم “فرعون” مدة ( 67 سنة ) وتفيدنا المصادر التاريخية أن “خاتوسيلى” أتى إلى مصر زائرا ومعه ابنته “آسية” في العام الـ ( 21 ) من حكم “فرعون” .
يتبقى إذا من حكم “فرعون” ( 46 سنة ) ووجدت السيدة “آسية” سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” بعد ( 4 سنوات ) من مكوثها في بيت “فرعون” يتبقى من حكم “فرعون” ( 46 – 4 = 42 سنة ) .وسيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” قتل المصري وهو في سن ( 30 سنة ) يتبقى من حكم “فرعون” ( 42 – 30 = 12 سنة ) . وكل المصادر التاريخية ذكرت أن ( خع إم واس ) قد مات في العام ( الخامس والخمسين ) من حكم “فرعون” عن طريق ترجمة “مانيتون” و “عبد الله المأمون” والحقيقة أنه بعد ضرب سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” للمصري وقتله حكم “فرعون” عليه أمام الرعية بالموت .
جاء في سورة القصص أية(20) وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَا المَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ المَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ *
فمكث سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” في مدين ( 10 سنوات ) أيضا في الآية(22) وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيل *
وفى هذه الفترة ذاع الخبر في مصر أن الأمير “موسىصلي الله علية وسلم” ( خع إم واس ) قد مات ، ذكر “فرعون” ذلك ليحافظ على هيبته خوفاٌ من أن يقال أن أحد الرعية هرب من الملك الطاغية .
ثم في مدين وفي نفس السورة أية(27) قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عليكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ *
( 67 – 55 = 12 – 10 = 2 سنة ) يتبقى سنتان من حكم “فرعون” .
وسيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” أتته الرسالة في سن الأربعين .
كما ذكر في القرآن والإنجيل والتوراة .
ويتطابق التاريخ في الفترة الزمنية تماما مع ( القرآن والإنجيل والتوراة ) .
فسيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” مكث مدة السنتان ليجعل “فرعون” يترك بنى إسرائيل يرحلوا من مصر بالحسنى وفيها ظهرت الآيات التسع لـ “فرعون” التي ذكرت القرآن الكريم ، وأيضا ذكرت في التوراة .
أطلق العلماء على سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” اسم ( خع إم واس ) وحقيقة الأمر غير ذلك فهو أسمه “موسى” وأسمه مكتوب في معبد “أبى سنبل” بعد أن نزلت الرسالة عليه ولكن يقرأ ( نب ت جو إن ) طبقا لترجمة “شامبليون” .
فالذي لا يعرفه علماء الآثار أن قدماء المصريين كانوا يسجلون أسم الشخص تبعا لوضعه الاجتماعي حين ذاك .
فكان الحرف الواحد يتخذ أكثر من شكل وهذا يرجع إلى تعدد شكل الحرف الواحد .
أعنى تعدد الحركة عليه .
فسيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” كانت حروفه تكتب وهو أمير بفخامة :-
مثل اليم كتبت هكذا وهو أمير ( م (خع) ) وترجمها “شامبليون” ( خع ) .
ثم أصبحت هكذا ( م (نوا) ) بعد نزول الرسالة عليه وترجمت على أنها ( نوا ) .
ويلاحظ أن الحروف كانت متقاربة تماما في الشكل ولكن الفرق كان تميز منظر حرف الملك عن الأمير عن الشخص العادي مثال ذلك :- حرف الواو في “فرعون” كانا بهذا الشكل ( و (استب) ) وترجمه “شامبليون” ( استب ) وهذا الرسم الصغير عبارة عن يد ممسكة بكتلة من الأسلحة .
وكانت الواو في سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” وهو نبي بهذا الشكل ( و (جو) ) وترجمها “شامبليون” ( جو ) .
وكانت الواو في المحارب هكذا ( و (وب) ) وترجمها “شامبليون” ( وب ) .
وكانت الواو في الكاهن هكذا ( و (كا) ) وترجمها “شامبليون” ( كا ) .
وكانت الواو في الخباز هكذا ( و (دة) ) وترجمها “شامبليون” ( دة ) .
وكانت الواو في الأمير المحارب من داخل البيت الحاكم هكذا ( و (نخت) ) وترجمها “شامبليون” ( نخت ) .
وكانت الواو في الأمير المحارب من خارج البيت الحاكم هكذا ( و (جسر) ) وترجمها “شامبليون” ( جسر ) .
ونلاحظ أن الواو كانت لها أشكال كثيرة ولكنها متقاربة ولكن الفرق في كتابه أشكالها الوضع الاجتماعي لصاحب شكل الحرف .
ونجد أن اسم سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” مسجل على أثار مصر كلها لأنه كان يرمم أثار مصر وكان يسجل أسمه عليها.

علاقة النبي موسى بالعجل أبيس ؟
كان سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” مشهورا بالاهتمام بالعجل “أبيس”
وليس عبادته كما أوهم “السامري” بنى إسرائيل لأن هذا فن .
سيدنا “محمدصلي الله علية وسلم” نزل بمعجزة القرآن الكريم وسط قوم كانوا مشهورين بالبلاغة .
سيدنا “عيسىصلي الله علية وسلم” نزل بمعجزة أحياء الموتى وشفاء الأبرص وتكلم في المهد وسط قوم مشهورين بالطب .
سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” نزل برسالته وسط قوم كانوا مشهورين بالسحر ونحت الحجارة ( الفن) .
أنا لم آتى بشيء من عندي ولكن كما ذكرت سابقا أحجار مصر التي خلفها القدماء هي التي تتحدث وتنبئنا عن أخبار الأولين .
العجل ابيس

هل عبد موسىصلي الله علية وسلم في الجاهلية العجل أبيس ؟
ليس معنى أن سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” كان يهتم بالعجل “أبيس” أنه كان يعبده .
لا لم يحدث هذا أبدا لأنه لا يوجد نبي أرسل من عند اللهسبحانه وتعالي وعبد غير اللهسبحانه وتعالي
ففي القرآن سورة سبأ أية(12:13) وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ القِطْرِ وَمِنَ الجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ * يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ*
هل معنى ذلك أن سيدنا “سليمانصلي الله علية وسلم” كان يجعل الجن تصنع له التماثيل ليعبدها …!
طبعا لا لآن هذا فن كان سيدنا “سليمانصلي الله علية وسلم” يتحدى به فناني الأرض .
وتأكيدا أن سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” هو الشخص بعينة الذي أطلق عليه العلماء ( خع إم واس)
جاء في سورة طه آية(88) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ *
فنجد هنا “السامري” اختار العجل “أبيس” كإله لأتباع سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” دون باقي الآلهة التي كان يعبدها القدماء المصريين وصدقه كل بنى إسرائيل بسهولة وساروا على دربه بعد قوله لهم أن سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” نسى ربه هنا وذهب يبحث عنه لأن كل بنى إسرائيل والمصريين كانوا يعرفون أن سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” قبل نزول الرسالة عليه وهو أمير كان يهتم بالآثار وبترميمها وخاصة :- العجل “أبيس” فإن تفحصنا العجل “أبيس” أو ( البقر ) عموما فهو يمثل الخصوبة ونجدها يخرج منها اللبن ثم من اللبن :-
1 ـ الجبن 2 ـ القشدة 3 ـ والسمن 4 ـ الزبد .
ومن هنا نجد نظرة سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” إلى العجل “أبيس” نظرة نبي متأمل في حسن خلق اللهسبحانه وتعالي وليس عبادته
كما أوهم “السامري” بنى إسرائيل في غياب سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” ، فجاء بعد ذلك في سورة البقرة أية(67) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الجَاهِلِينَ *
وسيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” أتته الرسالة في سن الأربعين .
يتبقى إذا من عمر “فرعون” ( 6 سنوات ) منهما ( 4 سنوات) تقريبا .
عاشت فيهم السيدة “آسيه” في بيت “فرعون” دون إنجاب .
ذكرت السيدة “آسية” في القرآن الكريم زوجة “فرعون” وذكرت في التوراة على أنها ابنة “فرعون” وسواء كانت أبنه “فرعون” أو زوجته فالنتيجة التاريخية واحدة أنها كانت تعيش في بيت “فرعون” ولها رأى وتأثير ذو قيمة عند “فرعون” يؤهلها لتبنى سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” واتخاذه كابن لها سواء كان “فرعون” زوجها آو والدها فقد نفذ رغبتها ، يتبقى إذا سنتان من عمر “فرعون” وهما التي نزل فيهم الآيات التسع وقام فيهما سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” بمواجهه “فرعون” والسحرة .
وهذا يدل على أن هذا الشخص هو بعينة “فرعون” لا محالة فكل الأدلة والشواهد تؤكد هذا
ففي سورة القصص أية(14) وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ *
أيضا في سورة الأحقاف أية(15) وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْه إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ التي أَنْعَمْتَ على وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي في ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ المُسْلِمِينَ *
وفى التوراة تنبيه الإصحاح الثاني(7) لأن الرب إلهك قد باركك في كل عمل يدك عارفا مسيرك في هذا الفقر العظيم الآن أربعون سنة للرب إلهك معك لم ينقص عنك شئ *
وفى نفس الإصحاح(14) والأيام التي سرنا فيها من قاد ش برنبع حتى عبرنا وادي زارد كانت ثمانية وثلاثين سنة
أيضا في تنبيه الإصحاح الحادي والثلاثون(1) فذهب موسى وكلم بهذه الكلمات جميع إسرائيل (2) وقال لهم ، أنا اليوم ابن مائة وعشرين سنة .
أي أن ( 40 + 38 = 78 – 120 = 42 ) وسنتين كان فيها التحدي بين “فرعون” هو والسحرة وبين سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” يصبح المجموع ( 42 – 2 = 40 ) .
معنى ذلك أن سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” قضى على “فرعون” وكان يبلغ من العمر ( 42 سنه ) وتتطابق هنا الفترة الزمنية بين القرآن الكريم والتوراة تطابقا تاما .
ولزيادة التأكد من الفترة الزمنية بين أسرات قدماء المصريين بعضهم البعض فمومياواتهم ( جثثهم ) موجودة حاليا و ( كربون 14 ) موجود .
فالعلم يؤكد وليس التخمين كما فعل “شامبليون” .
وفى الإنجيل أعمال الرسل الإصحاح السابع(30) ولما كملت أربعون سنة ظهر له ملاك الرب في برية جبل سيناء في لهيب نار عليقه *
رغم أن الإنجيل معظم حديثة عن السيد “المسيحصلي الله علية وسلم” إلا إنه حدد سن سيدنا “موسىصلي الله علية وسلم” أثناء نزول الرسالة عليه في أعمال الرسل وهنا يتطابق القرآن مع الإنجيل مع التوراة تطابق تام والكتب السماوية الثلاثة متوفرة وفى متناول يد الجميع أيضا نجد في أخر سنتين من حكم “فرعون” ظهر ضعف شديد في البلاد لأن الآيات التسع نزلوا على “فرعون” وقومه .
ففي القرآن سورة الإسراء أية(101) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُوراً *
وفى سورة الأعراف أية(133) فَأَرْسَلْنَا عليهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً مُّجْرِمِينَ *

( 9 ) لغز حجر رشيد [ مرسوم منف ]
جاء في موسوعة مصر القديمة الجزء السادس عشر للدكتور “سليم حسن” عن مرسوم منف ( حجر رشيد ) يحتوى مرسوم منف الذي عثر عليه في رشيد على ثلاثة نصوص وهو النص الإغريقي والنص الديموطيقى ( لغة الشعب ) والنص الهيروغليفي أو الكتابة المصرية المقدسة ،
وقد كان المفهوم أن كل نص من هذه النصوص الثلاثة يعتبر ترجمة حرفية للآخر وهذا مخالف للحقيقة ويرجع السبب في ذلك إلى أن لكل لغة من هذه اللغات مصطلحاتها وتعابيرها الخاصة بها .
ومن أجل ذلك كان لزاما علينا أن نورد هنا ترجمة كل نص من هذه النصوص الثلاثة .
كي يقارن القارئ بنفسه بين النصوص الثلاثة ويتأكد من خطأ شامبليون في ترجمته لحجر


سليم حسن يشكك في ترجمة شامبليون
وبقراءتنا للترجمة الكاملة للنصوص الثلاثة في موسوعة مصر القديمة نتبين الآتي:-
1 – بشهادة الدكتور “سليم حسن” أن الترجمة في الثلاث لغات غير متطابقة رغم أن المعروف على مستوى العالم أن “شامبليون” كان يعرف الإغريقية وبناء عليه استطاع أن يترجم الهيروغليفية المكتوبة على الحجر بنفس النص الإغريقي على حد قوله.
2 -رغم الخطأ الذي أوضحه د.”سليم حسن” في النص الإغريقي ” يلحظ أنه من بداية السطر الأربعين في المتن الإغريقي أن الكسر في اللوحة من الجهة اليمنى قد أصبح كبيراً مما أتلف المتن بعض الشيء ومن ثم أصبحت قراءة بعض الكلمات غير مؤكدة .
وعلى ذلك فقد لعب التخمين دورا في ملئها وأصبح المعنى ليس مؤكدا نتيجة لذلك.
نلاحظ أن النص الإغريقي نفسه يوجد فيه تخمين أيضا ؟؟؟
3 – “هيرودوت” الذي زار مصر فترة أبسمتك الأول لم يستطيع فهم اللغة المصرية القديمة بسبب تغير اللغة من فترة الأسرة الخامسة والعشرون قبل الميلاد ( 25 ق.م ) وكانت كل أحاديثه عن مصر مجرد روايات قال أو ( زعم ) انه سمعها من الكهنة رغم تعارض معظم الباحثين والمكتشفين على رواياته.
4- القسيس “مانيتون” الذي ترجم لغة مصر القديمة إلى اليونانية كان في عصر “بطليموس” الثاني ولم يعاصر “بطليموس” الخامس كي يترجم له لغة مصر القديمة التي عجز “الإسكندر” عن فهمها .
5 –”بطليموس” الثاني الذي اجتهد في استكشاف منبع النيل وأرسل لذلك حملة إرساليات واستكشف أيضا السودان والنوبة وجنوب بلاد ( مرو ) وقد جدد عملية حفر ترعة السويس كان له الفضل في تدوين تاريخ الأسرات المصرية القديمة عن طريق “مانيتون” وقد ترجمت التوراة بالترجمة السبعينية المشهورة في عصره في حين أن المرسوم ترجم بعد ذلك بفترة كبيرة .
6 – “ذي النون” المصري ( رائد الصوفية ) كان موجودا في عصر “المأمون” العباسي الذي كان حريصا على انتشار الترجمات من اللغات المختلفة إلى اللغة العربية لذلك حفظت في العربية .
و” ذى النون” المصري كان يقرأ اللغة المصرية القديمة .
ومن هنا نجد أن ترجمة مرسوم منف بالقراءة التي ابتدعها “شامبليون”
وهم عاش فيه العالم منذ ( 200 سنة ) تقريبا !!! .

د. يوسف زيدان-الحسبة على الأفكار والأفئدة ( اعتدائى على التراث الإسلامى)7\7


فى العام ٢٠٠٧ دُعيتُ إلى ألمانيا (دعوة خاصة)، للمشاركة فى مؤتمر المستشرقين الألمان، الذى يُعقد كلَّ أربعة أعوام، بحضور قرابة ألف مستشرق ألمانى، فى مدينة فرايبورج الألمانية، الواقعة فى قلب المنطقة الشاسعة المسماة من شدة اخضرارها: الغابة السوداء.
وكانت دعوتى للمؤتمر (خاصة) لعدة أسباب، أولها: أنه ليس من عادة هذا المؤتمر استضافة باحث غير ألمانى، ناهيك عن كونى غير أوروبى. وثانيها: أن المشاركة المطلوبة منى فى المؤتمر، كانت إلقاء محاضرة عن تجربتى فى تحقيق كتاب «الشامل لابن النفيس»، احتفاءً بحصولى على جائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمى (للمرة الثانية) عن تحقيقى لهذا الكتاب/ الموسوعة، الذى صدر عن المجمع الثقافى بأبوظبى فى ثلاثين جزءاً، عدَّها المتخصصون إضافةً كبرى فى ميدان العمل التراثى..
ولأن الناس فى بلادى جارحون كالصقور (كما يقول صلاح عبدالصبور) لم يلتفتوا إلى نشرتى للكتاب، ولم يحتفوا بحصوله على الجائزة؛ فقد كان الاهتمام الألمانى بمشاركتى فى المؤتمر، أمراً ذا خصوصية.
وكانت الدعوة «خاصة» لأن المؤتمر انعقد فى المدينة، التى اكتشف فيها الطبيب المصرى (محيى الدين التطاوى) سنة ١٩٢٤ميلادية، أن ابن النفيس هو مكتشف الدورة الدموية الصغرى، قبل وليم هارفى بمائتى سنة.
ومن جامعة فرايبورج حصل هذا الطبيب المصرى النابه، على درجة الدكتوراه فى السنة المذكورة، برسالته الجامعية التى كانت بعنوان: الدورة الدموية الصغرى عند ابن النفيس!
■ ■ ■
كانت أيام المؤتمر بديعة التنظيم، متعددة الفوائد، خاصةً أنه انعقد فى الجامعة ذاتها التى اشتهرت عالمياً بأن اثنين من أساتذتها صارا من أهم مفكرى وفلاسفة القرن العشرين، هما: هيدجر وهوسرل.. المهم، أنه بعد وصولى إلى القاهرة، وفى طريقى إلى الإسكندرية، تلقيتُ اتصالاً تليفونياً من (مدير نيابة شرق الإسكندرية) يستدعينى للمثول بين يديه. استفسرتُ منه عن السبب، فقال إننى سوف أعرف حين أحضر التحقيق.
تحقيق نيابة! ما الذى اقترفته حتى تُحقِّق معى النيابة؟.. انجلى الأمر العجيب وتوالت الغرائب، حين دخلتُ على مدير النيابة، فواجهنى على الفور بالسؤال الذى تتالت بعده الأسئلة التى مفادها :
س: كيف ترد على اتهامك بالاعتداء على التراث العربى الإسلامى؟
ج: لستُ متَّهماً بذلك حتى أردّ الاتهام.
س: بل أنت مُتَّهمٌ، وهذا تقريرٌ كتبه ثلاثة أساتذة كبار، يؤكِّد أنك اعتديت على التراث العربى لأنك نشرت كتاباً لأبى بكر بن زكريا الرازى، عنوانه (مقالة فى النقرس)، ذكرت فيه أن الرازى كان يقول بمبدأ القدماء الخمسة، وهناك خمسون خطأً آخر فى كتابك.
ج: ولكن الرازى كان يقول فعلاً بذلك، وله بالفعل رسالة بعنوان (القول فى القدماء الخمسة)، نشرها فى مصر سنة ١٩٣٤ الباحث الشهير باول كراوس، الذى كان يعيش فى القاهرة ويدرِّس بجامعتها. وهناك كتاب لأبى حاتم الرازى، فى الرد على أبى بكر الرازى فى قوله بالقدماء الخمسة. وهو أيضاً كتاب منشور ومتداول.. فأين الخطأ الأول، وما هى بقية الأخطاء الخمسين التى وقعتُ فيها؟
مَدَّ لى مدير النيابة يده بالتقرير الذى فيه الأخطاء الخمسون المزعومة، فرأيت العجب العجاب: خطأ لأننى قلت كذا وكذا اعتماداً على المرجع الفلانى، وكان يمكن لى أن أرجع إلى المرجع العلاَّنى! خطأ لأننى فهمتُ كلمة كذا على النحو الفلانى، وهى تحتمل أيضاً المعنى العلاَّنى! خطأ لأن المطبعة قرنت بين حرفى النون والراء فى كلمة كذا، فصار من الجائز أن تقرأ على النحو الفلانى، مع أن صوابها النحو العلانى!.. ثم بلغت هذه (العلل) مداها، حين ضبط التقرير خطأً مريعاً ورد كما يلى: فى صفحة كذا سطر كذا، توجد (فصلةٌ) وصوابها أن تكون فصلة منقوطة!!
سألتُ مدير النيابة، ما دام الأساتذة الذين كتبوا التقرير لهم مآخذ على نشرتى لمخطوطة الرازى، فلماذا لم يكتبوا مقالاً عن ذلك وينشروه فى مجلة علمية، أو حتى فى جريدة يومية؟ وإذا كانوا غيارى على تراث أبى بكر الرازى، فلماذا لم ينشروا أى مخطوطة من مخطوطاته الكثيرة المنسية؟.. قال مدير النيابة: هذا ليس موضوعنا الآن.
■ ■ ■
مبتدأ هذه القصة أننى رفضت بحثاً تقدم به «شخص» كان يريد أن يشارك فى مؤتمر علمى، انعقد تحت رئاستى. وقد رأت اللجنة التى تراجع البحوث، أن المقترح المقدَّم من هذا الشخص، لا يرقى للمشاركة فى المؤتمر. فلما أبلغته بذلك، ثار وانهار وتوعدنى بالويل والثبور وعظائم الأمور، وأمطرنى بمحاضر بوليس، تدَّعى أننى أحول دون دخوله المؤتمر.
ثم راح ينشر مقالات ضدى، فى الجرائد محدودة الطبعات، ويتطاول علىَّ بالقول ويبالغ فى السبِّ والقذف من غير داعٍ.. وظل على هذا الحال زمناً، أقمتُ ضده دعوى (سبّ وقذف) فصدر فيها الحكمُ ضده بالإدانة، وتم تغريمه خمسة آلاف جنيه، وبإحالة الأمر إلى قاضٍ مدنى، لتحديد قيمة التعويض المناسب لى، نظير جنايته علىَّ بالسبِّ والقذف.. ولا تزال القضية هذه منظورة أمام القضاء المدنى، حتى اليوم، لتحديد قيمة التعويض الواجب!
وعلى صعيدٍ موازٍ كان هذا الشخص، يبعث بما لا حصر له من شكاوى وشكايات ونكايات، إلى كل الجهات: محافظ الإسكندرية، مدير مكتبة الإسكندرية، الصحف القومية والحزبية.. ويفرح كلما نظر أحد هؤلاء فيما أرسله، ولا يحزن حين ينتهى الأمر بالوريقات التى يرسلها، إلى سلة المهملات.
وفى لحظة (إبداع) قرر أن يرسل بشكاواه للنائب العام كى يتحرك ضدى على اعتبار أنه صاحب الحق فى نظر التهمة التى كان يطلقها هذا الشخص علىَّ، فى مقالات السبِّ والقذف التى أُدين بسببها.. وأحال النائب العام الأمر للنيابة، فكانت تحفظ التحقيق مرةً بعد مرة، فيعاود هو تقديم الشكايات مرةً تلو المرة، على اعتبار أنه «غيور» على التراث الإسلامى، و«حريص» على عدم الاعتداء على «الإمام» الرازى.
ثم أحالت النيابة الأمر إلى وزارة الثقافة لإعداد تقرير، فاعتذرت الوزارة لأنها ليست جهة اختصاص. فاقترح الشخص المشار إليه أن تُسأل فى الأمر كلية الآداب بجامعة القاهرة (مع أنها ليست جهة اختصاص أيضاً) فأرسلت النيابة تطلب تقريراً، فجاءها تقريرُ الأخطاء الخمسين المشار إليه فيما سبق.. وقد تم نشر هذا التقرير بالصحف والمجلات المصرية، قبل أن يصل إلى (النيابة) التى طلبته، بأكثر من شهرين!
المهم، أننى سألتُ مدير النيابة عن الخطوة التالية بعد التحقيق، فقال أيامها إنه سوف يرسل إلى وزارة الثقافة، كى يستطلع رأيها فيما إذا كان من الواجب محاكمتى، على اعتبار أن وزارة الثقافة هى التى لها الحق القانونى فى تحريك الدعوى القضائية! اندهشتُ من كلامه، وسألته: محاكمتى على ماذا؟
قال: الاعتداء على التراث.. أفهمته أن هذا الأمر مخزٍ لنا جميعاً، وأن كتابى (مقالة فى النقرس) و(الشامل فى الطب) نالا جائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمى، بعد تحكيم دولى قام به متخصصون معروفون دولياً بمكانتهم العلمية، وأن كتابى المشكو به، لم أتقاض عليه أى أجر أو مقابل لأنه صدر عن مؤسسة غير ربحية، وهو يُباع بسعر التكلفة.. قال: هذه هى الإجراءات القانونية، ولا بد من اتباعها.
سألتُ المحامين والعارفين بهذه الأمور، فأجمعوا أن «وزارة الثقافة المصرية» لا يمكن أن تُحيل هذا الموضوع إلى القضاء، لأن نية «الاعتداء على التراث» غير متوفرة فى كتابى الذى بدأته بالإعلان عن مكانة الرازى المتميزة، وانتهى بتقديم نص مخطوط ظل لأكثر من ألف عام مجهولاً.. وأكَّدوا أن وزارة الثقافة المصرية تعرف أننى قدمت للتراث العربى الكثير، فهرسةً وتحقيقاً وبحثاً وتأليفاً، ومن غير المعقول أن تقرر محاكمتى بتهمة كهذه.
■ ■ ■
لكننى قبل شهرين، فوجئت بأن الأمر تحوَّل بالفعل إلى محاكمة! وأن هناك قضية منظورة حالياً بالمحكمة، لأن (الوزارة) رأت أن تقرير (جامعة القاهرة) يستوجب أن أُحاكم بتهمة الاعتداء على التراث ! نعم، الوزارة ذاتها التى صدر منها قبل عام «قرار وزارى» بعضويتى فى اللجنة القومية العليا للمخطوطات، وهى اللجنة التى ما زلتُ عضواً فيها. والجامعة ذاتها التى صدر من رئيسها، قرار باختيارى عضواً فى مجلس إدارة مركز التراث العلمى والمخطوطات بجامعة القاهرة، وهو مجلس الإدارة الذى ما زلت عضواً فيه.
وبعدما مرت عدة جلسات فى هذه المحاكمة المنظورة حالياً فى (محكمة الدخيلة) تم تحديد جلسة يوم ٢٠/٦/٢٠١٠ لإصدار الحكم. ولذلك، فلن أخوض هنا فى تفاصيل القضية، احتراماً لحق القضاء فى نظرها، وسوف أتقبل راضياً ما سوف تسفر عنه قضية الحسبة هذه، من نتائج منصوص عليها فى القانون: السجن، الغرامة، البراءة..
وللأسف، فلا يوجد ضمن هذه الأحكام المنصوص عليها، شىء من نوع: الاعتذار لشخصٍ قضى عمره فى ترميم الذاكرة، وقام بنشر خمسة وعشرين ألف صفحة من تراثنا، أنفق فيها ثلاثين سنة من عمره واحتمل فى سبيل التراث المخطوط ما لا يُحتمل؛ ثم حاكمناه بتهمة الاعتداء على التراث الإسلامى، لأن شخصاً راح يرسل بالشكايات، زاعماً أنه حريص على تراث هذا الوطن (مع أن الرازى ليس مصرياً أصلاً، ولا زار مصر يوماً)..
ولكن ما العمل، هذا هو «التراث الإسلامى» الذى يزعم الزاعمون أنهم «الغيورون» عليه، ويستعملون هذه الغيرة للإغارة وشن الغارة على العاملين بصدقٍ فى ميادينه الرحيبة.. وهذا هو «الوطن» الذى قال فيه صديقى الشاعر أحمد الشهاوى، فى قصيدة له نشرها فى شبابه المبكر، شعراً:
ثم من؟
وطنى.
ثم من؟
وطنى.
ثم من؟
وطنى.
واللهِ ما جئناك يا وطنى، إلا لنشرب نخب حسرتنا.

د. يوسف زيدان-الحسبة على الأفكار والأفئدة (مطاردة طه حسين)7\6


أخطأ الدكتور طه حسين، عميد الأدب العربى، حين أهدى كتاباً له «إلى الذين لا يعملون ويضيرهم أن يعمل الآخرون» .. ولخطأ العميد فى هذا (الإهداء) عدة وجوه. أولها أن هؤلاء الذين ذكرهم لا يستحقون أصلاً أن يُهدى إليهم كتاب، ولا عبارة، ولا كلمة، ولا حتى حرف!
فهؤلاء أقل من أن يشغل باله بهم، وليس لهم إلا مزبلة التاريخ التى آلت إليها أهواؤهم ونواياهم الخبيثة. وإلا، فمن يذكر الآن، بعد عقود قليلة، أسماء هؤلاء الذين «ناكفوا» العميد، ولاحقوه بجحيمهم المستعر، وصخبهم الطَّنَّان.. فى وقت كان أفاضل المفكرين المصريين من أمثال الرافعى ومحمد فريد وجدى ومحمود شاكر، يناقشون أفكار العميد فكرةً بفكرة، وكتاباً بكتاب.
وأخطأ العميد، بالوجه الثانى، حين ظنَّ أن كلامه إلى هؤلاء «الذين لا يعملون .. إلخ» فيه إدانة لهم. وهم فى حقيقة أمرهم لن يشعروا يوماً بالإدانة، مهما قيل لهم من عبارات تأنيب فيها تلويح وتعريض بالمراد. لأنهم مع ذلك التنطع والتلكؤ، لن يدركوا يوماً المعنى الذى أشار به طه حسين إليهم، فهم أولئك الذين وصفهم أمل دنقل بأنهم «يحبون الثريد وامتطاء العبيد» فأنَّى لهم أن يدركوا دلالة هذا الإهداء.
وأخطأ العميد، بالوجه الثالث، حين ظنَّ أن الذين لا يعملون «يضيرهم أن يعمل الآخرون» فهم فى واقع الأمر لا يتضررون فحسب، وإنما فى واقع الأمر يعملون ضد الذين (يعملون) الخبائث، ليقهروا «الذين يعملون» ويكرهون النور لأنه لا يناسب العميان الذين لا يخلو منهم مجتمع إنسانى.
ولطالما اجتهدوا، وعملوا، من أجل إطفاء نور العقول، حسبما رأينا فى المقالة الخامسة السابقة، من هذه السباعية الحالية التى أردتُ من خلالها أن أقول إن الحسبة على الأفكار والأفئدة، كانت دوماً سيفاً مصلتاً على كل مفكر وعالم وأديب وفقيه، دون تمييز، وكلَّما تراخى المجتمع وتقاعس عن مواجهة هؤلاء (المحتسبين) القدامى والمعاصرين، تحدث المحن وتجرى الويلات وتتقصَّف الأقلام ويقع الظلم والإظلام التام.
■ ■ ■
بدأت محنة طه حسين بدايةً تافهة، حين أراد أحد الأشخاص المغمورين أن يلقى محاضرة عامة، فى كلية الآداب بجامعة القاهرة (الجامعة المصرية الوحيدة آنذاك) فرأى طه حسين أن هذا الشخص غير مؤهل لذلك، وموضوع محاضرته غير جدير بإقامتها..
وكان طه حسين فى موقفه هذا، ينتصر للجدية فى مواجهة السبهللة (هذه الكلمة فصيحة فى لغتنا!) ويُعلى من مكانة الجامعة حتى لا يركب مدرجاتها الجهلة والمتنطِّعون ومحبو الثريد (الفَتَّة) لأنه كان قد درس فى السربون، وتعلَّم جيداً، وأراد أن يتعلم الناس فى مصر علماً جيداً، ويلحقوا بركب التقدم الإنسانى الحديث بالصيغة التى طرحها بعد ذلك فى كتابه (مستقبل الثقافة فى مصر) حيث طرح الرؤية الخاصة بالثقافة المتوسطية، التى نجتهد الآن فى تطبيقها، بعناء وعنت شديدين.
المهم، قام هذا «الشخص» الذى رُفض اقتراحه، بإثارة الغبار فى الوجوه، وأشعل حرباً ضد طه حسين متهماً إياه بازدراء الأديان! وتعلَّق بفقرات من كتاب (فى الشعر الجاهلى) ولم يرد عليها، أو يواجه الكتاب بكتاب، أو يناقش الأفكار التى طرحها طه حسين.. وإنما قام هذا الشخص بتقديم بلاغ للنيابة! وقد حدثنا خيرى شلبى فى كتابه (محاكمة طه حسين) عن بقية الوقائع، فكان مما رواه:
«فى يوم ٣٠ مايو سنة ١٩٢٦ تقدم الشيخ حسنين الطالب بالقسم العالى بالأزهر، ببلاغ لسعادة النائب العمومى، يتَّهم فيه الدكتور طه حسين الأستاذ بالجامعة المصرية، بأنه ألَّف كتاباً أسماه (فى الشعر الجاهلى) ونشره على الجمهور، وفى هذا الكتاب طعن صريح فى القرآن» ..
وكان من الممكن أن يُحفظ هذا البلاغ ولا يلقى اهتماماً مذكوراً، لولا أن شيخ الجامع الأزهر، أرسل بتاريخ ٥ يونيو سنة ١٩٢٦ إلى سعادة النائب العمومى، خطاباً يبلغه بتقرير رفعه علماء بالجامع الأزهر عن كتاب ألفه طه حسين المدرِّس بالجامعة المصرية أسماه (فى الشعر الجاهلى) كذَّب فيه القرآن صراحةً وطعن فيه على النبى صلى الله عليه وسلَّم وعلى نسبه الشريف، وأهاج بذلك ثائرة المتدينين، وأتى فيه بما يخلُّ بالنظم العامة ويدعو الناس إلى الفوضى!
وطالب شيخ الأزهر باتخاذ الوسائل القانونية الفعالة، ضد طه حسين وتقديمه للمحاكمة.. وبتاريخ ١٤ سبتمبر سنة ١٩٢٦ تقدم عبد الحميد البنَّان عضو مجلس النواب، ببلاغ ذكر فيه أن الأستاذ طه حسين المدرس بالجامعة المصرية، نشر ووزَّع كتاباً أسماه (فى الشعر الجاهلى) طعن وتعدَّى فيه على الدين الإسلامى، وهو دين الدولة، بعبارات صريحة.
وكان الأسلوب الذى يتخذه طه حسين فى بحثه، أسلوباً أوروبياً لم يكن سائداً ولا معروفاً فى مصر، هو (المنهج الديكارتى) أو منهج الشك من أجل الوصول إلى اليقين، وقد استخدمه طه حسين، بأن بدأ بالشك فى الأحكام السابقة التى صدرت عن الشعر الجاهلى، ومسح عنها قشرة الزمن وعرَّضها للضوء، ثم أعاد النظر فيها وفى النصوص نفسها، على هَدْىٍ من ثقافته العصرية المتجدِّدة والمتطوِّرة، وانتهى إلى أن الشعر الجاهلى فى حقيقة أمره منتحل (مزوَّر) وأن الحياة الدينية والسياسية والعقلية والاقتصادية للعرب قبل الإسلام، لا يمكن أن يمثلها الشعر الجاهلى..
ولم تكن أزمة (فى الشعر الجاهلى) هى الأولى فى حياة طه حسين، فقد سبقتها أزمة كتابه (تجديد ذكرى أبى العلاء) التى بدأت بطعن قدَّمه أحد أعضاء الجمعية التشريعية، واتهم فيه طه حسين بالإلحاد، وطالب بحرمانه من حقوق الجامعيين، وسحب شهاداته وإجازاته الدراسية، بالرغم من أن ذلك الكتاب أجازه للدكتوراه، ثلاثةٌ من أئمة علماء الأزهر. لكن تلك الأزمة ماتت فى مهدها، حيث أخمدها (سعد زغلول) الذى كان رئيساً للجمعية التشريعية آنذاك، إذ استدعى الطاعن وأقنعه بسحب الطعن، لأنه يسىء إلى الجامعة المصرية وإلى الأزهر معاً.
■ ■ ■
نأتى لتحقيق النيابة مع طه حسين، وهو التحقيق الذى نَشَرَتْ نصه الكامل (مطبعة الشباب) فى كتيب صدر سنة ١٩٢٧، وبين يدى نسخة منه أُرسلت إلى طه حسين! نقرأ فى الكتيب نصَّ التحقيق الذى بدأ بما يلى:
س: هل يمكن لحضرتكم الآن تعريف اللغة الجاهلية الفصحى، وبيان الفرق بين لغة حِمْيرَ ولغة عدنان، ومدى هذا الفرق، وذكر بعض أمثلة تساعدنا على فهم ذلك؟
ج: قلتُ إن اللغة الجاهلية فى رأيى، ورأى القدماء والمستشرقين، لغتان متباينتان .. ولغة حِمْيرَ مخالفة للغة العربية الفصحى. وأما إيراد النصوص والأمثلة، فيحتاج إلى ذاكرة لم يهبها الله لى، ولا بد من الرجوع إلى الكتب المدوَّنة.
س: هل يمكن لحضرتكم أن تبينوا لنا هذه المراجع، أو تقدِّموها لنا؟
ج: أنا لا أقدِّم شيئاً.
س: هل يمكن لحضرتكم أن تبيِّنوا، إلى أى وقتٍ كانت اللغة الحِمْـيَرِية موجودة، ومبدأ وجودها إن أمكن؟
ج: مبدأ وجودها ليس من السهل تحديده، ولكن لا شك فى أنها كانت معروفة تُكتب قبل القرن الأول للمسيح، وظلت تُتكلم إلى ما بعد الإسلام، ولكن ظهور الإسلام وسيادة اللغة القُرشية، محا هذه اللغة شيئاً فشيئاً، كما مُحى غيرها من اللغات المختلفة فى البلاد العربية وغير العربية، وأقرَّ مكانها لغة القرآن.
س: هل يمكن لحضرتكم أيضاً، أن تذكروا لنا مبدأ اللغة العدنانية، ولو بوجه التقريب؟
ج: ليس من السهل معرفة مبدأ اللغة العدنانية، وكل ما يمكن أن يُقال بطريقة علمية، هو أن لدينا نقوشاً قليلة جداً، يرجع عهدها إلى القرن الرابع للميلاد..
■ ■ ■
وبعد كثيرٍ من (السين والجيم) فى تلك القضية العلمية التى كان يجب مناقشتها فى المؤتمرات والمحافل المتخصصة، وليس فى سراى النيابة. وهى قضية ملخصها أن طه حسين رأى الآتى: القرآن الكريم حُجة على الشعر الجاهلى، والشعر الجاهلى ليس حجة على القرآن لأنه مشكوك فى روايته!!.. المهم، بعد التحقيق الطويل، كتب «محمد نور» رئيس نيابة مصر، مذكرةً قانونية، وفكرية، بديعة، استشهد فيها بالإمام الطبرى (صاحب واقعة الاضطهاد التى ذكرناها فى المقالة السابقة) وبغيره من أعلام العلماء فى تراثنا، وانتهى إلى ما يلى:
«إن للمؤلف طه حسين، فضلاً لا ينكر فى سلوكه طريقاً جيداً للبحث، حذا فيه حذو العلماء من الغربيين. ولكنه لشدة تأثر نفسه بما أخذ عنهم، تورَّط فى بحثه حتى تخيَّل ما ليس بحق، أو ما يزال فى حاجة إلى إثبات أنه حق.. وحيث إنه مما تقدَّم، يتضح أن غرض المؤلف لم يكن مجرد الطعن والتعدِّى على الدين، بل إن العبارات الماسة بالدين التى أوردها فى بعض المواضع من كتابه، إنما أوردها على سبيل البحث العلمى، مع اعتقاده أن بحثه يقتضيها .. وحيث إن القصد الجنائى غير متوفر، فلذلك: تُحفظ الأوراق إدارياً.. (القاهرة فى ٣٠ مارس ١٩٢٧).
■ ■ ■
كانت تلك هى «بدايات» المطاردة التى ظلت تلاحق طه حسين من بعد ذلك، طيلة حياته، حتى حوَّلتها جحيماً لا تهدأ فيه نيرانُ المحتسبين، المتعقبين لكل كلمةٍ شاردة أو عبارة عابرة، المفزعين بالأهوال والتهليلات والمظاهرات، العاملين بالنصيحة البائسة التى يرويها العامة بالعامية (قال جحا لأمه: علِّمينى الهيافة. قالت تصدَّر فى الهايفة).. يعنى تصدَّر للتفاهات وأهدرْ الفكر.. تعلَّقْ بالهوامش واترك المتون.. تهيَّج بالهنات ولا تصبرْ على الفكر والنظر.
وقد استمع كثيرٌ من معاصرينا، لنصيحة «أم جحا» وجعلوها نبراساً لهم فى سعيهم البائس لإظلام هذا الوطن الذى نعيش فيه، أملاً فى أن يعشِّش فيه الجهل والحقد والفتنة، وهى الأمور التى يتكسَّبون من ورائها.. ولكن الله من ورائهم محيط.

د. يوسف زيدان-الحسبة على الأفكار والأفئدة (اضْطهادُ الطَّبَرىِّ)7\5


يعرف الكثيرون اسم «الطبرى» حتى لو كانوا لم يقرأوا له كتاباً من كتبه الكثيرة، التى ذاعت فى زمانها وشاعت فى تراثنا خلال الألف سنة الماضية، واشتهر منها كتاباه الكبيران المعروفان باسمه: تاريخ الطبرى، تفسير الطبرى.. ولا يعرف الكثيرون الويلات التى لقيها هذا العالم الجليل، الذى ثار عليه الثائرون لما احتسب عليه المحتسبون، الظانُّون أنهم وحدهم المختصون بالصواب، وما عداهم على باطل.
■ ■ ■
لنترك المؤرِّخ الشهير، شمس الدين الذهبى، يحدثنا عن الطبرى (محمد بن جرير، المتوفى سنة ٣١٠ هجرية) ثم نروى محنته مع الحنابلة، حسبما رواها ياقوت الحموى فى موسوعته «معجم الأدباء».. ولسوف أنقل فيما يلى بعضاً من كلام الذهبى، المعروف باتزانه فى رواية الأخبار، فى حق ابن جرير الطبرى: هو الإمامُ العَلَمُ المجتهد، صاحب التصانيف (المؤلفات) البديعة، طَلَبَ العلم وأكثر الترحال، ولقى نبلاء الرجال، من أفراد الدهر علماً وذكاء.. استقر فى أواخر أيامه ببغداد، وكان من كبار أئمة الاجتهاد.
يُرجع إلى رأيه، ويُحكم بقوله، لأنه جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، فكان حافظاً للقرآن، عارفاً بالقراءات، بصيراً بالمعانى، فقيهاً فى أحكام المصحف، عالماً بالحديث، عارفاً بأقوال الصحابة والتابعين.. صادقاً، حافظاً، إماماً فى الفقه، علامة فى التاريخ.. لا يقبل هدايا الأمراء والوزراء، ويرد ما يبعثون به إليه من أموال.. مكث أربعين سنة يكتب فى كل يوم أربعين ورقة، وكان ممن لا تأخذه فى الله لومةُ لائم ، مع عظيم ما يلحقه من الأذى والشناعات، من جاهلٍ أو حاسدٍ أو ملحد.
أراد أن يكون كتابه فى التاريخ ثلاثين ألف ورقة، فقالوا له إن هذا مما تفنى الأعمار قبل تمامه، فقال: ماتت الهمم، إنا لله! واختصر الكتاب فى ثلاثة آلاف ورقة. وابتدأ بتأليف كتاب «تهذيب الآثار» لكنه مات قبل تمامه، ولو تمَّ الكتابُ لكان يجىء فى مائة مجلد.. قال أبوبكر بن بالويه: ما أعلمُ على أديم الأرض أعلمَ من محمد بن جرير، ولقد ظلمته الحنابلة.
■ ■ ■
مَرَّ علينا فى المقالة الثانية من هذه السباعية، محنة الإمام أحمد بن حنبل مع أهل زمانه من المعتـزلة، الذين مارسوا عليه الحسبة، واستعدوا عليه الحكام حتى كان ما كان من حكايته الأليمة. والعجيبُ فى الأمر، أننا حين ننظر فى التأريخ ونتأمل مسيرته، نكتشف أن ميراث الاضطهاد يندفع دوماً باضطهاد مضاد، حسبما قال الراهب هيبا فى رواية «عزازيل» وحسبما نرى فى الوقائع الكبرى المشهورات .. فى علاقة الوثنية بالمسيحية المبكرة ثم كَرَّة المسيحيين على الوثنيين، وفى علاقة اليهود بطاحنيهم من أهل أزمنتهم، وصولاً إلى ما نراه اليوم من طحن يهودىٍّ لشعب فلسطين. ناهيك عما جرى بين المسلمين والصِّرب، والعرب والفرس، وأولئك وهؤلاء من الجماعات التى ظُلمتْ ثم ظَلَمتْ.
توفى الإمام أحمد بن حنبل، بعد معاناته الطويلة من المحنة، وما لبث مذهبه الفقهى أن انتشر وصار له أتباعٌ كثيرون فى بغداد، هم : الحنابلة.. وبالمناسبة، فنحن نقول فى كلامنا العامى (اليومى) للشخص المتشدِّد فى الدين أنه «حنبلى»، مع أن مذهب الإمام ابن حنبل، فى واقع الأمر من أكثر المذاهب الفقهية تسامحاً فى التطبيقات الفقهية المسماة اصطلاحاً (الفروع)، بما فى ذلك اجتهادات فقهاء المذهب الحنبلى المشهورين، من أمثال ابن تيمية.
غير أن صرامة الإمام ابن حنبل فى موقفه العقائدى (أصول الدين) بصدد مشكلة خلْق القرآن، ثم تشدُّد الحنابلة من بعده فى هذه المسائل (الكلامية)، أى المتعلقة بأصول الدين، جعل الفكرة العامة عند (العامة) عن الفقه الحنبلى، الذى هو متساهلٌ متسامح، هى الفكرة المشهورة التى نعبر عنها فى قولنا: فلان حنبلى، أى متصلِّب الرأى ومتشدد.
وقد تشدَّد الحنابلة من بعد إمامهم، أو بالأحرى تشدَّد بعضهم، لأسباب لا تتعلق بالفقه والتطبيقات الشرعية. ومن ذلك ما جرى فى بغداد بين الحنابلة والإمام الجليل محمد بن جرير الطبرى.. ولنترك «ياقوت» يروى:
لما قدم الطبرى من طبرستان إلى بغداد، تعصَّب عليه أبوعبدالله الجصَّاص وجعفر بن عرفة والبياضى، وقصده الحنابلة فسألوه عن أحمد بن حنبل فى الجامع، يوم الجمعة، عن رأيه فى حديث «الجلوس على العرش» ورأيه فى شيخهم ابن حنبل.
وهنا لابد من الإشارة إلى أن الأمرين اللذين سُئل عنهما الطبرى، هما من قبيل الآراء والرؤى التى لا يحق لأحدٍ أن يفرض على غيره رأياً منها أو رؤية، وهما ليسا من قبيل (الأفعال) التى يمكن محاسبة صاحبها عليها، ولكن أهل الحسبة والاحتساب على الأفكار والتفتيش فى الأفئدة، يحاسبون غيرهم على آرائهم، لا أفعالهم.. ويمكن لنا توضيح المسألتين اللتين سأل الحنابلةُ الطبرىَّ عنهما، على النحو التالى:
أما حديث «الجلوس على العرش» فهو مسألةٌ عقائدية/ تاريخية، نشأت من أن بعضهم فسَّر الآية القرآنية (عسى أن يبعثك ربك مقاماً محمودا) تفسيراً مفاده أن النبى سوف يجلس على العرش يوم القيامة! وهو ما كان الطبرى يرفضه، ويعتبره من قبيل المبالغة، مؤكداً أن المراد من الآية القرآنية هو إثبات شفاعة النبى يوم القيامة فى المسلمين، وليس جلوسه على عرش الله عزَّ وجلَّ! لأن ذلك محال.. وقد أنشد الطبرى حين سأله الحنابلة عن ذلك، شعراً: سبحان من ليس له أنيس، ولا له فى عرشه جليس.
وأما رأى الطبرى فى الإمام ابن حنبل، فكان يتلخَّص فى أن ابن حنبل إمام فى الحديث، لا الفقه. ومع ذلك، فالطبرى لم يقلل من شأن ابن حنبل، بل أعلى من شأنه كثيراً، وتابعه فى موقفه من مشكلة خلق القرآن.. وفى كتابٍ للطبرى، عنوانه (صريح السُّنة) يقول ما نصُّه: وأما القول فى ألفاظ العباد بالقرآن، فلا أثر (حديث) فيه نعلمه من صحابىٍّ ولا تابعىّ، إلا عن الذى فى قوله الغنى وفى اتباعه الرُشد والهُدى، الإمام المرتضى أبى عبدالله أحمد بن حنبل، رضى الله عنه، ولا قول فى ذلك عندنا يجوز أن نقوله، غير قوله؛ إذ لم يكن لنا إمامٌ نأتمُّ به سواه، وهو الإمام المتَّبع رحمة الله عليه.
■ ■ ■
نعود إلى ما رواه ياقوت الحموى فى (معجم الأدباء) حيث يقول إن الحنابلة حين ذهبوا يوم الجمعة إلى المسجد وسألوا الطبرى عن ابن حنبل وحديث الجلوس على العرش، قال: «أما ابن حنبل فلا يعد خلافه (فقهه) ولا رأيتُ له أصحاباً (أتباعاً) يعوَّل عليهم، وأما حديث الجلوس على العرش فمحال .. فلما سمع منه الحنابلة ذلك، وثبوا ورموه بمحابرهم (دواة الحبر) وكانت ألوفاً ، فقام الطبرى بنفسه (هرب) ودخل داره، فرموا داره بالحجارة حتى صار على بابه كالتل العظيم، فذهب صاحب الشرطة ومنع عن الطبرى العامة، ووقف على بابه يوماً إلى الليل، وأمر برفع الحجارة..»
ويخبرنا المؤرخون أن مأساة الطبرى مع الحنابلة، لم تقف عند هذا فى حياة الطبرى وعند وفاته.. قال ابن عساكر فى (تاريخ دمشق) والبغدادى فى (تاريخ بغداد) والذهبى فى (سير أعلام النبلاء) إن الطبرى احتجب فى بيته، ولم يكن مسموحاً لأحد أن يزوره! وبحسب العبارة التراثية التى وردت فى المصادر السابق ذكرها: كان الطبرى لا يظهر، وكانت الحنابلة تمنع من الدخول عليه.
ويروى ابن كثير فى كتابه (البداية والنهاية) أن الطبرى حين مات، دُفن فى بيته؛ لأن بعض عوام الحنابلة ورعاعهم، منعوا من دفنه نهاراً .. وهكذا انتصر الإرهاب والتطرف على عالم جليل، عانى فى حياته وعند وفاته .
وإذا تأملنا محنة الطبرى، وتعرَّفنا إلى المزيد من تفاصيلها، سوف تظهر لنا حقائق مهمة، من مثل: كان الخلاف، أصلاً، وخصومة الرأى؛ بين الطبرى و»ابن أبى داود», الذى كان زعيم الحنابلة.. ومن مثل: أن «ابن أبى داود» تصعَّد بالخلاف مع الطبرى، بأن استعدى عليه السلطان وشنَّع عليه بتهمة التشيُّع .. ومن مثل: لم يفعل «ابن أبى داود» فعلاً عنيفاً تجاه الطبرى، وإنما أطلق شرارة أتباعه وشرور العوام، فبقى هو كما لو كان بريئاً مما لحق بالطبرى .
إذن.. هو (أسلوب) واحد، قديم وجديد فى الآن ذاته. فهذا «الشخص» يختلف فى الرأى مع مفكر أو أديب أو مجتهد فى أمور الدين، فيزعق بأنه كافر أو هرطوقى أو شيعى أو شيوعى أو أى شىء مكروه، فيسمع العوام زعيقه وينساقون وراءه فيفتكون بالضحية، بينما «الجانى» الذى يلبس مسوح «البراءة» و«الدفاع عن العقيدة» و «إعلاء كلمة الرب» و «الدفاع عن الإيمان» يظل متوارياً، يهمس ضد مخالفه فى أُذن الأتباع والشعب والحكومة والسلطان والأمن العام، ويبعث برسائله السوداء، حتى تقع المأساة التى سوف يسميها بعد وقوع الويلات: الجزاءَ العادل من السماء .. نُصرةَ الربِّ للمظلومين .. العدالةَ الإلهية.. انتصارَ الحق فى النهاية ! يقول محمود درويش فى رائعته «مديح الظل العالى» هذه الأسطر الشعرية التى سأضيف إليها بين القوسين، عبارات شارحة :
اختلطت شخوص المسرح الدموى،
وأُدخل القتلى إلى ملكوت قاتلهم،
وتمت رشوة القاضى (بالوعود الانتخابية)
فأعطى وجهه للقاتل الباكى
الباكى على شىء يحيرنا (اسمه الاضطهاد)
سرقت دموعنا يا ذئب،
تقتلنى ، وتدخل جثتى، وتبيعها
اُخرجْ قليلاً من دمى
كى يراك الليلُ أكثر حُلكةً
وكى نمشى لمائدة التفاوض واضحينِ
كما الحقيقة: قاتلاً يُدلى بسكين
وقتلى يُدلون بالأسماء.
■ ■ ■
لكِ اللهُ يا مصر..

د. يوسف زيدان-الحسبة على الأفكار والأفئدة ( محنةُ الحلاَّج)7\4


«أيها الناس، اعلموا أن الله قد أباح لكم دمى، فاقتلونى.. اقتلونى تُؤجروا وأسترح.. اقتلونى تُكتبوا عند الله مجاهدين، وأُكتب أنا شهيد».
■ ■ ■
كانت تلك العبارة (الصرخة) التى صاح بها الحلاج وسط الناس فى أسواق بغداد، بعدما اجتمع عليه الشوقُ إلى الله والضيقُ من اضطهاد أهل زمانه له. ولما نصحه المقرَّبون منه الكتمان، خشيةَ أن يُحكم عليه بالصَّلْب والقتل حسبما كان يحدث فى زمانه، قال: «مَنْ كُوشف بالمباشرة ولوطف بالمجاورة، وترقَّى بعد أن توقَّى، وتحقَّق بعد أن تمزَّق، وتمزَّق بعد أن تزندق، وتصرَّف بعد أن تعرَّف، وخاطب وما راقب، وتدلَّل بعد أن تذلَّل، وقُرِّب لما خُرِّب، وكُلِّم لما كُرِّم؛ فما قتلوه وما صلبوه. .».
ولأننى تعرَّضتُ فى سباعية (فصوص النصوص الصوفية) إلى طبيعة اللغة الأدبية التى استعملها الحلاج، وعرضتُ لأفكاره وأسلوبه البديع الذى أدى إلى تطور الفكر الصوفى والأدب العربى؛ فلن أعاودَ هنا الكلام عن أثر الحلاج وآثاره الشعرية والنثرية، وإنما أذكرُ طرفاً من معاناته مع أهل زمانه، وتكالب (أهل الحسبة) عليه وتفتيشهم فى فؤاده، حتى ضاق عليه الخناق فصاح بالعبارة التى ابتدأتُ بها المقالة، والتى تذكرنا بعبارة الإمام البخارى المذكورة فى مقالة الأسبوع الماضى: اللهم إنى قد ضاقت علىَّ الأرضُ بما رحُبتْ، فاقبضنى إليك.
لماذا تمنى الحلاج الموت، كما تمنَّاه الإمام البخارى، وكثيرون من بعدهما؟ وكيف تكالب عليه المحتسبون الذين حكموا بكُفره فلم يكتفوا بالمطالبة بالتفريق بينه وبين زوجته، وإنما سعوا به حتى فرَّقوا بين جسمه وروحه؟ وما الذى قاد الحلاج إلى مصيرِه المفجع: السجنِ، الضربِ بالسوط، قطعِ اليدين والرجلين، الصَّلْبِ، الذبحِ، إحراقِ الجثة ونَثْرِ رمادها فى الهواء؟.. إن معرفة ذلك تقتضى التعرُّف إلى بعض الملامح العامة فى حياة الحلاج وسيرته.
■ ■ ■
كان مولد أبى المغيث الحسين بن منصور الحلاج، فى منتصف القرن الثالث الهجرى (تقريباً) ببلدة اسمها «البيضاء» كانت تقع فى إقليم فارس (إيران الحالية) وفى سن مبكرة، ارتحل من بلدته لطلب العلم ولقاء المشايخ وسلوك الطريق الصوفى، فطاف فى أنحاء العالم الإسلامى حين كانت الطرق مفتوحة. أعنى، قبل أن تُقام الحدود السياسية، ويحتاج المسافر إلى تأشيرة دخول.
زار الحلاج مدناً كثيرة، وأقام حيناً بالبصرة ومكة، ورابط بالهند وبمشارق العالم الإسلامى، فصار له مريدون وأتباع ظلوا يراسلونه بعد استقراره فى بغداد. يذكر المؤرخون أنهم كانوا يكاتبونه من الهند بلقب (المغيث) ومن خراسان بأبى عبد الله الزاهد، ومن تركستان بالمقيت، ومن خوزستان بحلاج الأسرار.. وكان تلاميذه فى بغداد يسمونه المصطلم، وفى البصرة يسمونه المحيِّر!
ولو كان الحلاج قد قضى حياته خامل الذكر، لا له ولا عليه؛ لما كانت الويلات قد حاقت به، ولا كان قد تعرَّض للحسد والحسبة والمحنة. لكن شهرته الواسعة، ومكانته الروحية عند كثيرين من أهل زمانه، والرموز والتشبيهات التى استعملها فى شعره ومقالاته؛ أدت جميعاً إلى إطلاق الاتهامات عليه.
وهى اتهاماتٌ عجيبة، كثيرة، ذكر لنا المؤرِّخ «الذهبى» بعضها فى ثنايا كلامه عن الحلاج، ويمكن أن نستخلص منها الاتهامات التالية: الكفر، ممارسة السحر، الزندقة، الشعوذة، التشيع، ادعاء النبوة، تناسخ الأرواح، تسخير الجن، ادعاء الألوهية، الجنون، الحلولية، التآمر على السلطة، النصب والاحتيال، محاولة الزنى بالمحارم، هدم أركان الدين.. ولا أعرف، حقاً، إن كنتُ قد نسيت أو غفلت عن (دواهٍ) أخرى، تم اتهام الحلاج بها؟ ولكننى أعرف، يقيناً، أن هذه التهم لا يمكن أن تصدُق كلها على شخص واحد، حتى لو كان الشيطان نفسه.
ومن كثرة التهم وزيادة الشائعات، قال بعضهم للحلاج إن الناس مختلفون فى أمره، بين فريق يتهمه وفريق يبجله. فردَّ عليه الحلاجُ بأن الذين يبجلونه يحبونه وينحازون إليه، والذين يهاجمونه يحبون الله وينحازون إلى الشريعة، فالفريق الثانى هو الأقرب للحق! وقيل له إن فى أشعارك ما يدعو للحلولية والتجسد، فقال: «مَنْ زعم أن الألوهية تمتزج بالبشرية، فقد كفر» وقالوا له: أنت كافر حلال الدم. فقال «دمى حمى وظهرى حرام ولا يحل لكم أن تتأوَّلوا علىَّ بما يبيحه، وأنا اعتقادى الإسلام، ومذهبى السنة؛ فالله الله فى دمى».
■ ■ ■
ابتدأت محنة الحلاج فى زمن الوزير العباسى «علىّ بن عيسى» الذى انتابه قلق من شعبية الحلاج وشهرته، فاستمع إلى الوشايات الزاعمة بأن الحلاج نصير للقرامطة الثائرين على الحكم العباسى، فأمر الوزير بحبس الحلاج.. لكن السجن لم يكن كافياً، خاصةً أن المسجونين والسجانين لاحظوا طيلة السنوات التى حُبس فيها الحلاج، أنه كان كثير العبادة دائم الصلاة ليلاً ونهاراً.
وقد سُجن معه، وزارَه فى الحبس؛ بعضُ مشايخ عصره، منهم «أبو العطاء بن خفيف» الذى سُئل عن اعتقاده فى الحلاج، فقال: رجلٌ من المسلمين. فقالوا: قد كَفَّره المشايخ وأخرجه الناسُ من زمرة الموحِّدين! فقال: إن كان الذى رأيته منه فى الحبس لم يكن توحيداً، فليس فى الدنيا توحيد.
وابتدأت محاكمة الحلاج فى زمن الوزير العباسى «حامد بن العباس» الذى داهم بالعسكر بيت الحلاج، وأخذ منه دفاتر وكُتُباً.. يحكى الخطيب البغدادى فى (تاريخ بغداد) والذهبى فى (سير أعلام النبلاء) ما يلى: «كان الوزير حامد يُخرج الحلاج كل يوم من السجن إلى مجلسه، ليظفر منه بسقطةٍ؛ فكان الحلاج لا يزيد عن إعلان الشهادتين وإظهار التوحيد والشريعة.
وجاء حامد بجماعة اعترفوا باعتقادهم أن الحلاج إله! وأنه يُحيى الموتى! فكاشف الحلاج بذلك، فجحده وكذبهم قائلاً: أعوذ بالله أن أدَّعى النبوة أو الربوبية، إنما أنا رجلٌ أعبد الله وأُكثر الصلاة والصوم وفعل الخير، ولا أعرف غير ذلك».
ويحكى لنا التنوخى فى كتابه (نشوار المحاضرة) أن الوزير حامد جاء إلى الحلاج بالكتب والدفاتر التى جلبها العسكر من داره أثناء سجنه، وأحضره من السجن وقال له ما معناه: وجدنا فى كتبك رسائل من أناس يزعمون أنك المهدى المنتظر، وآخرين يزعمون أنك صاحب الناموس الأكبر، وآخرين يزعمون أنك الله؛ فما تفسير ذلك؟ فأخذ الحلاج يدفع عنه هذه الكتب وهو يقول: هى كتبٌ لا أعرفها، وهى مدسوسة علىَّ ولا أعرف ما فيها، ولا معنى لهذا الكلام.
واحتار الوزير (حامد) فى أمر الحلاج، واحتال لقتله؛ فلجأ إلى الفقهاء من (أهل الحسبة) الذين هم أشباه فقهاء السوء فى كل زمان، من ذوى الميل إلى كل وزير وسلطان. ففتش هؤلاء فى فؤاد الحلاج ونقَّبوا فى أفكاره، وأمروه أن يكتب (اعتقاداته) فى صفحات، ثم عرضوا ذلك على المشايخ حتى يظفروا بسقطةٍ ما، فما استطاعوا.. ومع ذلك، عقدوا للحلاج محاكمة (مغلقة) جاءت أخبارها فى كتب التاريخ، كما يلى:
وجدوا فى كتب الحلاج عبارة تقول إن الإنسان إذا عجز عن الذهاب للحج، يعمد إلى موضع فى بيته فيطهِّره ويعمل فيه ما يشبه المحراب، ثم يغتسل ويُحرم ويطوف سبعة أشواط، فتُحسب له حجة! فأقرَّ الحلاج بأنه رأى ذلك مذكوراً فى (كتاب الإخلاص) للحسن البصرى. فزعق فيه الفقيه (القاضى) أبوعمر: «كذبت يا حلال الدم، هذه زندقة يجب بها القتل..» ولنترك الذهبى يروى لنا بقية ما جرى:
تعلَّق الوزير حامد بما قاله الفقيه (أبوعمر) وأمر بكتابته فتشاغل أبوعمر بالكلام مع الحلاج، فألحَّ عليه حامد وقدَّم له الدواة، فكتب بإحلال دمه. ودعا الوزير بقية الفقهاء لتأييد الحكم، فقال له الفقيه الآخر الذى كان يشارك فى محاكمة الحلاج (أبو جعفر البهلول): لا يجب بهذا قتلٌ، إلا إذا أقرَّ الحلاج أنه يعتقده، لأن الناس قد يروون الكفر ولا يعتقدونه.. فلم يأخذ الوزير بهذه (الفتوى) وراح يجمع توقيعات الفقهاء الحاضرين على الحكم بالإعدام، والحلاج يصيح: ظهرى حمى، ودمى حرام.. فلم يلتفت إليه أحد من الحاضرين.
ثم أرسل الوزير بالتوقيعات التى جمعها إلى الخليفة العباسى (المقتدر) واستأذنه فى قتل الحلاج، وألحَّ، فأذن له الخليفة. فلما أصبح استدعى الحلاج وضربه ألف سوط، فما تأوَّه وما زاد عن ترديد «أَحَدٌ، أَحَد» فرفعوه على الصليب، وقطعوا يديه، ثم رجليه، ثم حَزُّوا رأسه بالسيف، ثم أحرقوا جثته وحملوا رماده إلى منارة المسجد وألقوه فى الهواء لتُسفيه الرياح.. كان ذلك سنة ٣٠٩ هجرية.
■ ■ ■
ومع أن المؤرخ، شمس الدين الذهبى، الذى عاش بعد الحلاج بأربعة قرون من الزمان، وهو الذى ذكر أخباره؛ لم يكن يحب سيرة الحلاج ويتشكك فى عقيدته، إلا أنه حكى ما كان له وما عليه، وذكر فى ثنايا هذه الحكايات رأيه الذى يجب أن أختم به هذه المقالة.. قال الذهبى فى كتابه (سير أعلام النبلاء، الجزء الرابع عشر، صفحة ٣٤٣ وما بعدها) ما نصُّه:
ما ينبغى لك يا فقيه أن تبادر إلى تكفير المسلم إلا ببرهان قطعى، كما لا يسوغ لك أن تعتقد العرفان والولاية فيمن قد تبرهن زَغَله. فلا هذا، ولا ذاك. بل العدل، أن من رآه المسلمون صالحاً محسناً، فهو كذلك. وأن مَنْ رآه المسلمون فاجراً أو منافقاً، فهو كذلك.
أما مَنْ كانت طائفة من الأمة تضلِّله، وطائفة تثنى عليه وتبجله، وطائفة ثالثة تقف فيه وتتورَّع من الحط عليه؛ فهو ممن ينبغى أن يُعرض عنه، وأن يفوَّض أمره إلى الله، وأن يُستغفر له فى الجملة. لأن إسلامه أصلىٌّ بيقين، وضلاله مشكوكٌ فيه. فبهذا تستريح، ويصفو قلبك من الغل للمؤمنين.
ثم اعلمْ أن أهل القبلة كلهم، مؤمنهم وفاسقهم – سوى الصحابة - لم يجمعوا على مسلم بأنه سعيدٌ ناجٍ، ولا أجمعوا على مسلم بأنه شقىٌّ هالك. حتى إن أبا بكر الصديق وهو فرد الأمة، تفرَّقوا فيه، وكذلك عمر بن الخطاب، وكذلك عثمان وعلىّ وابن الزبير والحجاج والمأمون وبشر المريسى وأحمد بن حنبل والشافعى والبخارى والنسائى، وهلمَّ جرا من الأعيان فى الخير والشر إلى يومك هذا.
فما من إمام كامل فى الخير، إلا وهناك أناسٌ من جهلة المسلمين يذمونه ويحطُّون عليه، وما من رأس فى البدعة إلا وله أناسٌ ينتصرون له.. فانصفْ وتورَّع واتقِ، وحاسب نفسك.. وإذا شككت فى شخص ولم تعرف حقيقته، فتبرأت مما رمى به؛ أرحت نفسك، ولم يسألك الله عنه أصلاً.
.. انتهى كلام الذهبى، الذهبى! وما انتهت من النفوس، شهوةُ الحسبة وحُمَّى الحكم على أفئدة الناس، وعلى أفكارهم.

د. يوسف زيدان-الحسبة على الأفكار والأفئدة (اختبارُ البُخارىِّ وإيلامُ مُسلم)7\3


ذات يوم اشتكى لى واحد من الباحثين الأوزبك الذين يدرسون فى الأزهر، أننا فى مصر لا نعرف شيئاً عن بلاده (أوزبكستان) مع أن الأوزبك يعرفون بلادنا جيداً، بل وينظرون إلى الذى درس بالأزهر ويتحدَّث بالعربية، كأنه كائن مقدس! أضاف أنه أراد أن يعرِّف أحد زملائه بأوزبكستان، فقال له إنها البلاد الإسلامية الشاسعة التى فيها المدن التليدة ذات التراث العريق، مثل سمرقند وطشقند وخيوة، وبلدة بخارى (بُخارا) التى منها الإمام البخارى، قدَّس الله سرَّه. رَدَّ عليه زميله الأزهرى، مستنكراً، بقوله: يا سلام، الإمام البخارى أصله من بوخارست!
■ ■ ■
ومع أن معظم المصريين لا يعرفون بلدة بخارى (الواقعة فى قلب آسيا) إلا أنهم مثل معظم المسلمين (السُّنة) يقدِّرون الإمام البخارى ويرفعون كتابه فى الحديث النبوى «الجامع الصحيح» إلى مرتبة عُليا من التبجيل والقداسة، حتى إننى رأيتُ الناس فى صعيد مصر إذا أراد الواحد منهم أن يدلِّل على صدقه، أقسم بالبخارى. وقد سألتُ أحدهم يوماً عن السر فى أنهم يقسمون (يحلفون) بكتاب البخارى، من دون المصحف الشريف؟ فقال بجهلٍ مريع: البخارى أجمد!
وعوام المصريين، وأهل السنة بعامة، يقدِّسون كتاب البخارى (الجامع) لسببين، الأول هو المكانة المميزة لهذا الكتاب الذى قال بعض العلماء فى حقِّه إنه «أصحُّ كتاب بعد القرآن» بالإضافة إلى المكانة الخاصة لصاحبه، حسبما سنذكر بعد قليل، والسببُ الآخر، أن (الجامع) جامعٌ للصِّحاح من (الحديث النبوى) الذى هو الأصل الثانى من أصول التشريع الإسلامى: القرآن، الحديث، اجتهادات الفقهاء.. وهو الأصلُ الأكثر تفصيلاً وتطبيقاً فى (المعاملات) و(العبادات) و(الاقتداء) وهى الأمور التى يهتم بها عامةُ المسلمين، السُّنة منهم والشيعة.
على أن الشيعة لا يقدِّرون الإمام البخارى، مثلما يفعل أهل السنُّة. وقد التقيتُ قبل أعوام، فى مؤتمر انعقد بمدينة (كامبردج) الجامعية، بواحدٍ من كبار علماء الشيعة، فسألته عن السر فى عدم تقديرهم للإمام البخارى، فقال لأنه روى كثيراً من الأحاديث النبوية، عن السيدة عائشة، اصطنعتُ الجهل بالأمر، وسألته: وماذا عن السيدة عائشة، وهى أم المؤمنين؟ فقال متحرِّجاً: فى قلوبنا شىءٌ تجاهها.
آه، شىءٌ فى قلوب المعاصرين من السيدة عائشة التى عاشت قبل أربعة عشر قرناً من الزمان! وعلى كل حال، فهذا ليس موضوعنا اليوم، وإنما مقصودنا الكلام عن مأساة الإمام البخارى الذى امتُحن وأُوذى حين اختبره فى زمانه أناسٌ أقاموا من أنفسهم حماةً للدين، فآذوا واحداً من أهم علماء الدين فى تاريخنا، ودفعوه إلى التضرُّع لربه طالباً الموت.
■ ■ ■
اللهم إنى قد ضاقت علىَّ الأرضُ بما رحبت، فاقبضنى إليك .. هكذا ابتهل الإمام البخارى لربه، قبل موته بأيام، بعدما كانت السُّبل قد تقطعت به، فلم يجد مكاناً ليعيش فيه. وهو الإمام الذى أفنى عمره فى جمع الأحاديث النبوية، وبلغ من علمه بالحديث الشريف أنه كان فى صباه يحفظ السبعين ألفاً من الأحاديث التى رواها إسحاق بن راهويه، بأسانيدها.. فلما التقى البخارى بابن راهويه، وتدارسا الحديث فى المجلس، قال له إسحاقُ بن راهويه: كأنى أنظر إلى سبعين ألف حديث من كتابى! فردَّ عليه البخارى: أَوَ تعجب من هذا؟ لعل فى هذا الزمان (يقصد نفسه) مَنْ ينظر إلى مائتى ألف حديث من كتابه.
كان مولد الإمام البخارى (أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم) سنة ١٩٤ هجرية. وفى سن العاشرة كان يدرس علم الحديث النبوى، وفى الحادية عشرة من عمره، صحَّح لأستاذه «الداخلي» بعض الروايات، مما دَلَّ على قوة حفظه للأسانيد.
وفى السادسة عشرة من عمره، خرج البخارى إلى مكة للحج، ثم ساح فى الأرض على طريقة علماء زمانه، ليجمع الأحاديث من مشايخ عصره، فزار النواحى المتباعدة، والتقى بمن لا حصر لهم من رواة الأحاديث، فسمع ما يقرب من ستمائة ألف حديث نبوى، ثم دقَّق الصحيح منها وجمعه فى كتابه (الجامع الصحيح) الذى بدأه بباب «بدء الوحى» الذى بدأه بالحديث الشهير: إنما الأعمال بالنِّـيَّات..
وقد التقى البخارى بالإمام أحمد بن حنبل، صاحب مأساة الحسبة التى ذكرناها الأسبوع الماضى؛ فكان الإمام ابن حنبل يقول عنه: لم يأتِنا من بخارى وإقليم خراسان كله، مثل محمد بن إسماعيل البخارى .. وقال أبو حاتم الرازى: البخارى أَعْلم من دخل العراق.. وقال إسحاق بن خزيمة: ما رأيتُ تحت أديم السماء، أعلم بحديث رسول الله، من محمد بن إسماعيل البخارى.. وحين زاره ببخارى قال له الإمام مسلم، بعدما قبَّل رأسه: دعنى أقبِّل قدميك يا أستاذ الأساتذة، وسيد أهل الحديث!.. والمقام هنا يضيق عن ذكر شهادات علماء العصر، والعصور اللاحقة، فى حقِّ الإمام البخارى وفضله وسيرته النقية، وما لكتابه (الجامع) فى مجاله من الأهمية.
■ ■ ■
اللهم إنى قد ضاقت علىَّ الأرضُ بما رحبت، فاقبضنى إليك.. لماذا ابتهل الإمام البخارى إلى ربه بهذه العبارة؟
تطورت «الحسبة» التى مورست على الإمام أحمد بن حنبل، بحجة اعتقاده بخلق القرآن، فنال بسببها ما حكيته فى مقالة الأسبوع الماضى من ويلات.. تطورت إلى «حسبة» أخرى مورست ضد الإمام البخارى، بحجةٍ أسخف! هى اعتقاده بأن اللفظ بالقرآن مخلوق.
ولبيان هذا (الاتهام) نقول للتوضيح: ساد اعتقاد مبكر بأن القرآن الكريم قديم (غير مخلوق) لأنه كلام الله القديم، ولكن التلفظ بالقرآن فعلٌ إنسانى، والإنسان مخلوق (حادث) وبالتالى فإن «اللفظ بالقرآن مخلوق» .. ومن الجهة المضادة، ساد اعتقاد بأن القرآن ما دام قديماً، فكل ما بين دفتىْ المصحف قديم، وحتى التلفظ بالآيات قديم!
ولما زار الإمام البخارى نيسابور، استقبله معظم أهلها مرحِّبين به، واجتمع حوله الناس كى يسمعوا منه الأحاديث النبوية الصحيحة. فاغتاظ منه بعض الفقهاء أشباه فقهاء زماننا الذين يتعقَّبون الناس، وشغبوا عليه مثلما يشغب أمثالهم على المعاصرين، وكأنهم هم الحماة للدين القويم والإيمان المستقيم.
دَسَّ هؤلاء الفقهاء رجلاً على مجلس الإمام، وبينما هو يحدِّث الناس زعق فيه الرجل المدسوس: يا أبا عبد الله، ما تقول (ما هو رأيك) فى اللفظ بالقرآن، مخلوقٌ هو أم غير مخلوق؟ فأعرض عنه البخارى ولم يجبه. فأعاد الرجل السؤال مرات، حتى التفت إليه الإمام البخارى وقال: القرآن كلام الله غير مخلوق، وأفعال العباد مخلوقة، وهذا الامتحان (الاختبار) بدعة.. «فشغب الرجل، وشغب الناس وتفرَّقوا عن البخارى، فقعد فى منـزله» هذه هى عبارة المؤرخ شمس الدين الذهبى، فى كتابه: سير أعلام النبلاء، نقلتُها هنا بنصِّها.
ثم هاج أهل الاهتياج من قدامى المحتسبين على الأفكار والأفئدة، المختبرين لغيرهم كأنهم نواب الله، الممتحنين الناس؛ فصارت حياة البخارى فى نيسابور كالجحيم، وتزعَّم المحتسبين :الشيخ ابن حريث والإمام الذُّهلى، وندَّدا بالبخارى لأنه (خَالَفَ السُّنَّة !!) وهدَّد بعضهم بأنه لن يبقى فى بلدته، نيسابور، إذا ظل البخارى مقيماً بها، مما يعنى وجوب طرده.
وضيَّق هؤلاء الفقهاء على البخارى، حتى دفعوه للخروج إلى بلدته الأصلية (بخارى) من دون أن يودِّعه إلا شخص واحد من أهل نيسابور. وقد ظل البخارى ثلاثة أيام خارج أسوار نيسابور، يرتِّب أغراضه التى خرج بها على عجل، استعداداً للرجوع إلى موطنه الأول، بعدما كانوا قد ألصقوا به التهمة الجاهزة دوماً للانطلاق: الكُفر.. إىْ والله، الكُفر!
ولم يهدأ المحتسبون بعد خروج الإمام البخارى من نيسابور، بل تعقَّبوا المعجبين به، وعلى رأسهم الإمام مسلم (صاحب: الصحيح) الذى أجمع العلماء على فضله وسعة علمه، وصار مع الإمام البخارى أهم اسمين فى تاريخ علم الحديث، حتى إن العلماء إذا وجدوا حديثاً رواه كلاهما، وصفوه بأنه: متفق عليه (أى اتفق على روايته البخارى ومسلم، وبالتالى فهو فى أعلى درجات الصحة).
وكان الفقيه «الذُّهلى» يتزعم حركة الحسبة المقيتة ضد البخارى ومسلم، وقد وصل به الإمعان فى إيلام الإمام مسلم، أن وجَّه إليه فى المجلس، أمام جمهور الناس، كلاماً نصه: الذى يعتقد بأن اللفظ بالقرآن مخلوق، لا يحق له أن يحضر مجلسنا! فقام الإمام مسلم، يجرُّ ثوبه، وخرج من المجلس والناس ينظرون.. وظل زمناً بعدها مذموماً عند الجهال من أهل بلدته.
أما الإمام البخارى، المطرود، فقد خرج إلى بلدته (بخارى) ولما اقترب منها خرج الناس كلهم يستقبلونه، ونثروا عليه السكر والدراهم والدنانير ترحيباً به، وتبجيلاً لمكانته.. ولكن لا مفر من الحسبة! فبعد استقراره هناك بأيامٍ، أرسل «الذهلى» إلى أمير بخارى، بريداً أسود، مدعياً فيه أن الإمام البخارى خالف السنة! فأمر الأمير بطرد البخارى من بخارى، وإخراجه منها.
■ ■ ■
اللهم إنى قد ضاقت علىَّ الأرض بما رحبت، فاقبضنى إليك.. قال الإمام البخارى هذه العبارة على مقربة من (سمرقند) التى قصدها بعد طرده من نيسابور وبخارى. وقبل وصوله إلى سمرقند، وعند موضعٍ يبعُد عن سمرقند ثلاثة أميال، كان ولا يزال اسمه: خَرْتَنْك؛ استوقف الإمام جماعة من الناس، وأخبروه بأن أهل سمرقند مختلفون فى أمره، فالبعض يرحِّب بقدومه والبعض يستنكره، وقد هاج بعضهم على بعض فلم يعد المكان مأموناً.
كان ذلك سنة ٢٥٦هـ، وقد بلغ الإمام البخارى من العمر اثنين وستين عاماً، قضى أكثرها فى مشقة الرحلة لطلب العلم، وطلب المأوى.. ولم يجد الإمام البخارى سبيلاً متاحاً، ولا موضعاً يتجه إليه؛ فقال بأسى عبارته المذكورة، وبقى بعدها أياماً محظوراً محصوراً خارج حدود سمرقند، حتى توفى ودفن هناك.. فى الموضع ذاته الذى زرته، فوجدتهم قد أقاموا قبل سنوات قليلة مشهداً بديعاً فوق قبره، ومسجداً كبيراً؛ فعُمِّر الموضع النائى الذى تمنى فيه البخارى الموت، وصار مزاراً.