الأربعاء، 9 أكتوبر 2013

أحمد عبده ماهر-سنة الله أم سنة البخاري

1. يقول تعالى: {سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً }الإسراء77 
2. ويقول تعالى: {مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً }الأحزاب38. 
3. ويقول سبحانه: {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً }الأحزاب62. 
4. ويقول جل جلاله: {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً }الفتح23. 
5. ويقول الله الكريم: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً }الفرقان44. 

وبعد:: فتلكم كانت الأربع آيات الأولى تؤكد بأن سنة الله لا تبديل لها ولا تحويل، وتؤكد الآية الخامسة بأن الأنعام لا تسمع سمع التعقل الواع. 

لكن البخاري يقول بأن البقرة والذئب [وهي من الأنعام] تسمع وتتكلم باللغة العربية الفصحى ، فذكر ذلك بكتاب أحاديث الأنبياء حديث رقم [ 3284 ] عن أبي هريرة قال صلى رسول الله صلاة الصبح ثم أقبل على الناس فقال:

[ بينا رجل يسوق بقرة إذ ركبها فضربها فقالت إنا لم نخلق لهذا إنما خلقنا للحرث فقال الناس سبحان الله بقرة تتكلم فقال فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر. ]

[وما هما ثم وبينما رجل في غنمه إذ عدا الذئب فذهب منها بشاة فطلب حتى كأنه استنقذها منه فقال له الذئب هذا استنقذتها مني فمن لها يوم السبع يوم لا راعي لها غيري فقال الناس سبحان الله ذئب يتكلم ؟].
قال فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر

وما هما ثم وحدثنا علي حدثنا سفيان عن مسعر عن سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله 

فهل نسى البخاري بأن الله قال بأنه أرسل بالآيات فلم يؤمن الناس لذلك فقد أرسل نبينا بالقرءان

{وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى }طه133

{وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ }البقرة118

{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ }الرعد7

{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ }الرعد27

{وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءنَا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوّاً كَبِيراً }الفرقان21

{فَلَمَّا جَاءهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِن قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ }القصص48

{وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ }العنكبوت50

فالآيات المادية مرفوضة في رسالة محمد

أحمد عبده ماهر-من خرافات مفسريكم للقرءان...تفسير الطبري لسدرة المنتهى 3\3

سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ) فقال كعب: إنها سدرة في أصل العرش، إليها ينتهي علم كلّ عالم، مَلك مقرّب، أو نبيّ مرسل، ما خلفها غيب، لا يعلمه إلا الله.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال أخبرني جرير بن حازم، عن الأعمش، عن شمر بن عطية، عن هلال بن يساف، قال: سأل ابن عباس كعبا، عن سدرة المنتهى وأنا حاضر، فقال كعب: إنها سدرة على رءوس حملة العرش، وإليها ينتهي علم الخلائق، ثم ليس لأحد وراءها علم، ولذلك سميت سدرة المنتهى، لانتهاء العلم إليها.
وقال آخرون: قيل لها سدرة المنتهى، لأنها ينتهي ما يهبط من فوقها، ويصعد من تحتها من أمر الله إليها.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا سهل بن عامر، قال: ثنا مالك، عن الزُّبير، عن عديّ، عن طلحة اليامي، عن مرّة، عن عبد الله، قال: لما أُسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى سدرة المنتهى وهي في السماء السادسة، إليها ينتهي من يعرج من الأرض أو من تحتها، فيقبض منها، وإليها ينتهي ما يهبط من فوقها، فيقبض فيها.
حدثني جعفر بن محمد المروزي، قال: ثنا يعلي، عن الأجلح، قال: قلت للضحاك: لِم تسمى سدرة المنتهى؟ قال: لأنه ينتهي إليها كلّ شيء من أمر الله لا يعدوها.
وقال آخرون: قيل لها: سِدْرة المنتهى، لأنه ينتهي إليها كلّ من كان على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهاجه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن أبي جعفر، عن الربيع( عِنْدَ
إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16)

سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ) ، قال: إليها ينتهي كلّ أحد، خلا على سنة أحمد، فلذلك سميت المنتهى.
حدثني عليّ بن سهل، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا أبو جعفر الرازيّ، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية الرياحي، عن أبي هُريرة، أو غيره "شكّ أبو جعفر الرازيّ" قال: لما أُسري بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ، انتهى إلى السدرة، فقيل له: هذه السدرة ينتهي إليها كلّ أحد خلا من أمتك على سنتك.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن معنى المنتهى الانتهاء، فكأنه قيل: عند سدرة الانتهاء. وجائز أن يكون قيل لها سدرة المنتهى: لانتهاء علم كلّ عالم من الخلق إليها، كما قال كعب. وجائز أن يكون قيل ذلك لها، لانتهاء ما يصعد من تحتها، وينزل من فوقها إليها، كما روي عن عبد الله. وجائز أن يكون قيل ذلك كذلك لانتهاء كلّ من خلا من الناس على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها. وجائز أن يكون قيل لها ذلك لجميع ذلك، ولا خبر يقطع العذر بأنه قيل ذلك لها لبعض ذلك دون بعض، فلا قول فيه أصحّ من القول الذي قال ربنا جَلَّ جلاله، وهو أنها سدرة المنتهى.
وبالذي قلنا في أنها شجرة النبق تتابعت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال أهل العلم.
* ذكر ما في ذلك من الآثار، وقول أهل العلم:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن حميد، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انْتَهَيْتُ إلَى السِّدْرَة فإذَا نَبْقَها مثْلُ الجرار، وإذَا وَرَقُها مِثْلُ آذَانِ الفِيلَةِ فَلَمَّا غَشيهَا مِنْ أمر اللهِ ما غَشيهَا، تَحَوَّلَتْ ياقُوتا وَزُمُرَّدًا وَنَحْوَ ذلكَ ".
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن سعيد عن قتادة، عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة رجل من قومه قال: قال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم: "لَمَّا انْتَهَيْتُ إلى السَّماءِ السَّابِعَة أَتَيْتُ عَلى إبْرَاهيمَ فَقُلْتُ: يا جبْريلُ مَنْ هَذا؟

قال: هَذَا أبُوكَ إبْراهِيمُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَرْحَبَا بالابن الصَّالحِ والنَّبِيّ الصَّالِح، قال: ثُمَّ رُفِعَتْ لي سِدرَةُ المُنْتَهَى فحدّث نبيّ الله أنّ نبقها مثل قلال هجر، وأن ورقها مثل آذان الفِيلة".
وحدثنا ابن المثنى، قال: ثنا خالد بن الحارث، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة رجل من قومه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، بنحوه.
حدثنا ابن المثنى، قال ثنا معاذ بن هشام، قال: ثني أبي، عن قتادة، قال: ثنا أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، فذكر نحوه.
حدثنا احمد بن أبي سُرَيج، قال: ثنا الفضل بن عنبسة، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البُنَانيّ، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رَكَبْتُ البُرَاقَ ثُمَّ ذُهِبَ بي إلى سدْرَة المُنتهَى، فَإِذَا وَرَقُها كآذَانِ الفِيلَةِ، وإذَا ثمَرُها كالقلال ; قال: فَلَمَّا غَشِيَها مِنْ أمْرِ الله ما غَشيَها تَغَيَّرتْ، فَمَا أحَدٌ يَسْتَطيعُ أنْ يصِفَها مِنْ حُسْنها، قال: فأَوْحَى اللهُ إليّ ما أوْحَى".
حدثنا أحمد بن أبي سريج، قال: ثنا أبو النضر، قال ثنا سليمان بن المُغيرة، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "عَرَجَ بِي المَلَكُ; قال: ثُمَّ انتهَيْتُ إلى السِّدْرَةِ وأنا أعْرِفُ أنها سدْرَةٌ، أعرفُ وَرَقَهَا وثَمرَهَا; قال: فَلَمَّا غَشِيَها مِنْ أمر اللهِ ما غَشيهَا تَحَوَّلَتْ حتى ما يسْتَطِيعُ أَحَدٌ أنْ يَصِفَها".
حدثنا محمد بن سنان القزّاز، قال: ثنا يونس بن إسماعيل، قال: ثنا سليمان، عن ثابت، عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله، إلا أنه قال: "حتى ما أسْتَطِيعُ أنْ أصِفَها".
حدثنا عليّ بن سهل، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا أبو جعفر الرازيّ، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية الرياحي، عن أبي هريرة أو غيره "شكّ أبو جعفر الرازيّ" قال: لما أُسريَ بالنبيّ صلى الله عليه وسلم انتهى إلى السدرة، فقيل له:
ة بن كهيل الحضرميّ، عن الحسن العرنيِّ، أراه عن الهذيل بن شرحبيل، عن ابن مسعود( سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ) قال: من صُبْر الجنة عليها أو عليه فضول السندس والإستبرق، أو جعل عليها فضول.
وحدثنا ابن حُميد مرّة أخرى، عن مهران، فقال عن الحسن العُرني، عن الهذيل، عن ابن مسعود "ولم يشكّ فيه "، وزاد فيه: قال صبر الجنة: يعني وسطها; وقال أيضا: عليها فضول السندس والإستبرق.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن الحسن العرني، عن الهذيل بن شرحبيل، عن عبد الله بن مسعود في قوله( سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ) قال: صبر الجنة عليها السندس والإستبرق.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد بن عبد الله، عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكر سدرة المنتهى، فقال: يَسيرُ في ظِلّ الْفَنَن مِنْها مِئَةُ رَاكِبٍ ، أو قال: يَسْتَظلُّ فِي الفَنَنِ مِنْها مِئَةُ رَاكِبٍ"،شكّ يحيى "فِيها فَراشُ الذَّهَبِ، كانَّ ثمرها القِلالُ ".
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن سدرة المنتهى، قال: السدرة: شجرة يسير الراكب في ظلها مئة عام لا يقطعها، وإن ورقة منها غَشَّت الأمَّةَ كلها.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله( عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ) : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رُفِعتْ لي سدْرَةٌ مُنْتهَاها

فِي السَّماءِ السَّابِعَة، نَبْقُها مِثْلُ قِلال هَجِرٍ، وَوَرَقُها مِثْلُ آذان الفيلَة، يَخْرُجُ مِنْ سَاقِها نَهْرانِ ظاهِران، ونَهْرانِ باطِنان ، قال: قُلْتُ لجِبْرِيلَ ما هَذَان النَّهْرَانِ أرْوَاحٌ (1) قال: أَمَّا النَّهْرَانِ الباطِنان، فَفِي الجَنَّة، وأمَّا النَّهْرَانِ الظَّاهرَان: فالنِّيلُ والفراتُ".

أحمد عبده ماهر-حينما كنت متخلفا!!

حينما كنت متخلفا كنت أصدق كل ما يقوله الشيخ ظنا مني أنه لا ينطق إلا بشريعة الله، لكن حينما توقفت أمام كتاب الله الذي يأمرني بالتدبر والتعقل، وجدت كثيرا مما تم دسه في عقلي إنما هو خارج منظومة العقل، بل وجدت الشريعة التي يقدمونها لي إنما هي خراب للعقول التي كرمها الله وميز بها البشر عن باقي الخلائق، بل وجدتهم يقدمون لي الإشراك باسم التوحيد، ويسندون كل ما هم فيه من جنوح للحديث النبوي الذي يضاهئون به القرءان، والذي أحترمه طالما كان موافقا لكتاب الله، بل أصدقكم القول لقد جعلوني إنسانا مرووشا وخرافيا باسم الدين.

فمن بين ما تم دسه على عقلي تحت عنوان قال رسول الله، وكنت أصدقه حتى أصبحت مسلما موهوما ومرووشا ما يلي:

1. أن بدورة مياة بيتنا ذكور الشياطين وإناثها ويجب عليَّ التعوذ منها حتى لا تؤذيني وبخاصة أني أكون عريانا بدورة المياة.

2. أن للوضوء شيطان اسمه ولهان يجب التعوذ منه لأنه ينسيني ما غسلته في الوضوء، وينسيني إن كنت متوضئا أم لا.

3. وأن للصلاة شيطان اسمه خنزب ينسيني عدد الركعات التي صليتها، لذلك عليَّ بالاستعاذة منه حين الصلاة.
ولست أعترض على التعوذ من الشيطان حين قراءة القرءان لكن ما يشغلني كيف تم معرفة أسماء الشياطين، هل كان النبي يتصل بالشياطين، وهم يقولون له أسماءهم وتخصصاتهم؟!.

4. وأن الشيطان يأكل معي إن لم أقم بتسمية الله [بسم الله الرحمن الرحيم] قبل الأكل، فإذا نسيت، ثم تذكرت، ثم قمت بالتسمية فقلت [بسم الله الرحم الرحيم] فإن الشيطان يتقيأ ما أكله معي من طعامي.

5. وأن الشيطان يدخل في جوفي إذا ما تثاءبت دون أن أضع يدي على فمي، وأنه يخرج من جوفي وله صليل وذلك حين أقول [ها ..ها ..ها] في نهاية التثاؤب، ويخرج الشيطان من داخلي وهو يضحك عليَّ.

6. وأنك إذا ما ذكرت اسم الله حين تغلق بابك فإن الشيطان لا يستطيع فتحه، فيعني هذا أنه يمكن للشيطان فتح الباب الذي لم يذكر اسم الله عليه حين يغلق.

7. ولابد من وضع غطاء على الإناء حتى لا تزوره الشياطين.
8. وأن الفأرة الفويسقة يمكن أن تشعل على أهل البيت بيتهم فيحترق.
9. ولا تسب الديك [ذكر الدواجن]لأنه يحثك على الصلاة حين يصيح.
10. ولا تسبوا الريح لأنها تأتي بالعذاب وقد تأتي بالرحمة، فسبك لها قد يأتي في رياح الرحمة، بل إذا ما قامت الريح فاسأل الله من فضله.
11. ولك أن تقتل خمس العقرب، والفأرة، والغراب، والحدأة، والكلب العقور.
12. وزعموا بأن النبي أوصى بقتل كل كلب أسود اللون لأن الكلب الأسود شيطان.
13. وأنه قال بقتل كل الكلاب إلا كلب صيد أو كلب لحراسة الماشية. وكل ذلك لأن الكلاب لها صلة بالشياطين.
14. وأني إن لم أقل بدعاء الجماع حين أطأ زوجتي [اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا] فإن المولود يكون ممسوسا من الشيطان.
15. وأن كل مولود يبكي حين الولادة لأن الشيطان ينخسه بمجرد أن يخرج إلى الدنيا.
16. وإذا جامعت زوجتي دون وجود غطاء علينا فإن الشيطان له أفاعيل في هذه الحالة.
17. وأن الملائكة لا تدخل بيت فيه كلب أو صورة.
18. وأن الشياطين تدخل داخل التماثيل والصور الموجودة بالبيت وتطل علينا منها.
19. وأنه لابد علينا أن نتعوذ بالله من الشيطان حال نهيق الحمار وعواء الكلب لأنه يري شيطانا فينهق أو يعوي.
20. وما يعوي الكلب حين يعوي إلا لأنه رأى الشيطان في شارعنا.
21. وأن التثاؤب من الشيطان والعطاس من الرحمن.
22. ومن السنة أن تحب العطاس وتكره التثاؤب لأن الله يحب هذا ويكره ذاك.
23. ولابد أن تغسل يدك ثلاث مرات صباحا حين تستيقظ فلربما باتت يدك في مؤخرتك [عند فتحة الإست]وأنت لا تدري.
24. وأن لله مخلوقات يبثها في الأرض إذا ما هدأت حركة الحياة ليلا، لذلك فلابد أن نلملم أولادنا من الطرقات حتى لا تؤذيهم تلك المخلوقات.
25. وأن الموتى يسمعوننا ويردون علينا السلام.
26. وأن الموتى يتزاورون في أكفانهم.
27. ويعلمون ويستبشرون بمن يموت ويصلهم ويسألون عن من لم يصلوا إليهم فحين يعلمون بموتهم مع عدم وصولهم فيفهمون بأنه ذهب لجهنم.
28. وألا تجلس على القبر حتى لا يؤذيك صاحبه.
29. وأن الميت بأول دخوله للقبر يأتنس بالمشيعين وهو ميت.
30. وأن جثة الميت الكافر والفاسق تحوم فوق الجثة تصرخ حين يقوم المشيعين بتشييعها وتقول لهم [ يا ويلها أين تذهبون بها يا ويلها ياويلها].
31. وأن جثة الرجل الصالح تحوم فوق الجثة حال تشييعها وتقول [أسرعوا بي أسرعوا بي فوالله لو علمتم ما أمامي لأسرعتم].
32. وأن الشيطان تكلم مع أبو هريرة ومع غيره من الصحابة.
33. وأن الصراط المستقيم جسر على جهنم وهو أحد من الشعرة وسنعبر عليه كالبهلوانات حتى لا نسقط في النار، مع أن الله قال: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } الأنبياء101 .
34. وأننا سنتعذب على كل سيئة فعلناها رغم أن الله قال : { .. إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ }هود114، وقال: {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً }النساء31. وقال رسول الله: [واتبع السيئة الحسنة تمحها].
35. وأن حواء هي التي أغوت آدم بالكل من الشجرة، مع أن الله قال: { ...وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى }طه121.
36. وأن المرأة والكلب والحمار يقطعون عليك صلاتك فلا تدعهم يمرون من أمامك ويمكنك مقاتلتهم إن قاموا بالمرور أمامك وأنت تصلي.

37. وأني لابد وأن أتعوذ من عذاب القبر بكل صلاة. رغم أني لن أعذب أبدا لا بالقبر ولا بغيره لأن الحسنات يذهبن السيئات، وطبعا أنا أصلي فهذه حسنة كبيرة، هذا فضلا عن أنه لا عذاب بالقبر، وهذا موضوع آخر لكن يكفيك فيه قول الله تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ }إبراهيم42.

38. وجعلوني أشهد زورا بصحة البخاري وأنه أصح كتاب بعد كتاب الله بينما قرأت بالبخاري بعد ذلك بأن رسولنا حاول الانتحار مرارا؟ وبالطبع لم أصدق.
وقال بأن القرود تقوم بتنفيذ حد الرجم الموهوم على أي قردة تزني؟ وبالطبع لم أصدق.
وقال بأن الله طوله ستون ذراع وأن له قدم؟ وبالطبع لم أصدق.
وقال بأن ابن مسعود كان ينكر المعوذتين؟، وبالطبع لم أصدق.
وأن البقرة تكلمت مع الأعرابي بالعربية الفصحى؟، وبالطبع لم أصدق.
وهل تعلم بأن البخاري يشجع قتل المرتد؟.
وهل تعلم بأن الإمام مسلم وهو تلميذ البخاري رد كل أحاديث عكرمة الواردة بالبخاري؟ فهل كان الإمام مسلم منكر سنة؟؟.

أعلم تمام العلم بأنك ما كنت تعلم بأن كل هذا وغيره بالبخاري فلماذا تشهد زورا بصحته؟، انقذ نفسك مثلي وقم بتشغيل دماغك فلقد عرفوا الله بالعقل ولا يريدون منا أن نفهم الفقه بالعقل.
وحينما ذكرت بعضا من ذلك بأحد الحلقات التليفزيونية ضجت المذيعة وكأنما لدغها ثعبان، وما ذلك إلا لأنها وغيرها قد وقعوا أسرى الفهم الموروث لمستويات إدراكية متواضعة تم وضعها فوق كل العقول بلا سند، لذلك أذكر بأننا نمارس دينا أرضيا تم تطعيمه بالقرءان على سبيل الزينة لأن الأمة قد هجرت القرءان فعليا وإن قاموا بتلاوته وحفظه.

وأقول هل إن كان أحد الأئمة الأربعة حيا بيننا أسيكون إماما؟.
هل سنقبل منه فقهه بجواز إرضاع المرأة للرجل الكبير ذو اللحية؟.
وهل ستقبل منه مضاجعة الوداع، يعني أن يضاجع الزوج زوجته المتوفاة للوداع؟.

وهل سنقبل منه إمكانية استمرار حمل الزوجة للجنين لمدة أربع سنوات ثم تسمي المولود بإسمي حتى لو لم أجامعها بكل هذه الفترة كما قال بذلك فضيلة مفتي الجمهورية العاقل الشيخ علي جمعة بقناة المحور على الهواء.

وهل سنقبل منه فقهه بالعفو عن إقامه حد الزنا على من استأجر امرأة للزنى كما قال بذلك أبو حنيفة؟،( المبسوط – السرخسي / ج 9 / ص 58 / ط دار المعرفة 1406هـ ) وقال أبو محمد ( ذهب إلى هذا أبو حنيفة ولم ير الزنى إلا ما كان عن مطارفة، وأما ما كان عن عطاء أو استئجار فليس زنى ولا حد فيه)............ ( المجموع - محيى الدين النووي / ج 20 / ص 25 )

وهل سنقبل منه وجوب قتل تارك الصلاة كما قال بذلك الأئمة مالك والشافعي وابن حنبل؟.
وهل سنقبل منه وجوب قتل المرتد كما قال بذلك الأئمة الأربعة؟.
وهل سنقبل منه إمكان تزويج الرجل لابنته من رجل كهل بينما البنت رضيعة بالمهد؟.
وهل سنقبل منه أن المرأة المختتنة تكون أحظى للرجل؟.

وهل سنقبل منه بجواز حج اللائط وصومه كما قال بذلك أبو حنيفة ولا يجب به الغسل إلا أن ينزل فيغتسل، ويعزران ويحبسان حتى يتوبا ؟.، [المرجع: كتاب الحاوي الكبير في فقه الإمام الشافعي الجزء الثالث عشر صفحة 222، تأليف أبي الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي]، وهو من أعلام أهل السُنّة، وقد قدم لهذا الكتاب وقرَّظَهُ كلٌ من الأساتذة بجامعة الأزهر الشريف، د./ محمد بكر اسماعيل، ود./عبد الفتاح أبو سنة.

وهل سنسمح للشافعي أن يقول بأنه لا حرمة في وطء الأمة في دبرها.....( راجع البحر المحيط في أصول الفقه ).
وهل سنقبل من فقه المالكية:.....( إن المخدمة سنين كثيرة لا حد على المخدِم - بكسر الدال- إذا وطئها .. ).........( المحلى لابن حزم / ج11 / ص251/ ط دار الفكر بتحقيق أحمد شاكر).
يعني بيوت الدعارة حلال.
ومضاجعة الخادمة حلال.
والمضاجعة مع الهدية حلال، والسُّنَة أن تكون الهدية تمرا.
ومضاجعة البهائم مكروهة.

وأُذكِّر بأني أكتب هذا ليس تسفيها في شخوص الأقدمين، لكن لمن يُقَدّسون الأقدمين وفقههم ويتربصون بنا الدوائر لمخالفتنا فقه السلف، وأكتبه لأنقد وأتبرأ من هذه السقطات وغيرها، ولأبين كم من المدسوسات والخرافات عج بها تراثنا إجماعا وليس عن فتاوى شاذة.

فلقد دافع الأزهر وما زال يدافع عن رضاع الكبير واسألوا الرئيس الحالي لقسم الحديث بكلية أصول الدين الدكتور عبد المهدي عبد القادر.

ولا تزال كتب المناهج بالأزهر تدرس للطلبة عدم إقامة الحد على من استأجر امرأة للزنى....راجع كتاب الاختيار لتعليل المختار على الفقه الحنفي المقرر على طلبة السنة الثالثة ثانوي الأزهرية صفحة 250.

وهل سنقبل مصائب الشرك التي يُقَدّمونها بتقديم فقه الرواية على فقه الآية، وفي ذلك إشراك برسول الله مع الله في الحكم، فما رأي شبابنا في شيوخ السلفية الذين يُقَدّمون النقل على العقل؟، وعن خرفهم بحجية السُّنَة بالنسبة للقرءان، فيما يلي:
1.حيث قال السلف ومنهم الأوزاعي عن مكحول قال: [ القرءان أحوج إلى السُّنَة من السُّنَة إلى القرءان ] .

2.وبه قال عن الأوزاعي قال: [ قال يحيى بن أبي كثير: السُّنَة قاضية على الكتاب، وليس الكتاب بقاض على السُنّة ].

3.وقال الشوكاني بكتابه إرشاد الفحول بأن السُّنَة النبوية توجب ما سكت القرءان عن إيجابه وتُحَرّم ما سكت القرءان عن تحريمه. يعني يضيفون تحليلا وتحريما تحت ذمة قال فلان وحدثنا علان، فيحللون ويحرمون غير ما هو موجود بكتاب الله.

4.أليست مسألة أن تنسخ السُّنَة القرءان من الأمور المقززة، فحين يصرح فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر بجريدة الأهرام تحت عنوان [ هذا هو الإسلام ] بالصفحة رقم 24 الصادرة بتاريخ 9/1/2010 ما نصه الآتي:

[....بينما يرى جمهور الفقهاء والمتكلمين أن نسخ القرءان بالسُّنَة جائز لأن كليهما وحي من الله تعالى...]، ثم لا يجد من يرده من فقهاء العصر فإننا نكون بصدد وباءة فقهية، إذ كيف ينسخ الأدنى الأعلى، كيف للسُنَّة النبوية ظنية الثبوت والدلالة، أن تنسخ القرءان قطعي الثبوت، أليست هذه جريمة تُرتكب في حق الإسلام؟، أليست هذه هي الفتنة التي هي أكبر من القتل؟، أيكون هذا هو الإسلام الذي يدعو إليه الفقهاء واجتمع عليه جمهورهم!؟.

فهل هذا هو إسلام عصور الظلام؟؛ لذلك لا تعجبوا من عنوان الكتاب لأنه فعلا إضلال للأمة بزعم أنه فقه الأئمة.

أليس هذا بإشراك لرسول الله مع الله في الحكم؟،

لذلك وغيره أكثر منه قررت ألا أكون مرووشا من الجن والشياطين، ولا أكون مشركا برسول الله مع الله في الحكم، وقمت بوضع عقلي في رأسي لأستعمله ولا أقوم بتأجيره للآخرين، لأن كل نفس بما كسبت رهينة ولن ينفعني فقيه ولا إمام.

أحمد عبده ماهر-حقيقة صلاح الدين الأيوبي

يحار المرء في الوصول إلى حقيقة شخصية صلاح الدين، وسبر أغوار نفسيته المقلقلة، خاصة وهو بطل معركة حطّين، التي انتهت في الرابع من تموز عام 1187 م بتحرير القدس من أيدي الصليبيين، وتحقيق نصر مؤزر عليهم.

ولكن المنصف إذا أبحر بعمق، في سفينة المؤرخ والمفكر الكبير السيد حسن الأمين عبر كتابه ( صلاح الدين الأيوبي بين العباسيين والفاطميين والصليبيين)، يمكن أن يصل إلى شاطئ فيه الكثير من الصور واللوحات، التي تعبر إن لم يكن عن كل الحقيقة فعن أكثرها جلاء في حياة هذا الرجل.

يقول السيد الأمين أن صلاح الدين الأيوبي (لم يكد يطمئن إلى النصر الرائع في تلك المعركة، حتى أسرع إلى القيام بعمل لا يكاد الإنسان يصدقه، لولا أنه يقرأ بعينيه تفاصيله الواضحة، فيما سجله مؤرخو تلك الحقبة، المؤرخون الذين خدرت عقولهم روائع استرداد القدس، فذهلوا عما بعده، لم تتخدر أقلامهم فسجلوا الحقائق كما هـي، وظل تخدير العقول متواصلاً من جيل إلى جيل، تتعامى حتى عما هـو كالشمس الطالعة، حصل بعد حطين أن صلاح الدين الأيوبي آثر الراحة بعد العناء، والتسليم بعد التمرد، فأسرع يطلب إلى الإفرنج إنهاء حالة الحرب وإحلال السلام )(1).

ولكي يتوصل صلاح الدين إلى إحلال السلام وإنهاء حالة الحرب مع الصليبيين، رضخ بصورة مذهلة وغريبة إلى كل الشروط التي اشترطوها عليه أثناء المفاوضات، ومنها: التنازل للصليبيين عن الكثير من المدن التي كان صلاح الدين قد استردها منهم بالحرب00 حيفا - يافا – قيسارية – نصف اللد ونصف الرملة – عكا – صور – وسوى ذلك، حتى صارت لهم فلسطين إلاّ القليل(2).

إضافة إلى ما وراء ذلك من اعتراف بوجودهم وإقرار لاحتلالهم، ورفع العنت والمعاناة عن رقابهم الموضوعة تحت سيوف المجاهدين، وإعطائهم الفرصة الذهبية للراحة، والاستعداد التام للانقضاض على القدس من جديد، الأمر الذي حصل فعلاً بعد موت صلاح الدين.

ويقول الدكتور حسين مؤنس: (ثم دخلوا في مفاوضات مع صلاح الدين انتهت بعقد صلح (الرملة)، الذي نصّ على أن يترك صلاح الدين للصليبيين شريطاً من الساحل، يمتد من صور إلى يافا، وبهذا العمل عادت مملكة بيت المقدس – التي انتقلت إلى طرابلس – إلى القوة بعد أن كانت قد انتهت، وتمكن ملوكها من استعادة الساحل حتى بيروت ... وبذلك تكون معظم المكاسب التي حققها صلاح الدين – فيما عدا استعادته لبيت المقدس – قد ضاعت)(3).

• متى يكون الجنوح للسلم؟:

إنه لأمر غريب حقاً وعجيب جداً بل ومريب، أن يجنح إلى السلم قائد مظفر لجيش منتصر، ثم إن هذا الذي جنح إليه صلاح الدين، هل هو سلم أم استسلام؟!.

قال الله تعالى في محكم التنزيل (وإن جنحوا للسَّلم فاجنح لها وتوكل على الله)[سورة الأنفال: الآية 61].

يلاحظ أن الله سبحانه وتعالى قد اشترط في هذه الآية الكريمة، أن يجنح المعتدون أنفسهم إلى السلم، فيجنح إليه عندئذ المسلمون، وهذا يعني أن الهزيمة الأكيدة قد حاقت بالأعداء، ولاحت لهم بوادرها، فجبنوا عن متابعة الحرب، وجنحوا إلى طلب الصلح حفظاً على أرواحهم وأنفسهم، ولم يعودوا مؤهلين إلى تقديم شروط، وباتوا مستعدين للاستجابة للشروط التي يفرضها عليهم المسلمون، وغني عن البيان أن المسلمين بما هم مكلفون بتبليغ الإسلام إلى البشرية جمعاء، وبما هم مأمورون به من العدل والإنصاف، وتأليف قلوب الكفار ليسلموا لله ويؤمنوا بالحق الذي جاء من عنده، لن يشتطوا في شروطهم، ولن يجعلوها شروطاً تعجيزية مجحفة، بل سيقتصرون من الشروط على سبيل المثال لا الحصر على:

- فتح الطريق أمام حرية الدعاة في التبليغ ونشر نور الرسالة الربانية.

- استرداد الأسرى من المؤمنين ـ إن كان هناك أسرى ـ أو تبادلهم مع الأسرى من الكفار المقاتلين.

- الجلاء التام الكامل عن كل شبر من الأرض الإسلامية، التي دخلها الكفار أو احتلوها أثناء الحرب.

- وربما دفع جزية للمسلمين، حتى لا يفكر الكفار مستقبلاً في نقض هذه الشروط.

ولكن شيئاً من هذا لم يحصل بين صلاح الدين الأيوبي والصليبيين المعتدين، فما الذي حصل إذن؟:

1- إن صلاح الدين هو الذي طلب الصلح والهدنة، وبادر إليها رغم أنه المنتصر في معركة حطين التي انتهت بتحرير القدس.

2- الصليبيون استغلوا استغلالاً كبيراً هذه المبادرة السلمية من صلاح الدين، وفرضوا عليه شروطهم كاملة.

3- لم يحقق صلاح الدين أياً من مقتضيات الجنوح الإسلامي إلى السلم، فالصليبيون لا يزالون محتلين لمنطقة كبيرة جداً من البلاد الإسلامية.

4- وزاد من سوء هذا الجنوح إلى السلم تنازل صلاح الدين للصليبيين عن مناطق أخرى ومدن مهمة كانت في يد صلاح الدين.

كل هذا في الوقت الذي لم يكن فيه صلاح الدين في حالة ضعف أو تقهقر، بل كان في حالة عظيمة من الانتصار والتقدم والقوة، بل وكان الخليفة الناصر العباسي يلح عليه في أن يمده بجيش الخلافة، وكان ذلك إيذاناً بنصر كاسح على الصليبيين المعتدين، سيؤدي إلى طردهم خارج البلاد الإسلامية، والتنكيل بهم تنكيلاً يجعل الرعب يدب في قلوب من خلفهم من الكفار، بحيث لا يراودهم أي أمل ولو في مجرد التفكير مستقبلاً بالاعتداء على ديار المسلمين، طبقاً لقوله عز من قائل(فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذّكرون)[سورة الأنفال: الآية 57].

• لماذا جنح صلاح الدين إلى السلام مع الصليبيين؟:

هنا لابد أن يثور في الفكر سؤال كبير، وبحث عن السبب الذي دفع صلاح الدين إلى إيقاف الحرب مع الصليبيين، والجنوح الشديد نحو مسالمتهم وعقد معاهدة الصلح معهم بهذا الشكل المريب، وهو السؤال الذي لم يبخل التاريخ بالإجابة عنه بصراحة ووضوح، ومن قبل أقرب المقربين من المؤرخين إلى صلاح الدين.

لو كان صلاح الدين مجاهداً في سبيل الله والإسلام، لالتزم بالتعاليم الإسلامية بشكل عام، وبالأحكام المتعلقة بالسلم والحرب بشكل خاص، وواقع الحال يؤكد غير ذلك(3أ).

ولو كان صلاح الدين بطلاً قومياً كما يدّعون له، لاختار أن يستمر في الحرب حتى يطهر الأرض العربية من رجس الغزاة المعتدين، ويكنس منها كل أثر للصليبيين، قبل أن يفكر بالخلود إلى الراحة والدعة، وموادعة أعداء الأمة، الرابضين في أهم مدنها وبقاعها، والجاثمين فوق صدور أبنائها.

• فماذا كان صلاح الدين الأيوبي إذن؟

إنه لا مفر أمامنا من الاعتراف، أن صلاح الدين الأيوبي ما هو إلاّ طالب لسلطة وملك حازهما بكل خسة ونذالة، وطامح لمجد شخصي ناله بالغدر والخيانة، ولم تكن الدواعي الإسلامية والدوافع القومية لتخطر على باله، أو لتحتل حيّزاً ولو صغيراً في قلبه.

ومن هنا فقط، نستطيع أن نفهم مبادرته لإيقاف الحرب، وسعيه الحثيث لعقد الصلح مع الصليبيين،ومحاولاته المتكررة لثني الخليفة العباسي الناصر عن إرسال أي جيش إلى فلسطين لمعاضدة صلاح الدين في قتال الصليبيين وطردهم من الديار الإسلامية(4).

كان نور الدين زنكي ولي نعمة صلاح الدين، قد طلب إليه أن يزحف من مصر، في حين يزحف نور الدين من الشام، ويحصرا الصليبيين بين الجيشين مما يسهل القضاء عليهم، فأبى ذلك صلاح الدين، لأنه اعتقد أنه إذا زال الصليبيون أصبح تابعاً لنور الدين، ولما أدرك أن نور الدين عازم على القدوم بنفسه إلى مصر ليؤدبه، احتمى منه بالصليبيين كما نص على ذلك ابن الأثير وأبو شامة وابن العديم وغيرهم(5).

يقول أبو شامة: (وكان نور الدين قد شرع بتجهيز السير إلى مصر لأخذها من صلاح الدين، لأنه رأى منه فتوراً في غزو الفرنج من ناحيته، فأرسل إلى الموصل وديار الجزيرة وديار بكر، يطلب العساكر ليتركها بالشام لمنعه من الصليبيين، ليسير هو بعساكره إلى مصر، وكان المانع لصلاح الدين من الغزو، الخوف من نور الدين، فإنه كان يعتقد أن نور الدين، متى زال عن طريقه الفرنج، أخذ البلاد منه، فكان يحتمي بهم عليه ولا يؤثر استئصالهم )(6).

وياليت الله مدّ في عمر نور الدين ريثما يزيل هذا الجاحد للنعمة، المتخاذل عن النصرة، فيتغير بذلك وجه التاريخ، ولا يبقى للصليبيين أثر في البلاد الإسلامية، ولكن نور الدين أتاه أمر الله الذي لا يرد، ليقضي الله أمراً كان مفعولاً، ولتكون أمام صلاح الدين الفرصة ليعيد هذا الموقف نفسه مرة ثانية مع الخليفة الناصر العباسي، (ولتنكب الأمة نكبة أخرى بتمزيق صفوفها، وتوريث بلادها كما تورث القرى والمزارع لورثة صلاح الدين، فتعاد القدس التي سفكت دماء المسلمين في سبيل استردادها، تعاد بسبب ترتيبات صلاح الدين إلى الصليبيين)(7).

(هنا أيضاً وقف صلاح الدين الموقف نفسه من الخليفة الناصر، فرفض قدوم جيش الخلافة لقتال الصليبيين والقضاء عليهم، لأنه اعتقد أنه سيصبح والياً من ولاة الخليفة تابعاً له)(8).

وأمام الرسالة الأخيرة التي أرسلها الخليفة الناصر، والتي لم يفصح العماد الأصفهاني عن شيء من مضمونها، والتي استشعر صلاح الدين الشدة فيها، والإصرار على إرسال جيش قوي لطرد الصليبيين، قرر صلاح الدين في نفسه التمرد على الخليفة، إلى حد قتال جيشه لو جاء إلى فلسطين.

ولذلك فقد راح يهيئ وسائل المقاومة ويرتب المحالفات، وخاصة بعدما جاءت الأخبار بقدوم حملة صليبية ألمانية كبيرة، اجتازت القسطنطينية وشقت طريقها في الأناضول، ودخلت مدينة قونيه وتحالفت مع الملك السلجوقي قلج أرسلان.

فمن جهة حاول صلاح الدين أن يلين للخليفة الناصر، ويطمئنه على قدرته على القيام وحده بواجب صد هذه الحملة وردها على أعقابها، فأوفد رسولاً إليه، وزوده برسالة يقول فيها: (00 والخادم منفرد في عبء هذا الفادح الباهظ بالنهوض، وهو واثق بأن بركات الدار العزيزة تدركه ولا تتركه، وأن الذي يستبعد مـن النصر القريب يتسق ويتسع بـه سلكه ومسلكه إن شـاء الله)(9).

ومن جهة ثانية، كان يوقع معاهدة الصلح والسلام مع الصليبيين، وينزل عند شروطهم، ويتنازل لهم عما كان في يده وتحت سلطانه من مدن فلسطين وغير فلسطين، ويتحالف معهم لقتال جيش الخليفة إن هو جاء إلى فلسطين.

فما أن تم له إنجاز هذا التحالف واستكمال متطلباته، حتى كتب إلى الخليفة معلناً رفض أمراء جيشه مواصلة القتال، وبالتالي تململهم من قدوم جيش الخليفة، لأن العسكر قد أنهكتهم الحرب حتى سئموا وملوا وضجروا وكلّوا(10).

على أن صلاح الدين الذي أبرم هذا الصلح مع الصليبيين أعداء الأمة الإسلامية، ورسم هذه الصورة الهزيلة لجيشه، زاعماً في رسالته للخليفة أن جيشه قد ملّ القتال وسئم الحرب، وغدا عاجزاً ضعيفاً عن مواصلة الكرّ والفرّ، كان يعدّ لحرب جديدة، ولكن لا لإنقاذ الوطن الإسلامي مـن خطر الصليبيين هذه المرة، وإنما لتوسيع رقعة مملكته الخاصة على حساب ممالك إسلامية أخرى، (لأن إنقاذ الوطن الإسلامي من الصليبيين يحد من نفوذه ويقلل من هيمنته، أما القتال في مناطق أخرى، فإنه يزيد من نفوذه ويكثر من هيمنته، فإذا ضمن ذلك فليبق الصليبيون في بلاد الشام، ولو أن المناطق التي عزم على القتال فيها، هي مناطق أجنبية يريد إدخالها ضمن المناطق الإسلامية لهان الأمر، ولكن صلاح الدين الذي عزم على مسالمة الصليبيين وإنهاء الحرب معهم والتسليم بوجودهم، صلاح الدين هذا كان يخطط لغزو البلاد الإسلامية، وسفك دماء المسلمين، تحقيقاً لمطامعه الشخصية، عزم على ترك الصليبيين في أمان، واتجه لترويع المسلمين الآمنين)(11).

ويذكر ابن الأثير في تاريخه، وابن كثير في البداية والنهاية، أن صلاح الدين كان عازماً على أن يغزو بنفسه بلاد الأناضول، التي كانت وقتذاك بلاداً إسلامية، يحكمها أولاد قلج أرسلان السلجوقي، وأن يوجه أخاه (العادل) لغزو بلاد (خلاّط) والدخول منها إلى أذربيجان، ومن ثم بلاد العجم، لكن المنية عاجلت صلاح الدين، وحالت بينه وبين الإقدام على جريمة أخرى من جرائمه الكثيرة في حق الإسلام والمسلمين، كما حالت من قبل بين نور الدين زنكي وبين السير إلى مصر، لإنزال عقوبة الموت بصلاح الدين الذي نكل بوعده ونكص عن التوجه لقتال الصليبيين، حسب الخطة التي رسمها لـه نور الدين زنكي، وليُّ نعمته وصاحب الفضل الذي لا ينكر عليه.

• ما الذي فعله صلاح الدين؟:

وقبل أن نصل إلى ختام هذا البحث، نسأل أنفسنا والتاريخ هذا السؤال المهم عما فعله حقاً صلاح الدين، ونستنطق التاريخ فنجده يقول بكل صراحة:

1- قضى صلاح الدين على الدولة الفاطمية في مصر، وأباد المكتبات العظيمة التي أنشاؤها، وشتت الكتب التي سهروا طويلاً على جمعها وترتيبها، ووضعوها بين أيدي العلماء، لينهلوا من معينها الفياض، ونكّل بأتباعهم وأشياعهم بكل قسوة ووحشية.

هذه الدولة العظيمة، التي كانت طوال فترة حكمها، السدّ المنيع أمام أطماع الروم البيزنطيين، والحارس القوي اليقظ على ثغور دولة الإسلام، سواء في الشام بالمشرق، أو في إفريقيا بالمغرب، متابعة في ذلك الدور العظيم، الذي كانت تقوم به قبلها الدولة الحمدانية في حلب، بقيادة سيف الدولة الحمداني، والتي قضى عليها هي الأخرى أسياد صلاح الدين وآباؤه.

لقد كانت الدولة الفاطمية، في صراع دائم وثابت مع الروم البيزنطيين، ورغم كل الحشود الضخمة والجهود الحثيثة، والإصرار من قبل البيزنطيين للوصول إلى القدس، فإن الفاطميين استطاعوا بصمودهم وشجاعتهم صدّ هؤلاء عن القدس، بل عن كل البلاد الإسلامية في المشرق والمغرب على السواء، وظلت الضربات الفاطمية تلاحقهم حتى ردتهم إلى أنطاكية، ولما حاق الفشل الذريع بالإمبراطور البيزنطي، عاد آيباً إلى القسطنطينية، حيث مات فيها مقهوراً في أوائل سنة 971 م (12).

2- اكتفى صلاح الدين بالنصر الذي حققه في معركة حطين، والتي انتهت بانتزاع القدس من أيدي الصليبيين، وبدلاً من متابعة الحرب، واضعاً يده في يد الخليفة الناصر العباسي حتى طرد الصليبيين من كافة الأرجاء والمدن الإسلامية، آثر مصلحته الشخصية في بسط نفوذه على بلاد الشام، وتمكين ملكه فيها، بعيداً عن نفوذ الخليفة، أو تدخله في شؤون تصريفه لأمور مملكته هذه.

ولتحقيق هذه الغاية بادر إلى مسالمة الصليبيين وموادعتهم، بل إلى التحالف معهم لقتال جيش الخلافة لو جاء إلى فلسطين، هذه المسالمة التي تنازل صلاح الدين مـن أجل الوصول إليها، عن معظم مدن فلسطين ولبنان للصليبيين، واعترف لهم بشرعية وجودهم فيها خلافاً لتعاليم الإسلام ورغبة المسلمين، بما فيهم الخليفة الناصر العباسي.

3- في عام 1190 م أصدر صلاح الدين مرسوماً دعا فيه اليهود إلى الاستيطان في القدس، وكان الصليبيون أثناء فترة احتلالهم للمدينة قد حظروا على اليهود الإقامة فيها، وحين زار الحاخام اليهودي (يهوذا بن سليمان الحريزي) (القدس عام 1216 م) وجد فيها جماعة يهودية معتبرة، مكونة من مهاجرين من فرنسا والمغرب وسكان عسقلان السابقين(13).

وترد الموسوعة اليهودية إصدار ذلك المرسوم، إلى نفوذ اليهودي موسى بن ميمون طبيب صلاح الدين، فتقول بشكل صريح وواضح كل الوضوح: (استخدم ابن ميمون نفوذه في بلاط صلاح الدين لحماية يهود مصر، ولما فتح صلاح الدين فلسطين أقنعه ابن ميمون بأن يسمح لليهود بالإقامة فيها من جديد وابتناء كُنُسٍ ومدارس)(14).

ويشير الدكتور جورج طرابيشي إلى هذا النفوذ بقوله: (بعد أن فتح صلاح الدين القدس، استحصل ابن ميمون لأبناء ملّته على إذن في التوطن فيها وفي فلسطين بصفة عامة)(15).

وبهذا المرسوم انفتح الطريق منذ ذلك اليوم لقيام دولة إسرائيل، وما وصلت إليه في عصرنا الحاضر من طغيان وفساد في الأرض.

4- قبل أن يموت صلاح الدين، قام بتقسيم البلاد التي كان يحكمها بين ورثته على الشكل الذي يحدده ابن كثير كما يلي:

- مصر: لولده (العزيز عماد الدين أبي الفتح).

- (دمشق وما حولها) لولده (الأفضل نور الدين علي).

- (حلب وما إليها) لولده (الظاهر غازي غياث الدين).

- (الكرك والشوبك وبلاد جعبر وبلدان كثيرة على قاطع الفرات) لأخيه (العادل).

- (حماه ومعاملة أخرى معها) لابن أخيه (الملك المنصور محمد بن تقي الدين عمر).

- (حمص والرحبة وغيرها) لابن عمه (أسد الدين بن شيركوه).

- (اليمن) جميعه بمعاقله ومخاليفه لأخيه (ظهير الدين سيف الإسلام طفتكين بن أيوب).

- (بعلبك وأعمالها) لابن أخيه (الأمجد بهرام شاه بن فروخ شاه).

- (بصرى وأعمالها) لـ (الظافر بن الناصر).

ويضيف ابن كثير بعد هذا النص قائلاً: (ثم شرعت الأمور بعد صلاح الدين تضطرب وتختلف في جميع الممالك)(16).

ويقول الدكتور حسين مؤنس واصفاً تلك القسمة: (قسم صلاح الدين الإمبراطورية ممالك بين أولاده واخوته وأبناء أخويه، كأنها ضيعة يملكها، لا وطناً عربياً إسلامياً ضخماً يملكه مواطنوه!)(17).

ثم يقول عما آل إليه الحال بين ورثة صلاح الدين: (عملوا أثناء تنافسهم بعضهم مع بعض، على منح (بقايا الصليبيين) في أنطاكية وطرابلس وعكا امتيازات جديدة، فتنازل لهم السلطان (العادل) عن الناصرة، وكانت بقية من أهل مملكة بيت المقدس الزائلة قد أقامت في عكا، واستمسكت بلقب (ملوك بيت المقدس)، فاعترف لهم به هذا (العادل) في ثلاث معاهدات... وحاول الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين صاحب حلب، أن يتحالف مع الصليبيين على عمّه (العادل)... وعندما أقبل الإمبراطور فريدريك الثاني يقود الحملة الصليبية السادسة ونزل عكا سنة 1227 م، أسرع الملك (الكامل) سلطان مصر وتنازل له عن بيت المقدس وجزء من أرض فلسطين يمتد من الساحل إلى البلد المقدّس، ووقّع معاهدة بذلك في 18 شباط 1229 م، وفي سنة 1244 م تقدم أيوبي آخر هو الصالح إسماعيل صاحب دمشق، فجعل للصليبيين الملكية الكاملة لبيت المقدس، وسلم لهم قبة الصخرة)(18).

ويعقب السيد الأمين على ذلك فيقول: (لم يكد صلاح الدين يموت، حتى استقل كل واحد من ورثته بما ورثه عن صلاح الدين، وتمزقت البلاد وفقدت وحدتها، وتشتت الشعب قطعاً قطعاً لا تربطها رابطة، ولم يقنع كل وارث بما ورثه، بل راح كل واحد منهم يطمع فيما في يد غيره، ويستعين على غريمه بالصليبيين، ففي سنة 638 هـ سلم الصالح إسماعيل صاحب دمشق للصليبيين صيدا وهونين وتبنين والشقيف، ليساعدوه على ابن أخيه الصالح أيوب صاحب مصر، وفي سنة 625 هـ شباط 1229 م سلم الكامل والأشرف ولدا العادل – أخي صلاح الدين – القدس وما حولها، للملك الصليبي فريدريك الثاني، وسلماه معها الناصرة وبيت لحم وطريقاً يصل القدس وعكا، ليساعدهما على أقربائهما، ويصف ابن الأثير وقع هذه الرزية على العالم الإسلامي بقوله: (واستعظم المسلمون ذلك وأكبروه، ووجدوا له من الوهن والتألم ما لا يمكن وصفه)(19).

فماذا بقي لصلاح الدين هذا مما يمكن أن يتفاخر به مؤيدوه بتحرير القدس، وقد أدت تصرفاته الرعناء ومطامعه الشخصية، إلى أن يعود الصليبيون إلى القدس؟!.

إن هذه الحقائق عن مخازي صلاح الدين الأيوبي، لم ينفرد بها السيد الأمين ولم يخترعها من عند نفسه، وإنما انتزعها من بطون كتب التاريخ، وخاصة من المؤرخين الذين عاصروا صلاح الدين، والفترة التي تلت عصره، وكانوا من المقربين إليه والأثيرين عنده، وقام مشكوراً بجهد كبير ليكشف لنا هذه الحقائق الناصعة، مأخوذة من مؤرخين لا يرقى الشك إلى ولائهم لصلاح الدين، وبالتالي إلى صدق ماكتبوه عنه وعن ورثته، من مثل العماد الأصفهاني، والقاضي بهاء الدين بن شداد، وابن الأثير وابن كثير والنعمان بن محمد، والمقريزي وابن القلانسي ومن إليهم، ونقله عنهم بعد ذلك جمع كثير من المؤرخين المعاصرين، منهم الدكتور حسن إبراهيم حسن، والدكتور طه أحمد شرف، والدكتور حسين مؤنس، وسواهم.

• ختام البحث:

هذا هو صلاح الدين الأيوبي، وهذه هي شخصيته الحقيقية كما أفصح عنها التاريخ، لم يكن مجاهداً إسلامياً، ولا بطلاً قومياً عربياً، وإنما كان مجرد طالبٍ لسلطة، وطامع بملك، وقد نالهما عبر مراحل طويلة من خداعه للمسلمين والعرب، فباسم الجهاد سالم الصليبيين بل وتحالف معهم، وباسم الجهاد قاتل شعوباً إسلامية، وقضى على دول إسلامية في مصر واليمن وسواهما، وكان قاسياً جداً لدرجة الوحشية مع المسلمين الذين يحكمهم، ومتسامحاً لدرجة مريبة جداً مع اليهود والصليبيين.

ولا بأس أن ننقل في هذا الختام، حديث الدكتور حسين مؤنس عن سيرة صلاح الدين مع الشعب، والمعاملة السيئة والقاسية التي كان هو وعماله يعاملون بها الناس: (كانت مشاريعه ومطالبه متعددة لا تنتهي، فكانت حاجته للمال لا تنتهي، وكان عماله من أقسى خلق الله على الناس، ما مرّ ببلده تاجرٌ إلاّ قصم الجُباةُ ظهره، وما بدت لأي إنسان علامة من علامات اليسار إلاّ أُنذر بعذاب من رجال السلطان، وكان الفلاحون والضعفاء معه في جهد، ما أينعت في حقولهم ثمرة إلاّ تلقفها الجُباةُ، ولا بدت سنبلة قمح إلاّ استقرّت في خزائن السلطان، حتى أملق الناس في أيامـه، وخلّفهم على أبواب محن ومجاعات حصدت الناس حصداً)(20).

هذا هو صلاح الدين الأيوبي على حقيقته الكاملة، ولكن الناس خدّرتهم أنباء الفتوحات المزيفة والبطولات الموهومة، فلم يعودوا يميزون بين الغث والثمين، ولا بين الصدف والجوهر، وكل هذا بفضل التعتيم المستمر على حوادث التاريخ، والتزوير المخطط من قبل حواشي السلاطين.

أضف إلى ذلك، أن الناس عندما يهبطون إلى درك من الضعف والعجز، يحاولون أن يفتشوا عن بطولات لهم في التاريخ، وعندما لا يجد هؤلاء لهم أبطالاً حقيقيين، لا يضيرهم أن يستظلوا تحت سقف أبطال مزيفين، ولا يكتفون بذلك بل يجعلون منهم أبطالاً أسطوريين، يقاتلون طواحين الهواء باسمهم وتحت راياتهم، ولله في خلقه شؤون، والحمد لله رب العالمين.

ــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

1- كتاب: (صلاح الدين الأيوبي بين العباسيين والفاطميين والصليبيين) للسيد حسـن الأمين ص 144، ومن الطريف أن (العادل) وهو أخو صلاح الدين ومندوبه الذي فاوض الصليبيين، حاول إغراء ريتشارد قلب الأسد ملك الإنكليز أن يزوجه أخته فتتوحد المصالح وتمتزج الأهداف. المصدر السابق ص 124- 125 ينقله عن: (الفتح القسي في الفتح القدسي) للعماد الأصفهاني.

2- انظر في المدن التي نزل عنها صلاح الدين للصليبيين كتاب (الأعلاق الخطيرة في أمراء الشام والجزيرة) ص 173- 184 وص 259 لقاضي صلاح الدين بهاء الدين بن شداد.

3- الدكتور حسين مؤنس: (أطلس تاريخ العالم) ص 269.

3أ- يقول المقدسي المعروف بأبي شامة في (كتاب الروضتين في أخبار الدولتين)- أي النورية والصلاحية -: ( فأرسل الخليفة العاضد إلى صلاح الدين، يأمره بالحضور في قصره ليخلع عليه الوزارة، ويولّيه بعد عمّه)، ويقول ابن شدّاد في (النوادر السلطانية): ( وشكر- أي صلاح الدين- نعمة ربّه، فتاب عن الخمر، وأعرض عن أسباب اللهو)، ويذكر ذلك أيضاً: ابن العديم في (زبدة الحلب في تاريخ حلب)، وأبو الفداء في تاريخه، والذهبي في (سير أعلام النبلاء)، وسواهم، ويعلق السيد حسن الأمين على ذلك بقوله: (وإذا كان هؤلاء قد اعترفوا، بأن صلاح الدين كان سِكّيراً مدمناً على الخمر قبل تولّيه الوزارة، فالله وحده يعلم هل تاب أولا ). انظر (صلاح الدين الأيوبي بين الفاطميين والعباسيين والصليبيين) للسيد الأمين ص 185 - 186.

4- للوقوف على تفاصيل المراسلات بين الخليفة الناصر العباسي وبين صلاح الدين، يراجع كتاب (الفتح القسّي في الفتح القدسي) لعماد الدين الأصفهاني الذي كان من حاشية صلاح الدين ومن أقرب المقربين إليه، وكان يرافقه في حله وترحاله، ويسجل ما يحلو له تسجيله من وقائع وأحوال صلاح الدين.

5- صلاح الدين الأيوبي للسيد الأمين ص 117- 118.

6- كتاب (الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية) القسم الثاني من الجزء الأول ص 58، لعبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي المعروف بأبي شامة. وذكر مثله ابن الأثير وابن النديم وسواهما من المؤرخين.

7- السيد الأمين المصدر سابق ص 158 – 159.

8- المصدر السابق ص 118.

9- انظر نص الرسالة في كتاب العماد الأصفهاني المتقدم ذكره.

10- للوقوف على تفاصيل مفاوضات صلاح الدين مع الصليبيين وصولاً إلى عقد الهدنة وإحلال السلام بينهما، ورسائل صلاح الدين إلى الخليفة الناصر يمكن الـرجوع إلى كتاب: (الفتح القسّي في الفتح القدسي) لعماد الدين الأصفهاني.

11- الأمين المصدر السابق ص 122- 123.

12- للوقوف على تفاصيل هذه الحروب التي انتهت بهزيمة البيزنطيين، يمكن العودة إلى كتاب (المعز لدين الله) للأستاذين: الدكتور حسن إبراهيم حسن والدكتور طه أحمد شرف، وكتاب (المجالس والمسايرات) للنعمان بن محمد، وكتاب (خطط الشام) للمقريزي، وكتاب ابن القلانسي في ذيل تاريخ دمشق.

13- انظر الموسوعة اليهودية ج 14 ص 669 التي افتتحت هذا الكلام بقولها: (كان موقف صلاح الدين من اليهود والمسيحيين شديد التسامح).

14- 178 Zeitlin, Mimonades,.

15- الدكتور الطرابيشي: (معجم الفلاسفة) ص 32.

16- السيد الأمين المصدر السابق ص 130.

17 و 18 - السيد الأمين المصدر السابق ص 130- 131.

19- السيد الأمين المصدر سابق ص 131- 132.

20- مجلة (الثقافة) العدد 462، انظر الأمين ص 164.

الاثنين، 7 أكتوبر 2013

أحمد عبده ماهر-النبي لم يصلي بالأنبياء إماما والإسراء تعظيم للرب وليس للرسول 3\2

من قصص التراث المخبول أنهم ابتدعوا معزوفة الجنون التي استقوها من مدسوسات الأحاديث القولية بكتب يسمونها كتب الصحاح، ومنها زعمهم بأن النبي صلى بالأنبياء إماما ببيت المقدس.
• فهل استيقظ الأموات وتم بعثهم ليؤدوا تلك الصلاة
• فهل على الأموات صلاة مفروضة أو صلاة نافلة.
• وأين توضئ الأنبياء للصلاة أم انهم صلوا بغير وضوء؟.
• وكيف قبل نبي الله إبراهيم أبو الأنبياء جميعا أن يصلي مأموما وقد قال الله له [إني جاعلك للناس إماما].
• وكيف صلى النبي إماما بسيدنا إبراهيم بينما النبي محمد ما هو إلا متبع لملة إبراهيم {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }النحل123.
• وهل صلى الأنبياء في أكفانهم أم جاءوا بلباس سماوي .
• وكيف يصلون بالليل صلاة فريضة
• وإذا كانوا يصلون صلاة نافلة فصلاة النافلة ليست في جماعة
• وهل تنازل الله عن وجود فاصل بين الأحياء والأموات إلى يوم يبعثون؟ من قوله تعالى (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ*لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (المؤمنون: 99&100). 

ثم هم لم يقفوا عند هذا الحد بل جعلوا رسول الله يقابل الأموات من الأنبياء بل ويقابل الصالحين والفاسدين في المعراج ليرى مصيرهم، وجعلوها قصة جميلة يتشدّقون بها على أنها حديث لرسول الله ويتأثّرون بها أكثر من تأثّرهم بكتاب الله في ذات الشأن. 

ألم ينزّل الله قرءآنا يؤكد فيه على سوء مآل الفاسقين وحسن حال الصالحين ؟؟، أم أن الأمر يحتاج إلى قصّة تأثيرية تعلو وتسمو في ذكرها عن آيات الله؟؟ ، ثم هم يجمعون ذلك كله في بوتقة تعظيم رسول الله، وكأن عظمة رسول الله وقيمته العليا عند الله والناس كانت تحتاج إلى مثل هذه التخريجات أو تلك الاستنتاجات!!!.

ولم ينتبه بعض الدّعاة من أصحاب القصص ولم يدرون بأن الواقعة المدّعاة بشأن إمامة رسول الله للأنبياء في الصلاة لم ترد في صحيحي البخاري ولا مسلم كذا لم ترد في مسند أحمد ولا أظنّها فاتت هؤلاء الأفذاذ بل أرى أن الأمر عرض عليهم حتما فلم يجيزوه، وعلى ذلك خلت صحاحهم منه، لكن لابد أن نذكر أن الأمر له أصل وهو دلائل البيهقى والنسائى رحمهما الله ، لكن هل يصح من المسلم أن يتتبّع الشاذ والغريب والمخالف لكتاب الله طالما أن الأمر يعجبه أو يثير فيه عاطفة الانبهار والاندهاش ولو على حساب المقومات العقلية لديه؟؟؟.

ولعل في مسند الإمام أحمد وهو من كتب الصحاح ما يفي بالرد على مزاعم الصلاة إماما بالأنبياء وذلك فيما رواه بالأحاديث أرقام22253 &22197&22197 من أن أبا حذيفة قال لزر بن حبيش

(والله ما صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلّم ليلتئذ لو صلّى فيه لكتب عليكم صلاة فيه كما كتب عليكم صلاة في البيت العتيق).

بل لقد علّق أبو حذيفة على الواقعة التي يقولون فيها بربط الرسول للبراق في الحلقة التي كان يربط بها الأنبياء دوابهم فقال (أو كان يخاف أن تذهب وقد أتاه الله بها؟؟؟) .وأظن أن في هذا الكفاية لمن أراد عقلا لمخّه أما من أراد أن يطيش به الفكر فسيجد الكثير وكلها في كتب الصحاح (المعقول واللامعقول).

ثم هم لم ينتبهوا أنهم حين أفرطوا بلا وعى في تعظيم شأن رسول الله بالقصص المشوقة أنهم قد ابتعدوا عن مراد الله عن واقعة الإسراء ومراده في ذكره لهذه الواقعة في القرءآن ، فإن الله لم يذكر الواقعة في القرءآن ليعلى شأن رسول الله كما ذهب هؤلاء إنما ذكر هذه الواقعة لإعلاء شأن الله في نفوس أشركت بالله أصناما تدّعى أنها تقربها إلى الله، وتثبيتا للنبي الأعظم. 
ولقد كانت واقعة الإسراء لإثبات قدرة الله على ما يشرك به من أحجار أو أشخاص أو آلهة ،ثم امتنانه على عبده الصالح محمد نبينا ورسولنا الأمين بالإسراء به والعودة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى إثباتا لهذا التنزيه الإلهي والاصطفاء البشرى.

وألا ترى معي عزيزي القارئ أن الله قد استهل هذه السورة بقوله تعالى ( سبحان الذي....... ) ،ومعنى سبحان أي تنزّه وتعالى ، تنزّه عن الإشراك به وعن كل النقائص ،وتعالى على المخلوقات والكائنات ، فالأمر أمر تعظيم للرب وليس لرسول الله ، إنما رسول الله كان أداة بشرية لتأكيد هذا التعظيم والتنزيه والقدرة والمقدرة لكل من أسلم قياده لله حتى يصير عبدا حقيقيا لله ، وليس عبد ساعة أو سويعات أو عبد لحظات أو فترات. أمّا الفائدة التي للنبي فهي فائدة تثبيته على الحق المبين الذي عايشه في الإسراء.

أجمد عبده ماهر-القرءآن يكذب حدوث عروج أو صعود بالنبى إلى السماء 3\1

لقد حمل لنا نبض الحقيقة القرءآنية نبأ انعدام وجود عروج بالنبى إلى السماء، لقد كذّب القرءآن هذه الأقصوصة قبل أن تلوكها ألسنة القصّاصين وأصحاب الخبالات. وإن الذين يستحبّون مخالفة كتاب الله، والذين يستحبون الخروج عن الأهداف القرءآنية لينشدوا ضالتهم فى معجزة مادية مزعومة ليعالجوا بها هوى النفوس المريضة إنما يتصادمون مع الواقع القرءآنى الذى يقرر حقيقة أن القرءآن هو المعجزة الحقيقية وهو الضّالة المنشودة لمن أرادوا رشادا حيث يقول تعالى:ـ 

( قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً{88} وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً{89} ) 

والآيات التى سطّرها الكتاب المقدّس يحمل فى أحشائه من الآيات 90-94 من سورة الإسراء ما يؤكّد عدم العروج بالنبى إلى السماء وبالتالى سقوط التصوير المسرحى الذى اعتاده الناس ويستحبون سماعه حيث يقول تعالى

(وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعاً{90} أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً{91} أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً{92} أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَراً رَّسُولاً{93} وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ اللّهُ بَشَراً رَّسُولاً{94} ).

فالذى يتدبر الآيات السابقات من كتاب الله سيجد حتما رفض الله للتحدّى المادى الذى أراده الكفّار كشرط للإيمان برسول الله،
بل لقد أمر الله بالتوجه إلى المعجزة الخالدة وهى القرءآن الكريم ليقيموا فيه وبه محفل التّدبر الذى استهدفه الله من تنزيل الكتاب {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }ص29.

فلقد أراد الكفّار من رسول الله إحدى المعجزات التى جاء بها الأنبياء السّابقين بل حددوا مطالبهم التى ذكرها القرءآن ، وهى المطالب التى رفضت جميعها من الله وهذه المطالب هى:ـ 
1ـ أن يفجر لهم من الأرض ينبوعا .
2ـ أن يكون له جنّة من نخيل وعنب ويفجّر بهاالأنهار . 
3ـ أن يطبق السماء على الأرض.
4ـ أن يأتى بالله والملائكة قبيلا.
5ـ أن يكون له بيت من زخرف.
6ـ أن يرقى فى السماء شريطة أن يحضر لهم كتابا .(أوترقى فى السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه). 

ولقد تم رفض جميع هذه المطالب بقوله تعالى {........ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَراً رَّسُولاً }الإسراء93، 

لقد أراد الله إبراز وتأكيد بشرية النبى واعتبار الخوارق المادية التى يطلبها الكفار كشرط لإيمانهم إنما هى أقزام أمام المد والبيان القرءآنى لمن أراد وعيا وفكرا وإيمانا من الذين يتدبرون القرءآن.

إن الذين يتقوّلون بعروج رسول الله إلى السماء لم يصلوا بقصتهم الشيقة عن العروج إلى إرضاء وإرواء ظمأ النفوس الكافرة ، إذ ليس الأمر أمر ذهاب وإياب من الأرض إلى السماء والعودة ، بل لقد استهدف أهل الكفر للتحقق من هذا الصعود أن ينزّل لهم الرسول كتابا من السماء ليقرؤوا فيه ، وبالتالى فإن من يقصّون علينا واقعة المعراج لم يخاطبوا بقصتهم يقين اهل الكفر وذلك لقصور القصة عن مراد أهل الكفر فى الحصول على كتاب من السماء ({...وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ .... }الإسراء93 وذلك لعدم رجوع النبى من السماء بكتاب !!!.

كما لم يخاطبوا بقصتهم العقول المؤمنة لأن القلوب المؤمنه تعلم أن القرءآن هو معجزة التّحدى ،ويعلمون أن من يأبى أو يركن إلى غيره فقد ضلّ سواء السبيل.

بل إن التدبر هدف من الأهداف الإيمانيه لأهل الإسلام ولكن هيهات وقد تطاولت عليهم العصور فى انعدام الاهتمام بأداء فريضة التّدبر بل والركون والدّعة إلى بعض الأهازيج التى روّجوا لها وإن تصادمت مع أقدس مقدّس لديهم.

إننا نرى بضرورة مراجعة تراثنا الثقافى لينضبط مع كتاب الله وأن نتخلّى عن التبريرات والتأويلات ولىّ عنق الأمور ليبقى الحال على ماهو عليه، فلا يمكن أن نمسخ ديننا بكتب تراث تتصادم مع أصح كتاب ،ولا يمكن للكتاب الثّانى الذى يقدّسونه بلا ضابط (صحيح البخارى) أن يمسخ كتاب الله المقدّس.

وإن أصحاب قصّة المعراج روّجوا لبضاعتهم بتأويلات فاسده لبعض آيات كتاب الله من سورة النجم وذلك بالآيات من 5ـ18 حيث يقول تعالى:ـ 

(عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى{5} ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى{6} وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى{7} ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى{8} فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى{9} فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى{10} مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى{11} أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى{12} وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى{13} عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى{14} عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى{15} إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى{16} مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى{17} لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى{18}).

فهم يتصوّرون بتأويلاتهم أن رسول الله قد رأى الله عند سدرة المنتهى أو بعد سدرة المنتهى وهو عين التخبط فى العقيدة إذ أن حقيقة التأويل أن الله قد أعطى رسوله قدرة النظر إلى حبريل عليه السلام فى صورته الحقيقية مرتين، مرّة فى الأفق الأعلى ومرة أخرى عند سدرة المنتهى.

إن الترويج لقصّة رؤية النبى لله بزعم تأويل آية (ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى ) كان لابد أن يتاح لها قدرا من التّدبر قبل نشرها بلا ضابط ، إن الآيه تقرر أن النبى رأى ما رأى مرتين (مرة أولى ومرة أخرى ) فإذا كان أهل الرواية يصوّرون أن النبى قد رأى الله فلابد أنه قد رآه مرتين ولابد أن يقصّوا علينا المرتين(الأولى والأخرى) لكن أعلم تماما أن أمتى فقدت العقل قبل أن ترسب فى ذيل الأمم.

وعودة مرة أخرى إلى مسألة التخبط فى العقيدة والتى يمارسها من يؤمنون بعروج النبى إلى السماء، إن سبب تخبطهم فى العقيدة يرجع إلى تصورهم إلإحاطه البصريه من رسول الله لله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا...........بما يعنى أن الله له بدايه ونهايه وأنه سبحانه وتعالى له جرم(جسم) يمكن رؤيته،

كذا تصورهم وجود الله فى مكان بما يعنى أن المكان أكثر سعة من الله كذا تصور بعضهم أن سدرة المنتهى هى نهاية كون الله ،وجميع ذلك من خرفهم وخرقهم.بل لقد قالت السيدة عائشة رضوان الله عليها (من زعم أن محمدا رأى ربّه فقد أعظم الفرية على الله).

أحمد عبده ماهر-الذهب ليس حراما للرجال

منذ نعومة أظفاري أعلم بأن التختم بالذهب حرام للرجال وكذلك لباس الحرير، فهكذا يقول الخطباء بالمساجد والدروس، وهكذا أصبحنا نلبس خاتم الزواج من الفضة، وقالوا بأن النبي هو الذي قال بذلك التحريم، فهل يحق للنبي تحريم؟؟؟، وإذا كان يحق له ذلك فلماذا قال الله له:

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }التحريم1.

فلو كان له حق التحريم ما عاتبه الله بشأن من شئون التحريم،
لكن لا أقول بأن النبي لم ينهي الصحابة عن التختم بالذهب في مرحلة ما من مراحل حياته، بل فعل، لكن الفقهاء لم يدرسوا أسباب ورود الحديث الشريف بشأن نهي النبي الرجال أن يتختموا بالذهب،

فتصوروا النهي تحريما، وتصوروا التحريم على التأبيد وليس أمرا مؤقتا، فقد حدثت عسرة ومجاعة في المدينة فأراد النبي ألا يوغر الغني صدر الفقير بالتختم بالذهب ولبس الحرير فقال ذلك الحديث، الذي نهى فيه ولم يحرم التختم بالذهب ولبس الحرير.

فيجب العلم بأن هناك أبعاد مرتبطة بأسباب ورود الحديث [البعد الزماني/البعد المكاني/البعد المخاطبي/ البعد الحاليّ في أسباب ورود الحديث]،

وهناك كتب ومراجع في أسباب ورود الحديث الشريف لفقهاء مثل جلال الدين السيوطي والبلقيني وغيرهما، وقد قام أحد الباحثين واسمه /حمادة يوسف عبد المولى بتقديم رسالة ماجستير في هذا الصدد عام 2007 بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة، لكن جهلاء الدعاة يتناولون الحديث على أنه مطلق لكل زمان ومكان كالقرءان تماما بتمام، وهذا من الضلال.

ولقد أصدرت وزارة الأوقاف المصرية كتابا كانت طبعته الرابعة عام 2006 واسم الكتاب [حقائق الإسلام في مواجهة المشككين]، وفي صفحة652 مدون بشأن التختم بالذهب أن البعض قال بأن التختم بالذهب حكمه كراهة التنزيه وقريبة من الإباحة وليس بها تحريم

واعتمدوا في ذلك على أن هناك عددا من الصحابة قد تختموا بالذهب منهم سعد ابن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، وصهيب، وحذيفة، وجابر ابن سمرة، والبراء بن عازب الذين فهموا أن النهي للتنزيه وليس للتحريم [راجع فقه السنة للشيخ سيد سابق المجلد الثالث ص482 وما بعدها، و488 وما بعدها].

فإذا كنا نقول بأن النبي ليس له حق التحريم فكيف يكون للفقهاء حق التحريم، إن التحريم أصبح لعبة في أفواه الفقهاء حتى انهم حرّموا حلق اللحية، والله تعالى يقول:

{وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ }النحل116.

أحمد عبده ماهر-الحرام والحلال بين القرءان والسنة والفقه

السنة القولية لا تصلح مصدرا للتحليل والتحريم، وليست مصدر للحلال والحرام فالقرءان فقط هو مصدر الحلال والحرام، لأن الله لا يشرك في حكمه أحدا ولا حتى رسوله
والتحليل والتحريم حق خالص لله فقط، وهو ما ورد بكتاب الله
يعني إن طبقنا هذا الكلامعلى أرض الواقع يكون:
1. تحريم لبس الذهب للرجال ليس بحرام بالقرءان بينما هو حرام في السنة
2. ويكون تعطر المرأة ليس بحرام بالقرءان بينما هو حرام بالسنة
3. وحلق اللحية ليس بحرام بالقرءان بينما هو حرام في السنة
4. والفتوحات الإسلامية تكون حراما بالقرءان بينما هي حلال بالسنة
5. وقتل المرتد حرام بالقرءان بينما هو حلال بالسنة
6. وقتل تارك الصلاة حرام بالقرءان بينما هو حلال بالسنة بعد استتابته ثلاثة أيام
7. ونكاح الصغيرات حرام بالقرءان بينما هو حلال بالسنة
8. والحيلة في الزواج حرام بالقرءان بينما هي حلال في السنة [قال بذلك البخاري].
9. والوصية حلال بالقرءان ومطلقة .....بينما هي محددة بالسنة
10. واسترقاق الأسرى حرام بالقرءان...... وحلال بالسنة.
11. وشرب أبوال الإبل حرام بالقرءان [لأن الله حرم علينا الخبائث] بينما هي حلال في السنة.
12. وعقوبة إشهار الزنا بحيث يشهد عليه أربعة هو الجلد بالقرءان بينما العقوبة عندهم هو القتل رجما بالسنة تقليدا لليهود في شريعتهم.
13. وعقوبة الاعتداء على اعضاء الإنسان وإتلافها هو التعزير والتغريم بالقرءان بينما هو القصاص بقطع عضو مماثل للعضو المقطوع أو الذي تم إتلافه بالسنة....بل يتصورون أن القرءان حض على أن السن بالسن...الخ
ولا يدرون بأن الله قال بأنه كتب ذلك على اليهود في التوراة ولم يكتبه علينا بل خففه ليكون دفع دية و تعزير.
14. والموسيقى حلال بالقرءان وحرام بالسنة
15. وزواج الصغيرات بالرجل المسن مباح بالسنة وممنوع بالقرءان.
16. وإشهاد المرأة على جرائم الحدود ممنوع بينما هو في القرءان مباح.
17. وليس للمرأة المتزوجة المريضة على زوجها حق في أجر طبيب ولا نفقة دواء بالسنة والفقه، بينما لها هذا الحق بالقرءان.
18. وليس لها حق في أكل الفاكهة والحلوى في الفقه والسنة ولها هذا الحق في القرءان.
19. والتي تغتصب أو تلك التي تقبل ابن الزوج أو تلك التي تحبس ولو ظلما تسقط نفقتها عند الفقهاء بينما لا تسقط بالقرءان.
20. والطلاق بالثلاثة في مجلس واحد جائز بفقه الأئمة وهو اعتداء على الشريعة بالقرءان.
21. وقتل الكلاب حلال بالسنة حرام بالقرءان.

......وأمورا كثيرة كهذه.....فهل هذا هو التيسير الذي يتشدقون به أم هي فظاظة مقولات وفقه ورد بالسنة كذبا على رسول الله أو عدم فهما لأقواله أو عدم اعتبار للزمن الذي قيل فيه الحديث.

أحمد عبده ماهر-خلاصة بيان الفرق بين أحداث الساعة والقيامة


أعلم تماما بأن غالبيتنا أسرى لعدم فهم الفقهاء، وأعلم بأنهم لم يقوموا بالتفرقة بين الساعة والقيامة فجاءت تفسيراتهم وفهمهم مغلوطة لكتاب الله، لذلك علهم يفهمون الحقيقة، وعلهم يصححون ما يتم تدريسه بمعاهدهم أقدم باكورة ملخصة للفرق بين الساعة والقيامة فيما يلي:

1ـ فالساعة هي آخر أيام الدنيا، بينما يوم القيامة هو يوم واحد بالآخرة.

2ـ والساعة تقوم على أحياء فتُميتهم ويُدفن الناس تحت ثرى الأرض، بينما تقوم القيامة على أموات فتحييهم، وتتشقق الأرض عن أجسادهم فيخرجون منها وينبتون كما ينبت البقل، فهو يوم يقوم الناس لرب العالمين.

3ـ والساعة تأتي بغتة، بينما لا تبغت القيامة أحدًا، لأنها تقوم على أموات،
أما الساعة فلأنها تقوم على أحياء فهم يُبغتون: {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ } الحج2.

4ـ والساعة لها علامات تعني قرب انتهاء فرصة الإيمان، بينما القيامة تقوم ولا أشراط لها، لأنها تقوم على أموات.

5ـ وأشراط الساعة ينفع معها إيمان وتوبة وهي ما يسمونه بالأشراط الصغرى، بينما قيام أحداث الساعة يعني فوات فرصة الإيمان والتوبة، أما القيامة فلا عمل بها ولا توبة لأنها يوم الحساب فقط.

6ـ وقيام الساعة يعني زوال الدنيا وفناءها، لكن يوم القيامة يوم بناء وتشييد لصروح الآخرة.

7ـ والساعة تقوم على أرضنا هذه وعلى تلك السماء التي نراها الآن، بينما لن يكون يوم القيامة على أرضنا هذه، فتلك الأرض ستزول عند قيام الساعة، ويبدلها الله والسماوات لأجل القيامة [يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات].

8ـ والساعة تقوم على أرضنا وسمائنا التي نعرفها، بينما القيامة تقوم على كل الأكوان والخلائق بالسماوات والأرضين،
فيقول تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ} الزمر68؛

وهو الأمر الذي يؤكد وجود مخلوقات عاقلة بالسماء لورود تعبير (مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ)، فكلمة (من) تقال للعاقل، كما نرى أن الله تعالى يقول: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} التكوير5؛ فالكل سيمثل أمام المولى سبحانه وتعالى بالآخرة.

9ـ وعند قيام الساعة يكون الإنسان بذات جسده وإمكاناته، بينما بالقيامة يرتفع مستوى الجسد، فيرى الملائكة والجن وغير ذلك من الخصائص التي منها كلام الأيدي والأرجل والجلود.

10ـ وأمر قيام الساعة يستغرق أيامًا وسنوات وأحقابًا..... بينما القيامة يوم واحد اسمه يوم القيامة.

11ـ ومن أحداث الساعة أن تتزلزل الأرض، وتخرج براكين من جوفها، وتُنسف الجبال، وستختبئ فلول البشرية التي ما زالت على قيد الحياة، يهمس بعضهم لبعض من الذعر، ثم تزول الأرض وما عليها، وستكشط السماء وتفتح لتصير أبوابا، ...ثم ...ثم.

أما يوم القيامة فهو يوم استقرار على أرض جديدة، ليس فيه ذعر من جنس ذعر الدنيا، إنما يستمد قوة كيانه من رؤية الناس للملائكة، ووقوع الحساب فيه، ودخول الجنَّة والنَّار وما قبل ذلك من أحداث.

12ـ وبالقيامة مكونات وعناصر ليست من مكونات وعناصر ما تقوم عليه الساعة، فالجنَّة والنَّار والميزان والكتب، كلها ليست متيسرة بالدنيا التي تقوم عليها الساعة، بما يعني أن العناصر والمقومات مختلفة بكل منهما.

13ـ والساعة قد تكون عامة، وقد تكون خاصة حين يموت كل فرد منا فهي ساعته وليست قيامته، لكن القيامة عامة دائما، وعلى ذلك فتعبير [من مات فقد قامت قيامته ] ليس له وجود بالقرءان ولا الفقه السوي، وحكم الشيخ المحدث الألباني ـ يرحمه الله ـ بوضعه على رسول الله.

14ـ وبالساعة العامة يتفرق الناس، حيث يقول تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ}الروم14.
أما يوم القيامة فهم يُجمعون، وفي ذلك يقول تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }التغابن9.

15ـ وإبان قيام الساعة فإن الأرض تنير بفعل الشمس.......بينما يوم القيامة تشرق الأرض الجديدة التي ذكرناها بالبنود أرقام 7&11 فهي تشرق بنور ربها.
وهناك فروق أخرى لكن نكتفي بهذا القدر
لذلك رأيت أن تتم دراسة كل ما ورد بكتاب الله عن الساعة وعن يوم القيامة تفصيلا، حتى يقف القارئ بتدبر واع لكتاب الله عن أحداث كل منهما.

السبت، 5 أكتوبر 2013

‏سامر إسلامبولي‏-فناء النار وخروج من فيها

يوجد في التراث بضع آراء لمفهوم الخلود في النار.

أ- استمرار عذاب أهل النار إلى ما لا نهاية( عذاب سرمدي).

ب- عذاب أهل النار مدة طويلة جداً ثم فناء النار ومن فيها .

ت- عذاب أهل النار حسب ذنوبهم،ويخرجون من النار تباعاً كل حسب عقوبته، فلا يبقى فيها إلا المجرمون (فرعون وقارون وهامان )، ومن تبعهم في إجرامهم فيبقون مدة طويلة جداً ( خالدين فيها أبداً ) إلى أن يأذن الله بخروجهم بعد أن يكونوا قد طهرتهم النار من شرورهم وخبثهم ، فيخرجون إلى الجنة، وتسعهم رحمة الله .وتفرغ النار من أهلها، فَيُفنيها لانتفاء وظيفتها !.

والرأي الثالث هو الذي أرجحه وأميل إليه . وسأعرض لك أهم القرائن والأدلة التي اعتمدتها في ذلك :

1-إن النفس للكائن الإنساني متصفة بصفة الدوام لا تفنى، هكذا أرادها الخالق تبارك وتعالى، فسواء أكانت النفوس في الجنة أم في النار، فهي متصفة بصفة الدوام ، وبالتالي يبطل مفهوم فناء أهل النار،ويبقى للنقاش والحوار المفهومين الأول والثالث .

2-العدل الإلهي يقتضي أن يكون العقاب مناسب للعمل، وليس أكبر أو أكثر منه . فمهما كان العمل إجرامي، فهو لا شك محدود في النهاية، وبالتالي لابد من محدودية وانتهاء مدة العقاب، بخلاف الثواب والعطاء، فهما مبنيان على العمل الصالح، ولكن غير مُقيدان به من حيث الكم والكيف، وإنما هما مرتبطان بصفة الكرم والقوة والقدرة للمُعطي ، فالعقاب محدود، والعطاء والثواب مفتوح، والأصل في استمرار الشيء، هو الخير والصلاح ، وليس للشروالفساد ، فالناس يدخلون إلى الجنة بعملهم الصالح وبرحمة الله لهم، ويخرج العُصاة من النار تباعاً بعدل الله وقدرته ورحمته .

3-إن صفة الغضب الإلهي واللعن صفة عارضة غير مستمرة، بخلاف العدل والحكمة والرحمة فهم مستمرين، وذلك يقتضي تحديد العقاب، وفناء النار، وخروج أهلها برحمة الله الواسعة إلى الجنة في نهاية المطاف، فالعدل والرحمة أصل ، والغضب واللعن ظرف راهن .

4- مفهوم التعويض للناس عما أصابهم في الحياة الدنيا من المصائب ، فالإنسان المظلوم يأخذ حقه كاملاً مضاعفاً حتى يرضى، ويذهب من نفسه الضيق والحزن، ويُعاقب اللهُ الظالمَ بما يستحق ، فيتم شفاء غليل نفس المظلوم، وبعد ذلك ينتفي عن المظلوم صفة وقوع الظلم عليه لأخذ حقه مادياً ونفسياً، وفي هذه المرحلة يرجع الأمر إلى مشيئة الله وعلمه وحكمته وعدله ورحمته، فيفعل ما يريد، ليس لأحد بعد تحقيق العدل والتعويض عن الضرر وحصول الرضا من قبل المظلوم من حق بالاعتراض أبداً على رحمة الله ) إِنّ رَبّكَ فَعّالٌ لّمَا يُرِيدُ( ( هود107)

5- لم يأت أي نص يخبر عن المكوث في الجنة بصيغة زمنية محددة، بينما أتى في الإخبار عن المكوث في النار بصيغة زمنية محددة . قال تعالى لاّبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً ((عم 23)، وكلمة أحقاب: جمع كلمة (حقب)، التي تدل على مجموعة زمنية طويلة جداً ، ولكن في النهاية هي محدودة من حيث الكم ، ومجموع المحدودات محدود ضرورة ، بينما اللانهاية لا تُجمع ! .

وقال: )وَأَمّا الّذِينَ فَسَقُواْ فَمَأْوَاهُمُ النّارُ كُلّمَآ أَرَادُوَاْ أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُواْ عَذَابَ النّارِ الّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذّبُونَ )(السجدة20) ، انظر إلى فاعل كلمة (يخرجوا) وهم أهل النار، ولم ينف النص إرادة الله لهم بالخروج فيما بعد بإذنه، وانظر إلى كلمة (ذوقوا ) ؟ وهي كلمة تدل على تناول بعض الشيء لاختباره ، فهي تدل على المدة المحدودة ، ولم تُستخدم هذه الكلمة لأهل الجنة أبداً.

6- انظر إلى دلالة النص الذي يتكلم عن إرادة أهل النار في الخروج ونفي ذلك عنهم {وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ}البقرة167، فكلمة (خارجين) اسم فاعل، وهي تدل على إرادة أهل النار الخروج من تلقاء أنفسهم من شدة العذاب، فنفى الله عنهم تحقيق مرادهم، ولم ينف إرادة الله لهم بالخروج فيما بعد، انظر إلى النص التالي الذي يتكلم عن أهل الجنة{لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ }الحجر48، فمن الطبيعي أن أصحاب الجنة لا يريدون الخروج ولا يطلبونه لأن الأصل في الثواب والعطاء التمليك والاستمرار، لذا؛ أتى النص بكلمة ( مُخرجين) لتدل على نفي إخراجهم من قبل الله.

7- انظر إلى دلالات الكلمات المستخدمة في دخول أهل النار إلى النار،وكيف أنها لا تدل لساناً على اللانهاية للحدث :

أ- مكث :تدل على توقف وانتظار

ب- لبث : تدل على مجرد السكون والتجمع والالتصاق في الشيء .

ت- أوى : تدل في عمومها على ميل الإنسان إلى مكان والدخول فيه ليحصل على الحماية، ولذلك يأوون الكفار إلى النار ليتخلصوا من شعورهم بالخزي الذي يحرق قلوبهم !.

ث- خلد : كلمة تدل على ارتخاء وحركة متصلة لازمة منتهية بدفع شديد . نحو خلد زيد إلى الأرض . إذا التصق بها بشدة .

ج- أبد : تدل في عمومها على الزمن الطويل الممتد، ولكن في النهاية هو محدود ضرورة إلا بقرينة تعطيه صفة الامتداد .

اشتراك بعض الكلمات لأهل الجنة وأهل النار في الاستخدام مثل ( خالدين، أبداً، مأوى..) الضابط لها هو: أن العدل والرحمة أصل، والغضب واللعن ظرف، أي الثواب دائم، والعقاب مؤقت، والجنة دار السلام والمقام، والنار دار البوار والهلاك، وأهل الجنة لن يُخرجهم أحد منها، بينما أهل النار لايخرجون بإرادتهم ، وإنما يخرجون بالعفو الإلهي والرحمة التي وسعت كل شيء بعد تحقيق العدل ، والوعد لابد من تحقيقه لأصحاب الجنة، والوعيد متعلق بمشيئة الله إن شاء فعل ، وإن شاء عفا، فهو الملك القاهر العادل الحكيم الرحيم الحي القيوم القادر على كل شيء.

9- دلالة النص {وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً }مريم71

فحسب سياق النص والآيات التي قبله وبعده متعلقة بإحضار المجرمين إلى قرب النار جاثيين، ورؤية المؤمنين لهم، كما أن دلالة كلمة ( ورد) غير دلالة كلمة ( دخل)، فالنص يتكلم عن عملية ورود وليس دخول، وهي تدل على العرض والحضور والمجيء وماشابه ذلك، ومن ثم نجاة المؤمنين من النار ودخول المجرمين فيها.

10- ودلالة النص {وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْداً فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }البقرة80، لايوجد فيه نفي خروج أهل النار، وإنما يدل على أن الكافرين يظنون أن المكوث في النار هو بضع أيام، وسوف تمضي بسهولة، فيخبرهم النص أن هذا القول هل كان نتيجة أخذكم من الله عهداً ، أم تقولون على الله ما تعلمون، إن العذاب والمكوث في النار أكثر مما تعتقدون بكثير، والعذاب شديد ومهول، ومثل ذلك كمثل من يقول إن مدة عقوبة جريمة القتل بضع أيام، وبالتالي يستسهل الجريمة، بينما الواقع غير ذلك تماماً فقد تصل العقوبة إلى الإعدام.

أخي الكريم

لاحظ أن آيات الخلود في النار تأت بصيغة اسم فاعل دائماً )خالدون (، ولم تأت ولا مرة واحدة بصيغة(مُخَلدون )، وهذا يدل على أن صفة الخلود تكون منبثقة من إرادة الإنسان الكافر، وذلك لشعوره بالخزي والعار فيسارع إلى الخلود إلى النار ليطفئ نار الخزي والندم والألم النفسي الملتهب في داخله ، وذلك من باب تغطية الألم بألم أشد منه، نحو استخدام الكي في النار لتغطية ألم نفسي أو جسمي ! وهذا لا يعني عدم وجود الألم والعذاب في النار الذي يدفعهم إلى إرادة الخروج منها ، فهم يخلدون إلى النار للخلاص من الألم النفسي، وعندما يدخلونها يجدون ألماً أشد منه فيريدون الخروج منها فلا يستطيعون، ويمكثون في النار إلى أن تَطْهُر نفوسهم الخبيثة النجسة، فإذا طَهُرَت نفوسهم، وذلك يكون بعد أن أدوا عقوبتهم كاملة، وتحقق العدل الإلهي فيهم، انتفى وجود المبرر لبقائهم في النار بعد أن صارت نفوسهم طاهرة، فتسعهم رحمة الله ، ويخرجون بالأمر الإلهي العفو والرحمة، فيخرجون من النار إلى الجنة، ولكن بالحد الأدنى منها، لانتفاء العمل الصالح عنهم في دار الامتحان، وسوف يرضون بذلك، ويشعرون في قرارة أنفسهم بالكرم والعطاء الإلهي العظيم، لأنهم يعلمون أنهم لم يحصلوا على ذلك بعملهم وطاعتهم لله ، ومثل ذلك كمثل ملك أصدر قراراً بالعفو عن مجرم بعد انتهاء نصف عقوبته المحددة له، فمجرد فعل العفو بحد ذاته هو كرم ورحمة، فما بالك إذا رافقه عطاء !! هل يظن أو يتساءل المجرم عن قلة أو كثرة العطاء؟ وهل يعتقد أن العطاء حق له؟ أم يرضى بأي شيء وهو مسرور به لأقصى الحدود لعلمه في نفسه أنه لا يستحق ذلك أبداً .

مفهوم الخلود غير السرمدية

أما النصوص الأخرى التي تدل في ظاهرها على المكوث اللانهائي مثل ]إنَّ الذين كَذَّبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تُفَتَّح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنّة حتى يلجَ الجَمَلُ في سَمِّ الخِيَاط [الأعراف40،فينبغي أن تُفهم على ضوء المنظومة العامة للمفهوم ، وعدم تحميل الكلمات دلالات لا تحتملها، فمفهوم اللانهاية لا يدل عليه أي كلمة مما تم استخدامه في النصوص المتعلقة بدخول النار والمكوث فيها، مع العلم أن اللسان العربي يحتوي على كلمة تدل على الاستمرار اللانهائي في اتجاه واحد فقط، وهي كلمة(سرمد ) التي تدل على بدء الشيء واستمراره على ما هو عليه إلى ما لانهاية لذلك نقول:الله أزلي في وجوده، وسُرمدي في بقائه. ولم يتم استخدام كلمة ( سرمد ) لأهل النار أبداً، مع استخدامها في النص القرآني مُقيدة ) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللّهُ عَلَيْكُمُ الْلّيْلَ سَرْمَداً إِلَىَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـَهٌ غَيْرُ اللّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَآءٍ أَفَلاَ تَسْمَعُونَ*قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللّهُ عَلَيْكُمُ النّهَارَ سَرْمَداً إِلَىَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـَهٌ غَيْرُ اللّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفلاَ تُبْصِرُونَ )(القصص 71-72 ). وقد يقول قائل: ولم تُستخدم لأهل الجنة أيضاً. وأقول: لأن استمرار أهل الجنة في الجنة تحصيل حاصل، فكما ذكرت سابقاً الثواب والعطاء دائم ومستمر، فَمَن مِن الناس يظن أن جائزته التي حصل عليها مؤقتة؟ ولو سأل المانح لها عن حقه في امتلاكها أو استمرارها لضحك الناس منه!، بخلاف سؤال المعاقَب عن مدة انتهاء عقوبته ،فهو سؤال مشروع وحق له.