الجمعة، 14 سبتمبر 2012

فك رموز الابجدية المصرية بقلم خليل ابراهيم

في كل يوم من أيام احتلال العراق، يظهر لنا حجم التخطيط لتدمير حضارة وادي الرافدين ووادي النيل امتثالا لحقد دفين في نفوس أعداء الحضارة ممن يسمون أنفسهم الأمناء على حضارة العالم.
في مقالنا هذا سوف نتناول واحدة من هذه الدلائل التي كشفت واحدة من مقولات 
التاريخ التي نتتلمذ عليها، ألا وهي اكتشاف ترجمة اللغة الهيروغليفية من قبل شامبليون.

لقد داب بعض علماء الآثار المصريين على متابعة قسم من هذه الأقاويل بعد أن بدأت بعض الدراسات تظهر خلافا لما هو سطر من قبل باحثي الآثار الغربيين. سوف نستعرض ما توصل اليه
الباحث المصري الدكتور عكاشة الدالي بالمعهد الاركيولوجى في جامعة لندن إلى براهين قوية تفيد أن عالما عراقيا سبق شامبليون بما يقارب الألف عام في فك رموز الهيروغليفية.

وفى وقت قريب من ذلك توصل باحث سورى يدعى يحيى مير علم إلى نفس النتيجة حيث اتفقت نتائج يحيى مير علم السوري وعكاشة الدالى المصرى على أن العالم العربي أبو بكر أحمد بن على قيس بن المختار المعروف بابن وحشية النبطي الذي يرجح العلماء ولادته في القرن الرابع الهجري تمكن من فك رموز الهيروغليفية قبل شامبليون بنحو ألف عام، وأنه نشر كشفه التاريخي في كتاب تم نسخه عام 241 هجرية (861 ميلادية) بعنوان "شوق المستهام في معرفة رموز الأقلام".

وأضافت دراسة أخرى للدكتور أسامة السعداوي أن شامبليون أخطأ في الترجمة وربما يكون متعمدا في عدم ذكر الحرفين اللام والزاي في اللغة الهيروغليفية اللذين تم التعرف عليهما في رموز اللغة مؤخرا.

من هو شامبليون؟

جان فرانسوا شامبليون بالفرنسية:(Jean-François Champollion) 23 ديسمبر 1790 - 4 مارس1832، العالم الفرنسي الذي يعتقد انه فك رموز اللغة المصرية القديمة بعد استعانته بحجر رشيد الذي كان قد اكتشف أثناء الحملة الفرنسية على مصر، فقد نقش على الحجر نص بلغتين وثلاث كتابات: المصرية القديمة ومكتوبة بالهيروغليفية والتي تعني الكتابة المقدسة، لإنها كانت مخصصة للكتابة داخل المعابد، والديموطيقية وتعني الخط أو الكتابة الشعبية، واللغة اليونانية بالأبجدية اليونانية، ومن خلال المقارنة بينهم نجح في فك طلاسم الكتابة الهيروغليفية.

لم يتمكن شامبليون من الإلتحاق بالمدرسة في صغره، فتلقى دروسا خاصة في اليونانية واللاتينية، ويقال أنه حين بلغ التاسعة من عمره كان يستطيع قراءة أعمال هوميروس وفرجليوس. انتقل شامبليون إلى جرينوبل للإلتحاق بالمدرسة الثانوية، وهناك اتصل بفورييه، والذي كان سكرتيرا للبعثة العلمية التي رافقت حملة نابليون بونابرت، وكان لفورييه دورا أساسيا في دفع الصبي شامبليون لدراسة علم المصريات، وذلك من خلال اطلاعه على مجموعته الخاصة
من المقتنيات الآثرية.

أولا – أخطاء شامبليون
والقول الآن للدكتور أسامة السعداوي
ولكي أؤكد أن "شامبليون" أخطأ في الترجمة كان لابد أولا أن أذكر الطريقة التي فسر بها "شامبليون" حجر رشيد وما هي الأسس والقواعد العلمية التي اعتمد عليها في بناء لغة قدماء المصريين والتي جاءت على عكس الحقيقة كما فهمها الكثير.

تناول الدكتور السعداوي في دراسته بعنوان مقدمة لترجمة جديدة لنصوص حجر رشيد الأخطاء التي وقع فيها شامبليون موضحا في ذلك وصف الحجر أولا ومن ثم مكوناته اللغوية.
أ - وصف الحجر :
حجـر رشيـد صنع في مصـر عـام 196 قبل الميلاد من حجر البازلت الأسود. أبعاده الحالية هي 118 * 77 * 30 سم وهو مستقر الآن في المتحف البريطاني الذي قدم نسخة مقلدة طبق الأصل منـه لمكتبة الإسكندرية العظمى الجديدة.
على حجـر رشيـد نجـد أن هنـاك ثلاثـة نصـوص مكتوبـة بثلاثـة خطـوط :
- الخط الهيروغليفـي.. النص العلـوي.
- الخط الديموطيقي.. النص الأوسط.
- الخط اليوناني.. النص السفلي.

Hieroglyphic of Rosetta Stone

ب - الفكـرة والمعنـى العـام للنـص :
النص الهيروغليفي المكتوب في حجر رشيد هو عبارة أساسا عـن (بشـرى) أو نبوءة روحانيـة تتحدث عن شخصية عظيمة مقدسة ستأتي في المستقبل لإعادة بعث وتجديد وتأكيد الديانة المصرية القديمة. تلك البشرى أو النبوءة الفائقة الأهمية صيغت بأسلوب الدعاء والابتهالات إلى اللـه عز وجـل.. وهي تلخص بصورة رائعة وتشرح الديانة المصرية القديمة ككـل.

ج - الخراطيش الملكيـة :
لا يوجـد هناك اسـم بطليموس (Ptolmis) مذكـور في النص الهيروغليفي. كما أنـه لا توجـد نغمة (p) في اللغـة المصـرية القديمة وهي نغمة لاتينية خالصة لا يوجد ما يماثلها في العلامات الهيروغليفية.
ويذكر الدكتور السعداوي ان شامبليون حاول الإيحاء بأن هذا الاسم بطليموس (Ptolmis) هو الاسم الحقيقي لهذا الملك اليوناني.. وأن هذا هو نطق الاسم كما ورد في الخرطوشة المدونة على حجر رشيد.. ولكن الأسماء الحقيقية للملوك اليونانيين هي كالآتي.. وكما وردت في الملحق الأول.. صفحة 202.. من كتاب :(مصر.. من الاسكندر الأكبر حتى الفتح العربي.. للمؤلف هـ. آيدرس بل.. ترجمة د. عبد اللطيف علي)

سوتير >> بطليموس الأول!!
فيلادلفوس >> بطليموس الثاني!!
يورجتيس >> بطليموس الثالث!!
فيلوباتو >> بطليموس الرابع!!
إبيفانيس >> بطليموس الخامس!!
فيلوميتور >> بطليموس السادس!!

لقد بنى شامبليون نظريته على افتراض خاطئ. هذا الافتراض ينص على أن الخراطيش تحتوي على أسماء ملوك أو حكام مصر القديمة.. وهذا افتراض غير صحيح. كـل الخراطيش تحتوي على (عبارات دينية مقدسة).. وهي ليست أسماء.
هذه العبارات مكتوبة بصورة اختـزال.. واللغة المصرية القديمة هي أساسا لغة اختزال لأسباب كثيرة يخرج شرحها عن مجال الترجمة هنا.
وكل عبارة دينية داخل الخرطوشة تعبر عن فكـرة معينة أو مبدأ معين يؤمن به الملك.. لذلك فهو يختار هذه العبارة كشعار ملكي له عند التتويج.
وهذا المبدأ كان متبعا مع كل ملوك مصر القديمـة حتى أولئك الملوك الأجانب الذين غزوا مصر واحتلوا أرضها.. فقد تم منحهم عبارات اختاروها بأنفسهم لتكون دلالة على فترة توليهم العرش.

في ضوء ما سبق هيا بنا نحلل بحرص الخرطوشة الأولى الواردة في النص الهيروغليفي.. السطر السادس :
العبارة.. بصورتها الصحيحة.. داخل الخرطوشة هي ما يلي:

ونـفس هـذه الخرطوشـة نجدهـا مدونة في قاموس واليس بـدج ص 943 تحت أرقام الملوك 395 و 397
التركيب الصوتي الأحادي لهذه العبارة هو :
ف - ت - وا - بـر - م - ى - س - لـم) - فتح – مري)

وإذا كتبنا الاسم بطريقة أبجدية على طريقة شامبليون نحصل على الاسم التالي :
فـتـوابـرمـيـسـلـم - فـتـح - مـري

عزيزي القارئ.. ما علاقة هذه العبارة بإسم (بطليموس)؟!!
---------------------
الخلاصة : إن إفتراض شامبليون الأساسي بأن الخرطوشة تحتوي على أسم الملك وأن الخرطوشة لها نظير في الخط الديموطيقي أو الخط اليوناني لحجر رشيد إنما هو افتراض خاطئ تماما مما يهدم نظرية شامبليون من جذورها.

وإذا عدنا مرة أخرى إلى تحليل محتويات هذه الخرطوشة.. وبدون الدخول في تفاصيل لغوية معقدة لا تهم القارئ..
نجد أنها تحتوي على عبارة مصرية قديمة شهيرة جدا تسمى بها العديد من ملوك مصر الفرعونية على طول تاريخ عهود الأسرات وحتى فيما قبل الأسرات.. هذه العبارة هي :

فـتـح مـري
فـاتبعـوا مـلـة إبراهيـم حنيفـا وما كان من المشركيـن
follow the peaceful creed of Abraham
ترجمها علماء المصريات إلى (بتاح مري).. أو (فتاح مرن).. وقالوا أن معناها هو (محبوب الإله بتاح)!!

ماذا نفهم من هذه العبارة الدينية؟ هل هي اسم ملك كما يقولون.. أم أنها جزء لا يتجزأ من النص الديني المكتوب بحروف هيروغليفية على حجر رشيد؟ إن في ذلك تأكيد قاطع أن الاسكندر الأكبر اعتنق ديانة آمون.. التي هي نفسها.. ملة إبراهيم.. وأن كل أتباعه من ملوك البطالمة كانوا على نفس دين سيدنا إبراهيم عليه السلام.. وهي أيضا الديانة التي كانت سائدة بين المصريين في ذلك العهد! وسنرى فيما بعد كيف أن هذا الأمر أغضب حكام روما أشد الغضب خاصة بعد أن بدأت ديانة آمون في الانتشار في أوروبا مع اقتراب القرن الأول الميلادي مما دفع روما لغزو مصر للقضاء على تلك الديانة بأي ثمن!
وبذلـك نستـنـتـج بصورة قاطعة.. من هذه الخرطوشة.. أن المصريـيـن في العهد البطلمي (اليوناني).. (330 - 50 قبل الميلاد).. كانوا من الحنفاء
وعلى دين سيدنا إبراهيم عليه السلام..
كما كانوا دوما في جميع عهود مصر الفرعونية..
وما قبلها لألفيات عديدة من التاريخ السحيق.. وهذا أمر هام للغاية

أهـم النتـائج المسـتخلصة من المناقشـات اللغـوية بين د. أسامة السعداوي مع كبـار علمـاء العـالم :
1- أن ترجمـات شـامبليون ورفاقـه ليست كلها صحيحة.
2- أن هنـاك العـديد من العلامات المصـريـة الهيروغليفية التي لم تترجم بعـد!!
3- أن هناك أخطاء واضحة في ترجمة بعض العلامات.
4- أن هناك علامات كثيرة مشكوك في معانيها المترجمة.
5- أن هناك تضارب بين علماء اللغة فيما يتعلق بالنغمات الصوتية للحروف المصرية القديمة
.. وأن هناك النغمات الفرنسية والنغمات الألمانية التي تختلف عن النغمات الإنجليزية!
6- أن كل الترجمات للحروف والعلامات المصـرية الهيروغليفية تمت بدون معرفة نغمات
التشكيل.. بمعنى أنها أتت مشوهة صوتيا ودون التأكد من أسلوب نطقها الحقيقي.
7- أن نطق الكلمات تم بناء على النطق الظاهري للحروف الهيروغليفية دون الأخذ في
الاعتبار أن هذه الحروف إنما هي اختزال لكلمات وعبارات كاملة.
8- أن معظم ترجمات الكلمات تمت بصورة افتراضية (تخمينية) أو تقديرية طبقا للعلامات
المصاحبة للكلمات.. لذلك أتت الترجمات متضاربة لاختلاف وجهات النظر.
9- أن معظم علماء اللغة أنفسهم لا يستطيعون قراءة أو ترجمة نص هيروغليفي كامل!!

ثانيا – شامبليون ليس هو مكتشف اللغة الهيروغليفية
أن الذي اكتشف الحجر إبان الحملة الفرنسية ضابط فرنسي وليس شامبليون. وهذا الضابط كان مثقفا على ما يبدو لأنه استشعر أهمية الحجر فأوصى الحملة الفرنسية برشيد أن تهتم بتوصيله إلى نابليون شخصيا، الذي سلمه بدوره إلى العلماء المرافقين للحملة الفرنسية.

بعدها بأقل من عامين استسلم الجيش الفرنسي عام 1801للقوات الإنجليزية الغازية لمصر. وكانت هزيمة الفرنسيين مشينة وكانت شروط استسلامهم مذلة، والعجيب أنه كان من بينها شرطا بالغ الغرابة هو أن يسلم الفرنسيون المهزومون جميع ما بحوزتهم من آثار مصرية منهوبة إلى البريطانيين المنتصرين!

وكان حجر رشيد من بين هذه الآثار.
وهذا يفسر وجود حجر رشيد في المتحف البريطاني في لندن وليس في متحف اللوفر في باريس رغم أن الذي عثر عليه ضابط فرنسي.

وهذا يعنى أيضا أن كل علاقة الحجر بالحملة الفرنسية هي عثور أحد ضباطها عليه دون أن يتمكن العلماء المصاحبين لها في فك شفرته.
لكن بعد انتقال الحجر المحير إلى المتحف البريطاني في لندن نشب سباق من نوع آخر بين الفرنسيين والإنجليز على كشف أسراره.
وكان السباق بين البريطاني توماس يونج والفرنسي جان فرانسوا شامبليون. وقد استطاع الأخير أن يثأر للفرنسيين وأن يعلن للعالم فك طلاسم "منشور منف" عام 1822.

وظل هذا الاعتقاد شائعا حتى عهد قريب إلى أن كشف روبن ماكى المحرر العلمي لصحيفة الأوبزيرفر البريطانية النقاب عن توصل الباحث المصري الدكتور عكاشة الدالي بالمعهد الاركيولوجى في جامعة لندن إلى براهين قوية تفيد أن عالما عراقيا سبق شامبليون بما يقارب الألف عام في فك رموز الهيروغليفية.

وفى وقت قريب من ذلك توصل باحث سوري يدعى يحيى مير علم إلى نفس النتيجة حيث اتفقت نتائج يحيى مير علم السوري وعكاشة الدالي المصري على أن العالم العربي أبو بكر أحمد بن على قيس بن المختار المعروف بابن وحشية النبطي الذي يرجح العلماء ولادته في القرن الرابع الهجري تمكن من فك رموز الهيروغليفية قبل شامبليون بنحو ألف عام، وأنه نشر كشفه التاريخي في كتاب تم نسخه عام 241 هجرية (861 ميلادية) بعنوان "شوق المستهام في معرفة رموز الأقلام".
وأن المستشرق النمساوي جوزيف همر كان أول من كشف عن "شوق المستهام" وقام بطبعه في لندن عام 1806، مما يرجح أن شامبليون قد قرأ مخطوطه العالم العراقي ابن وحشية النبطي الذي كان خبيرا في اللغات القديمة.
وتفيد الدراسات أن عدد "الأقلام" (أي اللغات) التي عرفها بلغ89 قلما من بينها اليهروغليفية. وأنه إلى جانب علمه الغزير في اللغات كان له باع طويل في الكيمياء التي ترك فيها ما يقرب من ثلاثين مصنفا.
وإذا كان هناك احتمال ضئيل بأن شامبليون لم يقرأ "شوق المستهام" فانه يبقى من حق العالم العراقي ابن وحشيه النبطي أن يحصل على نصيبه من المجد الذي احتكره شامبليون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق