الخميس، 31 يناير 2013

عبد الحكيم الصادق الفيتوري-الاعتداء على الطفولة في الفكر الاسلامي

على أساس روايات المحدثين كالبخاري وغيره التي تنافي الحقيقة التاريخية لعمر زواج رسول الله بعائشة تم بناء سلطة تشرعية ثالثة بعد اعتماد اسانيد الرواية والاعتداء على آية الطلاق، فلم يكن أمام تكميل مصادر التشريع إلا استصدار صك سلطة الإجماع من قبل الفقهاء والأئمة، وبالفعل تم إصدار السلطة الثالث بناء على روايات أصحاب المدونات حيث انعقد اجماع الآئمة على جواز نكاح الصغيرة ولو كانت في المهد. فقد ذكر الحافظ ابن حجر عن الحافظ ابن بطال أبو الحسن علي شارح البخاري والمتوفى 449 قوله: قال ابن بطال: يجوز تزويج الصغيرة بالكبير إجماعا ولو كانت في المهد، لكن لا يمكن منها حتى تصلح للوطء.(فتح الباري بشرح صحيح البخاري) أي يحل له التمتع بهذه الطفلة التي في المهد (= المهد هو وقت الرضاعة وقبل أوان الكلام ) بالتقبيل والضم والتفخيذ ولكن دون الجماع؛ أي الإيلاج، وذلك لعدم تحملها فقط!!

بل الأدهى من ذلك أن ينعقد إجماع الأئمة على إكراه الصغيرة وأغتصابها من قبل الزوج الكفء !! قال ابن المنذر صاحب مراتب الاجماع: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم، أن نكاح الأب ابنته البكر الصغيرة جائز، إذا زوجها من كفء، ويجوز له تزويجها مع كراهيتها وامتناعها.(المغني لابن قدامة، كتاب النكاح)

وقد سبق هؤلاء الحفاظ الحافظ أبو جعفر بن أبي شيبة صاحب المصنف المتوفى(297) حين ذكر( ما قالوا في الرجل يزوج الصبية أو يتزوجها) ثم قال أن النبي بنى بعائشة وهي ابنة تسع ومات عنها وهي ابنة ثمان عشرة. وقال حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام عن أبيه أن الزبير زوج ابنة له صغيرة حين نفست يعني حين ولدت.(كتاب النكاح:المصنف في الأحاديث والآثار) وهكذا توالت كتب الأحاديث والآثار على تبويب الأبواب الفقهية تحت عنوان( إنكاح الرجل ولده الصغار) ( باب تزويج الصغار ) وهكذا دواليك !!

والطامة الكبرى أن يفتى بعض الحفاظ بجواز الاستمناء بيد الطفلة الصغيرة كما قال أحمد ابن حنبل وابن القيم، فقد ذكر ابن القيم في معرض حديثه عن الاستمناء في رمضان بالنسبة للصائم:... روي عن أحمد في رجل خاف أن تنشق مثانته من الشبق أو تنشق لحبس الماء في زمن رمضان، يستخرج الماء و لم يذكر بأى شئ يستخرجه، وعندي أنه يستخرجه بما لا يفسد صوم غيره، كاستمنائه بيده، أو ببدن زوجته، أو أمته غير الصائمة، فإن كان له أمة طفلة أو صغيرة استمنى بيدها وكذلك الكافرة،ويجوز وطئها فيما دون الفرج... .(بدائع الفوائد لابن القيم) ما هذا الشذوذ الجنسي ...تستمنى له طفلة وهو صائم في شهر رمضان !!

ويبدو أن الاجماع السني وهذا التوجه الجنسي الشاذ مع الأطفال يتناغم مع المذهب الشيعي من حيث جواز التمتع بالرضيعة ولكن لا يجوز وطئها قبل إكمال تسع سنين، فقد جاء في كتاب تحرير الوسيلة للخميني( مسألة 12 - لا يجوز وطء الزوجة قبل إكمال تسع سنين، دواما كان النكاح أو منقطعا. وأمّا سائر الاستمتاعات - كاللمس بشهوة والضمّ والتفخيذ - فلا بأس بها حتّى في الرضيعة. ولو وطئها قبل التسع ولم يفضها لم يترتّب عليه شي‏ء غير الإثم على الأقوى، وإن أفضاها - بأن جعل مسلكي البول والحيض واحدا أو مسلكي الحيض والغائط واحدا - حرم عليه وطؤها أبدا، لكن على الأحوط في الصورة الثانية. وعلى أيّ حال لم تخرج عن زوجيّته على الأقوى، فيجري عليها أحكامها من التوارث وحرمة الخامسة وحرمة اُختها معها وغيرها، ويجب عليه نفقتها ما دامت حيّةً وإن طلّقها بل وإن تزوّجت بعد الطلاق على الأحوط، بل لا يخلو من قوّة. ويجب عليه دية الإفضاء، وهي دية النفس، فإذا كانت حرّةً فلها نصف دية الرجل مضافا إلى المهر الّذي استحقّته بالعقد والدخول. ولو دخل بزوجته بعد إكمال التسع فأفضاها لم تحرم عليه ولم تثبت الدية، ولكنّ الأحوط الإنفاق عليها ما دامت حيّةً وإن كان الأقوى عدم الوجوب.( تحريرالوسيلة، كتاب النكاح) ويبدو أن المذهب الشيعي يعتمد على حزمة من الروايات والاسانيد منسوبة لآل البيت تجيز التمتع بالصغيرة دون الوطء، كما في رواية الصادق أنه قال: إذا تزوج الرجل الجارية وهي صغيرة فلا يدخل بها حتى يأتي لها تسع سنين.( انظر: وسائل الشيعة)

وهكذا تبدو الطفلة المسلمة في الفكر الديني أسيرت المحددات الثلاثة المأدلجة( الكتاب،والروايات،والإجماع ). فتزويجها والتمتع بها وهي طفلة بالأكراه دون وعي ورضى يعني تدميرا لإرادتها وحريتها بل وإنسانيتها جملة، والله يقول في الاعتقاد( لا إكراه في الدين) ناهيك عن علاقة زوجية الأصل فيها الرضى والقبول بين زوجين. وللأسف أن هذا الإكراه والإجبار ؛ وإن شئت هذا الاغتصاب للطفلة هو المقرر عند أهل الرواية والفقه حيث انعقد إجماعهم على تزويج الصغيرة وإجبار بنت تسع سنن على تحمل الجماع، قال النووي:وأجمع المسلمون على جواز تزويجه-الأب- بنته البكر الصغيرة وإذا بلغت فلا خيار لها في فسخه عند مالك والشافعي وسائر فقهاء الحجاز.ثم قال: وأما وقت زفاف الصغيرة المزوجة والدخول بـها، فإن اتفق الزوج والولي على شيء لا ضرر فيه على الصغيرة عمل به، وإن اختلفا فقال أحمد وأبوعبيد: تجبر على ذلك بنت تسع سنين دون غيرها. وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة: حد ذلك أن تطيق الجماع ، ويختلف ذلك باختلافهن، ولا يضبط بسن، وهذا هو الصحيح، وليس في حديث عائشة تحديد ولا المنع من ذلك فيمن أطاقته قبل تسع ولا الإذن فيه لمن لم تطقه وقد بلغت تسعا .(صحيح مسلم شرح النووي، كتاب النكاح، باب تزويج الآب البكر الصغيرة) وقد سبق ذكر الإجماع الذي ذكره ابن المنذر الإجماع حين قال: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم، أن نكاح الأب ابنته البكر الصغيرة جائز...ويجوز له تزويجها مع كراهيتها وامتناعها.(المغني لابن قدامة، كتاب النكاح)
ولا يخفى أن مصطلح الإكراه أي أكراه الطفلة على الزواج وممارسة الجنس معها من قبل رجل تكرهه ودون رضاها يساوي مفهوم الاغتصاب بكل دلالاته ومآلاته. علما بأن مصطلح الاغتصاب في المواثيق الدولية يعد مصطلحا قانونيا وليس وصفا لحالة معينة، فلا يوجد تعريف واضح ودقيق للاغتصاب وإنما يعرف عموما بأنه حالة التحرش والتلاصق باعضاء الجنس سواء اقترن ذلك بإيلاج القضيب في المهبل أم لا، وسواء اقترن باستخدام القوة أو التهديد أم لا، وذلك دون موافقة الأنثى ورضاها، وكذلك إذا كانت الضحية قاصرا تحت سن السادسة عشر.وانطلاقا من هذا المفهوم العام المتعارف عليه عالميا، فإن اتصال الزوج جنسيا بزوجته دون رضاها وموافقتها يعتبر اغتصاب..(انظر تعريف الاغتصاب د. لفتية السبع)
فلك أن تتصور نفسية طفلة صغيرة قد تكون في المهد يمارس معها رجل كبير العادة السرية ( الاستمناء ) حتى يقضي شهوته، كما قال ابن القيم: فإن كان له أمة طفلة صغيرة استمنى بيدها!! ولك أن تتخيل نفسية طفلة رضيعة يمارس معها كل مقدمات الوطء، كما قال الخميني: وأمّا سائر الاستمتاعات - كاللمس بشهوة والضمّ والتفخيذ - فلا بأس بها حتّى في الرضيعة؟!! فبالله عليك ماذا يرجو من طفلة اغتصبت بهذه البشاعة وقد دمرت نفسيتها تماما، ناهيك عن الأضرار الجسمية التي لحقت بها جراء تلك الاغتصابات المتكررة ؟!
يبدو أنه لا سبيل لدينا لمحاكمة الأسلاف أصحاب المدونات محاكمة قانوينة وحقوقية فيما قدموه من روايات وإجماعات ساهمت بصورة فعلية في انتهاكات حقوق الطفل وتدمير حياته عبر الماضي والحاضر،ولكن لدينا فرصة متاحة لمحاكمة تلك المدونات والإجماعات محاكمة معرفية وقانوينة، فالمحاكمة المعرفية؛ مراجعة ونقد وفرز وتصفية هذه المدونات والمصنفات. والمحاكمة القانونية؛ تكمن في إصدار قوانين تمنع من إعادة طباعتها وتداولها خاصة في المواقع المؤثرة كالجامعات والمعاهد والإذاعة والتلفزيون، كذلك ينبغي منع الإفتاء ونقل هذه الروايات والاجماعات الباطلة للجمهور المدلج، وأيضا منع رجل الدين من عقد عقود النكاح على القاصرات لآن الطفلة القاصرة لا خيار لها أمام سلطة الأباء والعرف إلا الرضوخ والإذعان، ومعلوم أن فساد الأختيار يعني الأكراه بكل دلالاته، وهذا يعني أن عقد عقود النكاح على القاصرات يساوي اكراههن على الزواج مما لا يرغبن فيه أي بفساد مناطي عقد النكاح وهما الرضى والقبول. ولا يخفى أن هذا الاكراه يعد من جنس الاغتصاب بل هو ضرب من ضروب وأد البنات ولكنه بطريقة إسلامية.
وأحسب أننا بهذا الإجراءات القانونية نستطع أن نحمي أطفالنا من هكذا انتهاكات، ويتاح للعقلاء قراءة قيم الوحي وقصديته عبر قراءة سهمية تسهم بصورة ما في تسجيل حضور فاعل بقيم الوحي من خلال الاتفاق مع ما قدمته الحضارة الانسانية القائمة، حيث اتفقت المؤسسات الدولية الانسانية على ضرورة حماية الطفل فقد تم توقيع ميثاق حقوق الطفل العالمي والتي تتمحور حول حقوقه واحتياجاته منذ الولادة حتى السن الثامن عشر، من حيث حقه في البقاء،والتطور والنمو إلى أقصى حد، والحماية من التأثيرات المضرة، وسوء المعاملة والاستغلال والأغتصاب، والمشاركة الكاملة في الأسرة، وفي الحياة الثقافية والاجتماعية، كذلك حقوقه الصحية والتعليمية والخدمية والمدنية والقانونية المتعلقة بالطفل وحمايته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق