الأربعاء، 6 أغسطس 2014
الوليد بن متعب الرويسان- المشتري مجوف من الداخل
الاثنين، 4 أغسطس 2014
حسن فرحان المالكي-علم الحديث الجزء الرابع(الأثر السياسي)
تركيزا على أبي هريرة لأنه أكثر من روي عنه الحديث، ولابد من تقييم عادل له، وفق أقواله نفسه ثم الصحابة،وسيأتي بعد ذلك تقييم الرواة عنه - أو اشهر راويين عنه - وهما أبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو صالح، ثم تقييم أشهر الرواة عن الرواة، كالزهري ثم تلامذته،وليس الهدف من هذا التقييم إنكار الحديث ولا تصحيحه، الهدف هو وضع أكثر الحديث في موضوعه الطبيعي (دائرة الشك)، وألا يحكم على القرآن ولا العقل،لأن الحديث أصبح فتنة للمتمذهبين، يردون به القرآن والسنة ألأصح والعقل والتاريخ المتواتر.. الخ، الحديث فتنتهم، فلابد من مناقشة حملته بعلم وإنصاف.
الحديث استخدمته السلطة وعلماؤها، واستحدمه الشيطان نفسه، فلابد من تقليل الغلو فيه ليرجع الاعتبار للقرآن الكريم الذي ضاع وسط هذه ألأحاديث.
شخصياً ليس لي موقف حاد، لا من أبي هريرة ولا غيره من المكثرين، إنما أريد أن نناقش كل طريق من الطرق المكثرة من الحديث، ونقيم المتون والأشخاص،وفي الجزء الثالث من علم الحديث استعرضنا أقوالاً لأبي هريرة وللصحابة أنفسهم في موقفهم من حديث أبي هريرة، ونرى أنه لا يجوز أغفال تلك ألأقوال، وذكرت أنني لست مع رد أحاديث أبي هريرة عنادا، ولا قبولها تعصبا، أنا مع التريث وتقييمها وعرضها على القرآن وقواطع الإسلام والأحاديث الأصح منها.
أبو هريرة والسياسة...
وفي هذه الحلقات نستعرض موقف أبي هريرة من السياسات القائمة، وهل لها أثر عليه أم لا؟ لن أتحدث كما يتحدث غيري..
بمعنى.. لن أتحدث كأبي رية السني الأزهري، ولا كشرف الدين الموسوي الشيعي، اللذين يتهمان أبا هريرة بالوقوف مع معاوية للدنيا، لي كلام آخر أدق..الكلام الأدق إما من قول أبي هريرة أو من أقوال اقرب الناس إليه - في موقفه السياسي - وهل يتأثر بالسياسة أم لا؟
والحديث الأول من صحيح البخاري
أبو هريرة - رحمه الله وسامحه - كان يكتم بعض العلم مخافة معاوية الذي من المحتمل أن يقتله إن حدث ببعض فضائح بني أمية أو ببعض فضائل خصومهم،ففي البخاري [ج 1 / 56] (عن أبي هريرة - مختصراً- قال: حفظت من رسول الله وعاءين فأما أحدهما فبثثته وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم!) .
فأبو هريرة هنا - وفق صحيح البخاري - يعترف أنه يضطر لكتمان بعض العلم، فلذلك إذا لم نجد في أحاديثه بعض أحاديث المثالب فلا نستغرب، والذي يخشاه أبو هريرة ليس الخلفاء الأربعة، لأنهم لم يكونوا يقتلون على نشر الحديث، وإنما هو معاوية فقط، لأن أبا هريرة مات سنة 57 هـ، فليس بعده.
الذي يخشى أبو هريرة من إقدامه على قطع رأس أبي هريرة هو معاوية فقط! فلذلك كتم ألأحاديث التي في مثالب معاوية وبني أمية.. ونجا من القتل!
بل حتى الأحاديث التي ليست بالضرورة في مثالب معاوية - خاصة كالأحاديث المخففة من طاعة الظالم في المعصية - كانت محاربة من دولة معاوية، وأمثلة ذلك كثيرة، مثل أمره عمرو بن العاص أن يمنع ابنه عبد الله بن عمرو من التحديث بحديث الفئة الباغية بقوله (لا تغني عنا مجنونك يا عمرو)، إذاً فأبو هريرة كان يخشى القتل إذا حدث بمثل هذه الأحاديث التي تضر السلطة (سلطة معاوية فقط)، ولكن هل كان يجد من معاوية ثمناً لهذا السكوت؟
الجواب: للأسف نعم.. فقد روى الإمام أحمد بسنده الصحيح إلى سعيد بن المسيب قوله (كان أبو هريرة إذا أعطاه معاوية، سكت، فإذا أمسك عنه، تكلم)، وسعيد بن المسيب ثقة وهو صهر أبي هريرة (زوج ابنته وهو أعلم بما داخل البيت)، والخبر في سير أعلام النبلاء والبداية والنهاية لابن كثير.
نقل الذهبي - سير أعلام النبلاء [ج 2 / 615] (يحيى بن سعيد، عن ابن المسيب، قال: كان أبو هريرة إذا أعطاه معاوية، سكت، فإذا أمسك عنه، تكلم)!
وهذا نقل ابن كثير في البداية والنهاية – [ج 8 / ص 122] (قال الامام أحمد: حدثنا عبد الاعلى بن عبد الجبار، ثنا حماد بن سلمة، عن يحيى بن سعيد (عن) ابن المسيب (كان معاوية إذا أعطى أبا هريرة سكت، وإذا أمسك عنه تكلم)
والذهبي وابن كثير سلفيان حنبليان في العقيدة شافعيان في الفروع.
فأبو هريرة رحمه وسامحه يمسك عن بعض العلم خوفاً ويمسك عنه طمعاً أيضاً.. إذاً فالرجل يتأثر بالسياسة، وهذا الأثر السياسي موجود على من دونه، وعلى هذا فأهل الحديث عندما يظهرون بأن الصحابة والتابعين وأهل الحديث لا يتأثرون بالسلطة ولا يخافون لومة لائم، هذا كله غير صحيح على إطلاقه، هم مثل علماء ودعاة اليوم... يتأثرون بالسلطة السياسية والمذهبية، خوفاً وطمعاً، رغبة ورهبة .. فيجب مراقبة الأثر السياسي والمذهبي.
ثم سلفية اليوم يزايدون على الإمام أحمد والذهبي وابن كثير! وقد يضطرون لتكذيب أحمد بن حنبل - مع أنه لم ينفرد بالخبر - ففي الثقات للعجلي - [ج 1 / 405] (حدثنا العلاء ثنا حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال كان أبو هريرة إذا أعطاه معاوية سكت وإذا أمسك عنه تكلم )!
فهذا العجلي يتابع الإمام أحمد بالسند نفسه في أن أبا هريرة كان (لأجل المال) يسكت عن بعض العلم، ومعاوية خبير في اشتراء الذمم.
لابد أن تتتبع المكثرين من الحديث وتنظر أحوالهم ومدى تأثرهم بالسلطة وركونهم إلى الظالمين، فلهذا أثر على الرواية بتراً وزيادة وانتقاء.. الخ، كما قال أبو جعفر المنصور : ( نثرت الحب للعلماء فكلهم لقطوا إلا عمرو بن عبيد ومعاذ بن معاذ، ثم إن معاذ بن معاذ ثنى جناحه فلقط ) !
وعلى هذا يمكن أن نفهم الأحاديث التي رواها أبو هريرة في فضل أهل البيت أو ذم بني أمية، فيحتمل أنه تكلم بها في فترة تأخر المال من معاوية.
خلاصة الأمر:
1- الخلاصه في الأجزاء الأربعة التي نشرتها هنا عن علم الحديث أن علم الحديث أضعف مما تتصورون، فلا تهابونه وتردون به القرآن الكريم..
2- لا تتهيبوا علم الحديث وما يسمى الجرح والتعديل - وكأنهم علماء ذرة - كلا كلا.. هم مثل مشايخ اليوم في الأثر والتأثر والإخفاء والنشر .. فلا تهابوهم، وقد ذكرت نماذج يسيرة صحيحة اعترفوا بها أهل الحديث أنفسهم ورووها هم وصححوها هم عن أبي هريرة .. ولم أتوسع فيها لأن القصد هو التنبيه فقط.
3- علم الحديث علم بشري، لا تجعلوه شرعاً، لا تعاندوا به قرآناً ولا عقلاً ولا علماً طبيعياً، هو أقل من هذا كله.. و99% منه ظني لا يفيد العلم.
4- أقبلوا على القرآن والكون والمنطق والفلسفة وسائر العلوم، قللوا من الانتفاخ بعلم الحديث، فمن علمه من الداخل عرف أنه أقل من هذا التعظيم..
5- لا يغركم ثناء أهل الحديث على أنفسهم بأنهم فعلوا وفعلوا ونقلوا لنا السنة وحفظوها من الضياع ولولاهم لضاع الدين كل هذا قيه صدق قليل وكذب كثير!
6- أهل الحديث لهم فضل بلا شك ورحلة في طلب الحديث وتدوين وجهد.. لكنهم أضاعوا من الدين أكثر ما حفظوا هذا القرآن برمته مهجور عندهم لا يعولون عليه، فأهل الحديث الذين ضخموا جهدهم ومنوا بهذا الجهد على الله ورسوله بأنهم لولاهم لضاع الدين وادنرس الإسلام كلام فارغ ممقوت فلا تصدقوهم.
7- أهل الحديث بهم تم هجر القرآن الكريم وبهم كان ذم العقل وبهم اسند علينا التفكر في الكون وبهم تم تدشين هذه الشحناء والبغضاء والتخلف، نعم لهم فضائل .. لكنهم أفسدوها بهذا الهجر للقرآن والتكفير وتشريع التقاتل والكراهية بين المسلمين والتبديع وملء القلوب أحقاداً والعقول بلادة.. ولو ان كل محدث أخرج لنا تدبر آية واحدة من كتاب الله بدلاً من هذه المصنفات الموسوعية - التي ضررها أكثر من نفعها - لكان أفضل. لكن وقع ما وقع.
بقي عليك أنت ! أن تستفيد من تراثهم - وفيه بعض الحق - وتتجنب نفسياتهم وتعصبهم، ولا تجعلهم مشرعين بدلاً من الله ورسوله، ابقهم في حجمهم الطبيعي.
للجاهلون الشاتمون:
هؤلاء الشتامون والحاقدون عند كل معلومة تصدمهم, هم الذين ضعفوا البخاري وحاصروا الطبري وقتلوا النسائي وضربوا الحاكم ... وهم امتداد لبني أمية،لذلك عندما نذم بني أمية فنحن نعرف أنهم مازالوا أحياء بهؤلاء، لم يمت بنو أمية إلا بعد إرث عريض من العقول والقلوب والروايات والعقائد.. هم معنا، لذلك هم يتزاهدون عند ذم بني أمية بحكم، لأنهم قد أفضوا إلى ما قدموا! لكنهم بهذا مخادعون! لأنهم يذمون الجهم والجعد والمعتزلة، وقد أفضوا أيضاً!
بعض ذكاء هؤلاء في التلون عجيب!
وليس من عندهم، إنما من الشيطان نفسه، فتجدهم أزهد الناس عند ذم الظالمين، ومن أجرأ الناس على ذم الصالحين والعباد! يقولون: الله لم يسألنا ماذا عمل فلان وفلان ؟ لكنهم يوجبون عليك ذم الجهم بن صفوان وواصل بن عطاء وعمرو بن عبيد وغيلان ..
شياطين متناقضون.
الشيطان حريص على الإبقاء على مدح حَمَلَة منهجه في تحريف الدين، واستخدامه في البغضاء والقتل والفساد، كحرصه على ذم كل من عارض هؤلاء الحَمَلة!
الحكمة ضالة المؤمن، يأخذها ولو من الصين، ولكن المتمذهبة أصبحوا لا يأخذون حتى من الجيران! بل ولا من داخل البيت، هذا الضيق.. مرض وتخلف وجهل وكبر.
حسن فرحان المالكي-علم الحديث الجزء الثالث(ابو هريرة نموذجا)
أعرف أن المسلمين مختلفون في أبي هريرة، والذين تناولوه قسمان متضادان، قادح بغلو، ومادح بغلو!
فأنت الآن - كطالب علم - لا تريد أن تظلم أبا هريرة، فتضعفه بما لا يوجب تضعيف،اً ولا أن توثقه إذا كان في توثيقه ضرر على الحديث المنسوب إلى الشرع،بمعنى إذا وجدت فريقين متحاربين فليس بالضرورة أن تقف مع أحدهما، قد يكون كلاهما على باطل، ولكن لا يمكن أن يكون كلاهما على حق، فالحق لا يتعدد، فماذا تفعل إذا وجدت أهل الحديث في الجملة يوثقون أبا هريرة ويعظمونه ويصححون أحاديثه ووجدت الشيعة وبعض السنة يضعفونه مطلقا؟ً.. أين تقف أنت؟
هنا لا يجوز أن تقول أقف مع أكثرية السنة، ولا للشيعي أن يقول أقف مع الشيعة، أنت قف مع الحق، ولكن ما الحق في أبي هريرة وحديثه؟.. ولو الحق النسبي!
هذا يتطلب منك أموراً:
1- تتعلم ترجمة أبي هريرة من جميع المصادر.
2- تقرأ إنتاجه كله أو القدر الكافي للحق النسبي.
3- تعرض إنتاجه على القرآن.
4- تعرف آراء الصحابة والتابعين فيه (قبل أهل الحديث).
5- تكون شهادتك لله، حتى لا تلقى الله بظلمه إن كان بريئاً، أو ظلم الشرع إن كان متهماً.
فأنت اسأل نفسك كما أسأل نفسي الآن:
ماذا فعلت أنا في هذه الموضوعات؟ وهل طبقتها على نفسي؟ وهل أنا متأثر ببعض الآراء معه أو ضده؟ ما الحق فيه؟
هنا قد أتوصل إلى شيء من الحقيقة - لا كلها - لأن كل الحقيقة تحتاج إلى استقصاء للمعلومات عنه وعن علاقاته وظروفه ومصادره وثقافته وحديثه.. الخ، لكن من خلال قراءة جميع أحاديثه وتراجمه وأقوال الناس فيه تستطيع أن تخرج بأسئلة يجب الإجاية عليها بعلم وصدق، وأن توسع الاحتمال وتقلب المادة، ولا بد في البحث - أي بحث - أن تفرق بين القطعي والظني، سواء في أحاديثه أو سيرته، إذا حصلت على قليل من القطعي فهو أفضل من كثير الظن.
ولعل كثيراً مما يُتهم به أبو هريرة إنما هو من فعل الرواة عنه، فهنا يجب أن تعرف ما هي الأحاديث التي هي من مسؤوليته، والتي هي من مسؤولية غيره،وأنت بهذا الاحتمال تنجي نفسك من أن تظلمه في تحميله رواية بعض تلاميذه، وتبريء نفسك من تصحيح الباطل المخالف للقرآن، أو الواقع..
سندخل في مفاتيح من أحاديث أبي هريرة وأقوال الصحابة والتابعين فيه قبل أقوال أهل الحديث لننظر ماذا فعل أهل الحديث في تلك ألأحاديث والأقوال؟واعذروني، فقد يكون الانتقاء عشوائياً.. من أحاديث رواها - لها علاقة بموضوع توثيقه وتجريحه - أو أقوال لبعض الصحابة فيه، كعائشة والزبير وغيرهم.
وليس بالضرورة أن تتخذ موقفاً.. أنت اجمع المعلومات القطعية ثم ليكن عليها بناء اسلئة جالبة لإجابات مقنعة، فمثلاً: كثرة رواية أبي هريرة للحديث بحيث أنه روى أكثر مما رواه أهل بدر كلهم! مع تأخر إسلامه وتقدم إسلامهم! هذا محل إشكال كبير، ومن ايامه.
أنا أعرف الاعتذارات عن هذه الكثرة. والاتهامات بهذه الكثرة، لا أريد متابعة اعتذارات ولا اتهامات، أريد أن أفهم الحقيقة ما هي؟
هذا كمثال فقط
الأمر الثاني: رواية كيس أبي هريرة.. هناك رواية غريبة في صحيح البخاري ومسند أحمد عن أبي هريرة سأعرضها بحيادية، ونتساءل بحيادية عنها وهي:
وهذه الرواية تعتبر قولاً من أبي هريرة في أبي هريرة نفسه! وهي: في صحيح البخاري [ جزء 5 - 2048 ](حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي حدثنا الأعمش حدثنا أبو صالح قال حدثني أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم ( أفضل الصدقة ما ترك غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول ) تقول المرأة إما أن تطعمني وإما أن تطلقني، ويقول العبد أطعمني واستعملني، ويقول الابن اطعمني إلى أن تدعني، فقالوا: يا أبا هريرة سمعت هذا من رسول الله ؟ قال: لا.. هذا من كيس أبي هريرة) اهـ
هذه رواية عجيبة، ولهم فيها اعتذارات باردة غير مقنعة.
والحديث في في مسند أحمد بن حنبل [ جزء 2 - 252 ] حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله... الحديث..
وفيه ذكر الحديث بمثله، وذكر كيس أبي هريرة.. بلفظ :(إن أفضل الصدقة ما ترك غنى، تقول امرأتك أطعمني وإلا طلقني ويقول خادمك اطعمني وإلا فبعني، ويقول ولدك إلى من تكلني؟ قالوا: يا أبا هريرة هذا شيء قاله رسول الله أم هذا من كيسك، قال بل هذا من كيسي)اهـ
قلت: قولهم : أم هذا من كيسك إن صح يدل على شهرته.. لأن غيره من الصحابة لم توجه له هذه اللفظة! فلماذا واجهه التابعون بهذه الكلمة القاسية؟
وقد رواه البخاري في الأدب المفرد من طريق آخر، وحذف ( كيس أبي هريرة)، فقال (في الأدب المفرد للبخاري [ جزء 1 - 78 ] (حدثنا مسدد قال حدثنا حماد بن زيد عن عاصم بن بهدلة عن أبى صالح عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خير الصدقة ما بقى غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول، تقول امرأتك أنفق على أو طلقنى، ويقول مملوكك أنفق على أو بعنى، ويقول ولدك إلى من تكلنا) اهـ
فلا إدراج كما زعموا!
والسؤال هنا: إذا كان أبو هريرة صادقاً أن الحديث من كيسه، فلماذا قال في البداية قال رسول الله؟!
وإذا كان هازلاً، فلا يجوز السخرية بهذه الأسئلة.
وإذا قصد أبو هريرة أن المراد بما هو من كيسه هو آخر الحديث لا أوله، فهو لم يفصل عندما رواه، وإنما سرده سرداً واحداً، ولم يبين المدرج لو حصل، والحديث عند أبي داود [ جزء 1 - 525 ] من نفس طريق الأعمش ( وهو طريق البخاري)، مع بتر قصة كيس أبي هريرة! وقد رواه الشاميون بدون الكيس، فهل إخفاء من أخفى الكيس هو حماية منه لأبي هريرة من هذا الاعتراف؟! أم أن من زاد الكيس (كالبخاري وأحمد) هم المخطئون في الرواية؟!
لابد من إجايات.
أنت ابنِ معرفتك بنفسك.. ولا تستعجل على الإجايات.. دعها معك، وضع لها أكثر من جواب احتمالي، قد يترجح أحد الإجابات مع الوقت، فالعجلة فرع الكبر.
إذاً فهذا الحديث (كيس أبي هريرة) يفيد اعترافاً من أبي هريرة بأنه أحد رجلين
1- أما أنه قد يزيد في الحديث ولا يبين حتى يُسأل
2- أو ماذا؟
أو أنه يقول الحديث عن رسول الله ولا يكون صحيحاً، وإنما من كيسه، وهذا أخطر بكثير، فما الحق هنا؟ لا تستنتج من هذا فقط، ابحث في المزيد من حديثه!
فمثلاً حديث إفطار الجنب، رواه مالك في الموطأ وغيره، وهو صحيح السند، وقد ذكر قصته ابن عبد البر في التمهيد ( 22/ 39) مطولاً من رواية (مالك عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمان بن الحرث بن هشام أنه سمع ابا بكر بن عبد الرحمان بن الحرث بن هشام يقول: كنت أنا وأبي عند مروان بن الحكم وهو أمير المدينة، فذكر له أن أبا هريرة يقول: من أصبح جنبا أفطر ذلك اليوم، فقال مروان: أقسمت عليك يا عبد الرحمان لتذهبن إلى أم المؤمنين عائشة وأم سلمة فلتسألنهما عن ذلك، فذهب عبد الرحمان وذهبت معه، حتى دخلنا على عائشة فسلم عليها، ثم قال: يا أم المؤمنين، إنا كنا عند مروان فذكر له أن أبا هريرة يقول من أصبح جنبا أفطر ذلك اليوم، قالت عائشة: ليس كما قال أبو هريرة يا عبد الرحمن، أترغب عما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع؟ قال عبد الرحمن: لا والله. قالت عائشة: فأشهد على رسول الله أنه كان يصبح جنبا من جماع غير احتلام ثم يصوم ذلك اليوم، قال: ثم خرجنا حتى دخلنا على أم سلمة فسألها عن ذلك فقالت مثل ما قالت عائشة، قال فخرجنا حتى جئنا مروان بن الحكم، فذكر له عبد الرحمن ما قالتا فقال مروان: أقسمت عليك يا أبا محمد لتركبن دابتي فإنها بالباب، فلتذهبن إلى أبي هريرة فإنه بأرضه بالعراق، فلتخبرنه ذلك، فركب عبد الرحمان وركبت معه، حتى أتينا أبا هريرة فتحدث معه عبد الرحمن ساعة، ثم ذكر له ذلك، فقال أبو هريرة: لا علم لي بذلك، إنما أخبرنيه مخبر) اهـ
وأعتذر عن طول النص!
وهذا يدل على أن أبا هريرة على الأقل ينقل عن غير ثقات عن النبي، وهذا ما يسمى (التدليس)، والإمام شعبة - وهو أمير المؤمنين في الحديث - قد اتهم أبا هريرة بالتدليس - كما سيأتي - عند استعراض أقوال المحدثين.
والتدليس في عرف أهل الحديث ليس معناه الكذب - كما نظن اليوم – كلا.. هو روايتك عن شخص قد لقيته ما لم تسمعه منه، وإنما سمعته من آخرين عنه.
وقد روى ابن عبد البر بسنده عن أبي هريرة أنه قال (كنت حدثتكم من أصبح جنبا فقد أفطر، فإنما ذلك من كيس أبي هريرة، فمن أصبح جنبا فلا يفطر)!
هنا حضر (كيس أبي هريرة) مرة أخرى.. وفي وقت مبكر، قبل نشوء أهل الحديث وجرحهم وتعديلهم، فلماذا لم يقولوا : كان يرسل ويدلس ؟
قاله شعبة فقط.
المقصود هنا ... أنك على الأقل تضع لأحاديث أبي هريرة مرتبة في التصديق أقل من مرتبة أحاديث ابن مسعود وجابر بن عبد الله مثلاً.. احتط لدينك.
أعني ليس بالضرورة أن تهاجم أبا هريرة، تستطيع أن تجتنب - أو تقلل أحاديثه - إلا أحاديث يشهد لها القرآن، ومباديء الإسلام، ولكن ما العمل اليوم؟
العمل للأسف أن أحاديث أبي هريرة على كل منبر أكثر من آيات القرآن الكريم! هذا هو المشكلة، نحن لا نستعجل الآن ونتهمه، أنت فقط تحفظ، احتط، قلل.
ثالثاً: أبو هريرة ينقل رأي أهل عصره من الصحابة في الشك في أحاديثه! ففي صحيح مسلم [ جزء 4 - 1939 ] (حدثنا قتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب جميعا عن سفيان قال زهير حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن الأعرج قال سمعت أبا هريرة يقول: إنكم تزعمون أن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله ...) الحديث. فهذا رأي عام للصحابة والتابعين - على الأقل في المدينة - ينقله أبو هريرة..صحيح أنه اعتذر بأن المهاجرين تشغلهم التجارة عن سماع الحديث، والأنصار تشغلهم الزراعة عن سماع الحديث، وهذا طعن في المهاجرين والأنصار أيضاً!وليس صحيحاً أن المهاجرين كلهم تجار، ولا ألأنصار كلهم مزارعين، هذا علي بن أبي طالب وعمار بن ياسر والمقداد، من سابقي المهاجرين، وليسوا تجاراً، فهذا التعميم من أبي هريرة غير صحيح.. هناك فقراء مثله صحبوا النبي قبل أبي هريرة بدهر! وماتوا بعد أبي هريرة بدهر! فالإشكال باقٍ...
بل حتى أمهات المؤمنين – كعائشة - اتهمها أبو هريرة بأنها شغلتها النيل والمكحلة عن سماع الحديث... فأبوهريرة ما أبقى أحداً إلا واتهمه بالتقصير.
فعند الحاكم في " المستدرك " [3 / 509] (من طريق خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، عن أبيه، عن عائشة أنها دعت أبا هريرة، فقالت له: يا أبا هريرة، ما هذه الاحاديث التي تبلغنا أنك تحدث بها عن النبي صلى الله عليه وسلم، هل سمعت إلا ما سمعنا ؟ وهل رأيت إلا ما رأينا ؟ قال: يا أماه، إنه كان يشغلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم المرآة والمكحلة والتصنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم،..) الحديث.. وصححه الحاكم.
والخلاصة:
أن أبا هريرة كان يرد على الجميع المهاجرين والأنصار وأمهات المؤمنين بأنهم أشغلتهم التجارة والزراعة والتزين عن سماع الحديث! والذي يهمله أهل الحديث – هنا - أن الطعن في أحاديث أبي هريرة لم تكن عند الشيعة فقط أو بعض السنة أو المعتزلة، كانت رأياً عاماً عند الصحابة. والطعن في حديثه لا يعني بالضرورة تكذيبه، قد يكون وقد لا يكون، لكنه الطعن في طريقة سماعه أو أدائه أو مصادره ..الخ، فالطعن نسبي، وهو علمي أيضاً، وطعن الصحابة في حديث أبي هريرة موثق في أوثق المصادر في الصحيحين.
وهذا مثال على طعن عائشة في حديث أبي هريرة، ففي صحيح البخاري[ جزء 3 - 1307] (وقال الليث: حدثني يونس عن ابن شهاب أنه قال: أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة أنها قالت : ألا يعجبك أبو فلان جاء فجلس إلى جانب حجرتي يحدث عن رسول الله يسمعني ذلك وكنت أسبح، فقام قبل أن أقضي سبحتي ولو أدركته لرددت عليه إن رسول الله لم يكن يسرد الحديث كسردكم ) اهـ
وأبو فلان في الحدثي هنا هو أبو هريرة - كما جاء من طرق أخرى - وهذه من عيوب المتمذهبين أنهم يخفون الأسماء حماية لها، وهذا غش في الرواية.
ولذلك قلنا مسلم أوثق من البخاري وأحمد في النقل (بناء على قراءة أنتاجهم)، لا نقولها عبثا،ً فمثلاً هذا الحديث رواه مسلم بسند البخاري نفسه:
صحيح مسلم [ جزء 4 - 1940 ] ...عن ابن شهاب أن عروة بن الزبير حدثه أن عائشة قالت: ألا يعجبك أبو هريرة جاء فجلس إلى جنب حجرتي .. الحديث. وقد رواه بالتصريح باسم أبي هريرة كل من أحمد وأبو داود وابن حبان وغيرهم. وكلام عائشة واضح أن أحاديث أبي هريرة فيها نكارة.
السرد = التطويل
فلذلك قالت: كان النبي يحدث الحديث (لو عده العاد لأحصاه) وكلام عائشة صحيح، وهو من معاني (البلاغ المبين) أما هذه المطولات من ألأحاديث فلا.
وهناك صحابة وتابعون كذبوا أبا هريرة صريحاً.. تركت ذكرهم لأن ألأسانيد إليهم تحتاج إلى بيان وتصحيح وتطويل في الكلام، وحتى لا أفسد هذا البحث، لأن المقصود من هذا البحث في علم الحديث أن أهل الحديث لا يهتمون بأقوال الصحابة في بعضهم، وتجريح الصحابة لبعضهم، وتكيب الصحابة لبعضهم..
لماذا؟
لأنهم اخترعوا قاعدة (الصحابة كلهم عدول)! وهي قاعدة لم تكن عند الصحابة أصلاً .. لكنهم أخذوها وعطلوا بها أي نقد - ولو نسبي - لحديث بعض الصحابة، وهم يقولون: نحن نعدلهم لأن الله عدلهم في كتابه!
طيب... فلماذا لم يفهموا من تلك الآيات ما فهمتموه أنتم؟! وأنتم تقولون بأنهم أفهم وأعلم؟؟؟؟
فالمنهج متناقض... ما أن يبنون قاعدة باليمين حتى يهدموها بالشمال، وكل قاعدة لا يسمح أصحابها بخضوعها للنقاش العلمي فهي مبنية على هوى ومذهبية، وهنا أيضاً.. فالذين لا يحبون المعرفة يتهمونك أنت .. وأنت إنما تنقل أقوال الصحابة وأمهات المؤمنين الذين يلزموننا بأقوالهم، فهم متناقضون جدا!
بمعنى.. أن عائشة عندما تقول أبو هريرة أكثر من الحديث، وأبو هريرة عندما يقول عائشة أشغلتها الزينة عن رسول الله، أنت هنا لا تتبنى هذا أو ذاك
فهؤلاء الحمقى (ممن يقولون بعدول الصحابه) يقولون: عائشة صادقة في اتهام أبي هريرة، وأبو هريرة صادق في اتهام عائشة، وأنت كاذب في الاثنتين، مع أنك لم تتبنّ هذا الاتهامين!.. أنت فقط تنقل أن الخلاف في أبي هريرة وحديثه قديم، من ايام الصحابة، لم تتهم المهاجرين والأنصار بما اتهمهم به أبو هريرة، ولم تتهمه باتهاماتهم!
هؤلاء المتناقضون هم نتيجة أهل الحديث تماماً، هم من رووا وهم من عارضوا روايتهم، هم من أمروا بتصديق رواياتهم وهم من منعوا من تصديقها! ولذلك فهم في ورطة كبيرة.. إن ضعفوا ألأحاديث (وهي في الصحيحين) وقعوا في ورطة، وإن صححوها وقعوا في ورطة، وإن قالوا بها أو كذبوها في ورطة!
ولذلك هم واقعون تحت وعد الله بالكبت، لأنهم جعلوا بين قرآنه وسنة نبيه وبين عقائدهم حدوداً، لا يجوز للقرآن اختراقها، والله قد توعد أمثال هؤلاء..
(إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۚ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۚ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ)[المجادله 5]
فهم في كبت بسبب هذه الحدود، لا يتركونك تؤمن ولا تكفر! تبقى معلقاً في الهواء!
المضعفين لأبي هريرة - أو المنكرين عليه بعض الحديث على الأقل - من الصحابة كثير، منهم علي وعمر وسعد وعائشة والزبير و ابن عباس ..والمضعفون له - أو لبعض حديثه - من التابعين إبراهيم النخعي وأكثر التابعين بالكوفة، والموثقون له : هو نفسه ومعاوية وكعب الأحبار وابن عمر في قول..
ولا يجوز أهمال جرح عائشة وعلي وسعد والزبير وأمثالهم، فهم أبلغ من أهل الحديث وأعلم بالآيات وبأحوال الصحابة، وقد اتهمه شعبة بالتدلس.. وهو إمام.
والموقف من حديث أبي هريرة ليس الرد ولا القبول، إنما التريث والتأني حتى ينظر في الشواهد والقرائن والحواضن العامة الأخرى من القرآن والحديث.
حسن فرحان المالكي- عام الحديث الجزء الثاني(معايير قرآنية لا مذهبية)
في الجزء ألأوّل أعطينا قواعد أو سمات عامة لأهل الحديث ومنهجهم، ولابد اليوم من أن نذكر بعض التفصيل، فالكلام العام لا يكفي.
وقلنا أمس أن علم الحديث يحتاج إلى معايير جديدة، أو تفعيل المعايير النظرية على الأقل، بمعنى:
عندما يعرف أهل الحديث الحديث الصحيح بأنه (ما رواه العدل الضابط عن مثله ...الخ) أن تكون هذه العدالة بمعايير علمية وليست مذهبية، وهذا خلل كبير عند أكثر أهل الحديث، بمعنى أنهم قد يوثقون من هو مجروح أو فاسق قرآنياً، ويضعفون من هو عدل وصادق قرآنياً! فمعايير العدالة والسنة والبدعة والإيمان والنفاق عند أهل الحديث فيها خلل كبير.. نتيجة تأثرهم بالرواية والجو السياسي والمذهبي العام.. مثل اليوم تماماً، قد يكذبون الصادق ويصدقون الكاذب، ليس بمعيار صحيح، وإنما بالرضا النفسي والسخط النفسي، فمن أبغضناه فهو كذاب ومن أحببناه فهو ثقة! هذه المعايير ( الذاتية النفسية المذهبية) غير علمية ولا موضوعية.
ومنهج أهل الحديث مؤثر فينا إلى اليوم، فمن أبغضناه كذبناه وأخذنا عليه أصغر الصغائر، ومن أحببناه تكلفنا في الاعتذار عنه وإخفاء مساوئه!
وأمر آخر..
وهو أن منهج أهل الحديث – غالباً - ( وخاصة من أيام المتوكل وأحمد بن حنبل) إما ذم مطلق أو مدح مطلق، حب مطلق أو بغض مطلق، وهذه إلى اليوم،وهذا أيضاً عادة نفسية غير مضبوطة بالقرآن الكريم، فلذلك تجد التيار السلفي (ورثة أهل الحديث الأصليين) يبغضون كل من خالفهم مطلقاً، ويوعدونهم بالنار.. حتى الأشاعرة - وهم أغلبية أهل السنة - أخرجوا فيهم الكتب التي تحشرهم في الثلاث وسبعين فرقة، بناء على حديث ضعيف مخالف للقرآن .
المعيار القرآني - لو عدنا إليه - لا يأمرك ببغض إلا المحارب المعتدي فقط، سواء كان مسلماً باغياً أو كافراً معانداً، أما بقية الخلق فالحب مشروع، وهذا الحب شعور قلبي لا تتحكم فيه، فلو ساعدك طبيب غير مسلم في علاج ابنك فستضطر طبيعيا لحبه، لا لدينه وإنما لنجدته وخدمته لك.. هذا طبيعي.
التيار السلفي - ورثة أهل الحديث - يجبرونك على أن تجبر قلبك على بغض كل من ليس مسلماً، بل كل من ليس سنياً، بل كل من ليس سلفياً، وهذا تكليف، وهو تكليف مذهبي لا شرعي.. فليس المسلم باللئيم حتى يبغض من أحسن إليه، أو حتى يبغض من لم يسيء إليه، هذا اللؤم والكراهية ليست ديناً..
هي مذهب.
وحتى لا نظلم.. فهذا ليس عاماً في السلفيه، لكنه ظاهرة على الأقل، وهذا ما تعلمناه في المدارس والجامعات للأسف، تحت عنوان الولاء والبراء، وهذه نتيجة من نتائج أهل الحديث على السلوك والعقل المسلم، وليست من نتائج القرآن ولا الإسلام، ولا كان هذا من خلق النبي صلوات الله عليه وآله..
إذن فالبغض والبراءة هي من المعتدي المحارب الظالم .. الخ، وليست من المسالم المحسن .. هذا إن أردنا محاكمة السلوك بالشرع، أما المذهب فلا، ولذلك تجد السلفية (ورثة أهل الحديث) يتعبون الآخرين بإيجاب ما لم يجب شرعاً، وإنما أوجبه أحمد بن حنبل أو ابن تيمية أو محمد بن عبد الوهاب، وهؤلاء الأشخاص - أو قولوا الأعلام - مهما بلغوا من الفضل والعلم إلا أنه لا يجوز لنا أن نتخذ سيرتهم شرعاً، ولا سيرة أهل الحديث، ولا حتى الصحابه، إنما الشرع في النص، قرآناً أو سنة. ويمكن الاستئناس فقط بسير الصالحين من صحابة وعلماء وفقهاء..الخ، وهناك فرق بين الاحتجاج والاستئناس.
إذاً فأهل الحديث ومنهجهم أنتج سلوكاً جافاً، يتكلف معاداة من لم يأمر الله بمعاداته، والاعتذار عن من أوجب الله معاداته من المعتدين المحاربين، فتجدهم يعادون مثل الجهم بن صفوان والمعتزلة والأشاعرة لرأي رأوه ويبالغون في مدح دعاة النار وكبار الظالمين والمجرمين!
هذه نتيجة مذهب لا دين.
الدين لا يجعل لأحد من الناس ميزة تبيح له الجرائم والمظالم، ولا يحرم أحداً من التفكير وبذل الوسع في معرفة الحق..
الأول جنائي والثاني معرفي.
الدين لا يعاقب على المعرفة، وإنما يعاقب على الجنائيات، والمذهب عكس القضية، فهو يعاقب أقواماً على المعرفة ويتساهل مع آخرين في الجنائيات. فمتى نستطيع أعادة البوصلة بحيث يكون تسامحنا وعقوباتنا وافقة للدين لا للمذهب؟ لن نستطيع إلا إذا قمنا بتفكيك الحالة المذهبية ونقدها أولاً، ولا يفيد أن تدل الناس على الدين مباشرة أو الحق مباشرة، لأنهم سيأتون ويقلون لك:
ولكن أحمد أو ابن تيمية أبغض فلاناً وكفر المعتزلة وو.. الخ.
إذاً أنت في هذه الحالة محتاج أن تقول له:
أحمد رحمه الله فقيه وعابد، ولكن لا نأخذ الشرع منه، فهو بشر، فلماذا تحتج علي بفعل بشر وتترك النص؟
هنا سيقول لك :
هو أعلم بالشرع منك؟
قل له: هذه حجة عوام الشيعة والمعتزلة وغيرهم في علمائهم، فلابد أن تعذرهم أيضا،ً أو نتفق على كلمة سواء، فكل عامة أهل المذاهب يقولون: علماؤنا أعلم بالشرع منا؟ فماذا نفعل؟ هل نعذرهم أو نقول أن النص أولى بالاتباع؟ النص الواضح لهم وليس المشتبه.
لابد أن يجد طلبة العلم والعامة أيضاً حلاً وسطا،ً كلمة سواء .. ملخصها : التشريع لله ولرسوله.. وليس لأحد من الناس، مهما كان في قلوبنا عظيماً.
أهل الحديث - سامحهم الله - لم يكونوا هكذا، كانوا إذا هجر أحمد بن حنبل رجلاً هجروه، وإذا أبغض الذهلي رجلاً أبغضوه، وإذا أفتى مالك بقتل أحد أفتوا!
هذا لا يجوز.. لا يجوز أن تتبع االفقيه في كل قول وفعل ... إلا رسول الله فقط، أما أحمد ومالك والذهلي وأمثالهم فلست أنا ملزماً أن أتبعهم، نعم أنا ملزم أن أنظر إلى أفعالهم وأدلتهم وأعرضها على الكتاب والسنة، فإن وافقت.. وإلا رددتها...
قد تقولون:
هم لا يخالفون الكتاب والسنة.
أقول: فهل كان هجر الذهلي للبخاري وتبديعه له والأمر بهجر حديثه وترك الرواية عنه.. هل هذا موافق عندكم للكتاب والسنة؟
لن تستيطعوا الإقرار.
إذاً.. فإذا كان الذهلي - شيخ البخاري – (وقلده أبو حاتم وأبو زرعة) إذا كان هؤلاء لم توافقهم على موقفهم من البخاري، فمن حقك ألا توافقهم في غيرهم.
إذاً فليس صحيحاً أنه يجب عليك موافقة العلماء وأهل الحديث، وإنما تنظر إلى أقوالهم ومواقفهم، وتعرضها على الشرع، فتقبل منها وترد.
هذا دين.
ثم أهل الحديث ليسوا متفقين حتى يكون اتباعهم واجباً، بمعنى لو أنك أردت اتباعهم لما استطعت. لأنهم مختلفون في المواقف، والتضعيف والتوثيق.. الخ. ثم لو اتفق أهل الحديث على مسألة فليس بالضرورة أن توافقهم أيضاً، فهناك أهل الرأي والمعتزلة والشيعة والأشاعرة... الخ، وحجة أتباعهم كحجتك..
ولابد أن نذكّر بأنه لا يجب عليك اتباع مذهب ولا تيار ولا حزب.. أنت يجب عليك اتباع الحق الذي تعرف أنه حق. حتى الحق الذي لا تعلمه لايجب عليك.
قد يقول قائل :
كلامك هذا يوحي بأنه لا يجب اتباع المسلمين، وأنه يجوز اتباع اليهود والنصارى، لأن حجة العامة عندهم كحجتنا؟
والجواب:
لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، نعم لا أوجب على اليهودي من العامة والنصراني من العامة والمسلم من العامة اتباع أحد، وإنما أوجب عليه اتباع الحق،بمعنى لا يجب على اليهودي اتباع المسلمين، إنما اتباع الحق، وهو الواجب على المسلم أيضاً، يبقى الحوار في هذا الحق.. ما هو؟ وهذا موضوع آخر.
لكن لو وجدت عند النصارى حقاً ليس عليه المسلمون فاتبعه، لأنه من دين الله الجامع، كالأخلاق مثلاً، وحسن المعاملة، وحب المعرفة، وحقوق الإنسان..
وعندما أقول "اتبع" هذه الأمور، ليس لأنها نصرانية، لكن لأنها حق ضيعه المسلمون، وهو من صلب دينهم، فاتّباع الدين إنما هو اتباعه، هو لا اتباع أتباعه،وعلى هذا فلا إشكال في اتباع أي حق، سواء وجدته عند مسلمين أو يهود أو نصارى أو بوذيين.. الخ، وبهذا يكون المسلم مسلماً، مسلّماً للمعرفة والحق.
يجب أهمال التسميات والنظر إلى حقائق الأشياء، وهذا خلاف منهج أهل الحديث الذي ورط المسلمين في الألقاب ( سني/ مبتدع/ ضال) وترك الحقائق.
وأهل الحديث أتاهم هذا الغرور بالألقاب من عدة عيوب - لا مجال للتفصيل فيها - من تزكية النفس وبخس الناس أشياءهم وهجر القرآن والتأثر بالسلطة.. الخ، لذلك فكل مسألة علميه تدخل فيها معهم في حوار تجد أنهم يقفزون للتنابز بالألقاب ( هل أنت سني أم شيعي، هل أنت علماني أم إسلامي ..)..
هذا جهل، لأن الحوار هو في المعلومة ومدى صحتها، وليس في الشخص.. حتى لو يقول لك : أنا شيعي أو علماني فلا يجيز لك رد الحق الذي أتى به، ولو قال "سني" لا يجيز لك اتباع الباطل الذي أتى به، لأن الحق لا يتجسد في الأشخاص، وهو فوق الألقاب، هو معنى لا يسعى لشخص ولا مذهب، إنما الواجب السعي إليه.
هذه الأشياء ربما أنها نظرية، وقد يكابر بعض أهل الحديث ويقول : أنت ظلمتهم، وهم منصفون، وهم كذا وكذا..
نقول : نحن نتحدث عن واقع معروف ولا نعمم.
فالمكابرة أيضاً سمة من سمات أهل الحديث ورثتها السلفية، تجد أحدهم يكابر ويكابر في معلومة واضحة كالشمس وسط السماء. ويظن أن هذا دين!
هذا وهم.
إذاً.. فأهل الحديث ورثوا لنا من تصرفاتهم ومظالمهم وجفافهم الشيء الكثير، واختلط عندنا بالدين نفسه، وأضعف عندنا الثقافة الدينية الأولى، وهي رحمة..
الإسلام الأول رحمة، حتى على غير المسلمين (لو عرفنا الله وعدله) وإسلامات المذاهب عذاب، حتى على المسلمين (لو عرفنا الشيطان ومكره).
البدايات منتجة.
إذا ابتدأت بمعرفة الله أنتجت لك هذه المعرفة كل خير، وإذا لم تبدأ بمعرفة الله معرفة صحيحة سبقك الشيطان بثقافته وتلبيسه، فشرعن لك كل شر!
حسن فوحان المالكي-علم الحديث الجزء الاول(وقفات مختصرة)
الوقفة ألأولى: أن الحديث بالمعنى القرآني هو القرآن نفسه، والحديث الذي في أذهاننا اسمه (بيان) = ليبين لهم.
الوقفة الثانية: أن أهل الحديث - في الغالب - هجروا كتاب الله وانشغلوا عنه بالحديث، ففقدوا أهم معيار في تقييم الحديث.
الوقفة الثالثة: أن أهل الحديث لم يهتموا بالعقل، فصححوا الكثير مما يخالف العقل، والعقل غير التذوق والهوى، لكن الشرع لم يأت بمخالفة العقل.
الوقفة الرابعة: أن أهل الحديث ركنوا إلى الراكنين إلى الذين ظلموا.. قد لا يكون أكثرهم من الراكنين، لكن معظم مادتهم من الراكنين الأولين.
الوقفة الخامسة: أهل الحديث تأثروا بالأرضية الثقافية التي تم إنشاؤها في العهد الأموي وتثبيتها في العصر العباسي، جبر وإرجاء ونصب وتكفير.. الخ
الوقفة السادسة: أهل الحديث ضرهم هجر الفرق الأخرى، فلم يستفيدوا من العقل المعتزلي ولا الإيمان الشيعي ولا الصدق الخارجي ولا الأفق الفلسفي.
الوقفة السابعة: أهل الحديث أهملوا ألأثر السياسي على الحديث ولم يراقبوه، وأهملوا الأثر المذهبي، لأنهم داخله، هم متمذهبون، فلم يراقبوا أنفسهم.
الوقفة الثامنة: أهل الحديث - في الجملة - إنتاجهم مفيد لذوي العقول أصحاب المعايير السابقة من قرآن وعقل، وهو ضار لمن لا يعول على قرآن ولا عقل.
الوقفه التاسعه: أهل الحديث : ليس مذهبهم واحداً، ففيهم الشيعي والسلفي والناصبي والفقيه، ولكن غلب عليهم - من أيام المتوكل وأحمد بن حنبل - التعصب والهوى والمذهب.
الوقفة العاشرة: ليس هناك مذهب لأهل الحديث، فكل الذين كتبوا عن (عقيدة أهل الحديث) وجعلوها عقيدة واحدة, فهم إما أصحاب دعاية أو جهل وعصبية.
الوقفة الحادية عشرة: الدقة والصناعة الحديثية عند أهل الحديث إنما أتت متأخرة، وكانت الرواية القديمة في القرن الأول إلى منتصف الثاني ساذجة، فالذين تجدونهم يرددون ( أهل الحديث كان لهم منهج كذا وكذا ...)هم جهلة بتاريخ تطور الرواية، وليس عندهم قدرة على قراءة نقدية، لأنهم متمذهبون.. أعني أصبح الدفاع عن أهل الحديث ومنهجهم مذهب قائم بذاته، فالمدافع يعدونه ممدوحاً صاحب سنة، والمنتقد يعدونه مذموماً صاحب بدعة!.. وهذه مذهبية، فلذلك تجدهم يتكلفون في الدفاع عن محدث أو رواية صححها أحدهم ولا يتكلفون في معرفة الحق، فالحق عندهم هو الشخص والمذهب وليست المعلومة الصحيحة..وهذا من أكبر التعصب والمذهبية، لأنهم لا يعرفون الحديث إلا من آخر ملفق بين نظرياته، كابن الصلاح لا يعرفون مسيرته ورجاله وتطوره واختلافه.
الوقفة الثانية عشرة: ليس هناك شيء اسمه (مصطلح الحديث)، هذه مجرد تجميعات وانتقاءات، من فعل بعض أهل الحديث، تم تعميمها على كل أهل الحديث.
الوقفة الثالثة عشرة: أهل الحديث المتأخرون - وكثير من المتقدمين - لا يلتزمون بالتعريفات الذي وضعها المتأخرون، وبعضهم لايعلم عنها شيئاً.
الوقفة الرابعة عشرة: المزاج العام عند أهل الحديث أن الصحابة والتابعين ليسوا من أهل الحديث، ولا يأخذون بمنهجهم في مسائل محورية، كعدالة لصحابة، فهذه القاعدة (عدالة جميع الصحابة في الرواية) قاعدة خاطئة، ليس عليها كتاب ولا سنة ولا الصحابة ولا أكثر التابعين، تم اختراعها بعد ذلك مذهبيا، فلذلك إذا وجد أهل الحديث أن عائشة ردت أحاديث لأبي هريرة، أو عمر رد حديثاً لأبي موسى.. يتضايقون جداً، ويتكلفون في الدفاع بأنه قصد وقصد.. فالقاعدة عنهم (أن الصحابة كلهم عدول)، يظنون أن الصحابة أنفسهم يؤمنون بها، وهي قاعدة مستحدثة، لم يكن الصحابة يرونها أصلاً، ولا أكثر التابعين
الوقفة الخامسة عشرة: أهل الحديث تركوا نصف أوامر القرآن، اهملوها لإهمال السلطة لها، فلم يرووا فيها حديثاً (كالعقل وتدبر الكون والشهادة لله)، ورووا بكثافة في أمور أقل بكثير (مثل تفاصيل الطهارة والوضوء والصلاة واللباس والأكل ..الخ)، تركوا الأهم، وكثفوا الأقل أهمية بكثير. وهذه لها سر، فسرها الأعلى هو هجر كتاب الله، وسرها الأدنى هو التأثر بثقافة السلطة التي لم تكن تهتم بهذا، وإنما تشغل الناس في صغائر ألأمور والتفاصيل.
والمكثرون من الحديث من الصحابة أو تلاميذهم.. ومن التابعين أو تلامذيهم.. هم مقربون من السلطة، فكان الأثر السلطاني ظاهراً على إنتاج أهل الحديث..
بمعنى ... غياب التفكر - فالسلطان لا يتفكر - غياب التدبر، غياب الشهادة لله، غياب العدل، كثرة العسكرة والكبر والعقوبات، فانعكس هذا في الحديث، فالحديث - في معظمه - نتيجة سلطانية، وهم إلى اليوم يتغنون بفتح الأندلس - وهو استعمار - ولا ينشغلون بتدبر سورة الفاتحة، فالعسكر والقتال غالب عليهم، بمعنى أن النتيجة الحديثية تشبه المعلقات العشر..
فخر وكبر وفعلنا وفعلنا وقتلنا و سحلنا ونحرنا، ليس فيه هذا القلب السليم الذي يريده الله.
القرآن الكريم فيه غايات محورية ضاعت في الحديث، أو ذابت أو ضاعت وسط ضجات التكبير وصيحات السبايا وأخبار الفتوح والتشبع السياسي.. كحالهم اليوم..
فالموضوع الحديثي برمته يحتاج إلى إعادة نظر وعرض على القرآن وتلمس ما يشبهه، ولو سخطوا على ناقله ورفض ما يضاده، ولو عظموا واضعه وناقله.
هذه مقدمات مختصرة يسيرة، وأنا أعرف أنه سيرفضها أكثر أهل الحديث الذين هم داخل بيضة الحديث، فإن الصوص وهو ادخل البيضة يرى البيضة أوسع أرض!.. أما أهل الحديث الذين تعرفوا على القرآن وعرفوا معالمه واستضاءوا بنور هدايته وعرفوا قدر العقل والتدبر والتواضع والنظر, فسيعرفون صواب ما قلته.
الاثنين، 14 يوليو 2014
حسني أحمد المتعافي-التقويم العربي و رمضان والأشهر الحرم
التاريخ الهجري الصحيح لبداية شهر رمضان | التاريخ الميلادي الصحيح لبداية شهر رمضان | التاريخ الميلادي الصحيح لبداية شهر ربيع1 | التاريخ الميلادي الصحيح لبداية شهر ربيع2 | |
1/11/1434 | 6/9/2013 | 13/3/2013 | 12/4/2013 | |
يتعين إضافة شهر التقويم قبل رمضان التالي بعد شعبان | ||||
1/12/1435 | 26/9/2014 | 3/3/2014 | 2/4/2014 | |
ظهر هنا تأثير إضافة الشهر على شهري الربيع | 1/12/1436 | 15/9/2015 | 22/3/2015 | 20/4/2015 |
1/12/1437 | 4/9/2016 | 11/3/2016 | 9/4/2016 | |
يتعين إضافة شهر التقويم قبل رمضان التالي وبعد ربيع2 | ||||
1/1/1439 | 22/9/2017 | 28/2/2017 | 29/3/2017 | |
ظهر هنا تأثير إضافة الشهر على شهري الربيع | 1/1/1440 | 12/9/2018 | 18/3/2018 | 17/4/2018 |
1/1/1441 | 1/9/2019 | 8/3/2019 | 7/4/2019 | |
يتعين إضافة شهر التقويم بعد ذي الحجة التالي وقبل رمضان التالي | ||||
1/2/1442 | 19/9/2020 | 26/3/2020 | 24/4/2020 | |
1/2/1443 | 9/9/2021 | 15/3/2021 | 13/4/2021 | |
يتعين إضافة شهر التقويم قبل رمضان التالي بعد شعبان | ||||
1/3/1444 | 27/9/2022 | 5/3/2022 | 3/4/2022 | |
1/3/1445 | 16/9/2023 | 23/3/2023 | 22/4/2023 | |
1/3/1446 | 5/9/2024 | 11/3/2024 | 10/4/2024 | |
يتعين إضافة شهر التقويم قبل رمضان التالي وبعد ربيع2 | ||||
1/4/1447 | 24/9/2025 | 1/3/2025 | 31/3/2025 | |
1/4/1448 | 14/9/2026 | 20/3/2026 | 18/4/2025 | |
1/4/1449 | 3/9/2027 | 10/3/2027 | 8/4/2027 | |
يتعين إضافة شهر التقويم بعد ذي الحجة التالي وقبل رمضان التالي | ||||
1/5/1450 | 20/9/2028 | 27/3/2028 | 26/4/2028 | |
1/5/1451 | 10/9/2029 | 16/3/2029 | 15/4/2029 | |
يتعين إضافة شهر التقويم قبل رمضان التالي بعد شعبان | ||||
1/6/1452 | 29/9/2030 | 6/3/2030 | 5/4/2030 | |
1/6/1453 | 18/9/2031 | 25/3/2031 | 23/4/2031 | |
1/6/1454 | 7/9/2031 | 13/3/2032 | 12/4/2032 |