الوقفة ألأولى: أن الحديث بالمعنى القرآني هو القرآن نفسه، والحديث الذي في أذهاننا اسمه (بيان) = ليبين لهم.
الوقفة الثانية: أن أهل الحديث - في الغالب - هجروا كتاب الله وانشغلوا عنه بالحديث، ففقدوا أهم معيار في تقييم الحديث.
الوقفة الثالثة: أن أهل الحديث لم يهتموا بالعقل، فصححوا الكثير مما يخالف العقل، والعقل غير التذوق والهوى، لكن الشرع لم يأت بمخالفة العقل.
الوقفة الرابعة: أن أهل الحديث ركنوا إلى الراكنين إلى الذين ظلموا.. قد لا يكون أكثرهم من الراكنين، لكن معظم مادتهم من الراكنين الأولين.
الوقفة الخامسة: أهل الحديث تأثروا بالأرضية الثقافية التي تم إنشاؤها في العهد الأموي وتثبيتها في العصر العباسي، جبر وإرجاء ونصب وتكفير.. الخ
الوقفة السادسة: أهل الحديث ضرهم هجر الفرق الأخرى، فلم يستفيدوا من العقل المعتزلي ولا الإيمان الشيعي ولا الصدق الخارجي ولا الأفق الفلسفي.
الوقفة السابعة: أهل الحديث أهملوا ألأثر السياسي على الحديث ولم يراقبوه، وأهملوا الأثر المذهبي، لأنهم داخله، هم متمذهبون، فلم يراقبوا أنفسهم.
الوقفة الثامنة: أهل الحديث - في الجملة - إنتاجهم مفيد لذوي العقول أصحاب المعايير السابقة من قرآن وعقل، وهو ضار لمن لا يعول على قرآن ولا عقل.
الوقفه التاسعه: أهل الحديث : ليس مذهبهم واحداً، ففيهم الشيعي والسلفي والناصبي والفقيه، ولكن غلب عليهم - من أيام المتوكل وأحمد بن حنبل - التعصب والهوى والمذهب.
الوقفة العاشرة: ليس هناك مذهب لأهل الحديث، فكل الذين كتبوا عن (عقيدة أهل الحديث) وجعلوها عقيدة واحدة, فهم إما أصحاب دعاية أو جهل وعصبية.
الوقفة الحادية عشرة: الدقة والصناعة الحديثية عند أهل الحديث إنما أتت متأخرة، وكانت الرواية القديمة في القرن الأول إلى منتصف الثاني ساذجة، فالذين تجدونهم يرددون ( أهل الحديث كان لهم منهج كذا وكذا ...)هم جهلة بتاريخ تطور الرواية، وليس عندهم قدرة على قراءة نقدية، لأنهم متمذهبون.. أعني أصبح الدفاع عن أهل الحديث ومنهجهم مذهب قائم بذاته، فالمدافع يعدونه ممدوحاً صاحب سنة، والمنتقد يعدونه مذموماً صاحب بدعة!.. وهذه مذهبية، فلذلك تجدهم يتكلفون في الدفاع عن محدث أو رواية صححها أحدهم ولا يتكلفون في معرفة الحق، فالحق عندهم هو الشخص والمذهب وليست المعلومة الصحيحة..وهذا من أكبر التعصب والمذهبية، لأنهم لا يعرفون الحديث إلا من آخر ملفق بين نظرياته، كابن الصلاح لا يعرفون مسيرته ورجاله وتطوره واختلافه.
الوقفة الثانية عشرة: ليس هناك شيء اسمه (مصطلح الحديث)، هذه مجرد تجميعات وانتقاءات، من فعل بعض أهل الحديث، تم تعميمها على كل أهل الحديث.
الوقفة الثالثة عشرة: أهل الحديث المتأخرون - وكثير من المتقدمين - لا يلتزمون بالتعريفات الذي وضعها المتأخرون، وبعضهم لايعلم عنها شيئاً.
الوقفة الرابعة عشرة: المزاج العام عند أهل الحديث أن الصحابة والتابعين ليسوا من أهل الحديث، ولا يأخذون بمنهجهم في مسائل محورية، كعدالة لصحابة، فهذه القاعدة (عدالة جميع الصحابة في الرواية) قاعدة خاطئة، ليس عليها كتاب ولا سنة ولا الصحابة ولا أكثر التابعين، تم اختراعها بعد ذلك مذهبيا، فلذلك إذا وجد أهل الحديث أن عائشة ردت أحاديث لأبي هريرة، أو عمر رد حديثاً لأبي موسى.. يتضايقون جداً، ويتكلفون في الدفاع بأنه قصد وقصد.. فالقاعدة عنهم (أن الصحابة كلهم عدول)، يظنون أن الصحابة أنفسهم يؤمنون بها، وهي قاعدة مستحدثة، لم يكن الصحابة يرونها أصلاً، ولا أكثر التابعين
الوقفة الخامسة عشرة: أهل الحديث تركوا نصف أوامر القرآن، اهملوها لإهمال السلطة لها، فلم يرووا فيها حديثاً (كالعقل وتدبر الكون والشهادة لله)، ورووا بكثافة في أمور أقل بكثير (مثل تفاصيل الطهارة والوضوء والصلاة واللباس والأكل ..الخ)، تركوا الأهم، وكثفوا الأقل أهمية بكثير. وهذه لها سر، فسرها الأعلى هو هجر كتاب الله، وسرها الأدنى هو التأثر بثقافة السلطة التي لم تكن تهتم بهذا، وإنما تشغل الناس في صغائر ألأمور والتفاصيل.
والمكثرون من الحديث من الصحابة أو تلاميذهم.. ومن التابعين أو تلامذيهم.. هم مقربون من السلطة، فكان الأثر السلطاني ظاهراً على إنتاج أهل الحديث..
بمعنى ... غياب التفكر - فالسلطان لا يتفكر - غياب التدبر، غياب الشهادة لله، غياب العدل، كثرة العسكرة والكبر والعقوبات، فانعكس هذا في الحديث، فالحديث - في معظمه - نتيجة سلطانية، وهم إلى اليوم يتغنون بفتح الأندلس - وهو استعمار - ولا ينشغلون بتدبر سورة الفاتحة، فالعسكر والقتال غالب عليهم، بمعنى أن النتيجة الحديثية تشبه المعلقات العشر..
فخر وكبر وفعلنا وفعلنا وقتلنا و سحلنا ونحرنا، ليس فيه هذا القلب السليم الذي يريده الله.
القرآن الكريم فيه غايات محورية ضاعت في الحديث، أو ذابت أو ضاعت وسط ضجات التكبير وصيحات السبايا وأخبار الفتوح والتشبع السياسي.. كحالهم اليوم..
فالموضوع الحديثي برمته يحتاج إلى إعادة نظر وعرض على القرآن وتلمس ما يشبهه، ولو سخطوا على ناقله ورفض ما يضاده، ولو عظموا واضعه وناقله.
هذه مقدمات مختصرة يسيرة، وأنا أعرف أنه سيرفضها أكثر أهل الحديث الذين هم داخل بيضة الحديث، فإن الصوص وهو ادخل البيضة يرى البيضة أوسع أرض!.. أما أهل الحديث الذين تعرفوا على القرآن وعرفوا معالمه واستضاءوا بنور هدايته وعرفوا قدر العقل والتدبر والتواضع والنظر, فسيعرفون صواب ما قلته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق