أعرف أن المسلمين مختلفون في أبي هريرة، والذين تناولوه قسمان متضادان، قادح بغلو، ومادح بغلو!
فأنت الآن - كطالب علم - لا تريد أن تظلم أبا هريرة، فتضعفه بما لا يوجب تضعيف،اً ولا أن توثقه إذا كان في توثيقه ضرر على الحديث المنسوب إلى الشرع،بمعنى إذا وجدت فريقين متحاربين فليس بالضرورة أن تقف مع أحدهما، قد يكون كلاهما على باطل، ولكن لا يمكن أن يكون كلاهما على حق، فالحق لا يتعدد، فماذا تفعل إذا وجدت أهل الحديث في الجملة يوثقون أبا هريرة ويعظمونه ويصححون أحاديثه ووجدت الشيعة وبعض السنة يضعفونه مطلقا؟ً.. أين تقف أنت؟
هنا لا يجوز أن تقول أقف مع أكثرية السنة، ولا للشيعي أن يقول أقف مع الشيعة، أنت قف مع الحق، ولكن ما الحق في أبي هريرة وحديثه؟.. ولو الحق النسبي!
هذا يتطلب منك أموراً:
1- تتعلم ترجمة أبي هريرة من جميع المصادر.
2- تقرأ إنتاجه كله أو القدر الكافي للحق النسبي.
3- تعرض إنتاجه على القرآن.
4- تعرف آراء الصحابة والتابعين فيه (قبل أهل الحديث).
5- تكون شهادتك لله، حتى لا تلقى الله بظلمه إن كان بريئاً، أو ظلم الشرع إن كان متهماً.
فأنت اسأل نفسك كما أسأل نفسي الآن:
ماذا فعلت أنا في هذه الموضوعات؟ وهل طبقتها على نفسي؟ وهل أنا متأثر ببعض الآراء معه أو ضده؟ ما الحق فيه؟
هنا قد أتوصل إلى شيء من الحقيقة - لا كلها - لأن كل الحقيقة تحتاج إلى استقصاء للمعلومات عنه وعن علاقاته وظروفه ومصادره وثقافته وحديثه.. الخ، لكن من خلال قراءة جميع أحاديثه وتراجمه وأقوال الناس فيه تستطيع أن تخرج بأسئلة يجب الإجاية عليها بعلم وصدق، وأن توسع الاحتمال وتقلب المادة، ولا بد في البحث - أي بحث - أن تفرق بين القطعي والظني، سواء في أحاديثه أو سيرته، إذا حصلت على قليل من القطعي فهو أفضل من كثير الظن.
ولعل كثيراً مما يُتهم به أبو هريرة إنما هو من فعل الرواة عنه، فهنا يجب أن تعرف ما هي الأحاديث التي هي من مسؤوليته، والتي هي من مسؤولية غيره،وأنت بهذا الاحتمال تنجي نفسك من أن تظلمه في تحميله رواية بعض تلاميذه، وتبريء نفسك من تصحيح الباطل المخالف للقرآن، أو الواقع..
سندخل في مفاتيح من أحاديث أبي هريرة وأقوال الصحابة والتابعين فيه قبل أقوال أهل الحديث لننظر ماذا فعل أهل الحديث في تلك ألأحاديث والأقوال؟واعذروني، فقد يكون الانتقاء عشوائياً.. من أحاديث رواها - لها علاقة بموضوع توثيقه وتجريحه - أو أقوال لبعض الصحابة فيه، كعائشة والزبير وغيرهم.
وليس بالضرورة أن تتخذ موقفاً.. أنت اجمع المعلومات القطعية ثم ليكن عليها بناء اسلئة جالبة لإجابات مقنعة، فمثلاً: كثرة رواية أبي هريرة للحديث بحيث أنه روى أكثر مما رواه أهل بدر كلهم! مع تأخر إسلامه وتقدم إسلامهم! هذا محل إشكال كبير، ومن ايامه.
أنا أعرف الاعتذارات عن هذه الكثرة. والاتهامات بهذه الكثرة، لا أريد متابعة اعتذارات ولا اتهامات، أريد أن أفهم الحقيقة ما هي؟
هذا كمثال فقط
الأمر الثاني: رواية كيس أبي هريرة.. هناك رواية غريبة في صحيح البخاري ومسند أحمد عن أبي هريرة سأعرضها بحيادية، ونتساءل بحيادية عنها وهي:
وهذه الرواية تعتبر قولاً من أبي هريرة في أبي هريرة نفسه! وهي: في صحيح البخاري [ جزء 5 - 2048 ](حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي حدثنا الأعمش حدثنا أبو صالح قال حدثني أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم ( أفضل الصدقة ما ترك غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول ) تقول المرأة إما أن تطعمني وإما أن تطلقني، ويقول العبد أطعمني واستعملني، ويقول الابن اطعمني إلى أن تدعني، فقالوا: يا أبا هريرة سمعت هذا من رسول الله ؟ قال: لا.. هذا من كيس أبي هريرة) اهـ
هذه رواية عجيبة، ولهم فيها اعتذارات باردة غير مقنعة.
والحديث في في مسند أحمد بن حنبل [ جزء 2 - 252 ] حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله... الحديث..
وفيه ذكر الحديث بمثله، وذكر كيس أبي هريرة.. بلفظ :(إن أفضل الصدقة ما ترك غنى، تقول امرأتك أطعمني وإلا طلقني ويقول خادمك اطعمني وإلا فبعني، ويقول ولدك إلى من تكلني؟ قالوا: يا أبا هريرة هذا شيء قاله رسول الله أم هذا من كيسك، قال بل هذا من كيسي)اهـ
قلت: قولهم : أم هذا من كيسك إن صح يدل على شهرته.. لأن غيره من الصحابة لم توجه له هذه اللفظة! فلماذا واجهه التابعون بهذه الكلمة القاسية؟
وقد رواه البخاري في الأدب المفرد من طريق آخر، وحذف ( كيس أبي هريرة)، فقال (في الأدب المفرد للبخاري [ جزء 1 - 78 ] (حدثنا مسدد قال حدثنا حماد بن زيد عن عاصم بن بهدلة عن أبى صالح عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خير الصدقة ما بقى غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول، تقول امرأتك أنفق على أو طلقنى، ويقول مملوكك أنفق على أو بعنى، ويقول ولدك إلى من تكلنا) اهـ
فلا إدراج كما زعموا!
والسؤال هنا: إذا كان أبو هريرة صادقاً أن الحديث من كيسه، فلماذا قال في البداية قال رسول الله؟!
وإذا كان هازلاً، فلا يجوز السخرية بهذه الأسئلة.
وإذا قصد أبو هريرة أن المراد بما هو من كيسه هو آخر الحديث لا أوله، فهو لم يفصل عندما رواه، وإنما سرده سرداً واحداً، ولم يبين المدرج لو حصل، والحديث عند أبي داود [ جزء 1 - 525 ] من نفس طريق الأعمش ( وهو طريق البخاري)، مع بتر قصة كيس أبي هريرة! وقد رواه الشاميون بدون الكيس، فهل إخفاء من أخفى الكيس هو حماية منه لأبي هريرة من هذا الاعتراف؟! أم أن من زاد الكيس (كالبخاري وأحمد) هم المخطئون في الرواية؟!
لابد من إجايات.
أنت ابنِ معرفتك بنفسك.. ولا تستعجل على الإجايات.. دعها معك، وضع لها أكثر من جواب احتمالي، قد يترجح أحد الإجابات مع الوقت، فالعجلة فرع الكبر.
إذاً فهذا الحديث (كيس أبي هريرة) يفيد اعترافاً من أبي هريرة بأنه أحد رجلين
1- أما أنه قد يزيد في الحديث ولا يبين حتى يُسأل
2- أو ماذا؟
أو أنه يقول الحديث عن رسول الله ولا يكون صحيحاً، وإنما من كيسه، وهذا أخطر بكثير، فما الحق هنا؟ لا تستنتج من هذا فقط، ابحث في المزيد من حديثه!
فمثلاً حديث إفطار الجنب، رواه مالك في الموطأ وغيره، وهو صحيح السند، وقد ذكر قصته ابن عبد البر في التمهيد ( 22/ 39) مطولاً من رواية (مالك عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمان بن الحرث بن هشام أنه سمع ابا بكر بن عبد الرحمان بن الحرث بن هشام يقول: كنت أنا وأبي عند مروان بن الحكم وهو أمير المدينة، فذكر له أن أبا هريرة يقول: من أصبح جنبا أفطر ذلك اليوم، فقال مروان: أقسمت عليك يا عبد الرحمان لتذهبن إلى أم المؤمنين عائشة وأم سلمة فلتسألنهما عن ذلك، فذهب عبد الرحمان وذهبت معه، حتى دخلنا على عائشة فسلم عليها، ثم قال: يا أم المؤمنين، إنا كنا عند مروان فذكر له أن أبا هريرة يقول من أصبح جنبا أفطر ذلك اليوم، قالت عائشة: ليس كما قال أبو هريرة يا عبد الرحمن، أترغب عما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع؟ قال عبد الرحمن: لا والله. قالت عائشة: فأشهد على رسول الله أنه كان يصبح جنبا من جماع غير احتلام ثم يصوم ذلك اليوم، قال: ثم خرجنا حتى دخلنا على أم سلمة فسألها عن ذلك فقالت مثل ما قالت عائشة، قال فخرجنا حتى جئنا مروان بن الحكم، فذكر له عبد الرحمن ما قالتا فقال مروان: أقسمت عليك يا أبا محمد لتركبن دابتي فإنها بالباب، فلتذهبن إلى أبي هريرة فإنه بأرضه بالعراق، فلتخبرنه ذلك، فركب عبد الرحمان وركبت معه، حتى أتينا أبا هريرة فتحدث معه عبد الرحمن ساعة، ثم ذكر له ذلك، فقال أبو هريرة: لا علم لي بذلك، إنما أخبرنيه مخبر) اهـ
وأعتذر عن طول النص!
وهذا يدل على أن أبا هريرة على الأقل ينقل عن غير ثقات عن النبي، وهذا ما يسمى (التدليس)، والإمام شعبة - وهو أمير المؤمنين في الحديث - قد اتهم أبا هريرة بالتدليس - كما سيأتي - عند استعراض أقوال المحدثين.
والتدليس في عرف أهل الحديث ليس معناه الكذب - كما نظن اليوم – كلا.. هو روايتك عن شخص قد لقيته ما لم تسمعه منه، وإنما سمعته من آخرين عنه.
وقد روى ابن عبد البر بسنده عن أبي هريرة أنه قال (كنت حدثتكم من أصبح جنبا فقد أفطر، فإنما ذلك من كيس أبي هريرة، فمن أصبح جنبا فلا يفطر)!
هنا حضر (كيس أبي هريرة) مرة أخرى.. وفي وقت مبكر، قبل نشوء أهل الحديث وجرحهم وتعديلهم، فلماذا لم يقولوا : كان يرسل ويدلس ؟
قاله شعبة فقط.
المقصود هنا ... أنك على الأقل تضع لأحاديث أبي هريرة مرتبة في التصديق أقل من مرتبة أحاديث ابن مسعود وجابر بن عبد الله مثلاً.. احتط لدينك.
أعني ليس بالضرورة أن تهاجم أبا هريرة، تستطيع أن تجتنب - أو تقلل أحاديثه - إلا أحاديث يشهد لها القرآن، ومباديء الإسلام، ولكن ما العمل اليوم؟
العمل للأسف أن أحاديث أبي هريرة على كل منبر أكثر من آيات القرآن الكريم! هذا هو المشكلة، نحن لا نستعجل الآن ونتهمه، أنت فقط تحفظ، احتط، قلل.
ثالثاً: أبو هريرة ينقل رأي أهل عصره من الصحابة في الشك في أحاديثه! ففي صحيح مسلم [ جزء 4 - 1939 ] (حدثنا قتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب جميعا عن سفيان قال زهير حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن الأعرج قال سمعت أبا هريرة يقول: إنكم تزعمون أن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله ...) الحديث. فهذا رأي عام للصحابة والتابعين - على الأقل في المدينة - ينقله أبو هريرة..صحيح أنه اعتذر بأن المهاجرين تشغلهم التجارة عن سماع الحديث، والأنصار تشغلهم الزراعة عن سماع الحديث، وهذا طعن في المهاجرين والأنصار أيضاً!وليس صحيحاً أن المهاجرين كلهم تجار، ولا ألأنصار كلهم مزارعين، هذا علي بن أبي طالب وعمار بن ياسر والمقداد، من سابقي المهاجرين، وليسوا تجاراً، فهذا التعميم من أبي هريرة غير صحيح.. هناك فقراء مثله صحبوا النبي قبل أبي هريرة بدهر! وماتوا بعد أبي هريرة بدهر! فالإشكال باقٍ...
بل حتى أمهات المؤمنين – كعائشة - اتهمها أبو هريرة بأنها شغلتها النيل والمكحلة عن سماع الحديث... فأبوهريرة ما أبقى أحداً إلا واتهمه بالتقصير.
فعند الحاكم في " المستدرك " [3 / 509] (من طريق خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، عن أبيه، عن عائشة أنها دعت أبا هريرة، فقالت له: يا أبا هريرة، ما هذه الاحاديث التي تبلغنا أنك تحدث بها عن النبي صلى الله عليه وسلم، هل سمعت إلا ما سمعنا ؟ وهل رأيت إلا ما رأينا ؟ قال: يا أماه، إنه كان يشغلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم المرآة والمكحلة والتصنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم،..) الحديث.. وصححه الحاكم.
والخلاصة:
أن أبا هريرة كان يرد على الجميع المهاجرين والأنصار وأمهات المؤمنين بأنهم أشغلتهم التجارة والزراعة والتزين عن سماع الحديث! والذي يهمله أهل الحديث – هنا - أن الطعن في أحاديث أبي هريرة لم تكن عند الشيعة فقط أو بعض السنة أو المعتزلة، كانت رأياً عاماً عند الصحابة. والطعن في حديثه لا يعني بالضرورة تكذيبه، قد يكون وقد لا يكون، لكنه الطعن في طريقة سماعه أو أدائه أو مصادره ..الخ، فالطعن نسبي، وهو علمي أيضاً، وطعن الصحابة في حديث أبي هريرة موثق في أوثق المصادر في الصحيحين.
وهذا مثال على طعن عائشة في حديث أبي هريرة، ففي صحيح البخاري[ جزء 3 - 1307] (وقال الليث: حدثني يونس عن ابن شهاب أنه قال: أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة أنها قالت : ألا يعجبك أبو فلان جاء فجلس إلى جانب حجرتي يحدث عن رسول الله يسمعني ذلك وكنت أسبح، فقام قبل أن أقضي سبحتي ولو أدركته لرددت عليه إن رسول الله لم يكن يسرد الحديث كسردكم ) اهـ
وأبو فلان في الحدثي هنا هو أبو هريرة - كما جاء من طرق أخرى - وهذه من عيوب المتمذهبين أنهم يخفون الأسماء حماية لها، وهذا غش في الرواية.
ولذلك قلنا مسلم أوثق من البخاري وأحمد في النقل (بناء على قراءة أنتاجهم)، لا نقولها عبثا،ً فمثلاً هذا الحديث رواه مسلم بسند البخاري نفسه:
صحيح مسلم [ جزء 4 - 1940 ] ...عن ابن شهاب أن عروة بن الزبير حدثه أن عائشة قالت: ألا يعجبك أبو هريرة جاء فجلس إلى جنب حجرتي .. الحديث. وقد رواه بالتصريح باسم أبي هريرة كل من أحمد وأبو داود وابن حبان وغيرهم. وكلام عائشة واضح أن أحاديث أبي هريرة فيها نكارة.
السرد = التطويل
فلذلك قالت: كان النبي يحدث الحديث (لو عده العاد لأحصاه) وكلام عائشة صحيح، وهو من معاني (البلاغ المبين) أما هذه المطولات من ألأحاديث فلا.
وهناك صحابة وتابعون كذبوا أبا هريرة صريحاً.. تركت ذكرهم لأن ألأسانيد إليهم تحتاج إلى بيان وتصحيح وتطويل في الكلام، وحتى لا أفسد هذا البحث، لأن المقصود من هذا البحث في علم الحديث أن أهل الحديث لا يهتمون بأقوال الصحابة في بعضهم، وتجريح الصحابة لبعضهم، وتكيب الصحابة لبعضهم..
لماذا؟
لأنهم اخترعوا قاعدة (الصحابة كلهم عدول)! وهي قاعدة لم تكن عند الصحابة أصلاً .. لكنهم أخذوها وعطلوا بها أي نقد - ولو نسبي - لحديث بعض الصحابة، وهم يقولون: نحن نعدلهم لأن الله عدلهم في كتابه!
طيب... فلماذا لم يفهموا من تلك الآيات ما فهمتموه أنتم؟! وأنتم تقولون بأنهم أفهم وأعلم؟؟؟؟
فالمنهج متناقض... ما أن يبنون قاعدة باليمين حتى يهدموها بالشمال، وكل قاعدة لا يسمح أصحابها بخضوعها للنقاش العلمي فهي مبنية على هوى ومذهبية، وهنا أيضاً.. فالذين لا يحبون المعرفة يتهمونك أنت .. وأنت إنما تنقل أقوال الصحابة وأمهات المؤمنين الذين يلزموننا بأقوالهم، فهم متناقضون جدا!
بمعنى.. أن عائشة عندما تقول أبو هريرة أكثر من الحديث، وأبو هريرة عندما يقول عائشة أشغلتها الزينة عن رسول الله، أنت هنا لا تتبنى هذا أو ذاك
فهؤلاء الحمقى (ممن يقولون بعدول الصحابه) يقولون: عائشة صادقة في اتهام أبي هريرة، وأبو هريرة صادق في اتهام عائشة، وأنت كاذب في الاثنتين، مع أنك لم تتبنّ هذا الاتهامين!.. أنت فقط تنقل أن الخلاف في أبي هريرة وحديثه قديم، من ايام الصحابة، لم تتهم المهاجرين والأنصار بما اتهمهم به أبو هريرة، ولم تتهمه باتهاماتهم!
هؤلاء المتناقضون هم نتيجة أهل الحديث تماماً، هم من رووا وهم من عارضوا روايتهم، هم من أمروا بتصديق رواياتهم وهم من منعوا من تصديقها! ولذلك فهم في ورطة كبيرة.. إن ضعفوا ألأحاديث (وهي في الصحيحين) وقعوا في ورطة، وإن صححوها وقعوا في ورطة، وإن قالوا بها أو كذبوها في ورطة!
ولذلك هم واقعون تحت وعد الله بالكبت، لأنهم جعلوا بين قرآنه وسنة نبيه وبين عقائدهم حدوداً، لا يجوز للقرآن اختراقها، والله قد توعد أمثال هؤلاء..
(إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۚ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۚ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ)[المجادله 5]
فهم في كبت بسبب هذه الحدود، لا يتركونك تؤمن ولا تكفر! تبقى معلقاً في الهواء!
المضعفين لأبي هريرة - أو المنكرين عليه بعض الحديث على الأقل - من الصحابة كثير، منهم علي وعمر وسعد وعائشة والزبير و ابن عباس ..والمضعفون له - أو لبعض حديثه - من التابعين إبراهيم النخعي وأكثر التابعين بالكوفة، والموثقون له : هو نفسه ومعاوية وكعب الأحبار وابن عمر في قول..
ولا يجوز أهمال جرح عائشة وعلي وسعد والزبير وأمثالهم، فهم أبلغ من أهل الحديث وأعلم بالآيات وبأحوال الصحابة، وقد اتهمه شعبة بالتدلس.. وهو إمام.
والموقف من حديث أبي هريرة ليس الرد ولا القبول، إنما التريث والتأني حتى ينظر في الشواهد والقرائن والحواضن العامة الأخرى من القرآن والحديث.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق