السبت، 12 أكتوبر 2013

أحمد عبده ماهر-حرب الفقهاء ضد القرءان لصالح التوراة

هل تتصور أن الفقهاء يحاربون القرءان بالتوراة، هل تتصور بأنهم هجروا القرءان إلى التوراة؟، هل تتصور أنهم وبمنتهى الانحدار الفكري يقومون بتدريس ذلك الخلط في المعاهد الدينية باعتباره دين الإسلام.

وخذ على سبيل المثال نماذج من بعض هذه الحرب على تعاليم القرءان فيما يلي:
أولا القصاص في الجروح والأعضاء

في الأزمنة السابقة كانت الناس غلاظا فنزلت التشريعات متوائمة مع تلك الغلظة، فكان من بين ما نزل أن العين بالعين والسن بالسن والجروح قصاص..وغير ذلك، لكن حينما نزل القرءان ولأنه يخاطب البشرية في كل أطوارها الحضارية حتى يوم القيامة فإن تشريعاته جاءت متوائمة مع طبيعة الناس في تلك الحقب الزمنية المتوالية.

والدليل على أن ما ورد بالقرءان بشأن القصاص في الجروح هو للتوراتيين فقط هو قوله تعالى: 

{ إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ{44} وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ{45}.

فالله كتب على اليهود في التوراة ذلك البتر [وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا ] فلم يكتب الأمر بالقرءان ولا تم فرضه علينا لكنه لهم في توراتهم الحبيبة.

فالدية والحبس هما أو أحدهما العقوبة الإسلامية في الجروح وقطع الأعضاء، لأن القصاص البدني تم حصره إسلاميا في القتل فقط وذلك بمجرد نزول القرءان في هذا الشأن حيث يقول تعالى: 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ }البقرة178.

ثانيا: لا بتر لليد في السرقة.

بتر اليد واستشهادهم بقول النبي [والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها] كلها تنبع وتستند لشريعة التوراة، وإن النبي حين قال ذلك قاله قبل أن تنزل عليه سورة المائدة بشأن عقوبة السرقة، فقال تعالى:

{ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ{38} فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{39} .

فالقطع هنا معناه المنع [أي الحبس] وليس البتر للأسباب الآتية:

• أن الله قال بالقطع ولم يقل بالبتر ولو أراد البتر لقال به كما قال [إن شانئك هو الأبتر].
• لو كان الله يريد قطعا بمعنى بترا أو جرحا ليد واحدة كما يفعل الفقهاء المسلمين التوراتيين لقال [يديهما] ولا يقول [أيديهما] فتلك الكلمة تعني كلتا يدا السارق وكلتا يد السارقة.
• بعض الفقهاء يقول دفاعا عن تراثه التوراتي أن الله قال [جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ]؛ فهذا يعني البتر تنكيلا بهما، وهذا أيضا من الانحراف الفكري لأن الوصف [نكالا] جاء بعد الفعل [كسبا] وليس بعد الفعل [فاقطعوا] لذلك فالنكال هنا هو وصف لفعل السرقة والسارق الذي نكّل بشريعة الله وليس وصفا لشكل القطع أو البتر.
• القطع شأنه شأن كثير من الكلمات يتوقف معناها على السياق الذي وردت فيه، فقطع الطريق ليس بتره، وقطع الرحم ليس بتره، وقطع أيديهما يعني منع الأيادي الأربعة، وأنتم تقولون في الأغنية الواردة لمديح الجيش [تسلم الأيادي] أي كل الأيادي.
• وبتر اليد ينسحب ضرره إلى عائلة اللص فيشينهم وهو أمر مخالف للقرءان لأن العقوبة لا يجب أن تتجاوز الجاني.
• وبتر اليد يمنع الصلاة بالمسجد يعيق التوبة وهي الواردة بالآية التي تليها مباشرة. 
• وبتر اليد عقوبة واردة بالتوراة قبل أن ينزل القرءان المهيمن على كل الرسالات السابقة بما يعني نسخ حكم التوراة بالبتر.

ثالثا: لا رجم في الإسلام.

والرجم للزناة عقوبة توراتية وليست إسلامية، وعندنا الفقهاء يقولون بأن الرجم حتى الموت يخص الزناة المحصنين، ولو كانوا فهموا القرءان ما قالوها، حيث يقول تعالى بسورة النساء:

{وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }النساء25.

• فبالله عليكم لو كان الزناة المحصنين عليهم رجم حتى الموت فكيف ننفذ قوله تعالى بالآية السابقة[فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ]؛ فكيف يكون نصف الموت؟.

• والآية تبين بأن على المحصنات عذاب وليس عليهن إماتة، فالموت شيئ والعذاب شيئ آخر، والدليل أن العذاب غير الموت هو قوله تعالى على لسان نبي الله داوود : {لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ }النمل21......ألا يدل ذلك على أن العذاب يعني عقوبة بدنية وهو غير الموت؟.
• والزنا في الإسلام عقوبته الجلد مائة جلدة فقط وهو أمر مفروض على الأمة لكن شياطين الإنس يحاربون القرءان بالتوراة ، وتدبر معي كيف أن الأمر فريضة فيما يلي من سورة النور: 

سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ{1} الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ{2}.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق