أهل الحديث - كما كررنا - ورثوا الثقافة ألأموية التي كان لأهل الكتاب فيها صولة كبيرة في تشكيل الثقافة.. وثقافة أهل الكتاب تجدونها عندهم في موضوعات أربع:
1- تشبيه الله أو تسخيف الذات الإلهية.
2- الجبر.
3- الإرجاء.
4- تفصيلات قصص الأنبياء والقيامة.
والتأثر مبكر من ايام الصحابة، وهذا لم يراقبه أهل الحديث، لأنهم اخترعوا قاعدة تضخيم الصحابة ورواياتهم، مع أن بعض المكثرين تأثروا بهم كثيراً، والتأثر بأهل الكتاب هو نتيجة لاستخفافهم بالتحذير الألهي، والاستخفاف بتحذير الله يوجب الوقوع في المحظور قطعاً، فالله حذر منهم كما في الآية:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ)
والتحذير من أهل الكتاب وثقافتهم وتشكيكهم في القرآن كثير جداً.. وخاصة في السور المدنية. وكثرة التحذير فيه دليل على أن الصحابة لم يستجيبوا، لأن التحذير تكرر من أول السور نزولاً بالمدينة (سورة البقرة) إلى آخر سورة (المائدة)، فلذلك انتقلت كثير من عقائدهم، بل وفقههم إلى المسلمين.
الذي يقرأ القرآن يجد أن جمهرة من الصحابة - ليست بالقليلة - كانت تصدق أهل الكتاب وتأخذ عنهم وتتعلم منهم، وكأنهم مرجعية أقوى من مرجعية النبي نفسه،فالبلاء قديم، والتأثير قوي جداً، وليس في القصص الإسرائيلية - كما يتوقع أقوى المحققين – كلا.. ألأثر أكبر بكثير، لدرجة الشك في النبوة والتردد والكفر.
وكان كثير من الصحابة على الأقل يحبون أهل الكتاب وينخدعون بهم رغم كل التحذيرات القرآنية، كأن الشك قد قدح فيهم بأن أهل الكتاب أصدق، ولذلك نجد التاريخ القرآني يختلف عن تاريخ المغاوي والسير، مثل قوله تعالى
(هَا أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (119)) [آل عمران]
هذه الايات وأمثالها تنقل (تاريخاً) لا يصدقه أغلب الناس إلى اليوم، فهم لا يصدقون أن الصحابة يحبون أهل الكتاب والكفار! وهذا تكذيب مباشر! تكذيب بعض الصحابة للتحذير القرآني من أهل الكتاي ساعة نزول الآيات ليس بأغرب من هذا التكذيب المباشر للقرآن الكريم من الناس اليوم، فالآن لو سألت أي شخص: هل كان الصحابة يحبون أهل الكتاب والكفار لقال لا!
إذاً ماذا تفعل بقوله (ها أنتم تحبونهم ولا يحبونكم)؟!
هل الله صادق؟!
نحن لا نقول إن (كل الصحابة) كانت تنطبق عليهم الآية، لكن - على الأقل - جماعة منهم ليست بالقليلة، قد يكونون أغلبية أو النصف أو أقل بقليل.
لا يطمع المسلمون بفهم تراثهم وتاريخهم حتى يصدقوا القرآن الكريم، لا يمكن أن تكون مسلماً صادقاً حتى يكون الله عندك أصدق من عروة بن الزبير. مستحيل أن تعلم العلم حتى تصدق القرآن أكثر مما رواه أهل المغازي والسير، هذا شرط سهل وصعب في الوقت نفسه! لأن ما ترسخ في العقول أقوى من القرآن، ما ترسخ في العقول أن أهل الكتاب فئات منفصلة لا أثر لهم إلا في القصص، وأن الصحابة لم يتأثروا بهم ولا التابعون ولا أهل الحديث.. هذا وهم كبير.
هذا الوهم أقوى في نفوسهم من الآيات القرآنية، مثل (ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم)، هذه اعطوني من يصدق بها! جرب تصدق بها! حتى تتعلم! وهو نقل قرآني لواقع الصحابة، لكن عقيدة أهل الحديث تمنع من تصديق الآية.
إذاً.. فلا تعاتبوا الصحابة على حب الذين كفروا أو أهل الكتاب مادام أنكم لا تصدقون بما نقله الله من وقائع.. ومن أصدق من الله قيلاً؟
الشيطان يوهمكم - كما أوهم بعض الصحابة - بأنكم تؤمنون بالكتاب كله! والواقع أنكم تؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض! وتحسبون أنكم مهتدون!
كما قلت لكم سابقا..ً الشيطان يريدك أن تدخل النار وأنت مطمئن جداً، لا يريدك أن تشك - ولو للحظة - في إيمانك.. حتى تستمر في كفرك! فانتبه.. تفقد نفسك!
إذاً فلا تظنوا أن تصديق الله أمر سهل، هو يحتاج إلى نسف كثير من العقائد التي في رأسك، فابتلاؤك وابتلاء كفار قريش واحد! فلماذا تضحك من كفرهم؟!
أنت تقول في نفسك (لو أدركت رسول الله لصدقته ونصرته)، وأنت اليوم تكفر بنصف القرآان بالعلة نفسها التي كفر بها كفار قريش.. رأي الآباء والسلف!.. وسبب الكفر بالآيات التي تصف الواقع (الصحابي) في العهد النبوي هو اختراع تلك العقيدة المذهبية (الصحابة كلهم عدول صالحين مؤمنين ..الخ)، لذلك لو تحصي الآيات التي تعارض هذه القاعدة معارضة تامة لوجدت مئات الآيات، وهذه المئات - أنت من الداخل - لا تصدق بها لماذا؟ للمذهب فقط! فقط!
إذاً فلا تضحك بعد اليوم من كفرقريش أو اليهود، فأنت تشاركهم في الكفر ببعض الكتاب - على الأقل - من أجل قاعدة وضعها أحمد بن حنبل وأهل الحديث!.. يأبى الفكر المتكلس إلا أن يضرب القرآن بعضه ببعض، فيصدق المخصص ويعممه، ويكفر بالنقل التاريخي كفراً صريحاً، لكن بلا نطق.. كفر قلبي فقط!
نعم هم يكفرؤون من الداخل، بالقلب فقط، وكأن الله لا يعلم ما تخفي الصدور! وهذا كفر آخر! فالكفر يجر بعضه بعضاً، والشيطان يزينه في القلوب.
للشيطان طريقته في تزيين الكفر حتى يكون أحلى من الإيم،ان والسلفية يمكن اختبارها في آيات، مثل: (تحبونهم ولا يحبونكم) و (تسرون إليهم بالمودة)!..هذه ألايات وأمثالها يكفر بها غلاة السلفية وأهل الحديث، ويضربونها بآيات أخرى في الثناء على المهاجرين والأنصار، وكأن القرآن يكذب بعضه بعضاً!
وهذا كله من التكبر – بالمذهب - عن فهم النص القرآني، فاللفظة القرآنية لها عمق أكبر بكثير من السطحية المذهبية، فالمهاجر مثلاً ليس معناه المنتقل من مكة للمدينة فقط! أعني ذلك الانتقال الجسدي، وإنما للهجرة قيود قرآنية، وللنصرة أيضاً، لكنهم صم بكم عمي! كل عمق قرآني لا يراقبونه، أو يصدهم الشيطان عنه، لأن الشيطان يريدك أن تضرب القرآن بعضه ببعض، وتكفر ببعضه، هذا هدف شيطاني، وهو كافٍ لدخول لجهنم.
نرجع إلى أثر أهل الكتاب، أهل الكتاب أثرهم قوي - من ايام العهد النبوي نفسه - يدل على ذلك القرآن الكريم، وقد فصلنا ذلك في برنامج سيرة النبي .
عقيدة أهل الحديث - فيما يتعلق بالله - معظمه من عقائد أهل الكتاب، رواها بعضهم في شكل أحاديث، ولا تصح، والموضوع طويل جداً، ومكابراتهم وجدلهم كثير،ومن نماذج ذلك حديث الشاب الأمرد وحديث الصورة (خلق الله آدم على صورة الرحمن) وأحاديث النزول والانتقال والحركة والأطيط والإقعاد والتغير.. الخ، ولكن مثل هذه العقائد (التي هي من عقائد أهل الحديث المنقولة عن أهل الكتاب) لا يبينوها لجمهورهم، وهم يتكتمون عليها ويؤمنون بها سراً.
فهل كان بعض الصحابة يأخذ عن أهل الكتاب؟
وهل كان الناس يخلطون فيجعلون أحاديثه عن أهل الكتاب أحاديث عن النبي نفسه؟
الجواب: نعم، والدليل يأتي:
سير أعلام النبلاء – [ج 2 / 606] (قال بسر بن سعيد: اتقوا الله، وتحفظوا من الحديث ; فوالله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة; فيحدث عن رسول الله ، ويحدثنا عن كعب، ثم يقوم ; فأسمع بعض من كان معنا يجعل حديث رسول الله عن كعب ويجعل حديث كعب عن رسول الله)! اهـ
والحديث عند ابن كثير " البداية " [8 / 109] من طريق الإمام مسلم عن الدارمي عن مروان بن محمد الدمشقي عن الليث بن سعد،عن بكير بن الاشج عن بسر، وهذا السند صحيح عند أهل الحديث. إذاً فهذا الخلط مزدوج فأبو هريرة يتلقى عن أهل الكتاب (كعب الأحبار)، وهم عندما يروونه عنه يجعلونه عن النبي، ولذلك كثرت في أحاديث أبي هريرة تلك الأحاديث المنكرة في التجسيم والتشبيه وقصص الأنبياء ( كضرب موسى لعين ملك الموت) وغير ذلك كثير جداً، فالواجب الشرعي هو التريث أكثر في أحاديث أبي هريرة (وهو اشهر رواة الصحابة)، وخاصة في مثل هذه المسائل التي هي محل إنكار وخصومات مذهبية.
فالعقائد الكبرى يتم أخذها من القرآن الكريم، ويكفي لو أحطنا بالأسماء الحسنى في القرآن الكريم مع ما ذكره الله عن نفسه من أفعال وخلق وتقدير.
ومن نماذج أحاديث أبي هريرة المنكرة - التي وردت في الصحيحين - حديث تغير صورة الله يوم القيامة، فكل مرة يأتي الناس في صورة مختلفة، وهذا منكر.. ولفظه في مسلم ( فيأتيهم الله تبارك وتعالى في صورة غير صورته التي يعرفون فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك) والسؤال: هل كانوا يعرفونه؟ أعني هل كان المسلمون يعرفون لله صورة حتى يأتيهم في صورته التي ينكرون ثم يأتيهم في صورته التي يعرفون؟
هذه أحاديث كعب الأحبار.
ومن نماذج أحاديث أبي هريرة الكتابية التي نسبت ظلماً إلى النبي (صحيح البخاري - (ج 3 / ص 1245)( لولا بني إسرائيل لم يخنز اللحم) اي لم يفسد، وعلم الآثار اليوم يستطيع إثبات أن فساد اللحم موجود قبل بني إسرائيل، وهو تحلل كيميائي من طبيعة المواد الرطبة - كاللحم وغيره - فلماذا هذا الكلام؟!
والآخذون عن أهل الكتاب - من الصحابة - وأشهرهم أبو هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص، وكان لكعب الأحبار صولة كبيرة في دولة عثمان.
الخلاصه:
والخلاصة هنا يجب أن نعود إلى القرآن الكريم في التحذير من تأثير أهل الكتاب، لنعلم أن هذا التحذير لم يكن عبثاً، فالأثر واضح إلى اليوم.، ثم نبحث عن هؤلاء من اسلم منهم ومن لم يسلم، ونعرف ثقافتهم عن الله واليوم الآخر وقصص الأنبياء، ونقيمها بالقرآن، وننظر أشباهها من الحديث.
وممن ينقل عن أهل الكتاب - وكان لهم أثر في المدينة - أنس بن مالك رحمه الله، فقد رووا عنه أشياء توجب التجسيم والتشبيه، فالمسؤول هو أو الرواة. ومن ذلك ما رواه قتادة عن أنس في قصة الشفاعة في صحيح البخاري [ج 6/ 2708] (فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه فإذا رأيته وقعت ساجدا)!
وهذا تجسيم واضح، لأن الحديث يصور الله مثل السلاطين، معه دار يسكن فيه، تعالى الله عن ذلك، والمسؤول عنه أنس أو قتادة أو أحد الرواة.
وهذه الأحاديث الكتابية شكلت ثقافة كثير من الصحابة والتابعين بدعم من الدولة ألأموية، خاصة التي كانت تفضل ثقافة اليهود وتحبها.. وإذا كان بعض الصحابة على الأقل (يحبون اليهود والذين كفروا)، هذاوالقرآن ينزل وينهى (وبشهادة القرآن الكريم نفسه) - كما سبق- فكيف ببني أمية؟!
فتأثير أهل الكتاب كبير جداً، وهو أكثر مما تتصورون، أهل الحديث هم الذين قللوا من أثر أهل الكتاب، أما القرآن فيعظم من خطرهم وتأثيرهم.
تدبر الايه (10) من سورة [ألفتح]
(إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ((10 )
من جنون الغلاة أنهم يعاندون فيقولون: من بايع فليس من المحتمل أن ينكث أبداً.. ومن أسلم من الصحابة فلن يرتد ولن ينافق ولن يفسق .. الخ
الآن لا تحولوا الموضوع للصحابة..
السؤال ألأوّل: هل لله أكثر من صورة كما ذكر البخاري ومسلم من رواية أبي هريرة أم لا؟
أجيبوا ثم ننظر..
سؤال ثاني: هل كان بعض الصحابة كأبي هريرة يتلقى بعض العلم عن كعب الأحبار أم لا؟
هل عبد الله بن عمرو يحدث من كتب أهل الكتاب أم لا؟
هل وهل ..
نحن - في علم الحديث - موضوع الصحابة موضوع منفصل، فقط أجيبوا على هذه الأحاديث التي رووها:
هل لله دار يسكن فيها كما رووا عنه أنس؟
أليس هذا تجسيم؟.
دائماً الغلاة يرفضون ماقشة الموضوع ويعيدونه للصحابة، لأن هذا موضوع الشيطان الأكبر في العداوة والبغضاء، يصدهم به عن القرآن وكل معرفة.
صحيح مسلم من حديث أبي هريرة – [ج 1 / ص 163] ((يأتيهم الله تبارك وتعالى في صورة غير صورته التي يعرفون))!
ما جوايكم هنا؟!
متى رأوا الله جهرة - كطلب بني إسرائيل - حتى يحددوا صورته التي يعرفون والتي لا يعرفون؟
متى؟
صفوها لنا إذن؟!
هذه عقائد اليهود لا المسلمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق