الجمعة، 31 مايو 2013

حاكم المطيري-دراسة لحديث الجساسة (نتائج البحث) 8\8


وهي تتلخص في :
1ـ حديث الجساسة هو حديث مجالد عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس، وهو أشهر من رواه عن الشعبي، حيث رواه عنه أئمة الأمصار في العراق والحجاز قبل أن يعرف عن غيره، حتى رواه عنه أعلم الناس بحديث الشعبي وأثبتهم وأحفظهم له وهو إسماعيل بن أبي خالد، ولهذا لم يخرجه ابن أبي شيبة في المصنف إلا من طريقه، مع أنه أوسع كتاب حديثي كوفي وصل إلينا، وابن أبي شيبة كوفي والشعبي كوفي! ومجالد ضعيف جدا وقد كان يرفع أحاديث كثيرة لا يرفعها غيره حتى بطل الاحتجاج به، وهذا الحديث الذي اشتهر عنه ودلسه عنه الآخرون لا يبعد أن يكون سمعه من الشعبي موقوفا من قصص تميم الداري فوهم ورفعها.
2 ـ أنه ومن خلال استعراض طبقات أصحاب الشعبي لم يروه منهم على الصحيح إلا مجالد وداود بن أبي هند، ولهذا لم يجد أحمد حين خرجه في مسنده ـ الذي انتقاه من سبعمائة ألف رواية ـ إلا طريق مجالد بن سعيد وداود بن أبي هند، ورواه النسائي في الكبرى من طريق داود فقط، ورواه ابن ماجه من طريق مجالد فقط، ورواه أبو داود من طريق مجالد وابن بريدة، ورواه الترمذي من طريق قتادة فقط وقال غريب من حديث قتادة عن الشعبي، وأراد مسلم تخريجه في صحيحه فلم يجده عند أحد من أصحاب الشعبي إلا عند مجالد وهو متروك، وعند داود إلا أنه عن حماد بن سلمة عنه، ولم يخرج بهذا الإسناد إلا ما توبع عليه حماد لضعف حديثه عن داود، فلما لم يجد له متابعا تركه، ثم أخرج الحديث من أربعة طرق أخرى ثلاثة بصرية وواحد مدني ليس أحد من رواتها كوفي ولا من طبقات أصحاب الشعبي!
3 ـ أنه ثبت أن داود رواه بالعنعنة وهو مدلس كما أن المشهور عنه رواية حماد بن سلمة وهي ضعيفة، كما أن رواية قتادة منقطعة إذ لم يسمع قتادة من الشعبي شيئا أصلا وكذلك لم يصرح بالسماع وهو مشهور بالتدليس، وأن رواية عبد الله بن بريدة التي جعلها مسلم أصلا في الباب ضعيفة لضعف عبد الله واضطرابه في روايته تارة يرويه عن يحيى بن يعمر عن فاطمة وتارة عن الشعبي عن فاطمة وتارة عن أبيه، وهو مدلس أيضا، وأما باقي المتابعات التي أخرجها مسلم فهي أشد ضعفا وكلها غرائب ومناكير تفرد بها رواتها، فرواية أبي الزناد لم يروها غير ابن بكير عن الحزامي عن أبي الزناد وهذا إسناد فيه ضعف مع غرابته، وكذا رواية قرة بن خالد عن سيار عن الشعبي لا يثبت فيها السماع بين سيار والشعبي، ورواية غيلان لم يروها عنه غير جرير بن حازم وعنه ابنه وهب فهي غريبة مع ضعف في جرير لكثرة خطئه وقد قال في روايته( سمعت غيلان يحدث عن الشعبي) فليس فيها تصريح بالسماع.
4 ـ أن البخاري ترك حديث الجساسة، حيث لم يجده عند ثقات أصحاب الشعبي لا الطبقة الأولى ولا الثانية ممن هو على شرطه، فتركه وأخرج ما يعارضه وهو حديث ابن صياد، وهو ترجيح منه لهذا الحديث على حديث الجساسة كما قال ابن حجر.
5 ـ أن متن هذا الحديث يعارض نصوص قرآنية وأحاديث أصح منه إسناد كما يعارض الأدلة العقلية، إذ بقاء أحد من ذرية آدم طول هذه المدة خارج عن العادة المستقرة وهو من الخلد واللبث الطويل الذي نفاه القرآن عن كل أحد من البشر، ولا يقال بأنه من قضايا الغيب لأن حديث تميم يثبت أن جماعته رأوه فصار من قضايا الشهادة، ولم يثبت بنص صحيح لا مطعن فيه حتى يم التكلف في الجمع بين النصوص، ولهذا رجح البخاري حديث ابن صياد.
6 ـ أن حديث فاطمة اشتمل على أمرين الأول خطبة النبي صلى الله عليه وسلم وتحذيره أمته من الدجال وأنه لا يدخل مكة والمدينة، وهذا القدر المختصر رواه ثقات أصحاب الشعبي عن فاطمة، وصححه البخاري كما نقله الترمذي، وقد تواترت هذه الخطبة عن كثير من الصحابة، والثاني قصة الجساسة وكون الدجال في جزيرة الآن وأنه مسجون ..الخ وهذا القدر لا يثبت إلا من حديث مجالد عن الشعبي، ولا يثبت عن جابر ولا عن أبي هريرة ولا عن عائشة، وهذه قصة مشهورة عند أهل الشام عن أهل الكتاب منذ عصر التابعين، وتميم الداري شامي وهو مشهور بالوعظ والقصص منذ عهد عمر، فلا يبعد أن يكون الشعبي روى عن فاطمة عن تميم القصة موقوفة على تميم مما كان يحكيه من قصص أهل الكتاب، ورفعها مجالد كما هي عادته في رفع الموقوفات.
7 ـ أن عامة الصحابة ثبت عنهم خلاف ما جاء في حديث فاطمة حيث كانوا يقسمون على أن ابن صياد الذي في المدينة هو الدجال، وذلك بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان هذا رأي عمر وابنه عبد الله وحفصة وأبي سعيد الخدري وعبد الله بن مسعود وجابر بن عبد الله وأبي ذر، وعامة الأنصار، ويستحيل عادة أن يخطب النبي فيهم خطبة يجتمع الناس فيها، ويبين لهم أن الدجال محبوس في جزيرة في عرض البحر، ثم لا يسمع به أحد من هؤلاء، ويظلون يعتقدون أن ابن صياد الذي في المدينة هو الدجال! وهو ما يؤكد عدم ثبوت حديث فاطمة عن تميم الداري مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الراجح كونه من قصص تميم الداري ومواعظه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق